القصص المصورة فن لا يلقى الاهتمام اللازم في العالم العربي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القصص المصورة فن لا يلقى الاهتمام اللازم في العالم العربي

    القصص المصورة فن لا يلقى الاهتمام اللازم في العالم العربي


    فن لا ينتشر كثيرا بين المجتمعات العربية التي تصنف كآخر الشعوب حبا للكتب وللقراءة.


    فن ممتع له عشاقه

    منذ فترة قصيرة أعلنت أبوظبي إطلاق أستوديو لكتب القصص المصورة “الكوميكس” بهدف الاستفادة من المواهب المحلية في دولة الإمارات، ولتطوير قطاع كتب القصص المصورة في المنطقة وتعزيز تنافسيته على الساحة الدولية.

    دفعني هذا الخبر للبحث في فن صناعة كتب القصص المصورة في العالم العربي، وهو على ما يبدو فن لا ينتشر كثيرا بين المجتمعات العربية التي تصنف كآخر الشعوب حبا للكتب وللقراءة.

    وبعد بحث مضن لم أجد بالفعل اهتماما عربيا كبيرا على مر العصور بهذا الفن، ولا حتى بصناعة الرسوم المتحركة عموما، فنحن نملك استوديوهات في سوريا ولبنان ومصر والإمارات لدبلجة أفلام الصور المتحركة وليس لإنتاج أفلام خاصة تخضع لمعايير وشروط تحترم خصوصية المجتمعات العربية وثقافتها.

    وبفضل الدبلجة، شاهدنا قصصا مثل سبايدر مان وباتمان وتوم وجيري التي تحولت بعد عقود من إنتاجها على شكل قصص مكتوبة إلى أفلام سينمائية شهيرة. وبفضل الدبلجة شاهدنا العشرات من الأفلام الكرتونية على قناة سبيس تون، منها الكابتن ماجد والمحقق كونان، وماروكو ودراغمبول وغيرها.

    الفضل في انتشار فن القصص المصورة يعود إلى الصحف اليومية منذ مطلع عشرينات القرن الماضي

    وفي تونس انتشر هذا الفن منذ الاستعمار الفرنسي، ثم تأسست سنة 1996 تظاهرة دولية سنوية هي الصالون الدولي للشريط المصور بتازركة في محافظة نابل، وكان بمثابة الانطلاقة الحقيقية للقصص المصوّرة، لكنه واجه صعوبات حالت دون تحقيق هذا الصالون أهدافا تذكر.

    ولم يكن في تونس اهتمام بتوثيق نشاط الصحف التي كانت تنشر القصص المصورة، وليس هناك الكثير من المجلات المتخصصة في القصص المصورة، وربما تكون مجلة “عرفان” هي الوحيدة الراسخة في ذهن الشباب الذي قرأها يوما ما أو سمع عنها.

    وعرفان هي مجلة شهرية تصدر عن الاتحاد التونسي لمنظمات الشباب. صدر العدد الأول منها في يونيو 1966. شعار المجلة هو “مجلة الأطفال في كل مكان”. وتعتمد المجلة على القصص والشعر، وأيضا على العلوم، والمعارف العامة مثل “التلوث مشكلة الساعة” و”كن ماهرا”، كما تنشر مسرحيات للأطفال ذات الفصل الواحد، معتمدة على ثلاث شخصيات فقط يتكرر حضورها في كل قصة.

    ومؤخرا صارت لدينا مجلة أخرى، ناتجة عن جهد فردي، تدعى “لولا ولوكا”، ولم يتجاوز عمرها بعد السنة الواحدة.

    وبصفة عامة، فكل هذه المجلات موجهة للطفل في سنواته الأولى ولا نجد قصصا مكتوبة عن حكايات تصلح لأن تكون مادة ثقافية موجهة للكبار كتلك المجلات المنتشرة في الغرب.

    وبعد ثورة 2011 ظهر جيل جديد في تونس من كتاب ورسامي القصص المصورة يعتمد على قدراته الفردية ويستغل الإنترنت لنشر أعماله وكتاباته وإيصالها إلى العالم.

    وعموما، يعود الفضل في انتشار فن القصص المصورة إلى الصحف اليومية، التي بدأت منذ مطلع عشرينات القرن الماضي بنشر القصص المصورة مستغلة تطور تقنية الطباعة ونوعيتها، وهذا ما سهل وصول القصص وانتشارها بين جمهور القراء مطلع القرن الماضي حين كانت تتنافس في ما بينها لاستقطاب أعداد كبيرة من القراء. وكان للقصص المصورة دور فعّال في زيادة أعداد جمهور الصحف اليومية التي تنشر تلك القصص.

    ولم تنس تلك القصص بفعل الزمن بل صارت أيقونات تحول بعضها إلى أفلام سينمائية فيما بيعت قصص مصورة أخرى في مزادات علنية، مثلما وقع مع قصة “سوبرمان” التي ابتكرها “جيري سيغل” و”جو شوستر” وباعتها صحيفة “دي سي” الكوميدية في مزاد علني في العام 2014 بمبلغ ناهز المليونين و400 ألف يورو، بعد أن نشرت حلقاتها بدءا من العام 1933.

    وبالعودة إلى أستوديو أبوظبي الجديد للكوميكس والملقب “ساندستورم” فإنه وحسب ما نشر عنه سيتيح لجميع مبتكري القصص المصورة في أبوظبي والإمارات تقديم أعمالهم، وسيقدم لهم كل ما يحتاجونه من دعم وخبرة وتوجيه مهني بهدف نشر إبداعات المواطنين والمقيمين في الإمارات من خلال عقد شراكات دولية على مستوى العالم.



    ويأتي هذا الأستوديو الجديد كجزء من استراتيجية أبوظبي للصناعات الثقافية والإبداعية التي تتجاوز قيمتها 30 مليار درهم، ليشجّع المبدعين الطموحين على تقديم أعمالهم من الكتب أو القصص أو الروايات المصورة أيا كان نوعها أو موضوعها أو أسلوبها، لتحويلها إلى كتب مصورة عالمية المستوى مع إمكانية نشرها على المستوى الدولي، ويساعد الاستوديو المؤلفين على التواصل مع الناشرين والموجهين من أبرز الاستوديوهات العالمية للحصول على مساعدتهم في تطوير منتجات نهائية عالية الجودة.

    وقد عُيّن الإماراتي محمد عابدين مؤلف الكتب المصورة الرائد لقيادة “ساند ستورم”، بهدف وضع أبوظبي على خارطة قطاع الكتب المصورة العالمية وبناء صناعة الكتب المصورة في المنطقة من قلب الإمارات.

    وقال عابدين “قابلت خلال مسيرتي المهنية في هذا المجال والتي تمتد على مدى أكثر من 10 سنوات العديد من المواهب المحلية المبدعة، وكان ينقصهم فقط الدعم اللازم لإظهار إبداعاتهم في مجال القصص المصورة، وأنا على ثقة من أن قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية ينتظره مستقبل واعد في أبوظبي مع المنظومة الشاملة التي تقدّمها ساند ستورم، والإمكانات الكبيرة التي يحتضنها المجتمع على الصعيدين المحلي والإقليمي، نحن متحمسون لنُظهر للعالم حجم الإبداعات التي يمتلكها مجتمعنا المحلي”.

    وقد عُيّن كذلك مات هوكينز وكويو ليانغ الخبيران الدوليان في القطاع مستشارين للمحتوى لدى أستوديو ساند ستورم.

    ويمتلك هوكينز أكثر من 20 عاما من الخبرات المتميّزة في مجال القصص المصوّرة اكتسبها خلال مسيرته الحافلة التي شهدت تأليف أكثر من 30 عملا جديدا لصالح شركتي النشر “توب كاو” و”إيمدج كوميكس”، بما فيها “ثينك تانك” و”ذا تايث” و”نكرومانسر” و”فايس” و”ليدي بندراغون” و”أفروديت التاسعة”، بينما يكتسب ليانغ شهرة واسعة بصفته مستشارا دوليا متخصصا في الثقافة الشعبية، كما شغل مناصب تنفيذية في “بينغوين راندوم هاوس” و”دايموند كوميك ديستربيوشن” و”رييد بوب”.

    وتظل القصص المصورة أو الرواية المصوّرة للكبار أو “لغة الفقاعات” من الأدب مثلها مثل القصة والرواية والمسرح والسينما، وبالتالي وجب إيلاؤها الاهتمام اللازم الذي يفتح المجال أمام اكتشاف المواهب ليس فقط في أبوظبي وإنما في كل الدول العربية.
يعمل...
X