Fareed Zaffour
١٥ أكتوبر ٢٠١٣ ·
مقام القديس :مار الياس الحي
-ربلة - حمص - سوريا
تصوير: فريد ظفور
على الجهة الشرقية من قرية "ربلة" وعلى بعد (40) كم من مدينة "حمص" يقع دير النبي "إيليا" أي دير "الرب إلهي" والذي يذكر التاريخ أنه قدم إلى سورية من مرتفعات "جلعاد" شرقي "الأردن" سنة
/800 إلى850/ ق.م.
ويعّد مار "الياس" من المبشرين بقدوم "السيد المسيح" وله عجائب كثيرة كما يذكر منها (إنزال النار من السماء، أوقف هطول المطر، إنقاذ مئة من أنبياء الرب)، وله أسماء عديدة: (إيلي لياس، ليوس، ايلياس) وكان يعرف سابقاً عند البعض من غير "المسيحيين" بـ "الخضر" إلا أن المعلومات صحّحت وأصبحوا ينادوه "مير الحي"، ويحكي "الكتاب المقدس" عن أحد العجائب التي قام بها مار "إلياس" أنه: «في منطقة من مناطق "اليهود" التابعة للملك "إليشا" حدث انحباس للمياه وهذا الانحباس طال، فقام الملك بطلب المعونة من "إيليا" النبي الذي أمر القوم بصنع حفر كبيرة في الأرض، وضرب بعدها الأرض بعصاه وكان لا ريح ولا غيوم فامتلأت الحفر مياهً»، بالإضافة لتكثير الخبز والأرغفة وغيرها الكثير، ويذكر الكتاب أيضاً بأن مار "إلياس" صعد إلى السماء بعربة نارية».
هذا ويتميز دير "مار الياس" عن غيره كونه قبلة لكثير من الناس من مختلف الأديان والطوائف ممن يحملون في قلوبهم دعوات أو نذوراً معينة، وحتى للتمتع بجمال المناظر المحيطة لاسيما أنه يقع على مقربة من نهر "العاصي" وحوله الكثير من المقاصف والاستراحات.
*القصة العجائبية:
يعود تاريخ الدير إلى ما قبل العصور الوسطى حيث كان مقاماً صغيراً مبنياً من الحجارة واللبن، وفيه: (المذبح، جرن المعمودية القديم، الصورة الأصلية لمار "إلياس")، والتي حدثت منها الأعجوبة، ولم يكن المقام معروفاً إلا من قبل مجموعة قليلة من المؤمنين حتى حدوث القصة التالية والتي ورد ذكرها في أكثر الكتب حداثة والتي تتحدث عن الدير وكما يروي كاتب الكتاب "غدير إبراهيم" كاهن الدير: «يروى أنه حدث في هذا المكان حادثة ويعود تاريخها إلى العصور الوسطى أي إلى القرن السادس للميلاد، أن ابناً لأحد الآغاوات "عبد المجيد سويدان" دخل للمقام مستهزئاً وقام بطعن صورة النبي "الحي" العجائبية بخنجر كان يحمله في يده كي يفقأ عيني القديس "إيليا" والصورة مازالت حتى اليوم شاهدة على آثار الخنجر في العينين، إلا أنّ هذا الشاب المتهور الذي يدعى "فريد" فقد بصره للتو، فقام والده الآغا دون علمه بهذه الحادثة بعرضه على أشهر الأطباء دون أن يتوصل إلى نتيجة رغم هذه المحاولات إلا أنه أخيراً علم بما صنع ولده فقام واصطحب ابنه إلى الدير كي يستغفر من رب الدير وبعد هذه التوبة عاد البصر إلى الشاب بأعجوبة رائعة ففرح ذووه وقدّموا للدير الأراضي المحيطة».
على أثر هذه الأعجوبة واتساع حرم الدير بدأت أعمال الترميم وتأهيل الدير لاستقبال الزائرين، هذا ويسّجل الدير استقبالاً كبيراً في عيد "مار الياس" الذي يصادف العشرين من تموز من كل عام ويستمر توافد الناس إلى الدير ولاسيما بعد مرور (3) أيام من العيد والمميز في هذا التاريخ هو حضور مار "إلياس" على السيدة "فضة صليبي" والمعروفة "بأم الياس" فيحدّثها ويعطيها بركته وبخور توّزعه على الناس وذلك بشهادة عدد كبير من الزائرين
الذين يأتون من داخل القطر وخارجه، والسبب الرئيسي لذلك لم يستطع أحد معرفته والسيدة "فضة" تتحاشى الحديث عن ذلك، إلا أن عدداً من سكان القرية يرجحون ذلك لتقواها وورعها فهي معروفة بذلك، مع قيام الاحتفالات والقداديس وتقديم الذبائح وأخذ بركة الزيت المقدس، وبالإضافة إلى أنّ غرف الدير التي تحيط بالفناء الداخلي له مفتوحة دائماً لاستقبال القادمين سواء لتمضية اليوم أو للمنامة دون أي أجور وأما من يرغب بالتبرع للدير فهناك صندوق خاص للأموال، كما ويمكن تقديم الأثاث واللوحات يحتوي الدير على عدد كبير من الأدوات (الكراسي النقّالة، العكّازات) التي كان يستخدمها الذين تمّ شفاؤهم بشفاعة النبي "إيليا" رغبة منهم بإبقائها شاهداً على ذلك، مع وجود حجر "الصوان" الأسطواني والذي يقال أنه يخفف الآلام بتدويره على مكان الألم، وهو قد وجد في الدير مع (جرن المعمودية والمذبح المقّدس) ولا أحد يعلم تاريخه، إلا أنّ عدد من الذين شفيت آلامهم بوضع هذا الحجر وبشفاعة القديس وقدرة الله أثبتوا ذلك ومع رؤيتهم للقديس في أحلامهم.