ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -2-65 - نوري عبدالدائم
**************************************
قراءة في مسرحية
النفايات والخبز
بقلم / عبدالله مفتاح هويدي
الاستعداد لأي رحلة يرغب الإنسان في القيام بها تتوقف على أهمية الرحلة ولعل من أصعب الرحلات التي تتطلب الاستعداد على درجة من الأهمية هي الرحلة الفكرية التي يحاول أن يقوم بها الإنسان لإنتاج مفكر أو أديب أو فنان أو أي مبدع في مجال من مجالات الحياة والمعرفة الإنسانية.
ويلتقي الإنسان في هذه الرحلة المبدع من خلال أفكاره وآرائه التي يطرحها بأي وسيلة يراها ناجعة ومناقشتها وتحليلها وتنقيحها وتنويعها وهذه الآراء والأفكار هي التي تمكن الإنسان من التعمق في نفس المبدع وسبر أغوارها والبحث عن مكامن سر الإبداع فيها وأسبابه ودوافعه ومنشأ هذه الدوافع.
وتزداد صعوبة هذه الرحلة عندما يستعمل المبدع الكلمة كأداة تعبيرية وخاصة إذا كانت هذه الأداة الكلمة الدرامية التي تجمع دلالاتها وسياقاتها من اللفظ والمعنى من حيث الكتابة والنطق والحركة والمشاهدة بين ثابت ومتغير من حيث الزمان والمكان وتبقى الكلمة الدرامية نقاصة إذا لم تكن هناك وسائط تنقلها وتوصلها إلى أصحابها وأعني بهم (الجمهور) وتتركز هذه الوسائط من سمعية وبصرية على العناصر البشرية التالية المؤلف، المخرج، الممثل، المشاهد، وغيرهم من العاملين في الوسائط الدرامية، والجمهور يعد وجوده شرطاً سواء كان فرداً أو جماعة لميلاد الكلمة الدرامية.
وإلا ستظل ناقصة مادامت على الورق.
والهدف من هذه الرحلة هو استشفاف ورسم صورة قلمية لإنتاج مبدع في مجال الكلمة الدرامية وخاصة ذلك الذي أصبح إنتاجه يحتل مكاناً في سيرة الحركة الدرامية أدبياً وفنياً وإطلاع القراء على إنتاجه وخاصة العاملين في حقل الإنتاج الدرامي ووسائطه السمعية والبصرية والمعنيين بالتوثيق والمتابعة سواء كانوا أفراداً أو جماعة.
ومن خلال هذه الرحلة الفكرية يتم لنا الكشف عن أهم معطيات الدراما ووسائطها السمعية والبصرية وخاصة من حيث إفراز الكوادر النسوية الفنية والأدبية والوقوف على الإثراء الثقافي الأدبي والفني الذي ساهم فيه المبدعون من خلال مؤلفاتهم وأعمالهم الدرامية السمعية والبصرية.
وعرفته خشبات المسارح والشاشات المرئية كبيرة وصغيرة في الداخل والخارج وذلك في محاولة منهم لزرع هذه البذرة في فضائنا الثقافي وإنباتها إنباتاً سليماً يعتمد على ما تجود به النبتة من عطاء خير وما أخصب بيئتنا المحلية.
ورحلتنا ستكون مع مبدع درامي شهدت خشبات المسارح في الداخل والخارج إنتاجه وعانقت لواقط الصوت وعدسات آلات التصوير في الإذاعتين المرئية والمسموعة إبداعه الدرامي.
وقد سلك هذا المبدع طريقاً لم يسلكها غيره من المبدعين في مجال الدراما حيث إن أغلب أعماله المسرحية قد مثلت وقدمت على خشبات المسارح قبل أن تطبع وتنشر، شعوراً منه بأن الكلمة الدرامية لابد أن يتذوقها الجمهور ويحس بها ويشعر ويتفاعل معها عندما يشاهدها فيه مجسدة على خشبات المسارح وهذا لاشك يعطي قيمة أكثر للكلمة الدرامية تفوق قيمتها وهي بين دفتي كتاب.
ولقد رأيت أن موضوع هذه القراءة هو آخر نص مسرحي له وهو النفايات والخبز الذي رأى النور في سنة 1999 م.
لإحساسي بالنضوج الفكري الذي وصل إليه الدكتور الأزهر أبوبكر حميد الذي انعكس في تأليف هذا النص خاصة وأنه اختار أن يكون منهجه في التأليف مدرسة للمسرح التسجيلي ونحاول من خلال هذه القراءة الوقوف على خبرات التأليف الدرامي ومدى التطور والتغير الذي طرأ عليه عند د.الأزهر أبوبكر حميد.
لقد ابتلى الله الأزهر أبوبكر حميد 1932 - 2004م لمواهب غده يوم أن خلقه ممثلاً ومخرجاً وكاتباً درامياً وصحفياً وفنياً وأدبياً وفناناً وناقداً وفناناً تشكيلياً وقد أراد أن يبعث بأبواب جديدة.
فلم تنته سنوات قلائل من عمره الفني كممثل بالفرق القومية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي حتى جذبته الكلمة بأحاسيسها المتنوعة فكتب للمسرح والإذاعتين المسموعة والمرئية العديد من الأعمال الدرامية المتنوعة من مسرحيات ومسلسلات وتمثيليات وسهرات تمثيلية إذاعية مسموعة استمر عطاؤه حتى وفاته المنية ().
وتميزت بعض أعماله بأنها ملهاة سوداء، نظراً لما تحتويه في بعض الأحيان من تشاؤم، وكما أشرنا في أسطر سابقة فإننا سنتناول آخر إنتاج مسرحي له ألا وهو (النفايات والخبز).
استهل د.الأزهر أبوبكر حميد مسرحية (النفايات والخبز) بمقدمة أوضح فيها أن المسرح العربي اليوم يتخلص في النقاط التالية:
بعد أن أكد في بداية مقدمته على أن طبيعة المسرح تربوية وإبداعية وأداة للتثقيف والتوعية ينتقل لإعطاء صورة للوضع الراهن للمسرح العربي اليوم تتلخص في الآتي:
1- الابتذال وما نتج عنه من سلبيات أدت إلى تدمير الذوق العام والحد من أهمية الخطاب العربي المنهجي.
2- إرباك المتلقي بحيث لم يعد قادراً على التمييز بين الغث والسمين والانغماس كلياً في (مسرح الكباريه).
3- إغفال المسرح العربي للقضايا المهمة والجوهرية.
4- الضرب على أوتار العواطف وإغراء المتلقي بشتى المغريات.
5- اتخاذ شباك التذاكر وما يذره من أرباح المقياس الفيصل لنجاح أو سقوط العمل المسرحي.
6- التحول الذي طرأ على قطاع من رجال الفكر والإبداع والدفاع عن هذه الموجة وإدراجها تحت مسميات علمية ومنهجية لإيجاد السند العلمي لها.
ويضيف المؤلف في مقدمته فقرة تحت عنوان (أحداث المسرحية) ص 12 المواضيع التي ستتناولها المسرحية هي:
1- هجرة العقول العربية إلى أوروبا.
2- أحوال المغتربين في بلاد الغربة.
3- النفايات وخطرها على الوطن العربي.
4- الحكم الفردي التسلطي.
5- المعاهدات والأحلاف مع الاستعمار.
وبالنظر إلى عنوان المسرحية الذي يتكون من كلمتين وهما (النفايات والخبز) نستطيع أن ندرك بعد قراءتنا للنص أن المسرحية تتكون من جزئين مهمين.
وهذان الجزئان يمثلان مسرحيتين الأولى تناولت الموضوعين الأول والثاني وهما هجرة العقول العربية إلى أوروبا وأحوال المغتربين في بلاد الغربة بينما المسرحية الثانية وهي الجزء الثاني تناولت بقية المواضيع وهي:
1- النفايات وخطرها على الوطن العربي.
2- الحكم الفردي التسلطي.
3- المعاهدات والأحلاف مع الاستعمار.
غير أن المسرحية بجزئيها اللذين يمثلان مسرحيتين في مسرحية واحدة حسبما يدل على ذلك العنوان ترتبطان جدلياً لأن المسرحية الأولى أو الجزء الأول يقودنا إلى الجزء الثاني بشكل عقلاني وتفاعلي كما أن كلا الجزئين يخدمان نفس الفكرة المحورية في النص بشكل تصاعدي وهذه الفكرة تتثمل في دور الإنسان وهو يواجه القهر والتسلط والاستغلال والاستيلاء والاستعمار والقمع وأسلحة الدمار الشامل على كل مستويات الحياة مستغلة في ذلك نهب ثروات الشعوب وامتصاص دمائها وممارسة القهر والتسلط بواسطة عملاء ربتهم ودجنتهم وتوصلت إلى نقاط الضعف فيهم فضغطت عليهم واستسلموا لها وباعوا شعوبهم بمقابل مادي تافه لإنفاقه على ملذاتهم وإشباع رغباتهم الخاصة ضاربين بكل قيم الحياة الإنسانية عرض الحائط.
وهذا النوع من المسرح الذي يعتمد على الإحصائيات والأرقام والاستطلاعات والأخبار اليومية ومتابعة الأحداث والذي ينادي به منظروا الدراما في العالم ويرون أنه الأفضل من تجسيد المشاركة من طرف المتلقي في الأحداث ودمج قاعة المشاهدين بخشبة المسرح بحيث يتشكل فضاء مسرحي رحب حيث تتحق المشاركة الوجدانية الفعلية ويتم التفاعل مع الممثلين الذين هم من الجمهور وهذا لاشك يعطي المشروعية للعمل المسرحي إذ يتم فيه ربط أحداث وشخصيات المسرحية بالفضاء المسرحي كما أن هذا النوع من المسرح يكون مليئاً بالمواضيع الإخراجية الموضوعة من طرف المؤلف وعليه فإن المخرج لا يكلف نفسه عناء وضع مشهدية إخراجية ولا يتدخل في النص من حيث تكنيكه وإعادة تركيبه وفق رؤية إخراجية.
كما أن هذا المسرح باستخدامه الفضاء الموحد يلغي عملية الزمان والمكان ويصح في المطلق من حيث الثابت والمتغير بالنسبة لهذين العنصرين وشخصياته غير نمطية مركبة ومتغيرة وفق ما يقتضيه الحث والموقف المترجم بالكلمة والحركة.
ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -2-65 - نوري عبدالدائم
**************************************
قراءة في مسرحية
النفايات والخبز
بقلم / عبدالله مفتاح هويدي
الاستعداد لأي رحلة يرغب الإنسان في القيام بها تتوقف على أهمية الرحلة ولعل من أصعب الرحلات التي تتطلب الاستعداد على درجة من الأهمية هي الرحلة الفكرية التي يحاول أن يقوم بها الإنسان لإنتاج مفكر أو أديب أو فنان أو أي مبدع في مجال من مجالات الحياة والمعرفة الإنسانية.
ويلتقي الإنسان في هذه الرحلة المبدع من خلال أفكاره وآرائه التي يطرحها بأي وسيلة يراها ناجعة ومناقشتها وتحليلها وتنقيحها وتنويعها وهذه الآراء والأفكار هي التي تمكن الإنسان من التعمق في نفس المبدع وسبر أغوارها والبحث عن مكامن سر الإبداع فيها وأسبابه ودوافعه ومنشأ هذه الدوافع.
وتزداد صعوبة هذه الرحلة عندما يستعمل المبدع الكلمة كأداة تعبيرية وخاصة إذا كانت هذه الأداة الكلمة الدرامية التي تجمع دلالاتها وسياقاتها من اللفظ والمعنى من حيث الكتابة والنطق والحركة والمشاهدة بين ثابت ومتغير من حيث الزمان والمكان وتبقى الكلمة الدرامية نقاصة إذا لم تكن هناك وسائط تنقلها وتوصلها إلى أصحابها وأعني بهم (الجمهور) وتتركز هذه الوسائط من سمعية وبصرية على العناصر البشرية التالية المؤلف، المخرج، الممثل، المشاهد، وغيرهم من العاملين في الوسائط الدرامية، والجمهور يعد وجوده شرطاً سواء كان فرداً أو جماعة لميلاد الكلمة الدرامية.
وإلا ستظل ناقصة مادامت على الورق.
والهدف من هذه الرحلة هو استشفاف ورسم صورة قلمية لإنتاج مبدع في مجال الكلمة الدرامية وخاصة ذلك الذي أصبح إنتاجه يحتل مكاناً في سيرة الحركة الدرامية أدبياً وفنياً وإطلاع القراء على إنتاجه وخاصة العاملين في حقل الإنتاج الدرامي ووسائطه السمعية والبصرية والمعنيين بالتوثيق والمتابعة سواء كانوا أفراداً أو جماعة.
ومن خلال هذه الرحلة الفكرية يتم لنا الكشف عن أهم معطيات الدراما ووسائطها السمعية والبصرية وخاصة من حيث إفراز الكوادر النسوية الفنية والأدبية والوقوف على الإثراء الثقافي الأدبي والفني الذي ساهم فيه المبدعون من خلال مؤلفاتهم وأعمالهم الدرامية السمعية والبصرية.
وعرفته خشبات المسارح والشاشات المرئية كبيرة وصغيرة في الداخل والخارج وذلك في محاولة منهم لزرع هذه البذرة في فضائنا الثقافي وإنباتها إنباتاً سليماً يعتمد على ما تجود به النبتة من عطاء خير وما أخصب بيئتنا المحلية.
ورحلتنا ستكون مع مبدع درامي شهدت خشبات المسارح في الداخل والخارج إنتاجه وعانقت لواقط الصوت وعدسات آلات التصوير في الإذاعتين المرئية والمسموعة إبداعه الدرامي.
وقد سلك هذا المبدع طريقاً لم يسلكها غيره من المبدعين في مجال الدراما حيث إن أغلب أعماله المسرحية قد مثلت وقدمت على خشبات المسارح قبل أن تطبع وتنشر، شعوراً منه بأن الكلمة الدرامية لابد أن يتذوقها الجمهور ويحس بها ويشعر ويتفاعل معها عندما يشاهدها فيه مجسدة على خشبات المسارح وهذا لاشك يعطي قيمة أكثر للكلمة الدرامية تفوق قيمتها وهي بين دفتي كتاب.
ولقد رأيت أن موضوع هذه القراءة هو آخر نص مسرحي له وهو النفايات والخبز الذي رأى النور في سنة 1999 م.
لإحساسي بالنضوج الفكري الذي وصل إليه الدكتور الأزهر أبوبكر حميد الذي انعكس في تأليف هذا النص خاصة وأنه اختار أن يكون منهجه في التأليف مدرسة للمسرح التسجيلي ونحاول من خلال هذه القراءة الوقوف على خبرات التأليف الدرامي ومدى التطور والتغير الذي طرأ عليه عند د.الأزهر أبوبكر حميد.
لقد ابتلى الله الأزهر أبوبكر حميد 1932 - 2004م لمواهب غده يوم أن خلقه ممثلاً ومخرجاً وكاتباً درامياً وصحفياً وفنياً وأدبياً وفناناً وناقداً وفناناً تشكيلياً وقد أراد أن يبعث بأبواب جديدة.
فلم تنته سنوات قلائل من عمره الفني كممثل بالفرق القومية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي حتى جذبته الكلمة بأحاسيسها المتنوعة فكتب للمسرح والإذاعتين المسموعة والمرئية العديد من الأعمال الدرامية المتنوعة من مسرحيات ومسلسلات وتمثيليات وسهرات تمثيلية إذاعية مسموعة استمر عطاؤه حتى وفاته المنية ().
وتميزت بعض أعماله بأنها ملهاة سوداء، نظراً لما تحتويه في بعض الأحيان من تشاؤم، وكما أشرنا في أسطر سابقة فإننا سنتناول آخر إنتاج مسرحي له ألا وهو (النفايات والخبز).
استهل د.الأزهر أبوبكر حميد مسرحية (النفايات والخبز) بمقدمة أوضح فيها أن المسرح العربي اليوم يتخلص في النقاط التالية:
بعد أن أكد في بداية مقدمته على أن طبيعة المسرح تربوية وإبداعية وأداة للتثقيف والتوعية ينتقل لإعطاء صورة للوضع الراهن للمسرح العربي اليوم تتلخص في الآتي:
1- الابتذال وما نتج عنه من سلبيات أدت إلى تدمير الذوق العام والحد من أهمية الخطاب العربي المنهجي.
2- إرباك المتلقي بحيث لم يعد قادراً على التمييز بين الغث والسمين والانغماس كلياً في (مسرح الكباريه).
3- إغفال المسرح العربي للقضايا المهمة والجوهرية.
4- الضرب على أوتار العواطف وإغراء المتلقي بشتى المغريات.
5- اتخاذ شباك التذاكر وما يذره من أرباح المقياس الفيصل لنجاح أو سقوط العمل المسرحي.
6- التحول الذي طرأ على قطاع من رجال الفكر والإبداع والدفاع عن هذه الموجة وإدراجها تحت مسميات علمية ومنهجية لإيجاد السند العلمي لها.
ويضيف المؤلف في مقدمته فقرة تحت عنوان (أحداث المسرحية) ص 12 المواضيع التي ستتناولها المسرحية هي:
1- هجرة العقول العربية إلى أوروبا.
2- أحوال المغتربين في بلاد الغربة.
3- النفايات وخطرها على الوطن العربي.
4- الحكم الفردي التسلطي.
5- المعاهدات والأحلاف مع الاستعمار.
وبالنظر إلى عنوان المسرحية الذي يتكون من كلمتين وهما (النفايات والخبز) نستطيع أن ندرك بعد قراءتنا للنص أن المسرحية تتكون من جزئين مهمين.
وهذان الجزئان يمثلان مسرحيتين الأولى تناولت الموضوعين الأول والثاني وهما هجرة العقول العربية إلى أوروبا وأحوال المغتربين في بلاد الغربة بينما المسرحية الثانية وهي الجزء الثاني تناولت بقية المواضيع وهي:
1- النفايات وخطرها على الوطن العربي.
2- الحكم الفردي التسلطي.
3- المعاهدات والأحلاف مع الاستعمار.
غير أن المسرحية بجزئيها اللذين يمثلان مسرحيتين في مسرحية واحدة حسبما يدل على ذلك العنوان ترتبطان جدلياً لأن المسرحية الأولى أو الجزء الأول يقودنا إلى الجزء الثاني بشكل عقلاني وتفاعلي كما أن كلا الجزئين يخدمان نفس الفكرة المحورية في النص بشكل تصاعدي وهذه الفكرة تتثمل في دور الإنسان وهو يواجه القهر والتسلط والاستغلال والاستيلاء والاستعمار والقمع وأسلحة الدمار الشامل على كل مستويات الحياة مستغلة في ذلك نهب ثروات الشعوب وامتصاص دمائها وممارسة القهر والتسلط بواسطة عملاء ربتهم ودجنتهم وتوصلت إلى نقاط الضعف فيهم فضغطت عليهم واستسلموا لها وباعوا شعوبهم بمقابل مادي تافه لإنفاقه على ملذاتهم وإشباع رغباتهم الخاصة ضاربين بكل قيم الحياة الإنسانية عرض الحائط.
وهذا النوع من المسرح الذي يعتمد على الإحصائيات والأرقام والاستطلاعات والأخبار اليومية ومتابعة الأحداث والذي ينادي به منظروا الدراما في العالم ويرون أنه الأفضل من تجسيد المشاركة من طرف المتلقي في الأحداث ودمج قاعة المشاهدين بخشبة المسرح بحيث يتشكل فضاء مسرحي رحب حيث تتحق المشاركة الوجدانية الفعلية ويتم التفاعل مع الممثلين الذين هم من الجمهور وهذا لاشك يعطي المشروعية للعمل المسرحي إذ يتم فيه ربط أحداث وشخصيات المسرحية بالفضاء المسرحي كما أن هذا النوع من المسرح يكون مليئاً بالمواضيع الإخراجية الموضوعة من طرف المؤلف وعليه فإن المخرج لا يكلف نفسه عناء وضع مشهدية إخراجية ولا يتدخل في النص من حيث تكنيكه وإعادة تركيبه وفق رؤية إخراجية.
كما أن هذا المسرح باستخدامه الفضاء الموحد يلغي عملية الزمان والمكان ويصح في المطلق من حيث الثابت والمتغير بالنسبة لهذين العنصرين وشخصياته غير نمطية مركبة ومتغيرة وفق ما يقتضيه الحث والموقف المترجم بالكلمة والحركة.