مسيرة الفنان مصطفى احميدة العجيلي..- إعداد / مختار الأسود..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيرة الفنان مصطفى احميدة العجيلي..- إعداد / مختار الأسود..


    ليبيا مائة عام من المسرح"1908م- 2008م"أوهكذا تكلم المسرحيون -1-24- نوري عبدالدائم
    **************************


    الفنان مصطفى احميدة العجيلي
    إعداد / مختار الأسود
    * ولد عام 1916 مصطفى احميدة العجيلي بالمدينة القديمة بطرابلس بمنزل القنوني بزنقة قوس المفتى ، تعلم في بداية سنوات عمره الأولى وتتلمذ على بعض مشاهير العلماء، منهم الأستاذ علي أمين سيالة والشاعر أحمد قنابة. في عام 1925 التحق بمدرسة مكتب الفنون والصنائع وتعلم بها اللغة الإيطالية إلى جانب اللغة العربية، ورقمه بها (70) تخرج عام 1932 وظل يتردد على مكتب الفنون والصنائع حتى تم تعيينه مدرساً بمدرسة تاورغاء، وبقى بها مدة ثلاثة أشهر، ثم انتقل إلى مدرسة بمدينة بنغازي وبقى بها مدرساً لمدة سنة عاد بعدها إلى مدينة طرابلس لمراعاة حالة والدته والاهتمام بها.تحصل على درجة الدكتوراه من إيطاليا مدينة نابولي في سنة 1937 م . عمل بالتدريس مدة تزيد عن 25 سنة.عمل مفتشاً للغة العربية في المدارس الإيطالية.
    * علاقته بفن المسرح بدأت منذ مباشرة عمله بالتدريس حيث تولدت عنده رغبة وميلا لفن التمثيل المسرحي، إذ رأى في هذا الفن مدرسة متسعة لسرد التاريخ، كما رأى فيه مصحة لعلاج الأمراض الاجتماعية، وكما أنه وسيلة للترفيه الاجتماعي، فهو أيضاً وسيلة للنهوض الثقافي ومرآة للحضارة. وعلى هذا الأساس من الرغبة الصادقة والميل الهادف لفن المسرح، وباعتباره أحد خريجي مكتب الفنون والصنائع، فقد استطاع اقناع زملائه من خريجي المكتب وغيرهم من الأدباء والمثقفين للسعي في تكوين فرقة للتمثيل والموسيقى. وفي عام 1936 تحقق هدفه حيث كان أول المؤسسين لأول فرقة بمدينة طرابلس وهي (فرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع للتمثيل والموسيقى) وتولى إدارتها والإشراف على شؤونها الفنية.
    وهو يعتبر بحق من رواد النهضة المسرحية في مجالاتها الفنية المتعددة كاتباً ومؤلفاً ومقتبساً لبعض النصوص العربية والغربية مخرجاً وممثلاً بارعاً.
    - أعمال الدكتور مصطفى احميدة العجيلي في مجال المسرح متنوعة منها:
    * مسرحية (وديعة الحاج فيروز الخراساني) وهي قصة عربية مشهورة أدبياً وتاريخياً، وهي من اقتباسه، وقام بتمثيل أحد أدوارها الرئيسة. وهذه هي أول عمل مسرحي قدمته فرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع عام 1937.
    * مسرحية (الرضا) قصة اجتماعية عصرية أخلاقية بناءة مطعمة بألوان من الشعر الداعي للقناعة والخير والمثابرة، وهي من إخراجه.
    * مسرحية (مزين بغداد) هزلية، من إعداده.
    * مسرحية (طاش وطوشون) أخلاقية اجتماعي باللهجة الطرابلسية، من إخراجه.
    * مسرحية (غرام وانتقام) معربة من نوع المأساة، من إخراجه.
    * مسرحية (براعة) مسرحية أدبية، من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (الولد العبيط) تربوية أخلاقية، من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (ناكر الجميل) أدبية أخلاقية، وتعتبر من روائع المسرح العربي الليبي، من تأليفه ومن إخراجه، وقام بدور رئيسي فيها ممثلاً بارعاً.
    * مسرحية (الصديق المنافق) أدبية أخلاقية من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (العاقبة) أدبية اجتماعية من إخراجه، وهذه المسرحية تعتبر أول عمل مسرحي للنادي الأدبي بطرابلس.
    * مسرحية (اعتناء الآباء بالأبناء) أخلاقية تربوية من إخراجه.
    * مسرحية (خيانة الأصحاب) اجتماعية أخلاقية من إخراجه.
    * مسرحية (مساوئ المال) من إخراجه.
    - للدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الفضل الكبير في تشجيع وخلق المواهب الفنية في مجال المسرح بعد الجيل الأول من الرواد، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
    1) الفنان مصطفى محمد الأمير، فقد اختاره الدكتور مصطفى احميدة العجيلي من بين شباب نادي العمال واسند إليه دور (الأب) في المسرحية التي ألفها وأخرجها وعنوانها (العودة إلى المدرسة) وشجعه على قبول الدور وساعده ودربه على القيام به، ومنذ ذلك اليوم الذي ظهر فيه على خشبة المسرح لأول مرة تحقق للفنان الصغير ما كان يحلم به، وأصبح من رواد جيله في مجال المسرح.
    2) الفنان مختار رمضان الأسود شجعه الدكتور الفنان مصطفى العجيلي على دخول فن المسرح منذ صغره يوم أسند إليه دوراً يتناسب مع سنه آنذاك في مسرحية تاريخية شهيرة بعنوان (يوم القادسية) سنة 1945 بنادي العمال.
    3) وفي أول حفلة لفرقة الأمل التي عرضت فيها مسرحية (الصديق المنافق) من تأليف وإخراج الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الذي شجع بعض الفتيان الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة على الظهور في نهاية العرض على المسرح ليسمعوا المشاهدين بعض الأناشيد في حفل الختام، منهم:
    فائق بن سلطان، وكامل الحسنين، ومختار الأسود، ونوري القروش، ورمضان زميط، والهادي ذياب، ومحمد العروسي، وعيسى الصومالي.
    وقد تكاثفت مجهودات الدكتور مصطفى احميدة العجيلي مع العديد من الشعراء والمثقفين والأدباء لإلقاء بعض الكلمات الأدبية والقصائد الشعرية قبل العروض المسرحية، وهذه أبيات من بعض تلك القصائد الشعرية التي كانت تعرف بالفن المسرحي وتلهب حماس المشاهدين ومنها هذه الأبيات:
    بعنوان (من وحي التمثيل المسرحي)
    ابعثوا الفن فخارا وجلالا وبهاء يملأ الدنيا جمالا
    أيها الفتيان يا من أسسوا مسرحا للفن قد شع هلالا
    أنتم المأمول في نهضتنا ولكم نرفع ماجد وطالا
    بالفن ستبنوا مجدكم وعليه تمسحوا الداء العضالا
    فنراكم في قريب أمة ردت التالد وازدادت كمالا
    أليست هذه الأبيات الشعرية ترجمة صادقة لما كان يعتمل في صدور هؤلاء الشباب من مشاعر يوم أسسوا أول فرقة للتمثيل عام 1936 وعلى رأسها الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الذي كان يعتقد بأن المسرح يعتبر ركناً مهماً من أركان التقدم الثقافي والحضاري.
    كان الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي مخلصاً لهواية فن المسرح تدفعه رغبة صادقة في تحقيق أهداف النهضة المسرحية في بلادنا العزيزة، فلا يرى أن هناك أي سبب يقف في سبيل تحقيق هذه الرغبة، فحين دبرت سلطات الاحتلال الإيطالي الفاشستي أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية خطة ماكرة تفشل بها نشاط أول فرقة للتمثيل بمدينة طرابلس، لما لاحظته من مردود ثقافي جماهيري للمواطنين المشاهدين المتمسكين بهويتهم وأصالتهم وتاريخهم بفضل مشاهدتهم للمسرحيات التي تقدمها الفرقة، خلقت تلك السلطات الفاشستية الإيطالية ذريعة تحبط بها مشاعرهم أولا وتحقق بها حل الفرقة وإنهاء نشاطها ثانيا.. وفرضت على إدارة الفرقة تغيير الاسم إلى اسم فاشستي جديد وفي حالة عدم القبول تحل الفرقة وتوقف جميع نشاطاتها في مجال المسرح والموسيقى.
    وكان الرد بذكاء وحنكة وإصرار على البقاء في المسيرة الفنية أن الفرقة تقبل تغيير اسمها ومواصلة نشاطها، وذلك بعد أن حلل الدكتور الفنان مصطفى أحميدة العجيلي الاسم الإيطالي الجديد المفروض المختصر في مقاطع ثلاثة تبدأ بحروف ثلاثة هي باللغة الإيطالية (A.M.L) نقلها إلى حروف عربية فكانت (أ.م.ل) ... ولما جمعها في خاطرة كانت فرقة (الأمل) فاستبشر خيراً وتمت الموافقة على الاسم الجديد.. وهكذا خلق في أعماق نفوس زملائه بأننا قبلنا لأننا في فرقة (الأمل).. والخلاص من المستعمر الفاشستي المحتل..
    واستمرت الفرقة تقدم عروضها المسرحية حتى قبل نهاية الحرب العالمية الثانية فعرضت مسرحية (عصمان البحري) كما عرضت مسرحية (الصديق المنافق) التي كانت من تأليف وإخراج الدكتور (مصطفى احميدة العجيلي) .
    وأول خطوة خطاها في عام 1944 نقل الفرقة إلى مكان جديد بشارع درغوت باشا واختار لها اسماً جديداً هو: (نادي العمال) وتولى شؤونه الإدارية والفنية واستمر النادي بنشاطاته الفنية الثقافية والاجتماعية والرياضية.
    وفي حفلة الافتتاح عزفت الفرقة الموسيقية التابعة للنادي أغلب الأغاني التي كانت معروفة في تلك الأيام ليبية ومصرية.
    وهذه الفرقة الموسيقية كانت تتكون من عازفين جميعهم من كهول خريجي مدرسة الفنون والصنائع يشرف على تمارينها أكبرهم سناً وأقدرهم عزفاً وهو الفنان رمضان الأسود وكان الدكتور مصطفى احميدة العجيلي هو الذي جمع شملهم عند تأسيس نادي العمال وهم:
    رمضان الأسود، مختار الترهوني، مختار الباهي، الهاشمي الفيتوري، محمد الأرناؤوطي، حميدة ميلاد، المهدي الشريف وغيرهم.
    وأول عمل للنادي هو إعادة تمثيل مسرحية (ناكر الجميل) من تأليف وإخراج الدكتور مصطفى احميدة العجيلي، اشترك في تمثيلها أغلب الوجوه القديمة لفرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع الذين اكتسبوا شهرة واسعة منذ عام 1936.
    وظل الدكتور مصطفى حميدة العجيلي يعطي لفن المسرح في إبداع ألوانه التخصصية من تأليف واقتباس وإخراج وتمثيل حتى نهاية نادي العمال عام 1946.
    وفي منتصف هذا العام (1946) انتقل الدكتور مصطفى أحميدة العجيلي إلى مجال الصحافة فأصدر مجلة (المرآة) وصدر أول عدد منها بتاريخ 15- 7- 1946، وهي صحيفة أدبية فنية ورياضية وقد اهتمت بفن (الكاريكاتير) وكانت أول مجلة تقدم هذا الفن في ليبيا وكان الفنان والرسام والرياضي القدير فؤاد مصطفى الكعبازي هو الذي يقوم برسوم (الكاريكاتير) في هذه المجلة. ومن بين أعضاء أسرة تحريرها الأساتذة:
    محمد خليل القماطي، مصطفى الكعبازي، عبد الرزاق البشتي، الهادي عرفة، الشاعر أحمد الشارف، الشاعر أحمد قنابة، الشاعر المحامي علي صدقي عبد القادر، أحمد الحصائري.
    ومن أحسن أبوابها: حسب رأى صاحبها الدكتور مصطفي أحميدة العجيلي هو باب (الهتشيات) ويعني الكلام الذي لا يعتد به ولا يعتمد عليه يتناول فيه محرر هذا الباب أخبار المجتمع.
    كان فنانا بطبعه يطرب لاستماع الموسيقى وتعجبه الأغنية الليبية خاصة في ثوبها (الفزاني) من جنوب الوطن ويرى بأن هذا اللون هو الفن الصحيح والأصيل والموروث الصافي بغير تعكير.
    ظل حتى آخر أيام حياته يحن للمسرح لأنه متصل بأعماق نفسه منذ عام 1936 وكان يعبر عن الحنين بأنه (حنين العاشق الولهان) إلى أن فارق الحياة رحمه الله رحمة واسعة.
    ونأمل أن تكون الأسطر لمسيرته الفنية تذكرنا بما حقق من طموحات في مجال فن المسرح رائداً من رواده الأوائل، حتى فارقه بالعشق والحنين، ونرددها اليوم مع التقدير له والوفاء لما بذله من جهد وعطاء.
    - وفاته:
    توفى المرحوم الدكتور مصطفى العجيلي يوم 26- 9- 2004 مسيحي اللهم أسكنه فسيح جناتك وألهم أسرته وتلاميذه وأصدقاءه الصبر والسلوان.
    إنا لله وإنا إليه راجعون


يعمل...
X