العراق مهد الحضارات
لقد عاش الإنسان في عهد الظلمات حتى قام السومريون باختراع الحضارة بين 4500 و3500 سنة قبل الميلاد في جنوب العراق، وفي الواقع أنهم كانوا المؤسسين لوادي الرافدين. وقد امتازت حضارتهم بجميع الميزات الحضارية الحديثة، مع اختلاف المستوى التكنولوجي، فقد كانت هناك مهن متخصصة مثل، الحدادة والزراعة والقضاء وظهرت المدارس ومشاريع حكومية للطرق والزراعة، وامتاز السومريون بالانضباط الشديد وشغف بالمعرفة وبعض اهتماماتهم لم تكن ذات فائدة عملية، مما يدل على حبهم للمعرفة من أجل المعرفة ويمثل هذا مرحلة متقدمة من التطور الحضاري، وقد عرف عن السومريون شغفهم بالتوثيق وكتبوا تقريبا عن كل شيء، وما وصلنا منهم كان أصليا فقد كتبوه بأنفسهم. وقام ملوكهم بإصدار أول القوانين في التاريخ وأشهرهم أورنامو (لم يكن حمورابي البابلي أول من أصدر القوانين) وبنوا الصرح الدينية التي أشهرها الزقورات التي كانت بنايات ضخمة يعتقد العلماء انها استعملت أيضا لأغراض علمية وعسكرية، وكلمة الزقورة مقتبسة من كلمة سومرية تعني البناء عاليا، وكان تقليد بنائها قد بدأ مع بداية الحضارة السومرية. وقد تمتع السومريون بعلاقات تجارية مع مناطق بعيدة جدا، بعضها في قارات أخرى. ومما هو جدير بالذكر أن أول ملكة في التاريخ كانت سومرية وهي الملكة باوبي (2600 ق.م.) التي وجد في قبرها مواد مصدرها موزمبيق في افريقيا. وأما الكتابة السومرية فقد أصبحت القياس العالمي لآلاف السنين وقد وجدت في أوكرانيا وهنغاريا بعد أن كانت في البداية طريقة لتسجيل التعاملات التجارية البسيطة، لتتحول إلى اختراع غير التاريخ تغييرا جذريا، وأطلعتنا على الأدب السومري العظيم الذي لا نزال نشاهد بعضه في الأفلام الغربية الحالية. وأعظم قصة ذكرها السومريون كانت بلاشك ملحمة كلكامش. كما امتازت الحضارة السومرية بأول صراع بين السلطة والمؤسسة الدينية الذي انتهى بانتصار السلطة..