بطاقات الأفراح.. ذاكرة الأيام السعيدة من خط اليد إلى "الفوتوشوب"
نجوى عبد العزيز محمود
- 26 أيلول 2022
لطالما تركت العبارات والكلمات الجميلة في بطاقات الأفراح، صدىً في قلوب الناس كانت ولا تزال تجذبهم لحضور حفل الزفاف، فاختيارها ليس بالأمر السهل إطلاقاً، فقد تفنن بها صانعوها واستخدموا فيها أجمل الكلمات وأرقى الخطوط العربية منذ القديم وحتى يومنا هذا.
عادات دمشقية
كان من عادات الدمشقيين عندما يريدون عمل بطاقة دعوة حفل زفاف، أن يذهبوا الى أحد الخطاطين المشهورين لخط هذه البطاقة، كان الخطاطون حينها يقومون بدمج أول حرف من اسم العريس والعروس كنوع من التفاؤل بالخير والعلاقة الأبدية بين العرسين أي ما يسمى (زواجة الدهر)، ولكن مع مرور الوقت اختفت هذه العادة مع ظهور تقنية كتابة البطاقة عن طريق برامج الكمبيوتر.
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذه البطاقات وكيفية كتابتها كان لمدوّنة وطن الحوار التالي مع الخطاط "أحمد سوار" حيث يقول: "كان لبطاقات الأفراح الدور الأبرز لمصممها وكاتبها في إعطائها الفخامة والروعة، باستخدام أجمل الخطوط العربية شكلاً وتناسقاً وتميزاً بين الكلمات والسطور والشكل والفراغات وحجم الخطوط وتنوعها، ما بين خط الثلث والديواني والنسخ والإجازة والتعليق وأحياناً الرقعة، فكلما كان الخطاط متمرساً ارتفعت فنية البطاقة وجمالها حتى لو كانت بسيطة، حيث ترتقي إلى مستوى اللوحة الفنية التي يتفاخر الناس بالاحتفاظ بها كون كاتبها أحد الخطاطين المشهورين".
الخطاط أحمد سوارتصميم البطاقات
نموذج للدعاية
ويضيف: "لتصميم البطاقات ومكوناتها ومضامينها، نعتمد كخطاطين على الإبداع الفني في رسم البطاقة وتصميمها واستخدام مواد مكملة لها من ورود وزخارف وصور وأشرطة وغيرها، والتي تعبر عن الفرح والسرور والسعادة أو الإبداع، والتفنن بطرق الطباعة، أيضاً باستخدام المواد الفخمة في صناعتها من كرتون وورق وأقمشة ومتممات مختلفة للبطاقة، بالإضافة إلى المغلف الذي ستوضع فيه أو أسلوب ربطها أو إضافة المزينات إليها من خرز وبريق وزهور وورود قماشية أو ورقية أو خشبية أو بلاستيكية والأشرطة المتنوعة والمختلفة، ويعتمد في تصميم وإخراج البطاقة البسيطة على الرسوم والألوان بإخراجها بفنية ومهارة عالية من مصممها، لإعطائها الفخامة المناسبة نظراً لتواضع تكاليفها، أما البطاقات الغالية الثمن فتعتمد على تفخيم الورق والكرتون وتكبير حجمها والمواد المضافة إليها والتلاعب بأساليب وفنون طباعتها، ومع دخول عصر الطباعة الفنية الملونة استخدمت الألوان الفضية والمذهبة والألوان المركبة التي يصعب تطبيقها إلا من الذي يمتلك الذوق الرفيع والعالي والخبرة الدقيقة في تركيبها لتضيف جمالية فوق فخامتها".
بطاقات إلكترونية
ويشير الخطاط أنه ومع ظهور التقنيات الحديثة من الحواسيب والمكنات المتخصصة بالطباعة والقص والحفر الليزري للمواد المختلفة أخذت البطاقة أبعاداً جديدة ومتطورة تتناسب مع الأذواق والإمكانات المختلفة في تفخيمها وتصميمها.. مضيفاً: "كوني من الفنانين والخطاطين الذين عملوا في هذا المجال واقترنت بإنجاز الكثير فيه من تصميم وكتابة وتفنن، ومع دخولي المبكر في عالم التصميم الرقمي والاستخدام الأوسع له في هذا المجال، قمت بإنجاز فريد ورائع لخدمة وحفظ هذا كله بإنشاء صفحات وموقع إلكتروني شامل بهذا المجال الفني الكبير، وهي متخصصة في مجال الأفراح والمناسبات وكل مستلزماتها من حوالي خمسة عشر عاما حفظت فيه كل إنجازاتي ومساعي الكبيرة.
بعض بطاقات الدعوة
تعدُّ بطاقات الأفراح حسب قول "سوار" أحد طقوس الأعراس المميزة في كثير من المجتمعات، وخصوصاً أن بطاقة دعوة الزواج هي أول انطباع يلاحظه الضيوف عن حفل الزفاف، لذا لا بدّ من أخذ الوقت الكافي لتصميم بطاقة دعوة زواج جذابة مع عبارات ترحيبية جميلة بأسلوب يبعث الفرح في قلوب قارئيها، ويشعرهم بأنك ممتن لمشاركتهم لك في هذا اليوم الخاص، فأقل ما يمكن تقديمه لهم هو عبارة مميزة على بطاقات الزواج كالعبارات التالية (نفتخر بحضوركم ونتشرف بمجيئكم لمشاركتكم فرحتنا. من غير وجودكم لا تكتمل الفرحة) وعبارة (بلقائكم السعادة تزيد، ومن غير مجيئكم ينقص الهناء، فأرجوا أن تلبوا دعوتنا فحضوركم يسعدنا)، وغيرها من العبارات الترحيبية.
على مراحل
وفي حديث مع "وائل الخطيب" صاحب إحدى المطابع الذي حدثنا عن طرق الطباعة بقوله: "في الماضي لم يكن هناك تنضيد إلكتروني فقد كان أصحاب المطابع يقومون بالتنضيد اليدوي بحروف رصاصية متفرقة، ومع التطور كان هناك نظام تنضيد بواسطة لوحة كالآلة الكاتبة، تجمع قوالب الحروف وتجمعها في قلب لكل سطر، يصب فيه الرصاص المصهور ليخرج سطراً منضداً وهكذا حتى يكتمل النص، ثم أصبح هناك نظام "المونو فوتو" وبعده التنضيد الإلكتروني بواسطة الورق المثقب الذي يوضع في كمبيوتر يترجمه إلى حروف حسب التعليمات تطبع على ورق حساس، كما تطور النظام الحالي بعد الاستغناء عن التثقيب وعن الورق الحساس، وصار الأمر أكثر اختصاراً، واستخدمت الكثير من تقنيات الطباعة كالطباعة الغائرة والطباعة المسامية والنافرة والنفث الحبري، كما تنوعت آلات الطباعة التي استخدمت بطباعة البطاقات كالمسطحة والأسطوانية والدوارة .
أجريت اللقاءات بتاريخ 18 أيلول 2022.