Laarbi Laaraj
تجار الثقافة:تحور المفهوم
تمططت الثقافة بمفهومها العام، وعرفت نوعا من التشتت المعرفي والإصلاحي ،بعد أن غاب عنها حراس العلم، وتجشأ البعض بعناوين رخيصة مستمدة من العلوم التجريبية، يدعون الإحاطة بها وعلاقاتها المتشعبة،من الفروع العلمية الأخرى.
فرد علي البعض أن من مسؤولية المثقف نشر الثقافة الإيجابية بذل السلبية التي تعيق التفكير السليم.
فما عد(بضم العين)هموم المثقفين والمفكرين من العامة والخاصة وارتباطاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية، عد أو أضحى ثقافة سلبية لزم التخلص لكونها تشحن الكاتب بشحنات سلبية قد تؤتر على مساره الصحي والعقلي.
قلت لصديقي الأنيق ذو الفكر اللبق، شكرا فقد استمتعنا بردك الجميل أيها العفيف المتأفف والظريف، فلست من هواة الشحنات الإيجابية ولا السلبية، وإنما أحكم بالذي رواه العلماء والمفكرين الأكفاء، عن مفهوم الثقافة الحقيقية من خلال سبر أغوار المفهوم من السنين الأولى من تاريخ النقد الأدبي والفكري الخالي من الإغراءات المادية والسياسية لتجار الثقافة والعلم.
فأصل الثقافة في اللغة العربية مأخوذ من الفعل الثلاثي ثقف بضم القاف وكسرها.
وتطلق في اللغة على معان عديدة فهي تعني الحدق والفطنة والذكاء وسرعة التعلم وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه ،والتأذيب والتهذيب، والعلم والمعارف والتعليم والفن.
ويقال ثقف القناة إذا قوم اعوجاجها، وإذا تمعنا في حالة الإنسان المضطربة فهي تدعوا إلى التقويم والتهذيب والتأذيب من الآخر المتوحش، الغابي الذي ابتعد عن تثقيف الذات والإنزواء وراء شهواته.
فالمفهوم أخذ من اهتمام النقاد بتعاريف جمة تؤصل للمفهوم وتثبت قواعده الممتدة عبر الحضارات الإنسانية المختلفة،وعلاقته بالأدب والشعر، فهذا إبن سلام الجمحي 132هجرية في مجلده طبقة فحول الشعراء ذهب إلى دور الشعر والشعراء في إرساء جميل الشعر وجيده، وصنفهم إلى طبقات الأولى والأخرى فالنخبة من النقاد هم المخولون لاختيار وتصنيف الشعر حسب حمولته التثقيفية والمعنوية.
وسار إبن قتيبة في مجلده الشعر والشعراء إلى معيار الجودة والوفرة والنظم الحسن الذي يصدقه العقل والقلب بذل الذوق المعياري الذي يفسد على الشاعر والناقد مصداقيته، ،ويعزى ذلك إلى تمكن الشاعر من اللغة الفصيحة من البدو، هكذا نزعوا الشعر الجيد عن عدي بن زيد 368هجرية وأوعزوا《عدي بن زيد كان يراوح الإقامة لين المدينة والأرياف، ففسد ذوقه ولان شعره》 فاختلط شعره بالنبطي، وغابت عنه لغة العرب البدو الفصيحة التي لا يجهلها ناقد كالأصمعي .
يقول الأصمعي:إن الرواة لا تروي بشعر عدي بن زيد لأن ألفاظها ليست بنجدية، ولأن عدي يمكت بالريف فلان شعره كأهل الحيرة، وسار إبن فارس على نفس النهج من التعريف. وفي تهذيب اللغة للأزهري :رجل ثقف لقف إذا كان ضابطا لما يحويه قائما به.
واصطلاحا:هو الرقي في الأفكار النظرية، والتقويم وسد العيب ورجاحة العقل والتمكن من المعارف والعلوم.
هكذا إذن تمكنا من الإحاطة بهذه التوطئة بغية الإجابة على سؤال عم هو المثقف في الشعر والأدب، وما هو الشاعر الحدق، بعد أن صار الجميع يشعر ويتبنى الشعر والثقافة، ولا نريد القول فلان شويعر لأني لست بصدد مناقشة البناء بعد أن تخلى الغالبية عن عمود الشعر، وإنما النقاش هنا عن طبيعة الشعر المحمود الذي يلبي الغرض ويحرك المشاعر والعقول وتقبله العامة والخاصة وينأى عن التعريض الرخيص ولا يميل إلى الفحش وخدش الحياء، (كلا) فانحاز البعض على أنها البطولة في القول والرجاحة في العقل، وأنه ملك الثقافة من لبها وصار يبدع ويعرض غسيله الحسي الشعوري والنفسي بإسفاف ولا تثقيف أو كبح وانزلق نحو هواه بلا رجعة.
وسمي ذلك طاقة إيجابية تنشر الحب والسلام والفكر الراقي، يخاطب بلغة الإنتهازيين ويغازل الخاصة من الناس، فلان شعره وخلا من الفصاحة والفكر السليم، واستعمل صورا معيبة، محببة إلى قلبه مغذيا سلوكه وهواه،فاختلط شعره بالعامية والفصيح وأفسدوا اللغة العربية الفصيحة من القوة والمتانة والرزانة نحو الإسفاف والضعف كمثل اللهجات الأوروبية التي ابتعدت بدورها عن اللغة الأصلية الأم.
٢أنت وشخص آخر