الصورة المثالية
كتبت كتابي هذا للمصور الهاوى وأقصد بكلمة « هاوى » المحب العاشق . فليس كتابي هذا لكل من أمسك كاميرا كل حين ليلتقط صورة أو صوراً ، بل هو لمحب وعاشق التصوير الذي يصور لأنه يريد أشياء ثلاثة :
أولاً : أن يتصل بالناس من حوله يعطيهم من فكره ورؤيته ومشاعره .
ثانياً : أنه يهتم أشد الأهتمام بالموضوع أو الغرض الذي يصوره ويرى أنه بتصويره يمتلكه إلى الأبد .
ثالثا : أن يريد أن يكسب إعجاب الناس بقدرته وفنه . وقد تظن أن السبب ؟
الثالث تافه .. ربما ... ولكن من منا لا يرغب في أن يحظى بإعجاب الناس وحبهم بل وحسدهم !! .
يهمنا في هذا المجال كلمة الاتصال وأعنى بها الرغبة في تبادل الآراء والخواطر مع الناس . فكل فن من الفنون نشأ كوسيلة للاتصال فليس كل
الناس قد أوتوا من الفصاحة والبيان ما يمكنهم من الاتصال مباشرة مع الآخرين بل إن بعض ملوك البيان كانوا في معاملاتهم المباشرة مع الآخرين من أحصر الناس . ونذكر ما قيل لنا عن أمير بل ملك الشعراء « شوقى » فقد كان لا يجيد فن الحديث في المجتمعات ربما لحياء فيه . ولكنه كان إذا أشعر أبان وأفصح وملك ناصية اللب والفؤاد .
فالتصوير وسيلة اتصال كغيره من الفنون . ولكن كل فن يخاطب حاسة مختلفة فنجد أن فني الرسم والتصوير يخاطبان العقل والقلب عن طريق العين ، والكتابة والشعر يخاطبان العقل والقلب عن طريق العين والأذن . وفن الغناء والموسيقى يخاطبان القلب والعقل عن طريق الأذن ، وفن صناعة الروائح يخاطب العقل والقلب عن طريق الأنف ، وفن الطبخ يخاطب المعدة عن طريق
الفم وهكذا .
لنأخذ مثلا فن الشعر وعلاقته بالتصوير ... لماذا يكتب شاعر شعراً أو يصور مصور صورة ؟ .. لأنه أختمرت في عقله فكرة وامتزجت بما جاش في
وجدانه من إحساس أو شعور فوجد في أعماقه دافعاً إلى نقل التجربة التي عاشها إلى الآخرين فكتب شعره أو صور صورته .
فلو لم يكن هناك فكرة أو معنى في الشعر لكان مجرد كلام منمق مزوق موزون ومقفى ولكنه خال من المعنى ، فهو كلام فارغ أو ضرب مما يهمهم به
المجانين بل هو برطمة . وكذلك الصورة الخالية من الفكرة أو المعنى ما هي ألا برطمة بصرية وإذن فلابد للصورة من غرض ومعنى .
وكذلك اذا كان الشعر ليس فيه إحساس وشعور لما أصبح شعراً بل هو كتاب جامد في أحد العلوم . له قيمة حقاً كعلم ولكنه ليس بشعر . وكذلك الصورة التي ليس بها إحساس أو شعور ، هي صورة تصلح لكتاب علمي ولكن لا ترقى إلى الصورة الفنية .
وإذن فلابد للصورة من مخاطبة القلب وإثارة شعوره !
وأيضا إذ كان للشاعر فكرة يريد نقلها وإحساس وشعور يريد أن يشعره القارىء أو السامع لشعره ولكنه لا يعلم قواعد لغته أو لا يعلم بحور الشعر
وأوزانه وقوافيه لما أصبح مايقوله شعراً بل كلاماً كالذي يدور في الشوارع والمقاهي . وكذلك التصوير إذا لم يعلم المصور حرفية وتكنيك التصوير فإن أفكاره وأحاسيسه لن يستطيع أحد أن يفهمها أو يفهمها بصعوبة .
وإذن لابد للصورة من حرفية وتكنيك جيد .
واذا كان لدى الشاعر الأفكار والأحاسيس والعلم بصنعة الشعر ولكنه أساء اختيار الألفاظ و ترتیب الكلمات لأنقص هذا من شعره الكثير إذ تصدم
الكلمات الأذن فتصكها فتشمئز النفس منها
وتعافها . أما إذا أحسن إختيار ألفاظه التي تتسق مع بعضها في المعنى والنغم ، إذن لسمعت الأذن شدو الطيور ، وغناء البلابل ، فأصاغ السامع السمع ، وفتح عقله وقلبه لمعرفة ماذا يريد الشاعر أن يقول .
وكذلك التصوير إذا احتوت الصورة على فكرة
وإحساس وحرفية أو مصنعية جيدة ولكن المصور أساء اختيار ألوانه أو تنسيق مفردات صورته سترى العين تجفل وتزور عنها ، أما اذا أحسن اختيار ألوانه وتنسيق صورته لا نجذبت العين إلى الصورة ، وأمسك بها المشاهد يدرسها فتصل إلى عقله الفكرة ويصل إلى قلبه ما أراده له المصور من إحساس .
إذن لابد من أن تجذب الصورة العين أي لابد من تكوين جيد .
نخلص من هذا إلى أن الصورة لكي تكون فنية مثالية لابد أن تحتوى على عناصر أربعة :
١ - جاذبية للعقل أي أن يكون لها غرض ومعنى .
٢ - جاذبية للقلب أي أن تثير في نفس المشاهد إحساساً أو شعوراً ما يقصده المصور .
٣ - جاذبية للعين فتجذب الصورة العين إليها فيلتقطها المشاهد من وسط عشرات الصور ليحدق فيها .
٤ ـ أن تكون ذات حرفية أو تكنيك جيد حتى يسهل على المشاهد قراءة وإدراك العناصر السابقة
وقليلة هي هذه الصور المثالية فنجد أن المصور يتدرج في تقدمه في التصوير فيتعلم الحرفية والتكنيك أولا ، ثم يتعلم باقى العناصر حتى يصل إلى عنصر الجاذبية للقلب وهو أصعبها منالا.
كتبت كتابي هذا للمصور الهاوى وأقصد بكلمة « هاوى » المحب العاشق . فليس كتابي هذا لكل من أمسك كاميرا كل حين ليلتقط صورة أو صوراً ، بل هو لمحب وعاشق التصوير الذي يصور لأنه يريد أشياء ثلاثة :
أولاً : أن يتصل بالناس من حوله يعطيهم من فكره ورؤيته ومشاعره .
ثانياً : أنه يهتم أشد الأهتمام بالموضوع أو الغرض الذي يصوره ويرى أنه بتصويره يمتلكه إلى الأبد .
ثالثا : أن يريد أن يكسب إعجاب الناس بقدرته وفنه . وقد تظن أن السبب ؟
الثالث تافه .. ربما ... ولكن من منا لا يرغب في أن يحظى بإعجاب الناس وحبهم بل وحسدهم !! .
يهمنا في هذا المجال كلمة الاتصال وأعنى بها الرغبة في تبادل الآراء والخواطر مع الناس . فكل فن من الفنون نشأ كوسيلة للاتصال فليس كل
الناس قد أوتوا من الفصاحة والبيان ما يمكنهم من الاتصال مباشرة مع الآخرين بل إن بعض ملوك البيان كانوا في معاملاتهم المباشرة مع الآخرين من أحصر الناس . ونذكر ما قيل لنا عن أمير بل ملك الشعراء « شوقى » فقد كان لا يجيد فن الحديث في المجتمعات ربما لحياء فيه . ولكنه كان إذا أشعر أبان وأفصح وملك ناصية اللب والفؤاد .
فالتصوير وسيلة اتصال كغيره من الفنون . ولكن كل فن يخاطب حاسة مختلفة فنجد أن فني الرسم والتصوير يخاطبان العقل والقلب عن طريق العين ، والكتابة والشعر يخاطبان العقل والقلب عن طريق العين والأذن . وفن الغناء والموسيقى يخاطبان القلب والعقل عن طريق الأذن ، وفن صناعة الروائح يخاطب العقل والقلب عن طريق الأنف ، وفن الطبخ يخاطب المعدة عن طريق
الفم وهكذا .
لنأخذ مثلا فن الشعر وعلاقته بالتصوير ... لماذا يكتب شاعر شعراً أو يصور مصور صورة ؟ .. لأنه أختمرت في عقله فكرة وامتزجت بما جاش في
وجدانه من إحساس أو شعور فوجد في أعماقه دافعاً إلى نقل التجربة التي عاشها إلى الآخرين فكتب شعره أو صور صورته .
فلو لم يكن هناك فكرة أو معنى في الشعر لكان مجرد كلام منمق مزوق موزون ومقفى ولكنه خال من المعنى ، فهو كلام فارغ أو ضرب مما يهمهم به
المجانين بل هو برطمة . وكذلك الصورة الخالية من الفكرة أو المعنى ما هي ألا برطمة بصرية وإذن فلابد للصورة من غرض ومعنى .
وكذلك اذا كان الشعر ليس فيه إحساس وشعور لما أصبح شعراً بل هو كتاب جامد في أحد العلوم . له قيمة حقاً كعلم ولكنه ليس بشعر . وكذلك الصورة التي ليس بها إحساس أو شعور ، هي صورة تصلح لكتاب علمي ولكن لا ترقى إلى الصورة الفنية .
وإذن فلابد للصورة من مخاطبة القلب وإثارة شعوره !
وأيضا إذ كان للشاعر فكرة يريد نقلها وإحساس وشعور يريد أن يشعره القارىء أو السامع لشعره ولكنه لا يعلم قواعد لغته أو لا يعلم بحور الشعر
وأوزانه وقوافيه لما أصبح مايقوله شعراً بل كلاماً كالذي يدور في الشوارع والمقاهي . وكذلك التصوير إذا لم يعلم المصور حرفية وتكنيك التصوير فإن أفكاره وأحاسيسه لن يستطيع أحد أن يفهمها أو يفهمها بصعوبة .
وإذن لابد للصورة من حرفية وتكنيك جيد .
واذا كان لدى الشاعر الأفكار والأحاسيس والعلم بصنعة الشعر ولكنه أساء اختيار الألفاظ و ترتیب الكلمات لأنقص هذا من شعره الكثير إذ تصدم
الكلمات الأذن فتصكها فتشمئز النفس منها
وتعافها . أما إذا أحسن إختيار ألفاظه التي تتسق مع بعضها في المعنى والنغم ، إذن لسمعت الأذن شدو الطيور ، وغناء البلابل ، فأصاغ السامع السمع ، وفتح عقله وقلبه لمعرفة ماذا يريد الشاعر أن يقول .
وكذلك التصوير إذا احتوت الصورة على فكرة
وإحساس وحرفية أو مصنعية جيدة ولكن المصور أساء اختيار ألوانه أو تنسيق مفردات صورته سترى العين تجفل وتزور عنها ، أما اذا أحسن اختيار ألوانه وتنسيق صورته لا نجذبت العين إلى الصورة ، وأمسك بها المشاهد يدرسها فتصل إلى عقله الفكرة ويصل إلى قلبه ما أراده له المصور من إحساس .
إذن لابد من أن تجذب الصورة العين أي لابد من تكوين جيد .
نخلص من هذا إلى أن الصورة لكي تكون فنية مثالية لابد أن تحتوى على عناصر أربعة :
١ - جاذبية للعقل أي أن يكون لها غرض ومعنى .
٢ - جاذبية للقلب أي أن تثير في نفس المشاهد إحساساً أو شعوراً ما يقصده المصور .
٣ - جاذبية للعين فتجذب الصورة العين إليها فيلتقطها المشاهد من وسط عشرات الصور ليحدق فيها .
٤ ـ أن تكون ذات حرفية أو تكنيك جيد حتى يسهل على المشاهد قراءة وإدراك العناصر السابقة
وقليلة هي هذه الصور المثالية فنجد أن المصور يتدرج في تقدمه في التصوير فيتعلم الحرفية والتكنيك أولا ، ثم يتعلم باقى العناصر حتى يصل إلى عنصر الجاذبية للقلب وهو أصعبها منالا.
تعليق