السينمائي»: الفيلم الأردني ضعيف نسبياً ونركز في برامجنا على كتابة السيناريو
عمّان ـ «سينماتوغراف»: أشرف الحساني
لعبت الإعلامية ندى دوماني، دوراً كبيراً في صناعة الشأن السينمائي داخل الأردن، فالتعدد الفني الذي طبع مسارها العملي، جعلها من الأسماء النسوية الأكثر تأثيراً في خصوصية السينما العربية.
وبالرغم من دراستها للعلوم السياسية، فإن اشتغالها في مجال الصحافة بسويسرا قادها إلى الالتحام بجوهر الأعمال الميدانية وتتبع سير ومصائر الناس داخل العالم العربي، إلا أن بروز اسم ندى دوماني داخل العالم العربي، كان انطلاقاً من المختبر السينمائي الأردني وقدرتها على إبراز تجارب سينمائية واعدة والتعريف بها والعناية بما تقدمه من جماليات.
مع العلم أن عشقها للسينما يعود أساساً إلى الطفولة، والذي كان له تأثير بالغ ونوعي على معطيات واقع عملها كمديرة قسم الإعلام والثقافة في “الهيئة الملكية الأردنية للأفلام” وإنجاح عروض أفلام ومهرجانات وفقرات ودعم سيناريوهات قادرة على التأثير بخصوصيتها في المشهد السينمائي الأردني.
عن سيرتها الحياتية وعلاقتها بالسينما وملامح التجديد السينمائي داخل المشهد الأردني، كان هذا الحوار الخاص معها:
ـ لم يقتصر عملك كمنظمة سينمائية، بل اشتغلت مدة طويلة في الإعلام العربي بالخارج، هذا فضلاً عن تجربة الفيلم الوثائقي “رحلة المكان”، كيف تعيشين هذا التعدد والغنى في ذاتك؟
بالفعل مسيرتي المهنية والمعيشية كانت متنوعة للغاية، إذ عملت كصحفية في سويسرا (في الإذاعة السويسرية الدولية وفي صحف محلية) ومن ثم كناطقة إعلامية لمنظمة إنسانية دولية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) قبل أن أتحول إلى العمل في المجال السينمائي في الأردن، كما أنني تنقلت بحكم عملي وعشت في بلدان مختلفة في أوروبا وأفريقيا والعالم العربي.
أعتقد أن هذا التنوع يغنيني ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن يعطيني على ما أعتقد نظرة أكثر شمولية وانفتاحا على ثقافات متعددة مع الحفاظ على مبادئ راسخة اكتسبتها في وظائفي المختلفة والتي تبدو متباعدة.
لكنّ ثمة خطوطاً تربط بينها على الرغم من اختلافها: جميعها كانت مرتبطة بالإعلام وبالتواصل مع الجمهور ونقل “الرسائل”، وطالما كان لدي اهتمام خاص بالشأن الثقافي، ولا سيما السينما التي أحببتها منذ طفولتي في لبنان، ويُخيّل إليّ أحيانا وكأنني عشت أكثر من حياة في عوالم مختلفة وأنني في النهاية خلاصة طبقات متراكمة، غير مرتبطة بمكان أو بيئة معينة، غير أنها متجذرة بهويتي العربية مع كل تناقضاتها.
ـ ما الدوافع الخفية الفنية والجمالية التي قادتك إلى الغوص في هذا الفيلم وفي السينما العربية ككل، بالنظر إلى دراستك الأكاديمية في العلوم السياسية؟
درست العلوم السياسية بهدف العمل في مجال الصحافة، وفي أثناء عملي بالإذاعة السويسرية كنت أركز على العالم العربي، بمختلف نواحيه بما فيها الثقافية، ثم تحولت من ناقل الخبر إلى صانعه، من خلال العمل على أرض الواقع في أماكن الصراعات.
وهنا أدركت أن الفن وسيلة قوية لإيصال رسائل مهمة وبحرية أكبر من العمل المؤسساتي، فيلمي الوثائقي القصير “رحلة المكان” جاء نتيجة تجربة عملي في المجال الإنساني في العراق، ومعرفتي بفنانين مميزين في بغداد، وهو بالواقع تجربة فنية متواضعة، أردته تحية للثقافة العريقة في العراق من خلال 4 شخصيات انهزمت في بلدها إثر الاحتلال الأميركي: هم النحات العظيم محمد غني حكمت، والرسام الكبير باسل محمد، والسيدتان أمل الخضيري وميسون الموسوي. رحلوا من بلدهم لكنهم أخذوه معهم على غرار العديد من المهاجرين.
إخراج هذا الفيلم القصير واهتمامي الدائم بالسينما دفعاني إلى التحول كلياً إلى مجال السينما، الذي يجمع بين فنون مختلفة، ويبقى اهتمامي الأكبر بالأفلام الروائية “الثقيلة” كما يقال والوثائقية، أكثر من الأفلام الترفيهية التجارية، انطلاقاً من قناعتي أن النقاش الذي تثيره يسهم في إحداث التغيير المجتمعي وحتى الفكري الذي نصبو إليه في منطقتنا وفي إسماع صوتنا عبر سرد قصصنا للعالم.
ـ نادراً ما يتم التركيز إعلامياً على الجهود الكبيرة المبذولة لإنجاح الفقرات والتظاهرات السينمائية، على أساس أنها تدخل ضمن مشروع الصناعة السينمائية. حتى الآن، كيف تم تلقي عروض أفلام مهرجان عمّان السينمائي الدولي، وما المكانة التي أضحى يحتلها داخل المهرجانات السينمائية العربية اليوم؟
بالفعل أي مهرجان أو فعالية كبيرة تتطلب جهوداً مضنية على مدى أشهر، قد لا يدركها المشارك أو المشاهد، فبالإضافة إلى برمجة الأفلام واختيار المشاريع لمنصات التسويق، ثمة جهود شاقة وأوقات طويلة لترتيب الأمور اللوجستية بما فيها استضافة المدعوين والتأكد من كافة التفاصيل، وكل ذلك يتطلب موارد مالية يتعين البحث عن داعمين لها.
لمهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، ميزة فريدة بالمنطقة بتركيزه على الأعمال الأولى ولا سيما لصناع الأفلام العرب.
أعتقد أننا مهرجان متوسط الحجم، يركز على المضمون والمهنيين بعيداً عن السجادة الحمراء والهوس باستقطاب عروض عالمية أولى قبل سواه في المنطقة، وبرأيي، من أجمل ما كُتب عن مهرجاننا جاء بقلم أحد النقاد (سليم البيك في مجلة “رمان”) وهو أنه “يحمل الأفلام ولا تحمله هي، لا يتكئ عليها بل يدعم المخرجين.. المهرجان بذلك مؤسس لموجات من صناع الأفلام الشباب لا مسوق لنفسه”، ونحن سعداء جدا من وقع هذا المهرجان ومن ردود الفعل الإيجابية التي توالت من المشاركين فيه، من صناع أفلام ونقاد ومحكمين.
أعتقد أن مهرجان عمّان السينمائي، مع غيره من المهرجانات في المنطقة وعلى الرغم من اختلاف إمكانياتها، يسهم في إعادة الأفلام إلى ماهيتها الأساسية أي كونها نتاجا ثقافيا وصناعة تنبع من رحم المجتمع، هذا هو جوهر المهرجانات: دعم الأفلام وصانعيها بعيدا عن السباق التنافسي.
ـ داخل المهرجانات السينمائية يغيب النقد السينمائي، لا باعتباره وسيطاً بين الفيلم والمشاهد، وإنما كضرورة فكرية تحرر عملية تلقي الأفلام من طابعاً الترفيهي وتزج بها في عالم الفكر والمتخيل، ما مدى حرص ندى دوماني وباقي فريق عمل المهرجان على النقد السينمائي داخل فقرات المهرجان؟
نحرص في عروض الهيئة الملكية للأفلام وفي مهرجان عمّان السينمائي على إعطاء فسحة للنقاش بعد الفيلم، في غالبية الأحيان مع مخرج الفيلم أو منتجه أو أحد ممثليه الرئيسيين. وهذه الفسحة النقاشية مع الجمهور تثري العرض وتوضح معنى الفيلم وخيارات مخرجه وتتعدى أحياناً نطاق الفيلم بحد ذاته. نرحب بمداخلات أي ناقد أو أي مشاهد في هذا الإطار.
ـ كمديرة للمهرجان، كيف تنظرين إلى الفيلم الأردني الجديد، مقارنة بأفلام روائية ووثائقية أخرى أنتجت خلال الثمانينيات أو قبلها بقليل؟
الصناعة السينمائية في الأردن حديثة نوعاً ما، مع العلم أن ثمة تاريخاً وتراثاً في صناعة المسلسلات التلفزيونية منذ عقود والتي تعرض على مختلف الشاشات العربية.
بداية القرن الـ21 شهدت طفرة من صناع الأفلام الشباب الذين أخرجوا أفلاماً شاركت في مهرجانات عالمية ونالت جوائز، نذكر منها: “كابتن أبو رائد”، و”ذيب” الذي ترشح لجوائز الأوسكار و”3000 ليلة” و”لما ضحكت موناليزا” والفيلم الوثائقي “إعادة خلق” وغيرها.
ـ هل يمكن الحديث عن أي تحولات فنية للفيلم الأردني، خاصة وأن حضوره قليل داخل المهرجانات العربية، مقارنة بالفيلم المصري أو الفلسطيني مثلاً؟
ما يزال حضور الفيلم الأردني ضعيفاً نسبياً مقارنة مع الفيلم المصري أو الفلسطيني أو المغربي، إذ لم نصل بعد إلى نفس الغزارة في الإنتاج، لكن اللافت أنه تم إنتاج 3 أفلام أردنية في العام الماضي تجول حالياً بالمهرجانات العالمية: فيلم “الحارة” للمخرج باسل غندور و”فرحة” لدارين سلام و”بنات عبد الرحمن” لزيد أبو حمدان، إضافة إلى أفلام من إنتاج مشترك مع الأردن كفيلم “200 متر” لأمين نايفة و”أميرة” لمحمد دياب، جميعها أفلام ذات جودة عالية.
ـ كيف تعملون داخل الهيئة على دعم المنجز السينمائي الأردني، هل ثمة منح لكتابة سيناريوهات وإنتاج أفلام وعرضها داخل مهرجانات عالمية، أو أنه مرتبط فقط بالأفلام الفائزة بالجوائز؟
لقد استحدثنا “صندوق الأردن لدعم الأفلام” قبل 6 سنوات والعديد من الأفلام المدعومة منه لقيت استحساناً واسعاً في مهرجانات مرموقة، آخرها الفيلم القصير “تالافيزيون” لمراد أبو عيشة الذي فاز الأسبوع الماضي بجائزة أفضل فيلم روائي في جوائز الأوسكار للطلبة.
نركز كثيراً في برامجنا التدريبية على كتابة السيناريو، وهنا لا بد أن نذكر برنامجين إقليميين مميزين: “راوي” للأفلام الروائية الطويلة الأولى أو الثانية و”مسلسلات” لتطوير نصوص المسلسلات التلفزيونية، والاثنان يرحبان بمشاركين أردنيين وعرب. وكما ذكرت، نحن معنيون أساساً بصقل المهارات الناشئة وتطوير المشاريع منذ بدايتها.
عمّان ـ «سينماتوغراف»: أشرف الحساني
لعبت الإعلامية ندى دوماني، دوراً كبيراً في صناعة الشأن السينمائي داخل الأردن، فالتعدد الفني الذي طبع مسارها العملي، جعلها من الأسماء النسوية الأكثر تأثيراً في خصوصية السينما العربية.
وبالرغم من دراستها للعلوم السياسية، فإن اشتغالها في مجال الصحافة بسويسرا قادها إلى الالتحام بجوهر الأعمال الميدانية وتتبع سير ومصائر الناس داخل العالم العربي، إلا أن بروز اسم ندى دوماني داخل العالم العربي، كان انطلاقاً من المختبر السينمائي الأردني وقدرتها على إبراز تجارب سينمائية واعدة والتعريف بها والعناية بما تقدمه من جماليات.
مع العلم أن عشقها للسينما يعود أساساً إلى الطفولة، والذي كان له تأثير بالغ ونوعي على معطيات واقع عملها كمديرة قسم الإعلام والثقافة في “الهيئة الملكية الأردنية للأفلام” وإنجاح عروض أفلام ومهرجانات وفقرات ودعم سيناريوهات قادرة على التأثير بخصوصيتها في المشهد السينمائي الأردني.
عن سيرتها الحياتية وعلاقتها بالسينما وملامح التجديد السينمائي داخل المشهد الأردني، كان هذا الحوار الخاص معها:
ـ لم يقتصر عملك كمنظمة سينمائية، بل اشتغلت مدة طويلة في الإعلام العربي بالخارج، هذا فضلاً عن تجربة الفيلم الوثائقي “رحلة المكان”، كيف تعيشين هذا التعدد والغنى في ذاتك؟
بالفعل مسيرتي المهنية والمعيشية كانت متنوعة للغاية، إذ عملت كصحفية في سويسرا (في الإذاعة السويسرية الدولية وفي صحف محلية) ومن ثم كناطقة إعلامية لمنظمة إنسانية دولية (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) قبل أن أتحول إلى العمل في المجال السينمائي في الأردن، كما أنني تنقلت بحكم عملي وعشت في بلدان مختلفة في أوروبا وأفريقيا والعالم العربي.
أعتقد أن هذا التنوع يغنيني ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن يعطيني على ما أعتقد نظرة أكثر شمولية وانفتاحا على ثقافات متعددة مع الحفاظ على مبادئ راسخة اكتسبتها في وظائفي المختلفة والتي تبدو متباعدة.
لكنّ ثمة خطوطاً تربط بينها على الرغم من اختلافها: جميعها كانت مرتبطة بالإعلام وبالتواصل مع الجمهور ونقل “الرسائل”، وطالما كان لدي اهتمام خاص بالشأن الثقافي، ولا سيما السينما التي أحببتها منذ طفولتي في لبنان، ويُخيّل إليّ أحيانا وكأنني عشت أكثر من حياة في عوالم مختلفة وأنني في النهاية خلاصة طبقات متراكمة، غير مرتبطة بمكان أو بيئة معينة، غير أنها متجذرة بهويتي العربية مع كل تناقضاتها.
ـ ما الدوافع الخفية الفنية والجمالية التي قادتك إلى الغوص في هذا الفيلم وفي السينما العربية ككل، بالنظر إلى دراستك الأكاديمية في العلوم السياسية؟
درست العلوم السياسية بهدف العمل في مجال الصحافة، وفي أثناء عملي بالإذاعة السويسرية كنت أركز على العالم العربي، بمختلف نواحيه بما فيها الثقافية، ثم تحولت من ناقل الخبر إلى صانعه، من خلال العمل على أرض الواقع في أماكن الصراعات.
وهنا أدركت أن الفن وسيلة قوية لإيصال رسائل مهمة وبحرية أكبر من العمل المؤسساتي، فيلمي الوثائقي القصير “رحلة المكان” جاء نتيجة تجربة عملي في المجال الإنساني في العراق، ومعرفتي بفنانين مميزين في بغداد، وهو بالواقع تجربة فنية متواضعة، أردته تحية للثقافة العريقة في العراق من خلال 4 شخصيات انهزمت في بلدها إثر الاحتلال الأميركي: هم النحات العظيم محمد غني حكمت، والرسام الكبير باسل محمد، والسيدتان أمل الخضيري وميسون الموسوي. رحلوا من بلدهم لكنهم أخذوه معهم على غرار العديد من المهاجرين.
إخراج هذا الفيلم القصير واهتمامي الدائم بالسينما دفعاني إلى التحول كلياً إلى مجال السينما، الذي يجمع بين فنون مختلفة، ويبقى اهتمامي الأكبر بالأفلام الروائية “الثقيلة” كما يقال والوثائقية، أكثر من الأفلام الترفيهية التجارية، انطلاقاً من قناعتي أن النقاش الذي تثيره يسهم في إحداث التغيير المجتمعي وحتى الفكري الذي نصبو إليه في منطقتنا وفي إسماع صوتنا عبر سرد قصصنا للعالم.
ـ نادراً ما يتم التركيز إعلامياً على الجهود الكبيرة المبذولة لإنجاح الفقرات والتظاهرات السينمائية، على أساس أنها تدخل ضمن مشروع الصناعة السينمائية. حتى الآن، كيف تم تلقي عروض أفلام مهرجان عمّان السينمائي الدولي، وما المكانة التي أضحى يحتلها داخل المهرجانات السينمائية العربية اليوم؟
بالفعل أي مهرجان أو فعالية كبيرة تتطلب جهوداً مضنية على مدى أشهر، قد لا يدركها المشارك أو المشاهد، فبالإضافة إلى برمجة الأفلام واختيار المشاريع لمنصات التسويق، ثمة جهود شاقة وأوقات طويلة لترتيب الأمور اللوجستية بما فيها استضافة المدعوين والتأكد من كافة التفاصيل، وكل ذلك يتطلب موارد مالية يتعين البحث عن داعمين لها.
لمهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، ميزة فريدة بالمنطقة بتركيزه على الأعمال الأولى ولا سيما لصناع الأفلام العرب.
أعتقد أننا مهرجان متوسط الحجم، يركز على المضمون والمهنيين بعيداً عن السجادة الحمراء والهوس باستقطاب عروض عالمية أولى قبل سواه في المنطقة، وبرأيي، من أجمل ما كُتب عن مهرجاننا جاء بقلم أحد النقاد (سليم البيك في مجلة “رمان”) وهو أنه “يحمل الأفلام ولا تحمله هي، لا يتكئ عليها بل يدعم المخرجين.. المهرجان بذلك مؤسس لموجات من صناع الأفلام الشباب لا مسوق لنفسه”، ونحن سعداء جدا من وقع هذا المهرجان ومن ردود الفعل الإيجابية التي توالت من المشاركين فيه، من صناع أفلام ونقاد ومحكمين.
أعتقد أن مهرجان عمّان السينمائي، مع غيره من المهرجانات في المنطقة وعلى الرغم من اختلاف إمكانياتها، يسهم في إعادة الأفلام إلى ماهيتها الأساسية أي كونها نتاجا ثقافيا وصناعة تنبع من رحم المجتمع، هذا هو جوهر المهرجانات: دعم الأفلام وصانعيها بعيدا عن السباق التنافسي.
ـ داخل المهرجانات السينمائية يغيب النقد السينمائي، لا باعتباره وسيطاً بين الفيلم والمشاهد، وإنما كضرورة فكرية تحرر عملية تلقي الأفلام من طابعاً الترفيهي وتزج بها في عالم الفكر والمتخيل، ما مدى حرص ندى دوماني وباقي فريق عمل المهرجان على النقد السينمائي داخل فقرات المهرجان؟
نحرص في عروض الهيئة الملكية للأفلام وفي مهرجان عمّان السينمائي على إعطاء فسحة للنقاش بعد الفيلم، في غالبية الأحيان مع مخرج الفيلم أو منتجه أو أحد ممثليه الرئيسيين. وهذه الفسحة النقاشية مع الجمهور تثري العرض وتوضح معنى الفيلم وخيارات مخرجه وتتعدى أحياناً نطاق الفيلم بحد ذاته. نرحب بمداخلات أي ناقد أو أي مشاهد في هذا الإطار.
ـ كمديرة للمهرجان، كيف تنظرين إلى الفيلم الأردني الجديد، مقارنة بأفلام روائية ووثائقية أخرى أنتجت خلال الثمانينيات أو قبلها بقليل؟
الصناعة السينمائية في الأردن حديثة نوعاً ما، مع العلم أن ثمة تاريخاً وتراثاً في صناعة المسلسلات التلفزيونية منذ عقود والتي تعرض على مختلف الشاشات العربية.
بداية القرن الـ21 شهدت طفرة من صناع الأفلام الشباب الذين أخرجوا أفلاماً شاركت في مهرجانات عالمية ونالت جوائز، نذكر منها: “كابتن أبو رائد”، و”ذيب” الذي ترشح لجوائز الأوسكار و”3000 ليلة” و”لما ضحكت موناليزا” والفيلم الوثائقي “إعادة خلق” وغيرها.
ـ هل يمكن الحديث عن أي تحولات فنية للفيلم الأردني، خاصة وأن حضوره قليل داخل المهرجانات العربية، مقارنة بالفيلم المصري أو الفلسطيني مثلاً؟
ما يزال حضور الفيلم الأردني ضعيفاً نسبياً مقارنة مع الفيلم المصري أو الفلسطيني أو المغربي، إذ لم نصل بعد إلى نفس الغزارة في الإنتاج، لكن اللافت أنه تم إنتاج 3 أفلام أردنية في العام الماضي تجول حالياً بالمهرجانات العالمية: فيلم “الحارة” للمخرج باسل غندور و”فرحة” لدارين سلام و”بنات عبد الرحمن” لزيد أبو حمدان، إضافة إلى أفلام من إنتاج مشترك مع الأردن كفيلم “200 متر” لأمين نايفة و”أميرة” لمحمد دياب، جميعها أفلام ذات جودة عالية.
ـ كيف تعملون داخل الهيئة على دعم المنجز السينمائي الأردني، هل ثمة منح لكتابة سيناريوهات وإنتاج أفلام وعرضها داخل مهرجانات عالمية، أو أنه مرتبط فقط بالأفلام الفائزة بالجوائز؟
لقد استحدثنا “صندوق الأردن لدعم الأفلام” قبل 6 سنوات والعديد من الأفلام المدعومة منه لقيت استحساناً واسعاً في مهرجانات مرموقة، آخرها الفيلم القصير “تالافيزيون” لمراد أبو عيشة الذي فاز الأسبوع الماضي بجائزة أفضل فيلم روائي في جوائز الأوسكار للطلبة.
نركز كثيراً في برامجنا التدريبية على كتابة السيناريو، وهنا لا بد أن نذكر برنامجين إقليميين مميزين: “راوي” للأفلام الروائية الطويلة الأولى أو الثانية و”مسلسلات” لتطوير نصوص المسلسلات التلفزيونية، والاثنان يرحبان بمشاركين أردنيين وعرب. وكما ذكرت، نحن معنيون أساساً بصقل المهارات الناشئة وتطوير المشاريع منذ بدايتها.