نظرة تحليلية حول ظاهرة كونية (اصطدام كويكب بالأرض)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرة تحليلية حول ظاهرة كونية (اصطدام كويكب بالأرض)

    نظرة تحليلية حول ظاهرة كونية (اصطدام كويكب بالأرض)
    .

    لا يمكن اعتبار هذا الحدث من الأحداث العظيمة في الكون لأن الأرض لا تساوي مثقال ذرة أمام شساعته . يمكن أن يشاهد حدوثه وقت الإصطدام من طرف ملاحظ على سطح القمر من الجهة المقابلة للأرض . لكن لا يمكن مشاهدته بالعين المجردة من قبل ملاحظ متواجد على أي كوكب آخر من المجموعة الشمسية التي تعتبر أقرب أجزاء الكون إلى الأرض دون ذكر النجوم و المجرات و الثقوب السوداء المتواجدة في الكون في فضاء شاسع يمثل الفراغ أكثر من 90 % من حجمه. و بالتالي فإنه حدث تكاد تكون شدته معدومة و لا يؤثر على الكون في شيء لا من ناحية المظهر و لا من ناحية الجوهر .
    قد يبدو هذا الحدث عظيما في تاريخ الأرض غير أنه ليس أعظمها . فهو من ناحية الحجم لا يمثل شيئا بالنسبة للحدث الذي تمثل حسب العلماء في اصطدام يكون قد حدث بين الأرض في زمن مبكر من نشأتها و بين كوكب بحجم المريخ أطلق عليه اسم " ثيا " . و يكون حسبهم تسبب في تكوين القمر من الغبار المتناثر في محيطها القريب جراء هذا الإصطدام و الذي يكون بعد ذلك تجمع في كتلة واحدة بقيت تبتعد عن الأرض مع الدوران حولها إلى الآن حيث يرصد العلماء ابتعادا للقمر عن الأرض في الزمن الراهن يقدر بحوالي 4 سنتمترات في السنة . و قد يبدو هذا الإبتعاد ضئيلا جدا لكنه على مر مليارات السنين ينتج مسافة تعد بمئات الآلاف من الكيلومترات كما هي الآن المسافة بين الأرض و قمرها الطبيعي الأوحد . و لحسن حظ الكائنات الحية أنها لم تكن موجودة آنذاك لتنقرض جراء هذا الإصطدام . غير أن الإصطدام بنيازك أو كويكبات ليس سببا وحيدا لانقراض الكائنات الحية . بل هناك أسباب أخرى - منها ما هو معلوم و منها ما هو مجهول - تعتبر أكثر تأثيرا من الإصطدام على هذه الظاهرة . فقد عرفت الأرض مراحل من تاريخها انقرض فيها أكثر من 90 % من الأنواع الموجودة عليها في وقت قصير .
    و لا شك أن اصطدامات بهذه الشدة ستحدث مستقبلا ليس مرة واحدة و لكن مرات عديدة كما حدث في الماضي . و هذا ما يجعل منها ظاهرة عادية بالنسبة للأرض و لكواكب المجموعة الشمسية حسب كتلة ( جاذبية) كل واحد منها و موقعه بالنسبة لحزام الكويكبات الذي يتحرك في مدار حول الشمس بين المريخ و المشتري . و لا شك أن قمري المريخ ( ديموس و فوبوس) كانا قبل ذلك من هذه الكويكبات ثم دخلا إلى مجال جاذبية هذا الكوكب . و بدل أن بسقطا عليها كما فعل الكويكب الذي سقط على الأرض بقي يدوران حوله كما يفعل القمر حولها.
    و لا أدري كيف سيكون تأثير هذه الإصطدامات المحتملة الوقوع بصفة مؤكدة على مصير الأنواع الحية عامة و على مصير النوع البشري خاصة إذا لم يكن قد انقرض قبل ذلك لأسباب أخرى قد يساهم فيها هو بنفسه دون أن ينتظر اصطدام الأرض بأحد الكويكبات الذي سيلتقي مساره بمسار الأرض في يوم من الأيام .
    أما النيازك العادية و التي هي صخور صغيرة الحجم نسبيا فإن سقوطها على الأرض لا يؤثر كثيرا عليها إذ أن أغلبها يشتعل بسبب الإحتكاك في الغلاف الجوي و يتفتت منقسما إلى أحجار صغيرة الحجم ضعيفة المفعول . و ما يمكن أن يحدث منها ضررا بالنسبة للحياة يسقط معظمها في المحيطات لكون مساحة الأرض مغطاة بالمياه بنسبة ثلاثة أرباع منها .
    و مما سبق نستنتج أن هذا الحدث ( اصطدام الأرض بكويكب من هذه الكويكبات) يستمد عظمته الظاهرية من ضآلة حجم الإنسان بالمقارنة مع حجم هذه الأجسام و من قصر عمره مقارنة بالمدة التي تفصل بين لحظتي وقوع حدثين من هذا النوع . و قد تجد بعض القوارض التي اتخذت من مبنى مهجور موطنا لها منذ أجيال أن قيام صاحب المبنى بهدمه قصد إعادة تشييده من جديد هو حدث عظيم يؤثر على مصيرها بالرغم من أن هذا الحدث في نظر صاحب المبنى أمر معتاد لا يبعث على الدهشة أو القلق الذين قد تحس بهما هذه القوارض أو غيرها من الأحياء الأخرى .

    بقلم ✏️/ بلقاسم مسعودي .
يعمل...
X