سوفت بوكس
في مطار أمستردام
سلافة سعد الفريح
الانتظار! من منا يحب الانتظار؟ وكم منا يجيد الاحتيال على وقته الطويل عند انتظار الدخول على الطبيب، أو انتظار شخص في السيارة، أو في زحمة السير، أو رحلة في المطار.. إلخ. وفي مطار امستردام طال الانتظار وأصبح الوقت متاحا لممارسة العديد من الهوايات أهمها القراءة والتسوق والتأمل والتصوير. الجميل أني رأيت أصدقائي اليابانيين يحملون كاميراتهم ويصورون بكل حرية فعرفت أن التصوير مسموح داخل المطار ولكن من إرهاق السفر آثرت أن أصور بكاميرتي الذاتية التي أهداني إياها الخالق عز وجل. وطال التأمل في كل ما هو حولي فرحت أتأمل الخطوط والمنحنيات والزوايا واللوحات الإعلانية والمحلات التجارية ووجوه العباد.
أكثر ما شدني التباين الفريد بين أصناف البشر من أنحاء العالم، وأكثر ما رغبت بتصويره هو لحظات الوداع والاستقبال في المطار!. كم هو مثير تأمل مشاعر الناس وانفعالاتهم العاطفية المرسومة على وجوههم، نظرات لهفة وترقب، ابتسامات ممزوجة بالدموع، قبلات دافئة، وعناق بعد طول فراق. مشاهد ولقطات حميمة ومؤثرة التقطتها عيني بعدستي الطبيعية "زووم ووايد وماكرو" وطبعتها في ذاكرتي. أزواج وزوجات، أبناء وعائلات، أصدقاء وأحباب يستقبلون بعضهم بباقات الورود الهولندية؛ احتضنوها فسبق شذاها العيون قبل وصولها الأيدي، مشاعر فياضة تناثرت في جنبات المطار وأنا أتأمل وأخزن الصور ولا أحد يأبه أو يلتفت لأحد "سواي"!.
وباستطراد الفكر والإحساس طافت بي خيالاتي فاسترجعت مشاهد الاستقبال والتوديع لشعبنا الحنون والعاطفي جدا في مطاراتنا؛ فلم أجد من العائلات من يستقبل بباقات الورود أو الأحضان والقبلات إلا ما ندر! وإذا أرادت إحدانا استقبال زوجها أو أبيها أو أخيها أو ابنها الغائب مند زمن بباقة ورد أكلتها عيون الناس، وإذا سبقتها العاطفة لاحتضانه أو تقبيل رأسه ووجنته نهشتها نظرات المتطفلين، ناهيك عن عبارة "في البيت.. في البيت" التي تكبح لحظة انفجار العاطفة. وعند التوديع كذلك بل ربما تكون اللحظات أصعب وأقسى.
التعبير عن المشاعر من أجمل الجسور التي توصلنا بمن نحب وتحريرها الطبيعي يعيد التوازن النفسي والاستقرار العاطفي الذي نحتاجه جميعا طالما أنه ليس هناك ما يخجل أو ما يعيب. وكبتها يخالف الفطرة البشرية أما الذين يعانون من ضمور المشاعر، وخشونة الإحساس، وشلل الوجدان؛ لا يشعرون بقيمة تلك اللمسات وأهميتها. أنا لا أدعو للانفلات العاطفي وإنما أدعو لتحرير المشاعر داخل أنفسنا أولا وفي علاقاتنا مع والدينا وأهلنا وأصدقائنا ومن نحب. ومن ترسخت عندهم ثقافة كبت المشاعر في ظل العيب الممجوج؛ يتفننون في كبت مشاعر من حولهم مما يدعوها للانفجار يوما ما كالسيل الهادر إن لم يجد مصارف آمنة تسير به إلى حيث مكانه الطبيعي في السدود أو البحر أما حبسه أو الوقوف في وجهه فهو الهلاك المدمر! حرروا مشاعركم لتصبح الصورة أجمل.
في مطار أمستردام
سلافة سعد الفريح
الانتظار! من منا يحب الانتظار؟ وكم منا يجيد الاحتيال على وقته الطويل عند انتظار الدخول على الطبيب، أو انتظار شخص في السيارة، أو في زحمة السير، أو رحلة في المطار.. إلخ. وفي مطار امستردام طال الانتظار وأصبح الوقت متاحا لممارسة العديد من الهوايات أهمها القراءة والتسوق والتأمل والتصوير. الجميل أني رأيت أصدقائي اليابانيين يحملون كاميراتهم ويصورون بكل حرية فعرفت أن التصوير مسموح داخل المطار ولكن من إرهاق السفر آثرت أن أصور بكاميرتي الذاتية التي أهداني إياها الخالق عز وجل. وطال التأمل في كل ما هو حولي فرحت أتأمل الخطوط والمنحنيات والزوايا واللوحات الإعلانية والمحلات التجارية ووجوه العباد.
أكثر ما شدني التباين الفريد بين أصناف البشر من أنحاء العالم، وأكثر ما رغبت بتصويره هو لحظات الوداع والاستقبال في المطار!. كم هو مثير تأمل مشاعر الناس وانفعالاتهم العاطفية المرسومة على وجوههم، نظرات لهفة وترقب، ابتسامات ممزوجة بالدموع، قبلات دافئة، وعناق بعد طول فراق. مشاهد ولقطات حميمة ومؤثرة التقطتها عيني بعدستي الطبيعية "زووم ووايد وماكرو" وطبعتها في ذاكرتي. أزواج وزوجات، أبناء وعائلات، أصدقاء وأحباب يستقبلون بعضهم بباقات الورود الهولندية؛ احتضنوها فسبق شذاها العيون قبل وصولها الأيدي، مشاعر فياضة تناثرت في جنبات المطار وأنا أتأمل وأخزن الصور ولا أحد يأبه أو يلتفت لأحد "سواي"!.
وباستطراد الفكر والإحساس طافت بي خيالاتي فاسترجعت مشاهد الاستقبال والتوديع لشعبنا الحنون والعاطفي جدا في مطاراتنا؛ فلم أجد من العائلات من يستقبل بباقات الورود أو الأحضان والقبلات إلا ما ندر! وإذا أرادت إحدانا استقبال زوجها أو أبيها أو أخيها أو ابنها الغائب مند زمن بباقة ورد أكلتها عيون الناس، وإذا سبقتها العاطفة لاحتضانه أو تقبيل رأسه ووجنته نهشتها نظرات المتطفلين، ناهيك عن عبارة "في البيت.. في البيت" التي تكبح لحظة انفجار العاطفة. وعند التوديع كذلك بل ربما تكون اللحظات أصعب وأقسى.
التعبير عن المشاعر من أجمل الجسور التي توصلنا بمن نحب وتحريرها الطبيعي يعيد التوازن النفسي والاستقرار العاطفي الذي نحتاجه جميعا طالما أنه ليس هناك ما يخجل أو ما يعيب. وكبتها يخالف الفطرة البشرية أما الذين يعانون من ضمور المشاعر، وخشونة الإحساس، وشلل الوجدان؛ لا يشعرون بقيمة تلك اللمسات وأهميتها. أنا لا أدعو للانفلات العاطفي وإنما أدعو لتحرير المشاعر داخل أنفسنا أولا وفي علاقاتنا مع والدينا وأهلنا وأصدقائنا ومن نحب. ومن ترسخت عندهم ثقافة كبت المشاعر في ظل العيب الممجوج؛ يتفننون في كبت مشاعر من حولهم مما يدعوها للانفجار يوما ما كالسيل الهادر إن لم يجد مصارف آمنة تسير به إلى حيث مكانه الطبيعي في السدود أو البحر أما حبسه أو الوقوف في وجهه فهو الهلاك المدمر! حرروا مشاعركم لتصبح الصورة أجمل.