اليونسكو والإمارات تواصلان رد الروح التاريخية إلى الموصل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اليونسكو والإمارات تواصلان رد الروح التاريخية إلى الموصل


    اليونسكو والإمارات تواصلان رد الروح التاريخية إلى الموص


    محمد الحمامصي

    تنهض مدينة الموصل العراقية العريقة من مخلفات الركام التي تركها تنظيم داعش من خلال عمليات ترميم حثيثة لاستعادة روح المدينة الثقافية والتراثية والتي يميزها التسامح والتعايش، إذ يعمل فريق من العمال والمختصين على إعادة بناء مواقع أثرية ومنازل ومحلات قديمة ومعالم تاريخية لتجديدها وترميمها ضمن برنامج لليونسكو بدعم إماراتي – أوروبي.


    بعد مرور عام على إزالة أعلام تنظيم داعش السوداء من سماء مدينة الموصل العراقية، قدمت المديرة العامة لليونسكو أوري أزولاي خلال المؤتمر الدولي لإعمار العراق عام 2018 اقتراحا بأن تتخذ اليونسكو مبادرة طموحة لمساعدة مدينة الموصل في النهوض من الرماد والمساهمة في “إحياء روح الموصل”، وتقوم هذه المبادرة على ثلاث ركائز أساسية هي: التراث والحياة الثقافية والتربية والتعليم، باعتبارها محرّكات أساسية لتحقيق التعافي في الموصل.
    وبعد إنجاز الأعمال التحضيرية المكثفة التي شملت التوثيق وإزالة الألغام، وتنظيف الموقع وإخلاءه من الأنقاض مع تنظيف الأحجار ذات القيمة التاريخية وتخزينها من أجل إعادة استخدامها، وتدعيم البنية وإجراء دراسات استقصائية والتشاور مع الجمهور، ودراسة الميدان واختبارات التربة، وإجراء تنقيبات أثرية، وإعداد تصاميم تنفيذية، يجري العمل الآن على إعادة بناء المعالم البارزة في المدينة القديمة.
    روح الموصل

    إعادة بناء المعالم الأثرية والمباني تعني إعادة إحياء المدينة وتمكين السكان من استعادة تاريخهم وتنوعهم الثقافي


    اليوم بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لتحرير الموصل من نير الإرهاب، تقوم اليونسكو مع شريكتها الرئيسية الإمارات العربية المتحدة بعرض صور تصاميم جامع النوري والمئذنة الحدباء اللذين يُعاد بناؤهما حالياً كما كانا في سابق عهدهما.
    وتقول أوري أزولاي “ما فتئنا منذ عام 2018 ننفذ هذا المشروع الطموح بدعم من دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي وجميع شركائنا، حيث جرى بالفعل جمع أكثر من 105 ملايين دولار أميركي بفضل دعم الشركاء البالغ عددهم 15”.
    ولا يقتصر المشروع على إعادة بناء المدينة وإعادة تأهيل تراثها التاريخي فحسب، بل يشمل أيضا إعادة فتح المدارس والجامعات وإحياء الحياة الثقافية والفكرية لمدينة الموصل التي لم تعد عاصمة ثقافية عريقة، إذ لم يكن من الممكن لمدينة الألف عام هذه التي دمرها العنف والاحتلال، إلا أن تسترجع منظرها العام ومعالمها الأثرية. وقد استهلت الأعمال التحضيرية القيمة والمعقدة للمشروع، والتي أسفرت عن اكتشاف كنز أثري يتمثل في عدة قاعات صلاة من القرن الثاني عشر تحت مبنى جامع النوري، أيضا استهلت للتو عملية بناء المواقع الرمزية للمنارة الحدباء وكنيسة سيدة الساعة وكنيسة الطاهرة.
    وتتابع أوري أزولاي “نواصل في الوقت نفسه إحراز تقدم كبير في إعادة بناء أكثر من 124 منزلاً تاريخيا في الموصل، وقد عادت سبعون عائلة فعلا للعيش في المدينة القديمة وعادت جلجلة الأطفال تملأ الشوارع مجددا. فإعادة بناء هذه المعالم الأثرية وهذه المباني تعني إعادة إحياء المدينة بذاتها، وتمكين السكان من استعادة تاريخهم العريق الزاخر بالتنوع الثقافي والديني النير. وتتناول مساعينا في إطار هذه المبادرة إحياء الحياة الثقافية أيضا بغية تمكين المدينة من تجديد عهدها بالغناء والرقص والقراءة والتعبير الحر عن الذات. ويمثل إنشاء قسم للسينما في جامعة الموصل بادرة من البوادر الرمزية لهذه النهضة”.
    الموصل مدينة التنوع الثقافيوتوضح “نسعى أيضا لتسخير القدرة الكامنة في التعليم لتضميد جراح الحرب، حيث قمنا بإعادة تأهيل المدارس بالمدينة باعتبارها أماكن نتعلم فيها العيش المشترك، ونمد الآن يد العون إلى خمسين ألف طالب وألف وخمسمئة معلم ومرب وولي أمر من أجل نقل قيم الانفتاح والاحترام التي تعد الأسس التي يرتكز عليها بناء المستقبل السلمي”.
    وتؤكد أزولاي أن رد الروح للموصل يشكل إحياء لروح الحوار والنقاش التي تميز المدينة الواقعة عند ملتقى الحضارات، من هنا السعي لإنعاش الحياة الثقافية من خلال دعم طيف من الأنشطة المتنوعة، مثل تأسيس قسم للأفلام في جامعة الموصل وتنظيم جملة من المهرجانات. وللتربية والتعليم حصة في الجهود التي تبذلها اليونسكو، وذلك من خلال برنامج رئيس يُعنى بدرء التطرف.
    إعادة إعمار

    صور التصاميم تشمل جامع النوري والمئذنة الحدباء كما سيبدوان في عام 2024 بعد استكمال أعمال إعادة البناء، حيث سيُعاد المصلَّى والمئذنة إلى سابق عهدهما لتقام فيهما الصلوات ويكونان معلمَين بارزَين بالنسبة إلى مجمل سكان المدينة، وستُدخَل تحسينات على المباني الوظيفية لكي تلبي احتياجات السلطات الدينية والمؤمنين.
    وأعدَّت صور التصاميم شركة “إي.دي.دي للعمارة” التي فازت بالمسابقة المعمارية الدولية التي أُجريت بالشراكة مع جامعة الموصل بغرض اختيار تصميم لإعادة بناء جامع النوري. وجاءت التصاميم نتيجة مشاورة موسعة مع أهل الموصل والجهات المعنية المحلية والوطنية، ضمَّت مسؤولين حكوميين وأساتذة جامعيين ومؤرخين ومفكرين، وقد توزع العمل على ثلاث مراحل: أولا إجراء دراسة استقصائية وحلقات عمل تشاورية في بداية المشروع؛ وثانيا إعداد صور التصاميم الأولية وعرضها للمناقشة في عام 2021. وثالثا الآن إعداد صور التصاميم النهائية التي تضمُّ التعديلات المطلوب إجراؤها.
    مشروع طموح لحماية التراثويظهر في هذه الصور أنَّه سيعاد بناء الجامع والمئذنة باستخدام أكبر قدر ممكن من المواد التقليدية، وبإعادة استخدام العناصر التراثية التي عُثر عليها في الأنقاض. ويتضمّن التصميم أيضا الاكتشاف الأثريّ الذي كشف في مطلع العام 2022 عن قاعة الصلاة التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر، وسيدخل الزوار إلى أطلال القاعة من مدخل خارجيّ لا يعكر صفو الشعائر الدينية داخل الجامع.
    وافتتحت اليونسكو بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لتحرير الموصل معرضاً في الهواء الطلق لتجسيد الإنجازات التي حققتها مبادرتها “إحياء روح الموصل”، والتي تتمثّل في إعادة إعمار معالم التراث، وإعادة إعمار منازل سكنية أثرية، وإنعاش الحياة الثقافية، والنهوض بقطاع التعليم. ويقدّم هذا المعرض فرصة لتبادل المعلومات عمّا أحرزه جميع أهالي الموصل من تقدّم نحو إعادة إعمار تراثهم، والاحتفاء بهذا الإنجاز العظيم. وسيستمر المعرض في رحاب مجمع جامع النوري حتى شهر سبتمبر، ثم سيُنقل إلى حرم جامعة الموصل، وسيُقام في جملة من المناطق الأخرى أيضاً.











    انشر
    WhatsApp
    Twitter
    Facebook
يعمل...
X