ينادون بالمجتمع الجديد ويرفضون الزواج من الطوائف الأخرى!
شام قطريب
فصام كبير يحكم حياة المجتمع السوري، فهو يقول غير ما يفعل، ويمارس في الخفاء ما يحاربه في العلن. يبرر إذا اقتضت المنفعة الشخصية، ويرفض إذا صدرت فتوى بالأمر. حتى على صعيد النخب الثقافية والسياسية، فإن المسألة تبدو غير محسومة تمامًا، لأن الغالبية تفضل مسايرة ذهنية “القطيع” الذي سيحاسِب ويقاطع ويقتل في بعض الأحيان، إذا أحس أن البنية المتخلفة قد تم تهديدها بالتمرد والخرود وشق عصا الطاعة!
المجتمع السوري في كياناته السياسية المتعددة يعاني من عدم وجود قانون زواج مدني، والمشكلة أن جميع الطوائف تحارب وترفض وجود هذا القانون. الأكثريات تخشى من تحولها إلى أقليات بسبب الزواج من الغير. والأقليات يرعبها التلاشي في الأكثريات التي يمكن أن تبتلعها إذا ما أصبح الزواج المدني أمرًا مشروعًا. ورغم أن هناك الكثير من الحالات التي تجاوزت هذه العقبة ولجأت إلى اتخاذ قرار الزواج بالتحايل على القانون بطريقة أو بأخرى، إلا أنها بقيت حالات فردية نجحت في بناء الأسرة مرات وفشلت مرات أخرى، لكنها عندما فشلت، أخذها المناهضون لهذا القانون كعبرة ودليل على صحة معاداتهم لقانون الزواج المدني الذي يزيل أهم الحواجز بين الطوائف!
للأمانة التاريخية، فإن أبرز من تجاوز هذه العقبات في المجتمع هم القوميون الاجتماعيون عبر حالات زواج كثيرة حصلت بين الرفقاء من الطوائف المتعددة التي لم تألف هكذا خطوات في السابق. ونستطيع أن نذكر كثيرًا من الحالات التي أسس فيها القوميون أسرًا ناجحة كانت مثالاً على صوابية نظرة الفكر القومي إلى الوحدة الاجتماعية. أهمية هذه الحالات أنها تنطلق من رؤية فكرية معرفية عميقة، وبالتالي فهي ليست ارتجالية متسرعة، كما أنها غير محكومة فقط بالحب الذي ينشأ بين الشاب والفتاة أو الرفيق والرفيقة، بل هي مستندة إلى رؤية جديدة للحياة والكون والفن، قدمها الفكر القومي الاجتماعي.
صحيح أن بعض هذه العلاقات لم تنجح كعلاقات زوجية، وتلك كانت مسألة طبيعية لا علاقة لها بالزواج من طائفة أخرى، لكنها أُخذت مثالاً للأسف لدى المعارضين لهذا النوع من الزواج الموحد للمجتمع.
استعرضنا بعض آراء القوميين الاجتماعيين، فكان البعض يرى أن تطبيق الزواج المدني لا يمكن أن يتم قبل انتصار الدولة القومية التي ستجدد القوانين وفق الرؤية الصحيحة للفكر، أما إذا طبقت الآن فإن العقبات أمامها كبيرة جدًا بسبب التمايزات الكثيرة بين الطوائف من الناحية المعيشية والثقافية وغير ذلك. لكن قوميين آخرين قالوا إن مبدأ الوحدة الاجتماعية غير محكوم بشروط للتطبيق، فهو مبدأ لا يمكن الحياد عنه أو تأجيله حتى تنتصر الدولة القومية. فكيف ستنتصر الدولة إذا لم نعمل لانتصارها وبقينا ننتظر هذا الانتصار فقط؟
في تقرير مصور لمحطة “بي بي سي” تحدثت عن الزواج القومي الاجتماعي، بعد أن أفردت مساحة للحديث عن زواج اليهود والمسيحيين والمحمديين، وحاولت التندر على ما قامت به بعض الفروع الحزبية عندما درجت على إحياء الزواج القومي الاجتماعي من قبل منفذ عام المنطقة وافتتاحه واختتامه بتحية سوريا وسعاده. سخرية “بي بي سي” مفهومة الدوافع، وقد أوردت تعليقات لمغردين تؤيد سخريتها واكتفت بتعليق واحد يؤيد هذا الزواج.
على صعيد قيادات القوميين الاجتماعيين، تردّت الأمور كثيرًا وبات نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يختلفون عن نواب الكتل الأخرى، فهم في الغالب موظفون يكتفون بحضور الاجتماعات ولا يقدمون مشاريع حقيقية تمس حياة الشعب بل إنهم يتورطون في اتخاذ مواقف لا تمتّ إلى الفكر القومي بصلة، وكان آخرها تأييدهم لتعديلات قانون جرائم المعلوماتية الذي يحد من الحريات في الشام. أو التحالف مع قوى طائفية معادية للحزب في لبنان. وغير ذلك كثير مثل العلاقة مع رجال الدين ومحاباة القوى الدينية على حساب الفكر القومي الاجتماعي ومشروع الحياة الجديدة التي بشّر بها سعادة.
ما المشكلة في إيجاد قانون زواج في الكيانات السورية المختلفة يتيح الزواج لمن يرغب من الطوائف الأخرى، على أن يحتفظ كل زوج وزوجة بالدين الذي فرض عليه ضمن عائلة والديه، ولماذا لا يمكن تخيير الأبناء بين الذهاب إلى الكنيسة أم الجامع إذا أحبوا؟ هذا الأمر لا يمكن فصله عن جرائم الشرف التي كانت مشروعة قبل إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات الشامي الذي كان يتيح الأسباب المخففة للمجرم تحت تبرير الدفاع عن الشرف. واليوم أصبح المجرم يعاقب من خمس إلى سبع سنوات حبس، مع أن الإعدام أو السجن المؤبد هو الإجراء الطبيعي باعتبار هذا النوع من الجرائم لا يختلف عن جرائم القتل العمد.
عانى سعادة كثيرًا من الثقافة التقليدية المتخلفة، لكنه جابه المجتمع بثبات في سلوكه وفكره ونهجه، ولو أنه هادن لما استمرت هذه الرؤيا رغم العقبات الكثيرة التي تعترضها.
شام قطريب
فصام كبير يحكم حياة المجتمع السوري، فهو يقول غير ما يفعل، ويمارس في الخفاء ما يحاربه في العلن. يبرر إذا اقتضت المنفعة الشخصية، ويرفض إذا صدرت فتوى بالأمر. حتى على صعيد النخب الثقافية والسياسية، فإن المسألة تبدو غير محسومة تمامًا، لأن الغالبية تفضل مسايرة ذهنية “القطيع” الذي سيحاسِب ويقاطع ويقتل في بعض الأحيان، إذا أحس أن البنية المتخلفة قد تم تهديدها بالتمرد والخرود وشق عصا الطاعة!
المجتمع السوري في كياناته السياسية المتعددة يعاني من عدم وجود قانون زواج مدني، والمشكلة أن جميع الطوائف تحارب وترفض وجود هذا القانون. الأكثريات تخشى من تحولها إلى أقليات بسبب الزواج من الغير. والأقليات يرعبها التلاشي في الأكثريات التي يمكن أن تبتلعها إذا ما أصبح الزواج المدني أمرًا مشروعًا. ورغم أن هناك الكثير من الحالات التي تجاوزت هذه العقبة ولجأت إلى اتخاذ قرار الزواج بالتحايل على القانون بطريقة أو بأخرى، إلا أنها بقيت حالات فردية نجحت في بناء الأسرة مرات وفشلت مرات أخرى، لكنها عندما فشلت، أخذها المناهضون لهذا القانون كعبرة ودليل على صحة معاداتهم لقانون الزواج المدني الذي يزيل أهم الحواجز بين الطوائف!
للأمانة التاريخية، فإن أبرز من تجاوز هذه العقبات في المجتمع هم القوميون الاجتماعيون عبر حالات زواج كثيرة حصلت بين الرفقاء من الطوائف المتعددة التي لم تألف هكذا خطوات في السابق. ونستطيع أن نذكر كثيرًا من الحالات التي أسس فيها القوميون أسرًا ناجحة كانت مثالاً على صوابية نظرة الفكر القومي إلى الوحدة الاجتماعية. أهمية هذه الحالات أنها تنطلق من رؤية فكرية معرفية عميقة، وبالتالي فهي ليست ارتجالية متسرعة، كما أنها غير محكومة فقط بالحب الذي ينشأ بين الشاب والفتاة أو الرفيق والرفيقة، بل هي مستندة إلى رؤية جديدة للحياة والكون والفن، قدمها الفكر القومي الاجتماعي.
صحيح أن بعض هذه العلاقات لم تنجح كعلاقات زوجية، وتلك كانت مسألة طبيعية لا علاقة لها بالزواج من طائفة أخرى، لكنها أُخذت مثالاً للأسف لدى المعارضين لهذا النوع من الزواج الموحد للمجتمع.
استعرضنا بعض آراء القوميين الاجتماعيين، فكان البعض يرى أن تطبيق الزواج المدني لا يمكن أن يتم قبل انتصار الدولة القومية التي ستجدد القوانين وفق الرؤية الصحيحة للفكر، أما إذا طبقت الآن فإن العقبات أمامها كبيرة جدًا بسبب التمايزات الكثيرة بين الطوائف من الناحية المعيشية والثقافية وغير ذلك. لكن قوميين آخرين قالوا إن مبدأ الوحدة الاجتماعية غير محكوم بشروط للتطبيق، فهو مبدأ لا يمكن الحياد عنه أو تأجيله حتى تنتصر الدولة القومية. فكيف ستنتصر الدولة إذا لم نعمل لانتصارها وبقينا ننتظر هذا الانتصار فقط؟
في تقرير مصور لمحطة “بي بي سي” تحدثت عن الزواج القومي الاجتماعي، بعد أن أفردت مساحة للحديث عن زواج اليهود والمسيحيين والمحمديين، وحاولت التندر على ما قامت به بعض الفروع الحزبية عندما درجت على إحياء الزواج القومي الاجتماعي من قبل منفذ عام المنطقة وافتتاحه واختتامه بتحية سوريا وسعاده. سخرية “بي بي سي” مفهومة الدوافع، وقد أوردت تعليقات لمغردين تؤيد سخريتها واكتفت بتعليق واحد يؤيد هذا الزواج.
على صعيد قيادات القوميين الاجتماعيين، تردّت الأمور كثيرًا وبات نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يختلفون عن نواب الكتل الأخرى، فهم في الغالب موظفون يكتفون بحضور الاجتماعات ولا يقدمون مشاريع حقيقية تمس حياة الشعب بل إنهم يتورطون في اتخاذ مواقف لا تمتّ إلى الفكر القومي بصلة، وكان آخرها تأييدهم لتعديلات قانون جرائم المعلوماتية الذي يحد من الحريات في الشام. أو التحالف مع قوى طائفية معادية للحزب في لبنان. وغير ذلك كثير مثل العلاقة مع رجال الدين ومحاباة القوى الدينية على حساب الفكر القومي الاجتماعي ومشروع الحياة الجديدة التي بشّر بها سعادة.
ما المشكلة في إيجاد قانون زواج في الكيانات السورية المختلفة يتيح الزواج لمن يرغب من الطوائف الأخرى، على أن يحتفظ كل زوج وزوجة بالدين الذي فرض عليه ضمن عائلة والديه، ولماذا لا يمكن تخيير الأبناء بين الذهاب إلى الكنيسة أم الجامع إذا أحبوا؟ هذا الأمر لا يمكن فصله عن جرائم الشرف التي كانت مشروعة قبل إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات الشامي الذي كان يتيح الأسباب المخففة للمجرم تحت تبرير الدفاع عن الشرف. واليوم أصبح المجرم يعاقب من خمس إلى سبع سنوات حبس، مع أن الإعدام أو السجن المؤبد هو الإجراء الطبيعي باعتبار هذا النوع من الجرائم لا يختلف عن جرائم القتل العمد.
عانى سعادة كثيرًا من الثقافة التقليدية المتخلفة، لكنه جابه المجتمع بثبات في سلوكه وفكره ونهجه، ولو أنه هادن لما استمرت هذه الرؤيا رغم العقبات الكثيرة التي تعترضها.