الدولة الوطنية وجدلية السيادة
د. محمد كاظم المعيني
قراءة واقعية لكتاب (الدولة الوطنية العربية بين غواية الحدث المؤسِس واستحالة التأسيس)، للمؤلف الاستاذ (رفعت رستم):إن سيادة الدولة الوطنية تتمثل في عدم سيادتها مهما بدا هذا التعبير عبثيا؛ فالسيادة مفهوم نسبي، ومن اجل ان تكون الدولة الوطنية مستقله يجب ان تكون غير مستقلة؛ فالاستقلال رديف للسيادة، والتضليل التاريخي حول ثنائية (الدولة/العولمة) يوحي بان هناك وحده سياسيه مستقلة اسمها الدولة، جاءت العولمة كقوه خارجيه لتخترق حدودها وتضعف وحدتها الداخليه وسيادتها المستقلة.الحقيقه التاريخية التي لا يمكن إنكارها هي أن الدولة الوطنية الحديثة نشأت في أحضان العولمة الرأسمالية منذ يومها الاول، ولا تزال تترعرع او تنهار تحت رعايتها حتى الساعه، وبتعبير اخر، ولدت الدولة الوطنية معولمه تكوينيا ولم تكتسب عولمتها تطوريا في مرحله لاحقه، لذلك لايصح الكلام عن اختراق العولمة لحدود الدولة الوطنية لان حدودها هي حدود العولمة الرأسمالية ذاتها، كما وأن الرأسمالية اولا واخرا هي فعل سياسي وليست نظاما موضوعيا له قوانينه الداخليه الثابته؛ فالدولة كانت ولاتزال الضامنة الحقيقية لتوسع واستمرارية وانقاذ النظام الاقتصادي الراسمالي؛ فحتى عندما تترنح الرأسمالية الاقتصاديه وتنهار لا نجد اليوم من يحفر لها قبرا ويدفنها، بل يتسابق الجميع الى حملها الى غرفة العناية الفائقه لانعاشها واعادة احيائها من جديد .لتوضيح مصطلح الدولة الوطنية الذي يعتبر التعبير الوصفي الدقيق الملائم لواقع الدولة العربية الراهنه التي تقوم سيادتها على حكم حيز (أرضي- سياسي) محدد تطلق عليه اسم الوطن، عكس مصطلح الدولة القوميه الذي لايعبر عن دولة عربية قائمة فعليا وهو تعبير مثالي ايدولوجي لم يتحقق تاريخيا بعد، اما مصطلح (الدولة- الامة) فهو اكثر التصاقا بالتجربه التاريخيه لنشوء الدولة القوميه في اوربا الغربيه ولاينطبق على واقع الدولة العربية الحديثه.فالخلافة الاسلامية منذ ايام الخلفاء الراشدين كانت مؤسسة سياسية دنيوية لا تدعي سلطه تمثيل المقدس على الارض، اي انها كانت مؤسسه سياسيه أرضيه تهتدي بالشريعة الاسلاميه ولاتجسدها، وهكذا لم تكن الخلافه الاسلاميه وحده (سياسيه- دينيه- معرفيه) متماهيه مع ذاتها بل حقلا سياسيا يعج بقوى سياسيه مختلفه ومتفاوته القوه والاستقلاليه شكلت مؤسسة الخلافه حقلها السياسي المتحرك ووحدتها الرمزيه الشرعيه؛ فلم تعرف هذه المؤسسه تطابقا كاملا بين مانسميه اليوم الدولة والمجتمع او الدولة والارض لتكون مصطلح (الدولة- الأمة)، ذلك ان شرعية الخلافه لم تنبع من تمثيلها شعبا ما او ارضا ما بقدر ماكانت مستمده من ابقاء الحدود مفتوحه بين الشعوب والاراضي الداخله في اطارها السياسي، اذ لم يكن للخلافه داخل وخارج او مركز واطراف؛ لان حدودها كانت مفتوحه عسكريا وسياسيا وتجاريا وثقافيا تتوسع وتتقلص حسب قوة وحركة القوى الناشطه في حقل الخلافه المتحرك دائما؛ وأن الخلافه الاسلاميه لم تتبع منطق الدولة بل منطق الجماعه، فحقل الخلافه يستوعب الدولة لكن الدولة لاتستوعب حقل الخلافه بل هي تشكل عنصرا من عناصره.بينما اذا نظرنا الى نشوء الدولة الاوربية الحديثه نجد العكس هو اقرب الى الحقيقه؛ فالمجتمع هو المجال (الجغرافي- الاقتصادي- السياسي) الذي اوجده منطق الدولة كحقل احتياطي مفتوح امام نمو منطق الدولة وتوسعها المستمر؛ فالمجتمع المدني كمرجعيه اصليه للدولة ليس في النهايه سوى الصوره التي تعكسها الدولة عن ذاتها لاخفاء ذاتها كمرجعيه اصليه للمجتمع الذي تدعي تمثيله، اذ نجد مثلاً ان نموذج الدولة الامريكية لم تنشأ او تقوم الا من خلال نضج المجتمع الامريكي المهاجر وبزوغ الامة الامريكية كحاجة او رد فعل لحرب الاستقلال والحروب الاهلية التي صهرت الهويات الفرعية ووحدتها بهوية واحدة جامعة؛ فالفرق بين الدولة القوميه الاوربيه وبين الدولة الوطنية في العالم العربي والاسلامي يتلخص في ان الاولى نجحت في خلق واقع تاريخي يماثل صورتها المثاليه وباثمان تاريخيه باهضه دفعتها الشعوب الاوربيه والشعوب التي خضعت للاستعمار الاوربي في العالمين القديم والجديد ولايزال خطرها يهدد العالم كله اليوم، بينما لم يتسنى للثانيه الفرصه التاريخيه لتوليد مجتمعها المثالي المطابق لصورتها وهي بالنهايه مجرد صوره عن صورة الدولة الاوربيه القوميه الحديثه .ان وحدة الدولة الوطنية هي الشرط التاريخي لاعادة انتاج تفتيت الحقل (السياسي- الاسلامي) وخضوعه المستمر لمنطق السياده الرأسمالية العالميه، وهكذا فان سيادة الدولة الوطنية تنتمي الى الحقل السيادي الراسمالي وليس الى الحقل التاريخي الاسلامي الذي قامت على اساس تفتيته واستيعابه؛ فحدود الدولة الوطنية هي حدود محميه من قبل السياده (الامريكيه- الاوربيه)؛ فكل اختراق داخلي او خارجي لحدود الدولة الوطنية يعد اختراقا لحدود السياده (الامريكيه- الاوربيه) ذاتها؛ فمثلا تصبح حدود الكويت حدود مقدسه اذا ما تم اختراقها من قبل العراق، اما حدود العراق لاتتمتع بالسياده المقدسه نفسها اذا ما تم اختراقها من قبل الولايات المتحده الامريكيه وبريطانيا تحت اوهى الاسباب .لقد اثبتت التجربه الناصريه انه يمكن تحويل الدولة الوطنية من موقع خاضع للسياده الرأسمالية العالميه الى موقع متمرد على هذه السياده؛ لكن سرعان ماحدث انقلاب (ايدولوجي- سياسي) من قومية ناصر الاشتراكيه المتصارعه مع الولايات المتحده الامريكيه، الى مصرية السادات الرأسمالية المتحالفه مع امريكا والمتصالحه مع اسرائيل؛ فبالرغم من كون اسرائيل هي مولود استعماري مكتمل التكوين، بينما الدولة الوطنية العربية مازالت حاله استعماريه جنينيه غير مكتملة التكوين، وعليه تصبح العلاقه مع اسرائيل مدخلا ضروريا لتكامل الدولة الوطنية العربية مع ذاتها كحقيقه تاريخيه شرعيه، فما يسمى بالامن القومي المصري اليوم بات مرتبطا بالامن القومي الاسرائيلي بشكل لالبس فيه، فالحصار (الاسرائيلي- المصري) المشترك لغزه منذ تسلم حماس زمام الامور فيها ماهو الا مظهرا فاقعا للشراكه الامنيه الاستراتيجيه بين الدولتين .لذلك يمكن القول ان الوحده الحقيقية للدولة الوطنية لايمكن ان تكون الا وحده امنيه غير امنة مستمرة بحالة الطوارئ الدائمة، لذلك عندما انجلى غبار الحرب العالمية الاولى وتم تشكيل الحقل الاستراتيجي الغربي الجديد فيما يسمى الان بالشرق الاوسط، برزت الى الوجود دولة قوميه تركيه موحده، ودولة قوميه ايرانيه موحده، مقابل عالم عربي مفتت ومستعمر، وسط غياب دولة قوميه عربية موحده، اذ تاسست الدولة الوطنية العربية على أرضية غياب الدولة القوميه العربية الموحده.ان الانسحاب الاستعماري من المشرق العربي بعد الحرب العالميه الثانيه وما تلاها كان مجرد انسحاب تكتيكي بعد ان ترك وراءه ودائع استعماريه جاهزه لعودته الدائمه كلما دعت الحاجه لذلك؛ وأن إسرائيل هي الوديعة الاستعمارية الدائمة في المشرق العربي التي تضمن استمرار الزمن الاستعماري في مرحلة مايسمى بزمن مابعد الاستعمار، وهذا الما بعد استعمار هو في الحقيقه استمرار للزمن الاستعماري بشكل اخر؛ فاستمرار الزمن الاستعماري يعني ببساطه استمرار العنف الاستعماري وبالتالي استمرار مقاومة هذا العنف، وهذا يفسر تعاظم دور تنظيم القاعدة والذي اساسا لايعود الى عبقرية (بن لادن) السياسيه الاستراتيجيه بقدر ما يعود الى الفراغ السياسي الكبير الذي يعيشه العالم العربي اليوم؛ فاستمرارية الدولة ككيان موحد بات مرهونا باستمرارية النظام السياسي الحاكم، لذلك ان اي انهيار لهذا النظام سواء كان لاسباب داخليه او خارجيه يحمل في طياته خطر تفكك وانهيار الدولة الوطنية العربية ذاتها ككيان سياسي موحد.
د. محمد كاظم المعيني
قراءة واقعية لكتاب (الدولة الوطنية العربية بين غواية الحدث المؤسِس واستحالة التأسيس)، للمؤلف الاستاذ (رفعت رستم):إن سيادة الدولة الوطنية تتمثل في عدم سيادتها مهما بدا هذا التعبير عبثيا؛ فالسيادة مفهوم نسبي، ومن اجل ان تكون الدولة الوطنية مستقله يجب ان تكون غير مستقلة؛ فالاستقلال رديف للسيادة، والتضليل التاريخي حول ثنائية (الدولة/العولمة) يوحي بان هناك وحده سياسيه مستقلة اسمها الدولة، جاءت العولمة كقوه خارجيه لتخترق حدودها وتضعف وحدتها الداخليه وسيادتها المستقلة.الحقيقه التاريخية التي لا يمكن إنكارها هي أن الدولة الوطنية الحديثة نشأت في أحضان العولمة الرأسمالية منذ يومها الاول، ولا تزال تترعرع او تنهار تحت رعايتها حتى الساعه، وبتعبير اخر، ولدت الدولة الوطنية معولمه تكوينيا ولم تكتسب عولمتها تطوريا في مرحله لاحقه، لذلك لايصح الكلام عن اختراق العولمة لحدود الدولة الوطنية لان حدودها هي حدود العولمة الرأسمالية ذاتها، كما وأن الرأسمالية اولا واخرا هي فعل سياسي وليست نظاما موضوعيا له قوانينه الداخليه الثابته؛ فالدولة كانت ولاتزال الضامنة الحقيقية لتوسع واستمرارية وانقاذ النظام الاقتصادي الراسمالي؛ فحتى عندما تترنح الرأسمالية الاقتصاديه وتنهار لا نجد اليوم من يحفر لها قبرا ويدفنها، بل يتسابق الجميع الى حملها الى غرفة العناية الفائقه لانعاشها واعادة احيائها من جديد .لتوضيح مصطلح الدولة الوطنية الذي يعتبر التعبير الوصفي الدقيق الملائم لواقع الدولة العربية الراهنه التي تقوم سيادتها على حكم حيز (أرضي- سياسي) محدد تطلق عليه اسم الوطن، عكس مصطلح الدولة القوميه الذي لايعبر عن دولة عربية قائمة فعليا وهو تعبير مثالي ايدولوجي لم يتحقق تاريخيا بعد، اما مصطلح (الدولة- الامة) فهو اكثر التصاقا بالتجربه التاريخيه لنشوء الدولة القوميه في اوربا الغربيه ولاينطبق على واقع الدولة العربية الحديثه.فالخلافة الاسلامية منذ ايام الخلفاء الراشدين كانت مؤسسة سياسية دنيوية لا تدعي سلطه تمثيل المقدس على الارض، اي انها كانت مؤسسه سياسيه أرضيه تهتدي بالشريعة الاسلاميه ولاتجسدها، وهكذا لم تكن الخلافه الاسلاميه وحده (سياسيه- دينيه- معرفيه) متماهيه مع ذاتها بل حقلا سياسيا يعج بقوى سياسيه مختلفه ومتفاوته القوه والاستقلاليه شكلت مؤسسة الخلافه حقلها السياسي المتحرك ووحدتها الرمزيه الشرعيه؛ فلم تعرف هذه المؤسسه تطابقا كاملا بين مانسميه اليوم الدولة والمجتمع او الدولة والارض لتكون مصطلح (الدولة- الأمة)، ذلك ان شرعية الخلافه لم تنبع من تمثيلها شعبا ما او ارضا ما بقدر ماكانت مستمده من ابقاء الحدود مفتوحه بين الشعوب والاراضي الداخله في اطارها السياسي، اذ لم يكن للخلافه داخل وخارج او مركز واطراف؛ لان حدودها كانت مفتوحه عسكريا وسياسيا وتجاريا وثقافيا تتوسع وتتقلص حسب قوة وحركة القوى الناشطه في حقل الخلافه المتحرك دائما؛ وأن الخلافه الاسلاميه لم تتبع منطق الدولة بل منطق الجماعه، فحقل الخلافه يستوعب الدولة لكن الدولة لاتستوعب حقل الخلافه بل هي تشكل عنصرا من عناصره.بينما اذا نظرنا الى نشوء الدولة الاوربية الحديثه نجد العكس هو اقرب الى الحقيقه؛ فالمجتمع هو المجال (الجغرافي- الاقتصادي- السياسي) الذي اوجده منطق الدولة كحقل احتياطي مفتوح امام نمو منطق الدولة وتوسعها المستمر؛ فالمجتمع المدني كمرجعيه اصليه للدولة ليس في النهايه سوى الصوره التي تعكسها الدولة عن ذاتها لاخفاء ذاتها كمرجعيه اصليه للمجتمع الذي تدعي تمثيله، اذ نجد مثلاً ان نموذج الدولة الامريكية لم تنشأ او تقوم الا من خلال نضج المجتمع الامريكي المهاجر وبزوغ الامة الامريكية كحاجة او رد فعل لحرب الاستقلال والحروب الاهلية التي صهرت الهويات الفرعية ووحدتها بهوية واحدة جامعة؛ فالفرق بين الدولة القوميه الاوربيه وبين الدولة الوطنية في العالم العربي والاسلامي يتلخص في ان الاولى نجحت في خلق واقع تاريخي يماثل صورتها المثاليه وباثمان تاريخيه باهضه دفعتها الشعوب الاوربيه والشعوب التي خضعت للاستعمار الاوربي في العالمين القديم والجديد ولايزال خطرها يهدد العالم كله اليوم، بينما لم يتسنى للثانيه الفرصه التاريخيه لتوليد مجتمعها المثالي المطابق لصورتها وهي بالنهايه مجرد صوره عن صورة الدولة الاوربيه القوميه الحديثه .ان وحدة الدولة الوطنية هي الشرط التاريخي لاعادة انتاج تفتيت الحقل (السياسي- الاسلامي) وخضوعه المستمر لمنطق السياده الرأسمالية العالميه، وهكذا فان سيادة الدولة الوطنية تنتمي الى الحقل السيادي الراسمالي وليس الى الحقل التاريخي الاسلامي الذي قامت على اساس تفتيته واستيعابه؛ فحدود الدولة الوطنية هي حدود محميه من قبل السياده (الامريكيه- الاوربيه)؛ فكل اختراق داخلي او خارجي لحدود الدولة الوطنية يعد اختراقا لحدود السياده (الامريكيه- الاوربيه) ذاتها؛ فمثلا تصبح حدود الكويت حدود مقدسه اذا ما تم اختراقها من قبل العراق، اما حدود العراق لاتتمتع بالسياده المقدسه نفسها اذا ما تم اختراقها من قبل الولايات المتحده الامريكيه وبريطانيا تحت اوهى الاسباب .لقد اثبتت التجربه الناصريه انه يمكن تحويل الدولة الوطنية من موقع خاضع للسياده الرأسمالية العالميه الى موقع متمرد على هذه السياده؛ لكن سرعان ماحدث انقلاب (ايدولوجي- سياسي) من قومية ناصر الاشتراكيه المتصارعه مع الولايات المتحده الامريكيه، الى مصرية السادات الرأسمالية المتحالفه مع امريكا والمتصالحه مع اسرائيل؛ فبالرغم من كون اسرائيل هي مولود استعماري مكتمل التكوين، بينما الدولة الوطنية العربية مازالت حاله استعماريه جنينيه غير مكتملة التكوين، وعليه تصبح العلاقه مع اسرائيل مدخلا ضروريا لتكامل الدولة الوطنية العربية مع ذاتها كحقيقه تاريخيه شرعيه، فما يسمى بالامن القومي المصري اليوم بات مرتبطا بالامن القومي الاسرائيلي بشكل لالبس فيه، فالحصار (الاسرائيلي- المصري) المشترك لغزه منذ تسلم حماس زمام الامور فيها ماهو الا مظهرا فاقعا للشراكه الامنيه الاستراتيجيه بين الدولتين .لذلك يمكن القول ان الوحده الحقيقية للدولة الوطنية لايمكن ان تكون الا وحده امنيه غير امنة مستمرة بحالة الطوارئ الدائمة، لذلك عندما انجلى غبار الحرب العالمية الاولى وتم تشكيل الحقل الاستراتيجي الغربي الجديد فيما يسمى الان بالشرق الاوسط، برزت الى الوجود دولة قوميه تركيه موحده، ودولة قوميه ايرانيه موحده، مقابل عالم عربي مفتت ومستعمر، وسط غياب دولة قوميه عربية موحده، اذ تاسست الدولة الوطنية العربية على أرضية غياب الدولة القوميه العربية الموحده.ان الانسحاب الاستعماري من المشرق العربي بعد الحرب العالميه الثانيه وما تلاها كان مجرد انسحاب تكتيكي بعد ان ترك وراءه ودائع استعماريه جاهزه لعودته الدائمه كلما دعت الحاجه لذلك؛ وأن إسرائيل هي الوديعة الاستعمارية الدائمة في المشرق العربي التي تضمن استمرار الزمن الاستعماري في مرحلة مايسمى بزمن مابعد الاستعمار، وهذا الما بعد استعمار هو في الحقيقه استمرار للزمن الاستعماري بشكل اخر؛ فاستمرار الزمن الاستعماري يعني ببساطه استمرار العنف الاستعماري وبالتالي استمرار مقاومة هذا العنف، وهذا يفسر تعاظم دور تنظيم القاعدة والذي اساسا لايعود الى عبقرية (بن لادن) السياسيه الاستراتيجيه بقدر ما يعود الى الفراغ السياسي الكبير الذي يعيشه العالم العربي اليوم؛ فاستمرارية الدولة ككيان موحد بات مرهونا باستمرارية النظام السياسي الحاكم، لذلك ان اي انهيار لهذا النظام سواء كان لاسباب داخليه او خارجيه يحمل في طياته خطر تفكك وانهيار الدولة الوطنية العربية ذاتها ككيان سياسي موحد.