تويت
أكاديمية كبار
Mazen Zrek · ٢ يوليو، الساعة ٩:٣٣ م ·
***((( شرفات الزمن الجميل)))***
#ذكريات القلب والروح#
"""جيران العمر أين أنتم ؟"""
في هذا البيت الجميل القديم أبصرت عيناي النور لأول مرة منذ عقود عديدة؛ كنت سعيدا جدا مع أفراد أسرتي ؛كان جيراننا يشكلون لنا غطاء من المحبة والأنس ؛ كانت روائح طبخهم تصل لأنوفنا عبر هذه الشرفات التي تتعانق مع بعضها لتشكل بيتا واحدا متعدد الطوابق؛ وكان الجيران يتسابقون في الكرم وفي إرسال مايطبخون لجيران العمر؛ كم كانت حياتنا بسيطة وجميلة!!!!!!!!!!!!!؛ كان والدي موظفا في إحدى الدوائر ؛وكان راتبه يؤمن لنا حياة كريمة وبرعاية كبيرة من حكمة أمي وقناعة إخوتي صار لنا هذا البيت ؛ يوم اشترى والدي هذا البيت اضطرت أمي لبيع مصاغها الذي قدّمه والدي لها يوم زواجها؛دفع والدي ثلاثة آلاف ليرة وكل شهر كان يدفع من راتبه خمسين ليرة ؛ كان والدي ووالدتي يجلسون على تلك الشرفة في الصباح الباكر ويستحضرون أيام الصبا وكانت أحاديثهم تتسلل لغرف نومنامع نسمات خريفية هاربة من أعالي الجبال التي تشرف على مدينتنا تحرك ستائر غرف نومنا؛ وتصاحبها أغاني فيروز من خلال برنامج (مرحبا يا صباح) مازال صدى صوت منير الأحمد ونجاة الجّم) يتردد في آذاننا؛اذكر يوم الجمعة كان يذاع برنامج (ما يطلبه المستمعون) للمذيعة "فردوس حيدر" كانت الأغاني تتسرب من تلك الشرفات وتضفي علينا جوا من الحميميةوكنا نصغي للمذيعة لأننا كنانرسل لبرنامجها رسائل نهدي الأغاني لأصدقائناولجيراننا ومنها ( أنا قلبي إلك ميال لفايزة أحمد)و(عاللومة اللومة اللومة لوديع الصافي) و(دخل عيونك حاكينا للشحرورة صباح)و(من قاسيون أطل يا وطني لدلال الشمالي) و( و(أنا لك على طول للعندليب عبد الحليم حافظ) كبرنا ونلنا الشهادات الجامعية وكل واحد منا اختار طريقا مشى فيه غادرنا تلك الشرفات ولكن ذكرياتها لم تغادر قلوبنا وخواطرنا؛ رحل والدي في صباح كانوني قارس ؛وتبعته أمي بفارق زمني قصير جدا وكأنها لم تطق الحياة بعد رحيل شريك العمر؛ لا أنسى عمري محبتنا لجيراننا ومحبة جيراننالنا؛يوم سافرت أمي لدمشق لتكون مع أختي في ولادتها الأولى؛أدخلوني المشفى لإجراء عمل جراحي طارئ لي ؛يومها باتت عندي جارتنا وكانوا يحضرون لنا وجبة الطعام كل يوم ؛ كان لي في تلك البناية أكثر من أم وأخ وأخت وأب؛أين أنتم الآن يا جيران العمر الرائع ؟؟؟!!!
رحلنا جميعا عن تلك البناية ؛ ولكن ذكريات العمر الجميل لم تغادر ذاكرتنا وماتزال صور تلك الأيام منقوشة على صفحة قلوبنا التي كانت بيضاء كلون الغيم في يوم نيساني جميل ****
***************
- لميس حجة
لا تطرق الباب فالأحباب قد رحلوا