كتب الأستاذ: هشام البستاني..الخيوط اللامرئيّة الممتدّة بين العلم والأدب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتب الأستاذ: هشام البستاني..الخيوط اللامرئيّة الممتدّة بين العلم والأدب


    الخيوط اللامرئيّة الممتدّة بين العلم والأدب
    هشام البستاني

    هل هما عالَمان مختلفان: عالَمُ البحث عن الآثار والروابط والتكرار، وعالَمُ المخيّلة الجامحة؟ عالَمُ التجربة الموضوعيّة، وعالَمُ التخليق الذاتيّ؟ عالَمُ وضع الأطر والمحدِّدات، وعالَمُ الخروج منها؟

    ليس الجواب بسيطًا رغم كلّ هذه المتناقضات. فعلينا ألّا ننسى أنّ النقائض تتوحّد في ضرورة وجود واحدها ليوجد الآخر؛ ثمّ إنّ المقاربتيْن، العلميّة والأدبيّة، محاولتان لفهم العالم وسبر أغواره من زوايا مختلفة قد يظنّ المراقبُ أنّها تفترق في الجوهر، لكنّ الجوهر مخاتلٌ دائمًا، متعدّدٌ دائمًا، كما الطبيعة: دائمة التحرّك دائبة التغيّر.

    نقطة البداية المشتركة

    العلم والأدب، كلاهما، ينبنيان على سلسلةٍ من الملاحظات تُنتج نسقًا، فرؤيةً، يُخضعها العلمُ إلى التجربة، فتصير نظريّةً، فقاعدةً. ويحوّلها الأدبُ إلى شكلٍ من الإحالات والإشارات والإسقاطات المفتوحة في حالتَي القصّة والشعر، وإلى بحثٍ في العلاقات والمآلات في حالة الرواية. أساسُ العمل، إذًا، مُشترك: الملاحظة، تتلوها الرؤيةُ. والرؤية المقصودة هنا ليست المُشاهدة، بل هي نوعٌ من تحليل شكل العلاقات الذي يُمثّله النسق؛ شيءٌ يشبه التفكيرَ في الأمر (كشبكةٍ من العلاقات) والنظرَ فيه (لا إليه).

    اختبار الأدب وتكذيبه

    قد يظنّ البعض أنّ الأدب لا يخضع للاختبار والتكذيب (falsification)، لكنّ العكس صحيح. عدّة اختبارات تضع الأدبَ على المحكّ: فعليه أن ينجحَ في عبور اختبارات متعدّدة مثل القيمة الفنيّة، والجدّة، والإحكام، والإقناع، والتماسك، والتكثيف. أمّا التكذيب فهو الذي يدفع بالتيّارات الطليعيّة والتجريبيّة إلى اقتراح أشكالٍ أدبيّة “جديدة،” انطلاقًا واستفادةً من الأشكال “القديمة” التي تصير كلاسيكيّةً، ثم يحظى “الجديدُ” مع مرور الوقت بالقبول الواسع، وبعدها يصبح معياريًّا، إلى أن يدفعَه الطليعيُّ الذي يليه إلى مصاف الكلاسيكيّ “القديم.”

    ثمّة جانبٌ آخر مشتركٌ للتكذيب: يقدّم بيرتراند راسِل (وله مجموعتان قصصيّتان بديعتان بالمناسبة، كتبهما أواخرَ حياته) مقولة “إبريق الشاي السماويّ” (1) نموذجًا على الفرضيّة اللاعلميّة التي لا يُمكن تكذيبُها عبر الاختبار: ثمّة إبريقُ شاي خزفيّ، يتّخذ مدارًا إهليجيًّا حول الشمس، لكنّه من الصغر بحيث لن يتمكّن أيُّ تلسكوب من رصده. هذه المقولة مصوغة بشكل يَمنع اختبارها أو تكذيبها: محضُ خيالٍ صنعه عقلُ شخصٍ ما، ويريد فرضَه بقوّة الدوغما. وهنا صلةُ الوصل بالأدب: الخيال ـــ القوّة ـــ الدوغما.

    كلا المساريْن (العلم والأدب) ينطلق من الملاحظة، التي تشكّل شبكةَ العلاقات بين العناصر المكوّنة لها (الخيال/الفرضيّة). وهذه العناصر تكتسب شرعيّتَها بالافتراق عن القوّة والدوغما. لا يبحث الخيالُ الأدبيّ عن شرعيّته من داخله، بل بعلاقاته مع العناصر والظواهر والزمن، وإيجاد نسقٍ قادرٍ على تفسير الملاحظات أو الدفع إلى التأمّل فيها. وهو الأمر نفسه الذي تحاوله العلومُ… مع تشديدٍ أكبر بكثير على إمكانيّة التنبؤ: فالنظريّة العلميّة تَسقط إنْ فشلتْ تنبّؤاتها، بينما لا يسقط العملُ الأدبيّ عادةً إنْ لم تتحقّق نبوءته.

    التعبير الأدبيّ عن العلوم

    ثمّة عبءٌ اختباريّ يقع على الأدب وحده، ولا ينطبق على العلوم: فلن يضيرَ العلومَ شيءٌ إن لم يُعبَّر عنها بلغةٍ أدبيّة، بل إنّها غالبًا ما تلجأ إلى لغة رمزيّة/علائقيّة للتعبير عن نفسها هي الرياضيّات. ولغة العلم بهذا المعنى وسيلةٌ لا غاية. لكنّ الأدب يقوم على اللغة واستنطاق إمكاناتها وتجديدها؛ فاللغة فيه وسيلة وغاية معًا: يسقط الأدب إنْ سقطت اللغة.

    رغم هذا، كثيرًا ما يلجأ العلماءُ إلى الأدب حين يتوجّهون بالحديث إلى العموم، إذ لا تنفع الرّطانةُ التي لا يفهمها إلّا مجتمعُ الاختصاصيّين البالغُ الصّغر. لنقرأْ هذه الفقرة:

    “الهواءُ باردٌ جدًّا، وشديدُ الثّبات؛ وباستثناء صوتِ تنفّسي، فالصّمت مُطلق. الثلج الجافُّ يُخرخشُ حالما تلمسُ قدمي الأرضَ. بياضُه الكاملُ المُضاء بالنّجوم يُعطي المنطقة لمعانًا مُنيرًا مُوحشًا، بينما تتلاشى النجماتُ في توهّجٍ مُتّصلٍ عبر القبّة السماويّة السوداء. كان التفكير مستحيلًا سوى بطبيعة الكون الهائلة اللاشخصيّة. دولاب المجرّات، التوسّع الدائم، برودة الفضاء اللانهائيّة، حرارة النجوم إذ تولد، مُعاناة موتها الأخيرة كعمالقةٍ حمر: هذه هي ـــ بالتحديد ـــ نقطةُ الوجود. الإنسان ـــ والحياةُ بشكل عامّ ـــ يبدو خارج سياق الاشتغالات الكونيّة: مجرّدَ لطخةٍ من الماء والشحم والكربون، على كوكبٍ كرأس الدبّوس، يدور حول نجمٍ لا أهميّة كبيرةً له.”

    هكذا يصف ليونارد سَسْكِنْد، عالِمُ الفيزياء الكبير، المنظرَ المحيطَ به وهو يتأمّل سماءَ القطب الجنوبيّ بصحبة علماء كبار، في الصفحة الأولى من كتابه المشهد الكونيّ.(2)

    هل نتفاجأ من هذه الحساسيّة الأدبيّة المرهفة؟ أبدًا. بل إنّ نماذج كثيرة من كُتب العلماء الموجّهة إلى العموم تَحْفل بالشعريّة والاستعارات والتشبيهات، وخفةِ الظلّ، والسخريةِ السوداء أيضًا. وعلى رأس هذه النماذج أعمالُ عالم الكونيّات كارل ساجان، وعالمِ الفيزياء ستيفِن هوكِنج، وعالِمِ البيولوجيا التطوريّة ريتشارد دوكِنْز. وكثيرًا ما يتأثّر العلماءُ بما يسمّيه دوكِنْز: “الطبيعيّة الشعريّة (poetic naturalism) التي يستفزّها الكونُ” في دواخلهم.(3) فلنقارنْ ذلك بـ”الواقعيّة السحريّة” التي يوصف بها كثيرٌ من أعمال أدباء أميركا الجنوبيّة!

    قفزاتٌ علميّة هائلة تحقّقتْ في زمن قصيرٍ نسبيًّا، وصلنا فيها إلى أعماقٍ ذرّيّةٍ وأبعادٍ كونيّةٍ هائلة، وإلى علاقات أغرب من الخيال بين مكوّنات ماديّة. وهذا يستدعي العوالمَ الأدبيّة للمجاز والكناية والاستعارة: من نسبيّة آينشتاين وانبعاجات زمانه/مكانه، مرورًا بالأوتار الفائقة والأغشية، والأبعادِ الأحد عشر المنطوية بعضها على بعض، والطبيعةِ المزدوجة للأشياء، والأصل المشترك للحياة، وصولًا إلى التواريخ المتعدّدة للحدث الواحد، واللاحتميّة، والأكوان المتعدّدة، والعالم السورياليّ لفيزياء الكمّ.

    ليس غريبًا، إذًا، أن يلجأ العلماءُ إلى التعبير عن مقولاتهم بالرسم والصور الشعريّة، مثلما هو ضروريّ للأديب الجادّ الاطّلاع على العلوم لتشكيل عوالمه المتخيّلة وتفجيرها.

    الأدب واختبار العلم

    إنّ مجمل الاستعارات والتشبيهات التي تستعين بها الكتابةُ الأدبيّة وتعيد إنتاجَها مستلٌّ من عالم الطبيعة الذي يدرسه العلمُ ويوضّحه. وهنا قد يعزّز الأدبُ هذه الاستعارات والتشبيهات، أو يُفقدها معناها: فاستعارةٌ من عالم الحيوان تتطلّب معرفةً علميّةً به، وإلّا سقطتْ وصاحبَها. والاطّلاعُ على المنظورات العلميّة المتجدّدة أبدًا للعالم والكون يقدِّم للأديب منجمًا من الصور والمفاهيم التي يستطيع أن يوظّفها في كتابته الأدبيّة.

    الذات للأدب، والموضوع للعلم؟

    ثمة نقطةُ افتراقٍ متخيّلةٌ أخرى ينبغي تبديدُها: أنّ الأدب ينطلق من الذات، والعلمَ ينطلق من الموضوع. علينا أن نستدركَ دومًا أنّ الذات ومقولاتِها جزءٌ من الموضوع. وما تعاليها عليه سوى وهمٍ من أوهام الفرادة التي يدحضها العلمُ.

    من جانبٍ آخر، علينا ألّا ننسى الدورَ الكبير الذي تُسبغه فيزياءُ الكمّ على المراقب بصفته شريكًا في الحدث، وقادرًا على التأثير فيه، بل وتغيير ماضيه أيضًا.

    لدينا هنا شيء يشبه الطبيعة المزدوجة الجزيئيّة / الموجَيّة لكلّ الأشياء: طبيعة مزدوجة موضوعيّة/ذاتيّة، علميّة/أدبيّة، للعلم والأدب.

    في الحالين، ثمّة أسبقيّةٌ للطبيعة وظواهرها على محاولة تفسيرها أو إعادة إنتاجها. الظاهرة قائمة قبل درسها؛ وأشياءُ الطبيعة قائمة قبل محاولة تخييلها. وحتّى إنْ أشرنا إلى مركزيّة دور المراقِب في الحدث الكموميّ، فثمّة مركزيّة مقابلة ومساوية للحدث نفسه. وإلّا فماذا سيلاحظ المراقب؟

    “الواقعيّة” أو “الطبيعيّة” حاضرةٌ بهذا المعنى في أكثر الأعمال السورياليّة “مفارقةً” للواقع: لوحات دالي المنشغلة بإعطاء شكل للأحلام والهلاوس والرغبات المكبوتة في اللاوعي؛ وأعمال ماغريت المهجوسة بإعادة التعريف وتغيير شكل العلاقات المعرفيّة/البصريّة. حتّى الفنّ التجريديّ لا يستطيع الفكاكَ من الواقع بحكم إحالته عليه في نهاية الأمر… من دون أن ننسى أنّ اللاشيء (المعنويّ والمادّيّ) جزء من الطبيعة أيضًا.

    من التحكّم بالعالم إلى خلق العوالم

    إذا كانت المادّةُ الأوليّة للعلم والأدب مشتركةً، فإنّ “القصديّة” المُتضمّنة في مقاربة هذه المادّة، والنتيجة التي يُراد الخلوص إليها، كثيرًا ما تكونان مشتركتيْن أيضًا؛ فثمّة أدبٌ مهجوسٌ بـ”خلق العوالم” الأخرى، البديلةِ أو الموازية. بل إنّ الرواية “التجاريّة” تجعل من إنتاج العالم الموازي، الذي يسحب القارئَ داخله ليشكّل له نوعًا من الحياة البديلة من حياته الرتيبة المُتعَبة، هدفًا في حدّ ذاته. أمّا العلم فينهمك أكثرُه بمحاولة “التحكّم” بالظواهر الطبيعيّة وتغييرها، وصولًا إلى إنتاج واقع آخر. وأقرب مثال على ذلك هو الأبحاث الجينيّة على النباتات والحيوانات (لزيادة محاصيلها وتخفيض كُلف الإنتاج)، وعلى الإنسان (لتخليصه من الأمراض، والتخلّص من بعض الصفات، وصناعة إنسان جديد…).

    وكثيرًا ما يتفوّق العلمُ على الأدب في هذا المجال. يقول عالِمُ الاجتماع ديفيد ليون (4) إنّ إمكانيّات الترصّد والتجسّس والتحكّم التي تُتيحها التكنولوجيا المعاصرةُ اليوم تفوق بمراحلَ كبيرةٍ ما تخيّله جورج أورويل في روايته المعروفة 1984.

    الأدب يولّد التعاطف، والعلم يخلّف البرود؟

    قد يُقال إنّ ميزة الأدب الأساس، التي لا تتحقّق في العلوم، هي إيجادُ حميميّةٍ بين المتلقّي والموضوع، وبين المتلقّي وعالمه الخارجيّ والبشر الآخرين، وإنّ هذه الحميميّة تجعل المتلقّي قادرًا على فهم مشاعر الآخرين وردودِ أفعالهم والتعاطفِ معهم. وقد يُقال أيضًا إنّ العلوم تقدّم الحقائقَ الباردة، المادّيّة، إذ تحصل في عالمها المستقلّ البعيد (عالم الذرّات وما دونها، عالم المجرّات، عالم التفاعلات الكيماويّة،…)، وهو عالمٌ لا يمسّ الإنسانَ في وعيه المباشر واليوميّ (ليست ثمّة مشاعرُ في تفاعلٍ كيماويّ مثلًا).

    لكنّ ملاحظتين تغيبان عن البال. الأولى أنّ المشاعر سلسلة من العمليّات الكيميائيّة والفيزيائيّة. أمّا الثانية فنابعة من تجربتي الشخصيّة، وهي أنّ قراءاتي في الفيزياء الكموميّة وعلوم الكون والبيولوجيا التطوّرية لم تشكّل عندي حالةً من التعاطف والتضامن مع الإنسان فحسب، بل كذلك مع الحيوانات وأشكال الحياة الأخرى على الكوكب، ومع الجمادات وعناصر الكون غير الحيّة.

    وإذ يستوعب الإنسان (الذي يظنّ نفسه مركز الكون وغايته، فيعطي نفسَه الحقَّ بالتسلّط عليه) أنّ الحياة انبثقتْ عن جذرٍ مشتركٍ واحد، وأنّ الذرّات المعقّدة اللازمة لنشوء الحياة صُنعتْ في قلوب النجوم وتوزّعتْ في أرجاء الكون بعد انفجارها، فإنّ تغيّرا كبيرًا في المفاهيم سينشأ عنده.

    ثمّة تواضعٌ هائلٌ ينشأ أيضًا عن التَّماس مع العلوم. وحين أواجَه بالسؤال التقليدي: “من أين أنت؟” أردّ:

    من هذا الكون الواسع المترامي الأطراف. من حسائه البدئيّ، حيث تكوّنتْ ذرّاتُ الهيدروجين والهيليوم. من قلب نجمٍ بعيدٍ أُعدّ في قلبه الحارّ عنصرُ الكربون. ذرّاتي تبادلتْها الطبيعةُ ملياراتِ المرّات مع جماداتٍ وأحياء أخرى، وأنا بدوري سأذوي لأتفكّك وأصير غيري، وهكذا.

    تلك العمليّة التراكميّة التبادليّة، المنسابة بلا اكتراث، هي مركزُ الكون، هذا الكون؛ إذ ثمّة أكوان أخرى بمحدّدات أخرى كما يُعلِمنا ميشيو كاكو،(5) وما نحن إلّا احتمالٌ ضمن احتمالاتٍ كثيرة. هذه هي النظرة العلميّة المعاصرة التي يُفترض في الأدب أن يشتقّ منها أشكالَه ورؤاه، ليصير معاصرًا بدوره.

    خاتمة: العلم إذ يعيد الأدبَ من الميتافيزيقا

    إنْ كانت بعضُ المدارس الفلسفيّة تعتبر الإنسانَ ذاتيًّا وأنانيًّا بطبيعته، فكثيرًا ما يُشار إلى الأديب والفنّان باعتبارهما خلاصةً مركّزةً لمثل هذه الذاتيّة. ويشارك الأديب/الفنّان في تعزيز هذه الفكرة: إذ يرفع رؤيتَه إلى مصاف الرؤيا، ويُسبغ على نفسه منزلةً تماثل منزلةَ الأنبياء، ويقدّم جديدَه باعتباره إبداعًا مطلقًا أوجده من العدم، بينما واقعُ الأمر عكس ذلك تمامًا لو “عَلِم.” وثمّة اعترافٌ مشتقٌّ من العلوم ينبغي للأدباء من “أصحاب الخوارق والكرامات” أن ينتبهوا إليه، وقد أوردتُه في نهاية مجموعتي القصصيّة الفوضى الرتيبة للوجود، أختمُ به هنا:

    “الكاتبُ ليس إلهًا يَخلق من العدم؛ فليس ثمّة عدمٌ موجودٌ أصلًا. وهو، كما العالِمُ، يقف على أكتافِ الكثيرين ليصل إلى الفكرة والمعنى، الألوانِ والموسيقى، الماءِ والنار. كاذبٌ هو مَن لا قَبْلَهُ ولا بَعْدَه. طاووسٌ منزوعُ الرّيشِ هو الذي يَظُنّ أنّه اخترع الصوتَ والكلمة، وأنّ ما يخطُّه قلمُه هو محضُ وحيِ شياطينه الذاتيّة. الكونُ والعالَمُ والتاريخ والبشر، جميعُها تحشر نفسها كلّ لحظةٍ في أدمغة الكُتّاب ووعيهم: يتصادمون، يتضاجعون، يندمجون، ويتفتّتون، ثم يخرجون على الورق بكامل قيافتهم. لهذا، فأنا مدين أبدًا لهذا الكون اللامتناهي الروعة، بكلّ تفاصيله وتعقيداته، كلِّ ألوانه وأصواته وروائحه، كلِّ موجوداته الحيّة وغير الحيّة، وكلِّ ناسه، خصوصًا مَن سمعتُ موسيقاهم وشاهدتُ أفلامَهم وقرأتُ شعرَهم وسردَهم وفَتَّحُوا وعيي بأفكارهم. لم أَكُنْ لأَكُون لولاهُ ولولاهم، ويا ليتنا جميعًا نعي انتماءنا الكونيّ هذا، ونعترف بفضله.”

    عمّان

    John G. Slater (Editor), The Collected Papers of Bertrand Russell (Book 11), Routledge, 1997
    Leonard Susskind, The Cosmic Landscape: String Theory and the Illusion of Intelligent Design, Back Bay Books, 2006
    Richard Dawkins,The God Delusion, Bantam Books, 2006
    David Lyon, Surveillance After Snowden, Polity, 2015
    Michio Kaku, Parallel Worlds, Doubleday, 2004
    الفوضى الرتيبة للوجود،هشام البستاني، دار الفاربي، 2010.

يعمل...
X