"رضوان الطويل".. ينقش التراث السوري على النحاس
دعوه أصحاب المهنة بالأب الروحي؛ فما بين مهارة الحرفة وروعة الفن مازال الحرفي "رضوان الطويل" ينقش منذ 43 عاماً رسوماً وزخارف على النحاس؛ ليكون بذلك أقدم حرفي في سوق المهن اليدوية.
مدونة وطن "eSyria" التقت الحرفي "رضوان الطويل" في مكان عمله بسوق "المهن اليدوية"؛ ليحدثنا عن بداياته قائلاً: «ولدت في حي "السويقة" الدمشقي عام 1950؛ حيث قضيت طفولتي بين أزقته، وتلقيت دراستي حتى المرحلة الإعدادية، وشاءت الأقدار أن يلتقي أخي الأكبر صديقاً يتقن حرفة النقش على النحاس؛ حيث أخذها عنه، لكن أخي أراد أن يعلمني المهنة قبل سفره لدراسة الطب خارج البلد، وكنت آنذاك في السادسة عشرة من عمري؛ حيث بدأ عملي بها كهواية إلى أن التحقت بالخدمة العسكرية، وعندما بلغت العشرين من عمري قررت احتراف المهنة؛ حيث لجأت إلى وزارة السياحة، وتم تخصيصي بمحل في سوق "المهن اليدوية"، وكان ذلك عام 1972، وما زلت حتى اليوم أمارس عملي لأكون بذلك أقدم حرفي بالسوق».
يعدّ "رضوان الطويل" الأب الروحي للعاملين بالمهنة؛ حيث استطاع خلال مسيرته الطويلة أن يكتنز الكثير من الخبرة، التي لم يبخل علينا بها، وخصوصاً للمبتدئين فيها، كانت لنا مشاركات معاً في أكثر من فعالية، فهو الراعي والمرشد لنا، وكان له حضوره الذي فرضته الخبرة والتميز في عمله؛ حيث استطاع أن يترك بصمة ميزته عن باقي الحرفيين، فمجرد رؤية القطعة تدرك أنها خرجت من تحت يديه لأنه يعطيها من روحه، وقد أبدع في نقش "الصواني"، وعلى الرغم من تقدمه بالسن إلا أنه مازال يعمل، ونحن نعتز به
النقش على النحاس ويظهر الخط العربي
ويضيف قائلاً: «ما إن أتقنت المهنة حتى غدت جزءاً من حياتي؛ فمن خلال تعاملي اليومي مع النحاس أصبحت هناك علاقة حميمة معه، حيث تستطيع من خلال إدخال الفن إلى الجماد أن تجعل فيها روح، وهذا ما ولّد لديّ رغبة بالعمل، وحبّاً بالإبداع؛ فبعد الحصول على قطع النحاس الخام الذي يكون في الأغلب أحمر اللون، لكن بعد إضافة مادة الزنك يتحول إلى اللون الأصفر، فأقوم بانتقاء الرسوم المناسبة وأبدأ العمل، وكما هو معروف بأن النقش على النحاس مهنة تحمل الكثير من الطابع الشرقي، وهي بمجملها من الطبيعة عبارة عن رسوم نباتية "فاطمية" مستوحاة من الورد الجوري، والياسمين الذي يكثر في بلادنا، إضافة إلى الخط العربي الذي يستخدم عادةً للنقوش الهندسية، والخط العربي لنقش الحِكَم، وبعض الآيات القرآنية حيث تزيّن بها جدران البيوت، ودور العبادة، وبعد انتقاء الرسم أقوم بوضع القطعة المراد نقشها على "السندان"، وهو قطعة معدنية مثبّتة على قطعة خشبية وباستخدام قلم معدني، ومطرقة، وإزميل؛ أقوم بنقش الرسوم يدوياً لتشكل لوحة أُحَّملها من التراث السوري لتكون حافظة وناقلة له».
وعن مشاركاته تابع: «تعد المهنة جواز سفر إلى الخارج، ولمدة طويلة اقترن اسم الحرف اليدوية بحرفة التقاليد الشعبية، ولا بد لهذه التقاليد من الاستمرارية عبر بعض المهن؛ حيث تعد مهنة النقش على النحاس إحداها، وأنا أؤمن بأن الحرفي سفير لبلده من خلال مهنته، ولضمان نشرها قمت من خلال وزارة السياحة بالاشتراك بعدة معارض داخلية وخارجية؛ حيث تم اختياري لتمثيل "سورية" في مشروع "إحياء الصناعات المعدنية" في اليمن، وكانت مشاركة مميزة نلت إثرها شهادة تقدير، هذا إضافة إلى عدة معارض داخلية وأخرى خاصة، وإيماناً بأهمية الحفاظ على التراث السوري ما زلت مستمراً بعملي إلى اليوم، كما علمتها لأولادي وللراغبين بذلك».
وعن واقع حال المهنة، والتطور الذي طرأ عليها يضيف: «تدل بعض الدراسات على أن النحاس استُخدم في تزيين القصور والمعابد منذ مئات السنين، لكن لديه خصوصية لدى السوريين، وخاصة "الدمشقيون" منهم، حيث لم يخلُ منزل من قطع النحاس؛ ولمدة طويلة كان على العروس أن تصطحب معها إلى بيت زوجها "طنجرة وست ملاعق وصحنين"، إضافة إلى (الكبجية)، وكل ذلك مصنوع من النحاس، إضافة إلى إبريق الماء الذي كان يعرف بإبريق الوضوء، و(الصدر) الذي يستخدم للطعام، وبعد الانتهاء يعلق كزينة على جدران المنزل، لكن مع تطور الحياة ودخول (الستانلس)، و"الزجاج" أصبح هناك قلة من الناس تقوم باستخدامه، وإن وجد فهو فقط للزينة».
الحرفي "أحمد الضعضي" يعمل بذات المهنة يقول: «يعدّ "رضوان الطويل" الأب الروحي للعاملين بالمهنة؛ حيث استطاع خلال مسيرته الطويلة أن يكتنز الكثير من الخبرة، التي لم يبخل علينا بها، وخصوصاً للمبتدئين فيها، كانت لنا مشاركات معاً في أكثر من فعالية، فهو الراعي والمرشد لنا، وكان له حضوره الذي فرضته الخبرة والتميز في عمله؛ حيث استطاع أن يترك بصمة ميزته عن باقي الحرفيين، فمجرد رؤية القطعة تدرك أنها خرجت من تحت يديه لأنه يعطيها من روحه، وقد أبدع في نقش "الصواني"، وعلى الرغم من تقدمه بالسن إلا أنه مازال يعمل، ونحن نعتز به».
الحرفي فؤاد عربش
بدوره "فؤاد عربش" رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية قال: «تمَكن الحرفي "رضوان الطويل" خلال مسيرته المهنية من المساهمة في إحياء التراث السوري من خلال نقشه الرسوم والزخارف على النحاس؛ حيث تميز بين زملائه بنقش (صدر النحاس) المعروف لدى معظم العائلات الدمشقية، وما يميزه أنه إلى جانب احترافه للمهنة مازال إلى هذه اللحظة يعتمد العمل اليدوي؛ فلا وجود للآلة ضمن عمله، كما أنه عمل بإصرار على تعليمها لأولاده بالطريقة نفسها، خبرته الطويلة إضافة إلى مصداقيته أهلتاه ليكون شيخ كار بالمهنة؛ رأيه صائب ويعدّ مرجعاً في السوق في عملية بيع وشراء القطع النحاسية، ونحن كاتحاد حرفيين نستعين به كاستشاري ضمن مهنته أعطى الكثير وما زال يصمم على العطاء على الرغم من صعوبة العمل؛ إيماناً منه بأهمية الحفاظ على التراث اللا مادي السوري؛ الذي يعدّ جزءاً من ثقافتنا وهويتنا التي نفتخر بها كسوريين».
- ليلى علي
دعوه أصحاب المهنة بالأب الروحي؛ فما بين مهارة الحرفة وروعة الفن مازال الحرفي "رضوان الطويل" ينقش منذ 43 عاماً رسوماً وزخارف على النحاس؛ ليكون بذلك أقدم حرفي في سوق المهن اليدوية.
مدونة وطن "eSyria" التقت الحرفي "رضوان الطويل" في مكان عمله بسوق "المهن اليدوية"؛ ليحدثنا عن بداياته قائلاً: «ولدت في حي "السويقة" الدمشقي عام 1950؛ حيث قضيت طفولتي بين أزقته، وتلقيت دراستي حتى المرحلة الإعدادية، وشاءت الأقدار أن يلتقي أخي الأكبر صديقاً يتقن حرفة النقش على النحاس؛ حيث أخذها عنه، لكن أخي أراد أن يعلمني المهنة قبل سفره لدراسة الطب خارج البلد، وكنت آنذاك في السادسة عشرة من عمري؛ حيث بدأ عملي بها كهواية إلى أن التحقت بالخدمة العسكرية، وعندما بلغت العشرين من عمري قررت احتراف المهنة؛ حيث لجأت إلى وزارة السياحة، وتم تخصيصي بمحل في سوق "المهن اليدوية"، وكان ذلك عام 1972، وما زلت حتى اليوم أمارس عملي لأكون بذلك أقدم حرفي بالسوق».
يعدّ "رضوان الطويل" الأب الروحي للعاملين بالمهنة؛ حيث استطاع خلال مسيرته الطويلة أن يكتنز الكثير من الخبرة، التي لم يبخل علينا بها، وخصوصاً للمبتدئين فيها، كانت لنا مشاركات معاً في أكثر من فعالية، فهو الراعي والمرشد لنا، وكان له حضوره الذي فرضته الخبرة والتميز في عمله؛ حيث استطاع أن يترك بصمة ميزته عن باقي الحرفيين، فمجرد رؤية القطعة تدرك أنها خرجت من تحت يديه لأنه يعطيها من روحه، وقد أبدع في نقش "الصواني"، وعلى الرغم من تقدمه بالسن إلا أنه مازال يعمل، ونحن نعتز به
النقش على النحاس ويظهر الخط العربي
ويضيف قائلاً: «ما إن أتقنت المهنة حتى غدت جزءاً من حياتي؛ فمن خلال تعاملي اليومي مع النحاس أصبحت هناك علاقة حميمة معه، حيث تستطيع من خلال إدخال الفن إلى الجماد أن تجعل فيها روح، وهذا ما ولّد لديّ رغبة بالعمل، وحبّاً بالإبداع؛ فبعد الحصول على قطع النحاس الخام الذي يكون في الأغلب أحمر اللون، لكن بعد إضافة مادة الزنك يتحول إلى اللون الأصفر، فأقوم بانتقاء الرسوم المناسبة وأبدأ العمل، وكما هو معروف بأن النقش على النحاس مهنة تحمل الكثير من الطابع الشرقي، وهي بمجملها من الطبيعة عبارة عن رسوم نباتية "فاطمية" مستوحاة من الورد الجوري، والياسمين الذي يكثر في بلادنا، إضافة إلى الخط العربي الذي يستخدم عادةً للنقوش الهندسية، والخط العربي لنقش الحِكَم، وبعض الآيات القرآنية حيث تزيّن بها جدران البيوت، ودور العبادة، وبعد انتقاء الرسم أقوم بوضع القطعة المراد نقشها على "السندان"، وهو قطعة معدنية مثبّتة على قطعة خشبية وباستخدام قلم معدني، ومطرقة، وإزميل؛ أقوم بنقش الرسوم يدوياً لتشكل لوحة أُحَّملها من التراث السوري لتكون حافظة وناقلة له».
وعن مشاركاته تابع: «تعد المهنة جواز سفر إلى الخارج، ولمدة طويلة اقترن اسم الحرف اليدوية بحرفة التقاليد الشعبية، ولا بد لهذه التقاليد من الاستمرارية عبر بعض المهن؛ حيث تعد مهنة النقش على النحاس إحداها، وأنا أؤمن بأن الحرفي سفير لبلده من خلال مهنته، ولضمان نشرها قمت من خلال وزارة السياحة بالاشتراك بعدة معارض داخلية وخارجية؛ حيث تم اختياري لتمثيل "سورية" في مشروع "إحياء الصناعات المعدنية" في اليمن، وكانت مشاركة مميزة نلت إثرها شهادة تقدير، هذا إضافة إلى عدة معارض داخلية وأخرى خاصة، وإيماناً بأهمية الحفاظ على التراث السوري ما زلت مستمراً بعملي إلى اليوم، كما علمتها لأولادي وللراغبين بذلك».
وعن واقع حال المهنة، والتطور الذي طرأ عليها يضيف: «تدل بعض الدراسات على أن النحاس استُخدم في تزيين القصور والمعابد منذ مئات السنين، لكن لديه خصوصية لدى السوريين، وخاصة "الدمشقيون" منهم، حيث لم يخلُ منزل من قطع النحاس؛ ولمدة طويلة كان على العروس أن تصطحب معها إلى بيت زوجها "طنجرة وست ملاعق وصحنين"، إضافة إلى (الكبجية)، وكل ذلك مصنوع من النحاس، إضافة إلى إبريق الماء الذي كان يعرف بإبريق الوضوء، و(الصدر) الذي يستخدم للطعام، وبعد الانتهاء يعلق كزينة على جدران المنزل، لكن مع تطور الحياة ودخول (الستانلس)، و"الزجاج" أصبح هناك قلة من الناس تقوم باستخدامه، وإن وجد فهو فقط للزينة».
الحرفي "أحمد الضعضي" يعمل بذات المهنة يقول: «يعدّ "رضوان الطويل" الأب الروحي للعاملين بالمهنة؛ حيث استطاع خلال مسيرته الطويلة أن يكتنز الكثير من الخبرة، التي لم يبخل علينا بها، وخصوصاً للمبتدئين فيها، كانت لنا مشاركات معاً في أكثر من فعالية، فهو الراعي والمرشد لنا، وكان له حضوره الذي فرضته الخبرة والتميز في عمله؛ حيث استطاع أن يترك بصمة ميزته عن باقي الحرفيين، فمجرد رؤية القطعة تدرك أنها خرجت من تحت يديه لأنه يعطيها من روحه، وقد أبدع في نقش "الصواني"، وعلى الرغم من تقدمه بالسن إلا أنه مازال يعمل، ونحن نعتز به».
الحرفي فؤاد عربش
بدوره "فؤاد عربش" رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية قال: «تمَكن الحرفي "رضوان الطويل" خلال مسيرته المهنية من المساهمة في إحياء التراث السوري من خلال نقشه الرسوم والزخارف على النحاس؛ حيث تميز بين زملائه بنقش (صدر النحاس) المعروف لدى معظم العائلات الدمشقية، وما يميزه أنه إلى جانب احترافه للمهنة مازال إلى هذه اللحظة يعتمد العمل اليدوي؛ فلا وجود للآلة ضمن عمله، كما أنه عمل بإصرار على تعليمها لأولاده بالطريقة نفسها، خبرته الطويلة إضافة إلى مصداقيته أهلتاه ليكون شيخ كار بالمهنة؛ رأيه صائب ويعدّ مرجعاً في السوق في عملية بيع وشراء القطع النحاسية، ونحن كاتحاد حرفيين نستعين به كاستشاري ضمن مهنته أعطى الكثير وما زال يصمم على العطاء على الرغم من صعوبة العمل؛ إيماناً منه بأهمية الحفاظ على التراث اللا مادي السوري؛ الذي يعدّ جزءاً من ثقافتنا وهويتنا التي نفتخر بها كسوريين».