محبو تصوير قطارات اليابان.. 5 ملايين شغوف ومشاغب ومغامر
أعضاء من مجموعة "توري-تيتسو" يلتقطون صوراً لخدمة قطارات الشارتر الفاخرة Cassiopeia، التي تم نقلها بواسطة قاطرة كهربائية، بالقرب من مسار للسكك الحديدية بمحافظة سايتاما قرب العاصمة اليابانية طوكيو- 28 فبراير 2022 - AFP
28 مارس 2022 08:37آخر تحديث:28 مارس 2022 08:37
طوكيو-
أ ف ب
يشترك أكثر من 5 ملايين ياباني في مجموعات متعددة تبدي الشغف الكبير بالقطارات وكل ما يحيط بهذه الصناعة العريقة في البلاد، حيث يبدون مسالمين في ممارسة شغفهم.
لكن مجموعة تسمى بـ "توري-تيتسو"، أي محبي تصوير القطارات، بدأت تلفت الانتباه إلى 5 ملايين شغوف بعالم القطارات، عندما سجلت البلاد تجاوزات وصف بعضها بالعدوانية عندما يسعى أحدهم لالتقاط صورة مذهلة، أو صورة نادرة أو صورة غير مألوفة لأحد قطارات اليابان.
ولطالما أثارت القطارات اليابانية الإعجاب في اليابان وسائر أنحاء العالم بسبب تقنياتها المتطورة والتزامها جداول مواعيدها الدقيقة.
شغوفون يترقبون مرور قطار على مسار سكة الحديد في محافظة سايتاما المجاورة للعاصمة اليابانية طوكيو - 28 فبراير 2022
وتدور مجموعات من الهواة حول السكك الحديد، من بينهم أولئك الذي يحفظون عن ظهر قلب جداول مواعيد القطارات، والشغوفون بتسجيل ضوضائها، إضافة إلى محبي وجبات الغداء التي تباع في المحطات وجامعي مجسمات القطارات الصغيرة.
ويوضح المستشار في شركة "NRI" نوبواكي تاكادا، أن اليابان كانت تضم نحو 5 ملايين شغوف بالقطارات عام 2015.
والأشخاص الذين يمثلون الـ"توري-تيتسو"، موجودون في اليابان منذ عقود، لكنّهم أثاروا الانتباه خلال السنوات الأخيرة بسبب مشاجرات وقعت بينهم، فضلاً عن اقتحامهم مناطق محظورة، وقيامهم بممارسات تنطوي على العنف.
وبينما كان الوداع المؤثر لقطارات كانت تقوم برحلاتها الأخيرة شائعاً خلال ستينات القرن الماضي وسبعيناته، تثير ممارسات تُسجّل أخيراً قلق محبّي القطارات، كالتحرش براكب دراجة هوائية دُعي لالتقاط صورة مع القطار والاعتداء الذي طال العام الماضي أحد المراهقين.
البحث عن اللقطة المثالية
يعتبر ماساو أودا، وهو مصوّر قطارات هاو يعمل في هذا المجال منذ 50 عاماً، أن هذه التصرفات أساءت بالتأكيد لصورة محبي القطارات.
ويقول أكيرا تاكاهاشي (27 عاماً)، المولع بقطار Class EF66 الكهربائي، إن "الأشخاص يشيرون إليّ بأصابعهم" أثناء التقاط الصور.
ويضيف الرجل الذي يرفض أن "يُدرج في الخانة نفسها مع مفتعلي المشكلات"، أن "الصورة المرتبطة بنا أصبحت بغالبيتها سلبية".
يستيقظ يونوسكه تاكاهاي، وهو طالب يبلغ 19 عاماً، أحياناً عند الساعة الخامسة صباحاً ليذهب إلى الصيد ويعمل بدوام جزئي في مصانع لتحقيق شغفه، ويقول إنه يحب "أي شيء" يتعلق بالقطارات كالضجة التي تحدثها والأجواء المحيطة بها...".
ويرى أن "اللحظة، التي يتمكن فيها الشخص من رؤية قطار كان ينتظره لساعات، ممتعة جداً".
ويعتبر الصحافي المتخصص جون أوميهارا الذي عمل سابقاً في إحدى أشهر المجلات المتخصصة بالسكك الحديد في اليابان، أن التصرفات العدوانية، التي تمارسها بشكل متزايد مجموعة "توري-تيتسو"، مرتبطة بسعيهم للحصول على لقطة مثالية للقطارات.
ويعزو أوميهارا هذه التصرفات كذلك إلى عدد قليل من القطارات التي أصبحت خارجة عن الخدمة. ويقول إن "كل قطار يستحق بالنسبة لهم معركة تتمثل في الحصول على صورة يكملون فيها مجموعتهم".
ويضيف أن الشغوفين "لن يتحملوا فكرة عدم حصولهم على الصورة الأخيرة التي تكمل مجموعتهم"، من هنا يمارسون تصرفات تنمّ أحياناً عن شعورهم بـ"الإحباط".
"التوري-تيتسو يمثلون ثقافة"
تسبّب تطور المدن في اختفاء "أماكن معيّنة" مثالية لالتقاط الصور، ما زاد من صعوبة التقاط صور مشابهة لتلك التي يعتبرونها مراجع.
وتظهر هذه الصور المنشورة في مجلات متخصصة تستهدف الـ"توريتيتسو"، لقطات لقطارات خالية من "العناصر المقتحمة" (كالحواجز والأشجار والركاب...).
ويرى أوميهارا أن "محاولة الحصول على لقطات مماثلة في الحياة الواقعية أمر شبه مستحيل، لكنّهم يسعون إلى تحقيق ذلك رغم كلّ شيء".
ولمواجهة الشغوفين الذين يدخلون أماكن محظورة، زادت شركات السكك الحديد من الإجراءات المرتبطة بأمن مرافقها.
وأطلقت شركة "جي آر إيست" التي تقدم خدماتها في الجزء الشمالي من اليابان الذي يضم العاصمة، العام الماضي، نادياً مخصصاً للشغوفين بالقطارات.
ويقول المسؤول عن المشروع يوسوكه ياماموتو: "يمكننا الاعتماد على الـ"توري-تيتسو"في التقاط صور مذهلة لقطاراتنا ونشرها عبر الإنترنت".
ويتابع: "وبدل معاملتهم على أنّهم أعداؤنا، نبني علاقة جيدة معهم" حتى يتخلى المجتمع عن أفكاره المسبقة المرتبطة بهم، مشيراً مثلاً إلى محبي الشرائط المصوّرة والرسوم المتحركة الذين أصبحوا أقل عزلة اجتماعياً منذ تغلب شغفهم على الرأي العام.
ويؤكد ياماموتو أن "الـ"توري-تيتسو"يمثلون ثقافة"، معرباً عن أمله في أن "تتغيّر الصورة المرتبطة بهم".
اقرأ أيضاً: