عفيفة لعيبى. Afifa Aleiby

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عفيفة لعيبى. Afifa Aleiby


    عفيفة لعيبى. Afifa Aleiby

    #أعمال_فنية
    بدأت الفنانة التشكيلية العراقية المتميزة عفيفة لعيبي الرسم منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكن يبدو أن اسمها أصبح معروفًا تدريجيًا في أوساط المشهد الفني الإقليمي فقط خلال الأعوام القليلة الماضية.

    كان أول ظهور لها في معرض آرت دبي في عام 2021 من خلال معرضها الفردي الشهير الذي قدّم لوحات مؤثرة لشخصيات نسائية أثارت النقاش بين رواد المعرض، وهو ما اعتبرته لحظة مهمة في مشوارها الفني.

    كانت النرويجية كريستين هيليجيردي، التي تدير معارض تحمل اسمها في لندن وبرلين، هي من قدمت أعمال لعيبي للجمهور في دبي. سمعت هيليجيردي لأول مرة عن لعيبي عبر نجل الفنانة، النحّات آذار جابر، وتأثرت بما رأت.

    في مقابلة لها قالت هيليجيردي: "أحببت الطريقة التي تُصوّر بها النساء، وقد قالت إنها ترسمهن من أجل الجمال والسياسة، وتسرد قصصًا يجب أن تُروى، ويمكنك تلمس حقًا الشغف الكامن في هذه اللوحات".

    هيليجيردي مثّلت لعيبي منذ عام 2019، حيث عرضت أعمالها في عدد من الفعاليات الفنيّة الإقليمية والعالمية، وقالت: "أعتقد أن عفيفة هي واحدة من أهم الفنانات العراقيات على الساحة الفنيّة اليوم...ومن واجبي أن أتأكد من حصولها على فرص جيّدة لعرض أعمالها في المتاحف بالمستقبل". على المستوى الشخصي، أضافت هيليجيردي: "إنها شخص يبعث البهجة والدفيء في النفس، وأنا أشعر بالفخر حقًا لوجودي معها في هذه الرحلة".

    يبدو أن لعيبي، التي تُقيم في هولندا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، كان مُقدّرا لها أن تحترف الفن التشكيلي، حيث وُلدت في مدينة البصرة جنوب العراق عام 1953 لعائلة كانت تُقدّر الفن وتدعمه، وهو أمر يعتبر غير تقليدي إلى حد ما في المجتمع العراقي في ذلك الوقت.

    قالت لعيبي لعرب نيوز عام 2021: "بالنسبة لبعض العائلات، كان من غير المقبول اجتماعيًا أن يدرس أبناؤهم الفن...كانت عائلتي تهتم بالكتب والمسرح والسينما والموسيقى، هذه هي البيئة التي نشأت بها. وكوني أصغر طفل في عائلتي، لم تكن هناك حواجز أمامي، فكل ما كنت أرغب فيه يصبح حقيقة".

    عقب دراستها في معهد الفنون الجميلة في بغداد، حيث تتلمذت على يد الفنانين العراقيين المشهورين شاكر حسن آل سعيد ورافع الناصري، سافرت لعيبي إلى الاتحاد السوفيتي عام 1974، حيث دَرست في معهد سوريكوف للفنون التشكيلية بموسكو، وبسبب الوضع غير المستقر في العراق، لم تستطع العودة إلى بلادها، فأصبحت كالرحالة، وعاشت في اليمن وإيطاليا.

    إيطاليا التي وصفت الفنانة شوارعها ذات مرة بأنها "متحف في حد ذاتها"، كان لها تأثير على حياة لعيبي وأعمالها الفنية، لا سيما فلورنسا عاصمة عصر النهضة. قالت هيليجيردي: "لقد بنت حياة جديدة هناك كلاجئة، على نحوٍ ما، لكنها كانت لحسن الحظ في أجمل مكان على وجه الأرض. وقد انتهى بها الأمر بالذهاب إلى هناك دون أن يكون لديها مجتمع، وأعتقد أن الفن أصبح مجتمعها."

    تفيض لوحات لعيبي بالمشاعر التي تُعبّر عنها بطريقة حزينة وهادئة، شخوصها لطيفة، متأملة، حسيّة، ونساءها هن قلب اللوحة. في حديث سابق لها، قالت لعيبي: "في تاريخ الفن، كانت المرأة أهم عنصر...فهي تمنح الحياة...هناك نوع من الرقة في الكيفية التي تتحرك بها المرأة وتجلس وتتحدث وتستخدم يداها، هذه كلها عناصر مهمة بالنسبة لي، وهي تثري لوحاتي".

    من خلال وضع شخوصها على خلفيات من المشاهد الطبيعية التخيلية – التي تكون هادئة أو مظلمة في بعض الأحيان – طوّرت الفنانة لغة تصويرية خاصة بها لدرجة أنه، كما قالت هيليجيردي، "أصبح لديها هوية قوية، حتى أنك إن رأيت أيًا من لوحاتها، ستعرف فورًا أنها من صنيعها... الكثير من أعمالها لها طابع مسرحي بشكل كبير، وكأنها خلفيات مسرحية، فهي تضع الستار وتصنع السرد وتتقن الضوء والظل، وإن نظرت إلى النساء في لوحاتها، يُمكنك أن ترى القصة التي يرغبن في روايتها وأن تشعر بها، وكل واحدة من لوحاتها يُمكن أن تكون فيلمًا أو كتابًا".

    استلهمت لعيبي وحيها من عناصر مختلفة من تاريخ الفن، لكن قد تنطوي أعمالها أيضًا على لمحات من حياتها الشخصيّة. تصف هيليجيردي لعيبي بأنها "مناضلة في سبيل الحرية"، تتأمل أحيانًا الحروب وعواقبها المُدمّرة، وهو أمر تألفه الفنانة. وأضافت هيليجيردي: "هناك حزن نابع من فقدانها بلدها، وعدم قدرتها على العودة إليه، حيث فارقته منذ أكثر من 35 عامًا أو نحو ذلك. أعتقد أنها تفكر في وطنها كل يوم". وتلقت الفنانة منذ فترة غير بعيدة صدمة أخرى بوفاة زوجها الثاني، أستاذ التاريخ الإسلامي، بيتر شورد فان كونينغسفيلد، والذي تزوجته منذ عشرين عامًا. تقول هيليجيردي: "لقد اعتادت الفقد في الحياة...والرسم هو وسيلة للبقاء والصمود".

    تُفضّل لعيبي أن تستغرق وقتًا متأنيًا في الرسم، ويُقال إنها تعمل على لوحتين أو ثلاث في وقت واحد في شقتها المفتوحة التي تحوي مرسمها. تُعرض لوحات لعيبي في مؤسسة فرجام، ومؤسسة بارجيل للفنون، إلى جانب مجموعات المقتنيات الخاصة الأخرى، كما عُرضت أعمالها في برلين والقاهرة ومدينة الكويت ولاهاي.

    تشير هيليجيردي إلى أن العديد من أعمال لعيبي يتم شراءها من قبل جامعي الأعمال الفنية من حول العالم، وتحديدًا -بل وربما بشكل مفاجئ – من الولايات المتحدة الأمريكية، وتقول: "إن العالم أكثر انفتاحًا مما نتصور. أعتقد أن الناس يريدون فقط فنًا جيدًا حقًا، وهذه هي غاية الفن وميزته: إنه من خلاله نتعلم المزيد عن بعضنا البعض".
يعمل...