مجال الكوميديا ليس مجالا آنيا ولا يمنح الشهرة سريعا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مجال الكوميديا ليس مجالا آنيا ولا يمنح الشهرة سريعا

    مجال الكوميديا ليس مجالا آنيا ولا يمنح الشهرة سريعا


    الفنان إحسان دعدوش: بحجة الكوميديا استبعدت عن الدراما.
    الخميس 2025/03/20
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    سينما الأطفال وأفلام شارلي شابلن جعلتني فنانا (تصوير علي هاشم)

    لا اختلاف على أن الكوميديا فن صعب مقارنة بغيره، ولكن الكثير من الممثلين الذين ينجحون في فن الكوميديا يتم حصرهم فيه، وبالتالي لا نجدهم في أنواع أخرى من الدراما. من بين هؤلاء الفنان العراقي إحسان دعدوش، الذي حرمه نجاحه بصفته كوميديا من الأعمال الدرامية الأخرى. حول هذه القضية ومسيرته ورؤاه كان لنا معه هذا الحوار.
    أحمد سميسم


    منح الفنان إحسان دعدوش الابتسامة للجمهور وأدخل البهجة في بيت كل عراقي عبر ما يقدمه من فن كوميدي رصين، بات يشكل حضورا فنيا لافتا، فأعماله تحظى بمشاهدة كبيرة من مختلف شرائح الجمهور، حريص على عمله الفني لذلك نجده قد يرفض أعمالا كثيرة لا تناسبه.

    ولد الممثل وسط أسرة محبة للفن وللابتسامة ما شجعه لدخول عالم الكوميديا من أوسع أبوابه، وقد منحه الفنان الراحل راسم الجميلي أول فرصة للمشاركة في مسرحية شعبية بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة عام 1992 فاستطاع أن يلفت الأنظار حينها، إذ يؤمن بأن الفنان الكوميدي يجب أن يبحث في ثنايا الحياة بأدق التفاصيل لالتقاط المشاهد الحقيقية وتوظيفها في الفن، بينما لديه رصيد كبير من محبة الناس الذين يلتفون حوله أينما حل ليقابلهم بابتسامته التي لا تفارق محياه.
    مسار فني


    الفنان الكوميدي يبحث دائما عن الأفكار وفي ثنايا الحياة بأدق التفاصيل محاولا التقاط المشاهد الآنية المناسبة وتوظيفها

    منح إحسان دعدوش الابتسامة للجمهور وأدخل الفرح لملايين من الناس، نسأله هل استطاع أن يمنح الابتسامة لنفسه، ليجيبنا “استطعت أن أكون سببا في إسعاد كثير من الناس من خلال أعمالي الفنية، أنا سعيد في الواقع، ليس بالمطلق طبعا، لكن إلى حد ما بين أسرتي وأصدقائي المقربين فدائما لا أبتعد عن الروح المرحة التي تضفي طابعا محببا بين الناس.”

    يبدو أن الفنان الكوميدي بالذات مهمته أصعب من الفنان العادي أو التراجيدي، هذا ما يؤكده دعدوش مبينا أن الفنان الكوميدي يجب أن يبحث دائما عن الأفكار وفي ثنايا الحياة بأدق التفاصيل وما بين السطور والتقاط المشاهد الآنية المناسبة وتوظيفها في الفن، فضلا عن الفطرة الأولى للفنان ومدى استحسانه في المواقف الكوميدية، هذه ليست مهمة الفنان العادي بل الكوميدي، لذلك الفنان الكوميدي مهمته شاقة ودقيقة وهي تختلف ما بين فنان وآخر فبعضهم فنان يؤدي فقط والآخر مجتهد مبدع لذلك نراه يتجاوز أحيانا النص ويشاكسه ضمن حدود الإطار الإبداعي بموافقة المخرج ليقدم مشهدا قويا غير ممل، لذلك ففي رأيه من الصعب أن تكون فنانا كوميديا ناجحا.

    ويرى دعدوش أن البيئة الأولى للفنان مهمة في تحديد مساراته الفنية، قائلا “بيئتي ساعدتني في الجينات في دخول الكوميديا فوالدي ووالدتي كانا يمتلكان الروح المرحة والابتسامة الدائمة، فضلا عن شغفي في مشاهدة سينما الأطفال وأفلام شارلي شابلن والنشاطات المدرسية، من هنا تولد لدي حلم أن أصبح فنانا.”

    يتحدث الممثل العراقي عن أول عمل فني شارك فيه، يقول “بعد تخرجي من معهد الفنون الجميلة جاءتني فرصة للمشاركة في مسرحية شعبية عام 1992 بترشيح من الفنان الراحل راسم الجميلي بعنوان ‘الإمبراطور‘، فكنت خجولا ولم يسبق لي المشاركة في مسرح شعبي حيث كنت أتدرب على الأعمال المسرحية باللغة العربية الفصحى التي تقدم في المعهد، استطعت أن أثبت حضوري في المسرحية وأعمل فارقا، لذا بعد تجربتي المسرحية جاءتني فرصة أخرى للمشاركة في مسلسل ‘عالم الست وهيبة‘ بعد أن أعجب بي المخرج الراحل، فاروق القيسي ورشحني للمسلسل.”

    أما عن الأعمال التي زاولها فيقول “عملت في الكهرباء والحلاقة في فترة ما، لأننا كنا من ذوي الدخل المحدود ووالدي يعمل في الصحة ونحن أسرة كبيرة مكونة من ستة إخوان وسبع أخوات، لذلك حاولت الاعتماد على نفسي لأعيل نفسي وأسرتي، تعبت وعانيت كثيرا لأصل إلى ما أنا عليه الآن.”

    الممثل يدعو إلى الابتعاد عن قصص العصابات في الدراما العراقية والاتجاه إلى القصص الاجتماعية ذات المضمون العميق

    بدايات دعدوش كانت من الإعلانات التلفزيونية، يقول عن ذلك “عملي في مجال الإعلانات قربني من الجمهور، حيث كان الفنان من الصعب أن يحصل على فرصة للظهور في التلفزيون في التسعينيات، فحققت شهرة واسعة بظهوري في الإعلانات بترشيح أيضا من المخرج الراحل فاروق القيسي، وأصبحت معروفا في الشارع واسمي كان متداولا في الفن، أما إعلانات اليوم فأصبحت غير عميقة ولا تؤدي الغرض منها وغياب السيناريو الإعلاني الذي يضفي أهمية وتشويقا للإعلان فضلا عن أمانة المعلن وصدق المنتجات المعلنة.”

    هناك من يعتبر الفنان إحسان دعدوش امتداد لمدرسة الفنان الراحل راسم الجميلي والفنانة الراحلة أمل طه في المجال الكوميدي، يعلق الممثل عن ذلك “أتشرف أن أكون امتدادا لمدرسة الراحلين الكبيرين، الفنان راسم الجميلي والفنانة أمل طه وأيضا الفنان الكبير محمد حسين عبدالرحيم، وأعتبر نفسي محظوظا كوني عملت وعاصرت هؤلاء العمالقة في الفن الكوميدي العراقي، وأيضا يوجد جيل جديد سيكمل مسيرتنا أيضا.”

    الملاحظ أن المخرجين حصروا دعدوش في خانة الكوميديا فقط، ورغم أنه لا يرى في ذلك ظلما، لكنه يقر بأنه أبعده عن الأعمال الدرامية لسنوات طوال بحجة أنه كوميدي فقط. مضيفا ” الفنان يلعب جميع الأدوار وليس دورا واحدا، ومن هنا أوجه سؤالا إلى الجهات الإنتاجية والمخرجين، لماذا إحسان دعدوش مستبعد عن الأعمال الدرامية؟ بعضهم قد يعتقد أنني محتكر لجهة ما وهذا غير صحيح، لست محتكرا لأي جهة في تقديم أعمالي الفنية.”

    دور إحسان دعدوش في مسلسل “عالم الست وهيبة” الجزء الثاني بشخصية “حسيب” كان دورا محدودا لم يتناسب مع إمكاناته الفنية، يقر الفنان بذلك متابعا “تفاجأت بمساحة الدور ولم أطلع على السيناريو وامتداد الشخصية في العمل، لذلك قلت للمخرج، سامر حكمت بأنني مثلت دور حسيب في عام 1996 في الجزء الأول من المسلسل، كان من المفترض أن تأخذ الشخصية دورا أكبر في الجزء الثاني، لذلك قبلت العمل على مضض من أجل إكمال الدور في الجزء الثاني وهذا الدور ليس طموحي إطلاقا ولا يتناسب مع اسمي الفني ولن أكرر هذه التجربة.”
    صعوبة الكوميديا



    أعمال ناجحة


    حول ظهور عدد من الوجوه الفنية الشابة الكوميدية بعد جيله في الساحة الفنية، يقول الممثل “للأسف الجيل الجديد أغلبهم يهتمون بالشهرة والظهور أكثر من المحتوى الفني، مجال الكوميديا ليس مجالا آنيا بمعنى لن يمنح الشهرة سريعا يجب المطاولة في المجال وإثبات الذات، هناك محاولات جميلة من قبل بعض الفنانين الكوميديين الشباب لكنهم لم يستمروا واتجهوا للأعمال الدرامية الجادة، مثلا يعجبني كادر ولاية بطيخ وبما قدموه من طروحات جميلة رغم تحفظي على بعض الحوارات التي وردت في البرنامج وأنا أعطيتهم بعض الملاحظات.”

    غالبا ما تتهم الكوميديا العراقية بالساذجة، يعلق دعدوش “الكوميديا العراقية ليست ساذجة إطلاقا، الكوميديا إحدى أدوات التغيير لذلك في زمن الإغريق والرومان منعوا تقديم المسرحيات الكوميدية وحرقوا كل النصوص كونها تحرض الشعب على طبقة النبلاء والحكومة آن ذاك، أما السذاجة في الكوميديا فكانت بسبب البعض من الذين قدموا كوميديا رخيصة لا ترتقي للفن الكوميدي، لذلك بعض الفنانين سطحوا مفهوم الكوميديا وألبسوها ثوبا رخيصا.”

    نسأله ما الذي يحتاجه المشاهد العراقي اليوم بصورة مكثفة، الأعمال الكوميدية أم التراجيدية؟ ليجيبنا “المشاهد يحتاج إلى الأعمال الكوميدية والتراجيدية لأنهما خطان متوازيان، لكن لو سألتني عن الحاجة الأكثر طلبا ومشاهدة فأكيد ستكون الأعمال الكوميدية كونها بصيص أمل للجمهور وراحة للنفس، وأتمنى أن نبتعد عن قصص العصابات في الدراما ونغادر هذه المنطقة ونتجه إلى القصص الاجتماعية ذات المضمون العميق.”

    الممثل الكوميدي إحسان دعدوش منح الابتسامة للجمهور وأدخل الفرح لملايين من الناس

    لدى إحسان دعدوش وجه فني آخر ربما لم يعرفه الكثيرون، وهو أنه مارس تجربة الإخراج السينمائي والتلفزيوني، يقول عن ذلك “نعم درست الإخراج وأخرجت أربعة أفلام سينمائية قصيرة ضمن النشاط المدرسي الذي أعمل به في وزارة التربية، وواحد من الأفلام حاز على جائزة، وأخرجت أيضا مسلسلا دراميا لصالح قناة السلام بعنوان ‘مقصات‘، وآخر عمل أخرجته بعنوان ‘تخدير موضعي‘ لقناة دجلة الفضائية، وهناك فيلمان كوميديان أعمل على تحضيرهما في الأيام المقبلة.”

    نسأله ما الشيء الذي لو يعود به الزمن لن يفعله مطلقا؟ ليجيبنا “لربما لو لم أكن طيبا أكثر من اللازم لكان أفضل، طيبتي خسرتني أشياء كثيرة وفسرت على أنها مسامحة واستغلال من الآخرين.”

    وإجابة عن سؤال هل يضحكه إحسان دعدوش على الشاشة؟ يقول “نعم أضحك عندما أشاهد نفسي على الشاشة وأحيانا أتفاجأ بأعمالي وأقول مستغربا هل هذا أنا، بعد مرور الأعمال بعملية المونتاج والمؤثرات الفنية.”

    الفنان الكوميدي معرض للنقد أكثر من غيره، هذا ما يراه الممثل العراقي مبررا ذلك بأن الفنان الكوميدي دائما ما يكون قريبا من الناس والشارع لذلك قد يكون عرضة للنقد، وبالطبع هناك نقد بناء ونقد جارح مدفوع، غايته أن يقلل من قيمة الفنان أمام الجمهور، مشددا على أن التعليقات الجارحة لا تستوقفه.

    أما عن الشيء الذي يشعره بأكبر قدر من الحرج، فيقول “تصرفات الجمهور غير المحسوبة أحيانا تصيبني بالحرج مثلا طلب تصوير فيديو بصورة مفاجئة حينما أكون غير مستعد أو الظرف لا يسمح بذلك، أو التقاط الصور بوقت غير ملائم، لذلك أتعامل بحذر مع الجمهور حتى لا تؤخذ بغير منحى.“

    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...