أدب الطفل في سلطنة عمان وسيلة لتعزيز الهوية وبناء المستقبل
قطاع إبداعي حيوي يواجه التحديات بابتكار أبطال قريبين من بيئة القارئ.
الثلاثاء 2025/03/18

تحظى ثقافة الطفل في سلطنة عمان باهتمام متزايد
يعتبر أدب الطفل والفنون الموجهة إليه أدوات هامة لصناعة أجيال مستقبلية متشبعة بهويتها ومنفتحة على الآخر، وبالتالي هو استثمار حقيقي في الإنسان والحضارة، وليس مجرد أدوات للتسلية. وفي سلطنة عمان هناك وعي كبير بهذا التوجه الهام رغم ما يواجهه من تحديات.
خميس الصلتي
مسقط - يعد الأدب بكافة توجهاته في سلطنة عمان جزءا أصيلا من الهوية الثقافية، فقد شهد تطورا تصاعديا ليصبح نافذة تعكس قضايا المجتمع ورؤى المستقبل، كما أن الراصد لواقع هذا الأدب يجد مدى تفاعله مع الناشئة واحتوائه على فكر الطفل من خلال أبجديات أسهمت في تشكيل وعي الأجيال وتنمية مخيلتها، ما يجعله أداة فعالة في تشكيل الوعي لدى الأجيال وتنمية خيالها.
وفي شأن سياق ممكنات ومحفزات الهوية الثقافية في أدب الطفل في سلطنة عمان يقول الدكتور عامر بن محمد العيسري، أستاذ مساعد للتربية المبكرة، بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس “لقراءة وتحليل الممكنات والمحفزات للهوية الثقافية في أدب الأطفال في سلطنة عمان، يمكننا التركيز على عدة محاور رئيسة تعكس تجليات الهوية العمانية في هذا الأدب، من بينها الموضوعات والقيم الثقافية، حيث يعكس أدب الأطفال في سلطنة عمان القيم المجتمعية مثل التعاون، والاحترام، والكرم، والشجاعة، وهي قيم متجذرة في الثقافة العمانية.”
الدعم والتحديات
أدب الأطفال العماني يمزج بين التراث والحداثة حيث تقدم الأشعار والقصص بأسلوب حديث محافظة على الروح التراثية
يشدد العيسري على أن “هناك اهتماما بإبراز الموروث العماني في أدب الطفل في سلطنة عمان، من خلال القصص والأشعار التي تتناول العادات والتقاليد المحلية مثل التعامل مع الوالدين والأقارب والجيران والأصدقاء والاحتفال بالأعياد، والأفراح، واللباس التقليدي، وأهمية المجالس العمانية في تبادل المعرفة وما يرافقها من استقبال الضيوف ومناسبات العزاء والأفراح واللقاءات التشاورية، وتعزيز الهوية الإسلامية من خلال أناشيد وقصص تحكي القيم الدينية والتعاليم الإسلامية بطريقة مبسطة تناسب الأطفال”.
ويضيف “بين تلك المحاور البيئة والطبيعة في القصص، فبعض الكتّاب العمانيين يستلهمون بيئتهم المحلية في الأشعار والقصص، فتظهر الجبال، والصحراء، والبحر والشاطئ، والأفلاج، مما يعزز ارتباط الطفل بمحيطه الطبيعي ويغرس فيه روح الانتماء، كما يظهر إبراز علاقة العمانيين بالبحر من خلال القصص التي تحكي عن الملاحة والتجارة وصيد اللؤلؤ. وهناك محور الشخصيات الرمزية الأسطورية، ويتجسد في توظيف الشخصيات التراثية مثل أحمد بن ماجد (الملاح العماني)، والخليل بن أحمد الفراهيدي ونورالدين السالمي أو شخصيات خيالية مستوحاة من التراث العماني مثل السندباد البحري، مما يرسّخ الهوية الثقافية لدى الطفل.”
إضافة إلى استخدام الحكم والأمثال الشعبية في الحوارات الأدبية والقصص والأناشيد لتعزيز المعرفة بالأمثال والحكم العمانية، فضلا عن محور اللغة والأسلوب، ويعتمد الكتاب العمانيون على اللغة العربية الفصحى المبسطة مع توظيف بعض المصطلحات والكلمات العمانية لتعريف الأطفال بمفردات لغتهم المحلية وما هو معروف من ارتباط اللهجة العمانية باللغة الفصحى في البنية والمنحنى.
كما يلاحظ لدى بعض الإنتاج الأدبي العماني الحفاظ على السرد الحكائي الشفهي، وهو جزء مهم من الثقافة العمانية، من خلال القصص التي تروى بطريقة تحاكي الأسلوب الحكائي في الموروث الشفوي العماني القديم مرورا بالرسوم التوضيحية ودورها في تعزيز الهوية، وقد لا يظهر الاهتمام بشكل الكتابة في معظم ما أنتجه الكتاب العمانيون للأطفال ولكن هناك اهتماما لدى بعض الكتاب بالرسومات والصور التي تعكس الملابس التقليدية، والعمارة العمانية، والحياة اليومية في عمان من نخيل وأفلاج ورمال ناعمة وشواطئ بحرية، مما يساعد الطفل على التعرف على عناصر هويته البصرية منذ الصغر.
ويؤكد العيسري أنه “يمكن تلخيص أبرز ملامح أدب الأطفال العماني في المزج بين التراث والحداثة، حيث تقدم الأشعار والقصص بأسلوب حديث ولكنها تحافظ على الروح التراثية، والتركيز على التعليم والتوجيه الأخلاقي من خلال الأناشيد والحكايات ذات الدروس المستفادة، والتفاعل مع القضايا المعاصرة مثل حماية البيئة واستخدام التكنولوجيا ولكن برؤية محلية، والاعتماد على الأسطورة والموروث الشعبي لإثراء الخيال وتعزيز الفخر بالهوية، والتنوع في الأنماط الأدبية من القصة والشعر والمسرحيات المصغرة إلى الكتب التفاعلية، بهذا، يشكّل أدب الأطفال في عمان وسيلة فعالة لتعزيز الهوية الثقافية وربط الأجيال الناشئة بموروثها الحضاري بأسلوب ممتع وتعليمي”.

ويتطرق العيسري إلى أبرز التحديات التي تواجهها الهوية الثقافية في ظل التداخل المعلوماتي في الفضاءات الثقافية المفتوحة، ويبيّن أن الإنتاج الأدبي المقدم للأطفال من قبل الكتاب العمانيين يواجه تحديات كثيرة مما قد يبطئ تقدمه وإمكانية منافسته للإنتاج المقدم للطفل العربي والعالمي، حيث لا يلاقي التشجيع الكافي ولا توجد حوافز تقدم لزيادة هذا الإنتاج وتجويده، وفي المقابل يجد الأطفال في سلطنة عمان كغيرهم من أطفال العالم ما يشبع شغفهم وميولهم في العالم الإلكتروني الأزرق، ما لذ وطاب من قصص وأشعار ومسرحيات قد تنقل إليهم عادات وسمات غير مقبولة أساسا في مجتمعاتنا المحافظة.
ويتابع “كما أن افتقاد هذا النوع من الإنتاج الأدبي للنقد العلمي المدروس يسهم في استمرار ضعف المحتوى المقدم وبطء تطوره، فنقد أدب الأطفال وإجراء الدراسات النقدية في هذا المجال من الأهمية بمكان لتكشف لنا عن الجوانب الإيجابية التي ينبغي التأكيد عليها وجوانب القصور والضعف لتلافيها وخصوصا في الموضوعات التي يتناولها أدب الطفل العماني وأساليب تقديمها ومسايرتها لمتطلبات الأطفال واحتياجاتهم في هذا العصر التكنولوجي المتطور. كما أن قلة الوعي لدى الكثير من الأسر والآباء والأمهات بأهمية المحتوى الأدبي وأسس اختيار المحتوى المناسب لأطفالهم وحثهم على قراءته والاستفادة منه يعد تحديا كبيرا ومؤثرا مما يسهم في ابتعاد الأطفال عن الأدب المحلي الموجه لهم وتجاهلهم له وانشغالهم بالمحتوى العالمي الإلكتروني المتاح في الفضاء الرقمي وهو في متناول أيديهم دائما.”
وتشير مشرفة مركز ثقافة الطفل بوزارة الثقافة والرياضة والشباب سلوى بنت سيف الراشدية إلى أبرز ملامح تلك الممكنات والتحديات التي تواجهها الهوية في ظل التداخل المعلوماتي في الفضاءات الثقافية المفتوحة، وتقول “تحظى ثقافة الطفل في سلطنة عمان باهتمام متزايد يعكس رؤية شاملة لتنمية الوعي المعرفي والإبداعي لدى الناشئة، حيث تشكل البرامج التفاعلية والوسائط الرقمية ركيزة أساسية في إيصال المحتوى الأدبي والثقافي بأساليب حديثة تتماشى مع متطلبات العصر.”
وتضيف “يعد مركز ثقافة الطفل نموذجا لهذا التوجه، إذ يسهم في تقديم تجربة معرفية متكاملة تجمع بين التعليم والترفيه، بما يعزز قدرة الأطفال على التفاعل مع المحتوى الثقافي بطرق إبداعية ومبتكرة. ويشهد دور البرامج التفاعلية في تنمية الوعي الأدبي لدى النشء في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في أساليب تقديم الأدب للناشئة في سلطنة عمان حيث تم توظيف التقنيات الحديثة مثل الواقع الافتراضي والمعزز وغيرها من التقنيات الرقمية المتقدمة في نقل المعرفة، مما جعل التجربة أكثر تشويقا وتأثيرا.”
كما يحرص مركز ثقافة الطفل بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، حسب الراشدية، على دعم المبادرات التي تعزز القراءة والتفاعل الأدبي من خلال حلقات العمل والفعاليات الثقافية التي تستهدف الأطفال. ويعمل المركز كمؤسسة تعليمية وثقافية على تقديم محتوى متنوع يجمع بين العلوم والآداب والثقافة والهوية العمانية من خلال برامج تفاعلية تستند إلى المناهج الحديثة، وتوظف الوسائط الرقمية في سرد القصص وعرض المعلومات بطرق بصرية وسمعية تحاكي اهتمامات الجيل الجديد.

وتشير إلى أن المركز يسهم في تعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الأطفال من خلال أنشطة تجمع بين التجربة الحسية والتفاعل المباشر. أما التوجه الرسمي نحو تعزيز المحتوى الرقمي للأطفال فيظهر من خلال الجهود الرسمية في سلطنة عمان التزاما واضحا بتطوير المحتوى الرقمي الموجه للأطفال، حيث تم إطلاق عدة مبادرات لتعزيز الثقافة الرقمية وإدماج الوسائط الحديثة في التعليم والتثقيف الأدبي. وتتمثل هذه الجهود في دعم إنشاء تطبيقات تعليمية وقصص رقمية تفاعلية، إلى جانب الفعاليات والأنشطة التي تحفز الأطفال على المشاركة والإبداع في مجالات الأدب والفنون. ويعمل مركز الطفل على تطوير برامجه بما يتماشى مع أحدث التوجهات في التعليم التفاعلي، من خلال توفير بيئة تعليمية متكاملة تعتمد على الابتكار والتجربة الذاتية، مما يسهم في تنمية مهارات الأطفال وتعزيز علاقتهم بالأدب والمعرفة.
وتوضح الراشدية أن هذه الجهود تتوافق مع الأهداف الإستراتيجية الثقافية التي تسعى إلى بناء مجتمع يعتز بهويته وثقافته وتراثه، ويستند إلى منظومة تعليمية وثقافية تعزز الإبداع والابتكار وتطوير نظام تعليمي يدعم القدرات الوطنية في مجالات البحث العلمي والابتكار، وبناء اقتصاد ومجتمع معرفي. وبلغ عدد المستفيدين من الحلقات والفعاليات والبرامج والمعارض والمهرجانات التي نظمها مركز ثقافة الطفل خلال عام 2024، 35.603 مستفيدا، مما يعكس الأثر الواسع لجهود المركز في تعزيز الثقافة والهوية واستخدام التكنولوجيا في نشر المعرفة. ويؤكد هذا الرقم الدور البارز للمركز في تطوير المحتوى التعليمي والتفاعلي، واستقطاب شريحة واسعة من الأطفال والمهتمين بثقافة الطفل على المستويين المحلي والإقليمي.
وتؤكد أن الأدب الموجه للأطفال في سلطنة عمان يمثل جزءا أساسيا من المشهد الثقافي، حيث تسهم الوسائط الرقمية والبرامج التفاعلية في تعزيز وصول المحتوى الأدبي إلى الناشئة بأساليب حديثة تتماشى مع تطورات العصر. ويبرز مركز ثقافة الطفل بوصفه نموذجا ناجحا يعكس هذا التوجه، من خلال تقديم تجربة تعليمية متكاملة تستند إلى التفاعل والتقنية الحديثة، مما يعزز دور المؤسسات الثقافية في بناء جيل واع ومثقف قادر على التفاعل مع معطيات العصر بأساليب مبتكرة ومستدامة.
مسرح الطفل

يتحدث المخرج المسرحي محمد بن خميس المعمري عن المسرح وتفاعله مع الناشئة واحتوائه على فكر الطفل وكل ما من شأنه تكريس الهوية الثقافية في سلطنة عمان، فيقول “مسرح الطفل في سلطنة عمان واحد من أهم أدوات التفاعل في تشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي والثقافي لدى الصغار وطلاب المدارس خاصة.”
ويضيف “لقد أسهمت العديد من الجهات الرسمية منها والأهلية في تعزيز هذا الجانب ما أدى إلى تفاعل الأدب العماني مع الطفل وتوجهاته الأدبية، كما أن المسرح المدرسي والموجه للأطفال من أبرز الوسائل التي تعمل على تنمية مخيلة الطفل وتطوير مهاراته الفكرية والاجتماعية من خلال العروض المسرحية التي قدمتها بعض الفرق المسرحية الأهلية مثل فرقة الرستاق المسرحية ومزون المسرحية، وفرقة مسرح الدن للثقافة والفن، ومهرجان المسرح المدرسي الذي يجمع بين الترفيه والتعليم، فيتم تقديم قيم إيجابية مثل التعاون والاحترام والصدق وحب الوطن وكل ما يسهم في بناء شخصية متوازنة للطفل داخل المدرسة وخارجها.”
ويتابع “لقد قامت العديد من المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة والطفل في سلطنة عمان مثل وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التربية والتعليم وبعض الفرق المسرحية بدور فعال في دعم المسرح الموجه للطفل من خلال تنظيم مهرجانات مسرحية خاصة أو عروض موسمية خاصة بالأطفال، بالإضافة إلى إقامة حلقات عمل تدريبية للكوادر الشابة في عناصر العرض المسرحي وفنون المسرح وإنتاج أعمال تعالج قضايا وسلوكات تهم الطفل في سلطنة عمان وتعكس هويته الثقافية.”
ويوضح أنه يمكن الإشارة إلى الإنجازات المتحققة في هذا السياق، أهمها، زيادة الوعي بأهمية المسرح المدرسي الذي أصبح وسيلة مهمة في مدارسنا لتعليم الأطفال قيما إيجابية ومهارات حياتية، وتنمية المواهب المحلية، فبرزت العديد من المواهب الشابة في مجال الكتابة المسرحية والإخراج والتمثيل ما يعكس قدرة المسرح على اكتشاف الطاقات الإبداعية، وتعزيز الهوية الوطنية والثقافية، ونجح الكثير من تلك الأعمال المسرحية في تقديم التراث العماني بشكل معاصر وجذب الأطفال لترسيخ انتمائهم إلى هويتهم الثقافية وهذا امتداد واقتباس من فن الرمسة العمانية والحكواتي بالأسلوب العماني المشوق.
ويشير إلى أنه بالرغم من الإنجازات المتحققة لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الدعم بكل توجهاته لتطوير مسرح الطفل في سلطنة عمان من خلال زيادة عدد العروض المسرحية والاهتمام بالمسرح المدرسي التربوي، ليكون أكثر حضورا على مستوى المحافظات، فهو يسهم في بناء مستقبل ثقافي مشرف.
مواكبة العصر

في شأن التفاعل في الأدب القصصي والروائي للأطفال في سلطنة عمان تتحدث الكاتبة والمختصة بأدب الطفل رقية بنت عبدالله الباديّة قائلة “شهد أدب الطفل في سلطنة عمان تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، تمثل في ظهور دور نشر متخصصة، مثل مكتبة الثعلب الأحمر ومسار الفكر، إلى جانب ازدياد الإنتاج في مجال قصص الأطفال المصورة. ومع ذلك، أرى أن هناك نقصا واضحا في الروايات الموجّهة لليافعين والأطفال رغم الجهود المبذولة من قبل عدد من الأدباء العمانيين ولا تزال هذه الإصدارات قليلة.”
وتقول إنها من خلال تجربة شخصية وفي إحدى حلقات العمل التي قدمتها في إحدى مدارس سلطنة عمان “رأيت حماس اليافعين وهم يتعرفون على شخصيات تشبههم؛ يرتدون الزي العماني، ويتناولون الأطعمة التقليدية، ويجوبون أماكن معروفة في سلطنة عمان، كما هو الحال في روايتي ‘سر القلادة’ و’ذهب منح المفقود’. إن وجود أبطال قريبين من بيئة القارئ يجعل الرواية أكثر تفاعلا وجاذبية، خاصة إذا كان صوت بطل القصة يعكس اهتمامات اليافعين وتحدياتهم في هذه المرحلة العمرية.”
وتوضح أن اختيار حبكة مشوقة في عالم واقعي يثير تفاعل الأطفال، مثل حل لغز غامض في بيئة جديدة يتعرف عليها اليافع مثل المسجد الأقصى في رواية “الوصية الغامضة”، أو بطل قصة يخوض مغامرة للنجاة من إعصار شاهين كما في رواية “صمت وسط الإعصار”، أو بطل قصة الأخطبوط الأزرق وهو يتخلى عن القراءة لأجل قضاء الوقت على هاتفه وما يصاحب ذلك من عواقب، وذلك ما يمثل واقع أغلب اليافعين اليوم.
الرواية الموجهة للأطفال تمتلك إمكانات كبيرة للنمو خلال السنوات القادمة وتتطلب إسنادا مؤسسيا حقيقيا ودعما من المجتمع
وتؤكد أن الأدب العماني الموجّه للأطفال لا يزال يفتقر إلى التنوع في الأجناس الأدبية، فنجد نقصا في الفانتازيا، والخيال العلمي، والروايات التاريخية، والغموض والإثارة، والكوميديا، وهي أنماط تجذب هذه الفئة وتسهم في تنمية خيالها وتعزيز حب القراءة لديها.
وتوضح أن الرواية الموجهة للأطفال تمتلك إمكانات كبيرة للنمو خلال السنوات القادمة وتتطلب إسنادا مؤسّسيا حقيقيا، ودعما من المجتمع المحلي لتعزيز ثقافة القراءة لدى الناشئة، مما يفتح المجال أمام إنتاج أدبي أكثر تنوعا وإبداعا.
ويقول مهند ثابت العاقوص، وهو كاتب وشاعر سوري مقيم في سلطنة عمان وله العديد من الإصدارات في أدب الطفل والناشئة التي أسهمت في إيجاد إضافة في أدب الطفل مرورا بالهوية الثقافية، “تمتلك سلطنة عمان قاموسا ثقافيّا فريدا اكتسبته من الموقع الجغرافي والخصوبة التاريخية والتنوع الحضاري، وهذا كله أوجد تربة مناسبة لظهور نمو أدب الطفل.”
ويضيف أن “في البداية اتسمت التجربة الأدبية بالتمحور حول الذات والانكفاء نحو الداخل لكنها سرعان ما انفتحت مقدمة الخصوصية العمانية بأبهى صورها على المحيط العربي، فتزايد عدد المشتغلين في ثقافة أدب الطفل كمّا ونوعا، وخاصة القصة الموجهة للطفل مع وجود فنون الأدب الأخرى من روايات لليافعين ومسرح للطفل وشعر الطفولة. ولم تكن الكلمة وحيدة في رحلة أدب الطفل بل رافقها تطور نوعي في رسوم كتب الأطفال قادته كوكبة من خريجي وخريجات كلية الفنون لتصبح هوية أدب الطفل العماني هوية ثقافية متكاملة تعتز بخصوصيتها القادرة على المنافسة وإثبات الذات”.
ويوضح أن تطور المصادر والعوالم الثقافية وانفتاحها السريع على كل جديد يشكل تحديا أمام ثقافة الطفل التي ينبغي أن تواكب العصر البصري بإنتاجات مرئية من “أنميشن” وغيرها من أدوات العرض الجاذبية. إن ثقافة الطفل محليّا تتقدم بسرعة وفي الطريق الصحيح بفضل الحراك الإبداعي الذي يتشارك فيه عدد من المؤسسات الرسمية والأهلية ذات الصلة بالشأن الثقافي في سلطنة عمان.