صالح عبد رحمن كاتب
Salih ibn Abd al-Rahman al-Katib - Salih ibn Abd al-Rahman al-Katib
صالح بن عبد الرحمن الكاتب
(...ـ نحو103هـ/... ـ نحو722م)
أبو الوليد صالح بن عبد الرحمن من أهل البصرة وأصله من بلاد فارس،أول من حول كتابة دواوين الخراج من الفارسية إلى العربية في العراق، وكان من سبي سجستان حين سباه مع أبيه الربيع بن زياد الحارثي في خلافة عثمان، ثم اشترتهما امرأة من آل النزال من بني مرّة من بني عبيد، ثم أعتقتهما. تعلم العربية وهو فتى، وتردد على ديوان الوالي زياد بن أبيه ومن بعده ابنه عبيد الله بن زياد بالكوفة، كما جالس الأحنف بن قيس وسواه من وجوه القوم. وأتيح لصالح أن يتصل بالحجاج قبل أن يغدو والياً، وحين ولاه عبد الملك العراق ألحق صالحاً بديوان الفارسية لديه، وكان يشغل هذا المكان زاذان فروخ الفارسي، فتعلم منه واستوعب ما كان يعمله وبعد ذلك صار خلفاً له. وقد وثق به الحجاج وقرّبه وأمره بنقل دواوين خراج البصرة والكوفة إلى العربية ففعل. ووضع مصطلحات للكتبة والحسبة الذين استغنوا بها عن المصطلحات الفارسية وتم له إنجاز ذلك العمل الرائد على خير وجه، فغلب عليه لقب الكاتب. وقيل إن كتبة الفرس بذلوا له ثلاثمئة ألف درهم على أن لا يفعل ذلك فأبى. وإليه ينسب الفضل في قلب دواوين الخراج وتعريبها.
وفد صالح على الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي عرف فضله أيضاً وولاه خراج العراق. وبقي صالح في منصبه حتى خلافة عمر بن عبد العزيز، وحينئذ استعفاه فأعفاه. وعاد إلى دمشق واتصل بالخليفة يزيد بن عبد الملك الذي تلقى كتاباً من واليه على العراق عمر بن هبيرة يرغب فيه إنفاذ صالح إليه لأمور تتعلق بالخراج، فبعث به إليه وأوصاه به، فلما مثل بين يديه قتله، وكانت تلك نهايته الأليمة. ومعلوم أن علاقة ذوي المناصب بالخلفاء والولاة وكذلك فيما بينهم لم تكن دائماً على خير ما يرجى. وهذا معهود لدى عديد من كتاب الدواوين في كل حين أيام بني أمية ثم بني العباس، كما لم يكن من اليسير على أمثالهم تجنب نزوات الحكام ومكايد الساسة وأحابيل الحسّاد. كان صالح يرى رأي الخوارج كشأن آخرين في ذلك الحين. وحدث أن كايده يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج لموجدة في نفسه عليه، فأشار على الحجاج أن يأمر صالحاً بقتل جوّاب الضبي أحد رؤوس الخوارج وقال له: «إن فعل برئت منه الخوارج وقتلته وإن أمسك عمد الحجاج إلى قتله».
عرف صالح الكاتب بإجادته الإنشاء بالعربية والفارسية، وكان فصيحاً بليغاً وجميلاً وذكياً قوي الحافظة. كما كان على قدر وافٍ من النزاهة والحرص على خزانة الدولة، وهذا ماجرّ عليه المعاناة وأورثه المتاعب. وتعد عامة كتّاب العراق في ذلك العصر من تلامذة صالح ومنهم المغيرة بن أبي قرة، والمغيرة وسعيد ابنا عطية. وقد أشاد بفضله عبد الحميد بن يحيى الكاتب آخر كتّاب بني أمية وأشهرهم، فقال:« لله در صالح ما أعظم منته على الكتّاب...».
عمر الدقاق
ـ المبرد، الكامل، تحقيق زكي مبارك (مصر 1937).
ـ الجهشياري، الوزراء والكتّاب، تحقيق السقا والأبياري (القاهرة 1938).
ـ ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق الكبير، هذّبه ورتبه الشيخ عبد القادر بدران (بيروت 1979).
Salih ibn Abd al-Rahman al-Katib - Salih ibn Abd al-Rahman al-Katib
صالح بن عبد الرحمن الكاتب
(...ـ نحو103هـ/... ـ نحو722م)
أبو الوليد صالح بن عبد الرحمن من أهل البصرة وأصله من بلاد فارس،أول من حول كتابة دواوين الخراج من الفارسية إلى العربية في العراق، وكان من سبي سجستان حين سباه مع أبيه الربيع بن زياد الحارثي في خلافة عثمان، ثم اشترتهما امرأة من آل النزال من بني مرّة من بني عبيد، ثم أعتقتهما. تعلم العربية وهو فتى، وتردد على ديوان الوالي زياد بن أبيه ومن بعده ابنه عبيد الله بن زياد بالكوفة، كما جالس الأحنف بن قيس وسواه من وجوه القوم. وأتيح لصالح أن يتصل بالحجاج قبل أن يغدو والياً، وحين ولاه عبد الملك العراق ألحق صالحاً بديوان الفارسية لديه، وكان يشغل هذا المكان زاذان فروخ الفارسي، فتعلم منه واستوعب ما كان يعمله وبعد ذلك صار خلفاً له. وقد وثق به الحجاج وقرّبه وأمره بنقل دواوين خراج البصرة والكوفة إلى العربية ففعل. ووضع مصطلحات للكتبة والحسبة الذين استغنوا بها عن المصطلحات الفارسية وتم له إنجاز ذلك العمل الرائد على خير وجه، فغلب عليه لقب الكاتب. وقيل إن كتبة الفرس بذلوا له ثلاثمئة ألف درهم على أن لا يفعل ذلك فأبى. وإليه ينسب الفضل في قلب دواوين الخراج وتعريبها.
وفد صالح على الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي عرف فضله أيضاً وولاه خراج العراق. وبقي صالح في منصبه حتى خلافة عمر بن عبد العزيز، وحينئذ استعفاه فأعفاه. وعاد إلى دمشق واتصل بالخليفة يزيد بن عبد الملك الذي تلقى كتاباً من واليه على العراق عمر بن هبيرة يرغب فيه إنفاذ صالح إليه لأمور تتعلق بالخراج، فبعث به إليه وأوصاه به، فلما مثل بين يديه قتله، وكانت تلك نهايته الأليمة. ومعلوم أن علاقة ذوي المناصب بالخلفاء والولاة وكذلك فيما بينهم لم تكن دائماً على خير ما يرجى. وهذا معهود لدى عديد من كتاب الدواوين في كل حين أيام بني أمية ثم بني العباس، كما لم يكن من اليسير على أمثالهم تجنب نزوات الحكام ومكايد الساسة وأحابيل الحسّاد. كان صالح يرى رأي الخوارج كشأن آخرين في ذلك الحين. وحدث أن كايده يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج لموجدة في نفسه عليه، فأشار على الحجاج أن يأمر صالحاً بقتل جوّاب الضبي أحد رؤوس الخوارج وقال له: «إن فعل برئت منه الخوارج وقتلته وإن أمسك عمد الحجاج إلى قتله».
عرف صالح الكاتب بإجادته الإنشاء بالعربية والفارسية، وكان فصيحاً بليغاً وجميلاً وذكياً قوي الحافظة. كما كان على قدر وافٍ من النزاهة والحرص على خزانة الدولة، وهذا ماجرّ عليه المعاناة وأورثه المتاعب. وتعد عامة كتّاب العراق في ذلك العصر من تلامذة صالح ومنهم المغيرة بن أبي قرة، والمغيرة وسعيد ابنا عطية. وقد أشاد بفضله عبد الحميد بن يحيى الكاتب آخر كتّاب بني أمية وأشهرهم، فقال:« لله در صالح ما أعظم منته على الكتّاب...».
عمر الدقاق
مراجع للاستزادة: |
ـ الجهشياري، الوزراء والكتّاب، تحقيق السقا والأبياري (القاهرة 1938).
ـ ابن عساكر، تهذيب تاريخ دمشق الكبير، هذّبه ورتبه الشيخ عبد القادر بدران (بيروت 1979).