السيمياء الهندية .. الاسكندريه والسيمياء
السيمياء الهندية
تشير «الفيدا » (*) إلى ترافق الذهب وطول العمر، كما تظهر فكرة تحويل الفلزات الأساسية إلى ذهب في الكتابات البوذية في الفترة من 100 إلى 400 ميلادية - أي تقريبا في زمن ظهورها نفسه في كتابات البحر المتوسط.
وقد تأكدت الممارسة الهندية للسيمياء في القرن السابع الميلادي في تقارير الرحالة الصينيين، كما أن السيميائيين الهنود من ذوي الخبرة العملية (مثل تحضير الأحماض المعدنية القوية لتحويل الفلزات بإذابتها) ، كانوا موضع ترحيب في البلاط الإمبراطوري الصيني.
كان السيميائيون الهنود مثلهم مثل الصينيين مهتمين بصنع أكاسير الذهب أكثر من المال، لكنهم كانوا يرغبون في استخدام الأكاسير في الطب وليس الخلود . وقد هيأت التانترية سبلا أخرى للخلود. وهناك شواهد على أن الخبراء كانوا يعرفون كيف يلونون الفلز ويصنعون «الذهب» لكنهم لم يعيروا هذه الخبرة أهمية كبيرة. وسيظل التزام السيميائيين الهنود بالمبادئ النبيلة أمرا غير مؤكد لأنه لم تكن هناك سجلات تفصيلية حتى القرن السابع الميلادي. وتاريخ الكيمياء الهندي المبكر فقير بدرجة محبطة في معلوماته عن الشخصيات، أما فيما يتعلق بأعداد النساء اللاتي شغلن مناصب تضفي سلطة وشهرة، فقد كانت هناك ممالك على رأسها نساء
(*) كتب الهندوس المقدسة الأربعة.
وعملت النساء محاسبات وقاضيات وحاجبات وحارسات. حتى أن بعض القبائل الهندية المبكرة كانت تسمى بأسماء النساء. وقد حاربت النساء في الجيوش ليست مصادفة مثل جان دارك، بل كجزء من القوات) (22) . ويمكن بالدرجة نفسها أن يكون هناك نساء سيميائيات كما كان في الصين والإسكندرية، لكن هذه الحقيقة مازالت غير مؤكدة حتى الآن. ونجارجونا التي تعني الاسم الذي يُمارس بواسطته السحر أو تحضير الأرواح هو السيميائي الوحيد الذي استقينا منه معلومات محددة.
نجار جونا
استخدم الاسم نجارجونا على الأقل من قبل مؤلفين اثنين في الفترة من 100 حتى 800 ميلادية، لذلك فليس واضحا بالضبط أي نجارجونا هو السيميائي. وتبين ترجمة نص من السنسكريتية (اللغة الهندية الأدبية القديمة إلى الصينية سنة 400 ميلادية، أن اسم المؤلف هو نجارجونا الفيلسوف البوذي الذي أسس منطق مادهياميكا الجدلي وكان مرتبطا ببداية التانترية.
وروي عن هذا الشخص تحديدا المسمى نجارجونا قوله:
يمكن للإنسان أن يغير البرونز إلى ذهب بواسطة الأدوية الكيماويات والتعاويذ، وبالاستخدام المحنك للمواد الكيماوية يمكن للفضة أن تتحول إلى ذهب والذهب إلى فضة، وبالقوة الروحية يستطيع الخبير أن يحول حتى الآنية الفخارية أو الحجر إلى ذهب و يستطيع حجم معين من سائل محضر من المعادن أن يغير ألف حجم من البرونز إلى ذهب (23).
وعلى الرغم من صعوبة تأريخ الأحداث في التاريخ الهندي المبكر، فإن هذه المقتبسات تؤكد ممارسة السيمياء على الأقل في هذه الفترة. ولم يكن الدارسون حديثو العهد فقط هم الذين يواجهون الصعوبات في التأريخ
فالرحالة الصيني هسوان - تشانج يسجل في كتاباته في القرن السابع «كان نجارجونا متمكنا بعمق من تقنيات الصيدلة حتى أنه بأكله لبعض التحضيرات استطاع أن يطيل عمره ويعيش مئات عدة من السنين، دون أن يتحلل عقله أو جسده (24) .
ويمكن إضافة غموض الكتابات التانترية إلى صعوبات التأريخ هناك قصة عن شاعر تانتري أنشد قصيدة في ألف من الناس، لكن واحدا فقط هو الذي فهمه .
ويمكن قراءة النصوص التانترية على مستويات عدة مختلفة.
اليوجية ( من اليوجا ) والطقوسية والجنسية والسيميائية . فمثلا، يطلق اللفظ نفسه على كل من الماس والصاعقة وعضو الذكورة والخواء والفراغ، ومن الصعب التفرقة بين التخيلات الشهوانية والتقنية السيميائية.
وللصوفية التانترية جانبها المظلم أيضا كما في صوفية الإسكندرية والصين. وقد وصف رحالة صيني حوالى سنة 600 ميلادية النساك الذين كانوا يشتهون (ينجذبون) إلى الموتى ويأكلون الجيف ويشربون من الجماجم ويأكلون البراز والقاذورات. وكان الجنس متلازما مع السادية وكانت هناك طقوس وحشية تتضمن التضحية بالإنسان وتشويهه. غير أن هؤلاء المحترفين كانوا في الأغلب من المتطرفين. وفي الحقيقة فقد لفظوا النظام الاجتماعي الهندي بصورة عامة بما في ذلك نظام انغلاق الطبقات. لكن كان لهم تأثيرهم : ففي الهند استمر فن السيمياء في التطور، لكنه انحرف من حرفة عملية في الطب إلى عالم من الانحرافات الجنسية السحرية.
بذلك يكون عندنا الآن بعض الخيوط الجديدة لنتتبعها : كيمياء الصين والهند . هذان التراثان في الكيمياء كانا مستقلين عن بعضهما في نواح كثيرة، لكن الثقافات كانت متصلة من خلال الحرب، وكانت لها بعض العناصر السيميائية المشتركة. وفي الفصول التالية، سنرى أن التبادل يزداد على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى التقدم في السفر والخرائط والتجارة وقوى
الدمج الرئيسية المعروفة باسم الإمبراطوريات، ليس بمفهوم الإسكندرية بواسطة زوابع الفتح والإخضاع، لكن عن طريق أنظمة سياسية مستقرة استطاعت أن تتحكم وتدير شؤون مناطق شاسعة مثل الإمبراطوريتين الرومانية والإسلامية.
السيمياء الهندية
تشير «الفيدا » (*) إلى ترافق الذهب وطول العمر، كما تظهر فكرة تحويل الفلزات الأساسية إلى ذهب في الكتابات البوذية في الفترة من 100 إلى 400 ميلادية - أي تقريبا في زمن ظهورها نفسه في كتابات البحر المتوسط.
وقد تأكدت الممارسة الهندية للسيمياء في القرن السابع الميلادي في تقارير الرحالة الصينيين، كما أن السيميائيين الهنود من ذوي الخبرة العملية (مثل تحضير الأحماض المعدنية القوية لتحويل الفلزات بإذابتها) ، كانوا موضع ترحيب في البلاط الإمبراطوري الصيني.
كان السيميائيون الهنود مثلهم مثل الصينيين مهتمين بصنع أكاسير الذهب أكثر من المال، لكنهم كانوا يرغبون في استخدام الأكاسير في الطب وليس الخلود . وقد هيأت التانترية سبلا أخرى للخلود. وهناك شواهد على أن الخبراء كانوا يعرفون كيف يلونون الفلز ويصنعون «الذهب» لكنهم لم يعيروا هذه الخبرة أهمية كبيرة. وسيظل التزام السيميائيين الهنود بالمبادئ النبيلة أمرا غير مؤكد لأنه لم تكن هناك سجلات تفصيلية حتى القرن السابع الميلادي. وتاريخ الكيمياء الهندي المبكر فقير بدرجة محبطة في معلوماته عن الشخصيات، أما فيما يتعلق بأعداد النساء اللاتي شغلن مناصب تضفي سلطة وشهرة، فقد كانت هناك ممالك على رأسها نساء
(*) كتب الهندوس المقدسة الأربعة.
وعملت النساء محاسبات وقاضيات وحاجبات وحارسات. حتى أن بعض القبائل الهندية المبكرة كانت تسمى بأسماء النساء. وقد حاربت النساء في الجيوش ليست مصادفة مثل جان دارك، بل كجزء من القوات) (22) . ويمكن بالدرجة نفسها أن يكون هناك نساء سيميائيات كما كان في الصين والإسكندرية، لكن هذه الحقيقة مازالت غير مؤكدة حتى الآن. ونجارجونا التي تعني الاسم الذي يُمارس بواسطته السحر أو تحضير الأرواح هو السيميائي الوحيد الذي استقينا منه معلومات محددة.
نجار جونا
استخدم الاسم نجارجونا على الأقل من قبل مؤلفين اثنين في الفترة من 100 حتى 800 ميلادية، لذلك فليس واضحا بالضبط أي نجارجونا هو السيميائي. وتبين ترجمة نص من السنسكريتية (اللغة الهندية الأدبية القديمة إلى الصينية سنة 400 ميلادية، أن اسم المؤلف هو نجارجونا الفيلسوف البوذي الذي أسس منطق مادهياميكا الجدلي وكان مرتبطا ببداية التانترية.
وروي عن هذا الشخص تحديدا المسمى نجارجونا قوله:
يمكن للإنسان أن يغير البرونز إلى ذهب بواسطة الأدوية الكيماويات والتعاويذ، وبالاستخدام المحنك للمواد الكيماوية يمكن للفضة أن تتحول إلى ذهب والذهب إلى فضة، وبالقوة الروحية يستطيع الخبير أن يحول حتى الآنية الفخارية أو الحجر إلى ذهب و يستطيع حجم معين من سائل محضر من المعادن أن يغير ألف حجم من البرونز إلى ذهب (23).
وعلى الرغم من صعوبة تأريخ الأحداث في التاريخ الهندي المبكر، فإن هذه المقتبسات تؤكد ممارسة السيمياء على الأقل في هذه الفترة. ولم يكن الدارسون حديثو العهد فقط هم الذين يواجهون الصعوبات في التأريخ
فالرحالة الصيني هسوان - تشانج يسجل في كتاباته في القرن السابع «كان نجارجونا متمكنا بعمق من تقنيات الصيدلة حتى أنه بأكله لبعض التحضيرات استطاع أن يطيل عمره ويعيش مئات عدة من السنين، دون أن يتحلل عقله أو جسده (24) .
ويمكن إضافة غموض الكتابات التانترية إلى صعوبات التأريخ هناك قصة عن شاعر تانتري أنشد قصيدة في ألف من الناس، لكن واحدا فقط هو الذي فهمه .
ويمكن قراءة النصوص التانترية على مستويات عدة مختلفة.
اليوجية ( من اليوجا ) والطقوسية والجنسية والسيميائية . فمثلا، يطلق اللفظ نفسه على كل من الماس والصاعقة وعضو الذكورة والخواء والفراغ، ومن الصعب التفرقة بين التخيلات الشهوانية والتقنية السيميائية.
وللصوفية التانترية جانبها المظلم أيضا كما في صوفية الإسكندرية والصين. وقد وصف رحالة صيني حوالى سنة 600 ميلادية النساك الذين كانوا يشتهون (ينجذبون) إلى الموتى ويأكلون الجيف ويشربون من الجماجم ويأكلون البراز والقاذورات. وكان الجنس متلازما مع السادية وكانت هناك طقوس وحشية تتضمن التضحية بالإنسان وتشويهه. غير أن هؤلاء المحترفين كانوا في الأغلب من المتطرفين. وفي الحقيقة فقد لفظوا النظام الاجتماعي الهندي بصورة عامة بما في ذلك نظام انغلاق الطبقات. لكن كان لهم تأثيرهم : ففي الهند استمر فن السيمياء في التطور، لكنه انحرف من حرفة عملية في الطب إلى عالم من الانحرافات الجنسية السحرية.
بذلك يكون عندنا الآن بعض الخيوط الجديدة لنتتبعها : كيمياء الصين والهند . هذان التراثان في الكيمياء كانا مستقلين عن بعضهما في نواح كثيرة، لكن الثقافات كانت متصلة من خلال الحرب، وكانت لها بعض العناصر السيميائية المشتركة. وفي الفصول التالية، سنرى أن التبادل يزداد على مستوى العالم، ويرجع ذلك إلى التقدم في السفر والخرائط والتجارة وقوى
الدمج الرئيسية المعروفة باسم الإمبراطوريات، ليس بمفهوم الإسكندرية بواسطة زوابع الفتح والإخضاع، لكن عن طريق أنظمة سياسية مستقرة استطاعت أن تتحكم وتدير شؤون مناطق شاسعة مثل الإمبراطوريتين الرومانية والإسلامية.
تعليق