أفلاطون _ أرسطو .. من کیمیائی ما قبل التاريخ إلى الفيلسوف الكيميائي
أفلاطون
أفلاطون سليل أسرة أثينية متميزة : كان أبوه يدعي أنه انحدر من الإله بوسيدون إله البحر عند الإغريق ، وربما كانت طموحات أفلاطون المبكرة سياسية، لكنه بعد موت معلمه ربما يكون قد اقتنع أن السياسة الأثينية غير صالحة لأصحاب الضمائر، وتحول إلى حياة التعليم والفلسفة بدلا من السياسة، وعلى النقيض من معلمه كان أفلاطون يعتقد أن الفلسفة الطبيعية مجال يستحق الدراسة، ما دام المرء يترفع عن وصمة الإلحاد والخشية من حساب الآخرة، وذلك بوضع القوانين الطبيعية في مرتبة تابعة لسلطة المبادئ الإلهية.
كان أفلاطون بوصفه مشاهدا حذرا ومفكرا منهجيا يؤمن بأن كل شيء يمكن إدراكه بالجهد الذهني، وبهذا فإن فلسفته الطبيعية القائمة على العناصر الأربعة لأنباد قليس لها دلالة واضحة ومنطقية، فمثلا في المقتطف الآتي من محاورة أفلاطون «طيماوس» يشار إلى الفلزات على أنها مياه لأنها تنصهر، أما الذهب فيوصف بأنه الفلز الكامل، والفلزات الأخرى مثل الذهب لكنها في صورة غير نقية.
التجمد [ : ] ... ذلك الذي هو أكثف، يتشكل من الأدق و هو ذلك أثمن الممتلكات المسمى ذهبا ، وهو فريد في نوعه ويمتلك كلا من التألق واللون الأصفر، قطعة من الذهب تكون عالية الكثافة لدرجة تصبح فيها صلدة وتتخذ اللون الأسود وتسمى أدمنت (حجر صلب هو الماس على الأغلب). وهناك نوع آخر له أجزاء مثل الذهب تقريبا وهذه المادة لامعة من نوع المياه الكثيف، وعندما تتجمد تسمى نحاسا وهناك سبكة ممزوجة من الأرض معها، وعندما يتقدم العمر بهذين الجزأين ينفصلان ليصبح كل على حده، ويسمى صدأ (21).
وكان أفلاطون يؤمن بالفكرة العامة القائلة إن كل المواد مصنوعة من نسب مختلفة من العناصر، لكنه طوّر هذه الفكرة بإضافة أنه تحت الظروف المناسبة يمكن لأي مادة أن تتحول إلى مادة أخرى أو يحدث لها تحوّر. وقد أسس أفلاطون أكاديمية أثينا ، وهي معهد مختص بالدراسة المنهجية المتصلة والبحث في الفلسفة والعلوم وذلك لينشر أفكاره وليدعم نفسه) . وقد جاء إلى هذه الأكاديمية تلميذ يبلغ من العمر 17 عاما كان مقدرا له أن يمكث كتلميذ ومعلم طوال العشرين عاما التالية: إنه أرسطو.
أرسطو
انحدر أرسطو من أسرة مقدونية شهيرة من شمال اليونان، ومع أنه تيتم في سن مبكرة إلا أن الأسرة اعتنت بتعليمه. وفي الأكاديمية اعتنق أرسطو فكرة العناصر الأربعة وتحوراتها، لكنه رفض فكرة أن الجسيمات كانت مصنوعة من ذرات وفراغ. وكان يشرح ذلك بأن الهواء كان سيندفع ليملأ هذا الفراغ.
وكان يقال عنه إنه كان يردد الطبيعة تكره الفراغ (22) . وقد ذهب أرسطو إلى أبعد من ذلك فخلع الصفات على العناصر الأربعة، ومنح خاصية حسية تترافق مع كل منها : حار وجاف تترافق مع النار، وحار ورطب مع الهواء وبارد ورطب مع الماء، وبارد وجاف مع الأرض.
واستخدم أرسطو المشاهدة والاستدلال الخالص للوصول إلى أفكاره. استدل أن الخشب عندما يحترق ينتج الدخان (هواء) والقار (ماء) والرماد (أرض) والنار، لذلك فإن الخشب يتكون من هذه العناصر، وعندما يقدح الحجر الصوان ينتج النار، لذا فإن النار عنصر في الصخر، وعندما تلقى بعض الصخور في الماء تتصاعد منها فقاقيع لأن الهواء الموجود في شقوقها يهرب، وسيثبت ذلك لأي إنسان أن الهواء عنصر من عناصر الصخر إذا لم يكن هناك برهان آخر، وتذوب بعض البلورات في الماء فتجعله باردا بينما تذوب بعض البلورات الأخرى فتجعله ساخنا ، أي أن السخونة والبرودة فيما يبدو خواصتان كامنتان في هذه المواد.
ومع أن أرسطو لم يعن بالتجريب المنهجي إلا أن استدلالاته من ملاحظاته تمثل تطبيقا للمنطق الاستقرائي، ولها جاذبية حدسية أكثر من الاستدلال الاستنباطي البحت عندما نطبقها على الظواهر الطبيعية، وربما ساعد هذا على قبول أفكاره على نطاق عام.
كان موقف أرسطو غائيا كذلك - أي أنه كان يؤمن بأن العالم محكوم بغرض معين - وكان يفسر الظواهر في ضوء الكيفية التي تحتل بها هذه الظواهر مكانها ضمن خطة عامة . كان هذا المنطق الديني متناغما مع اللاهوت العبري، ثم من بعد ذلك الفكر المسيحي والفكر والإسلامي. ولهذا السبب أيدت الأديان وجهات نظر أرسطو مما أضفى على شخصيته حياة أطول. وقد أصبحت وجهات نظر أرسطو - والتي تقبلها الكثيرون من الكتاب والفلاسفة - متجسدة في الأحاديث والأفكار الأوروبية. وظلت نظرية أرسطو عن تكوين الفلزات سائدة في أوروبا حتى القرن السابع عشر وهي النظرية القائلة إن الفلزات عبارة عن رطوبة زفير بخاري متحد بآخر جاف ودخاني. أما عنصر أرسطو الخامس واللامادي الغامض - الأثير - فقد ظل موضع نقاش حتى القرن العشرين.
لقد رأينا في هذا الفصل كيف كان الناس البدائيون يكتسبون معلومات مهمة عن المواد التي يستخدمونها من أجل صناعة الأدوات ومعالجة الجروح وحفظ اللحوم وجعل الحياة أكثر بهجة. وظل اكتساب المواد الجديدة قائما طوال تاريخنا - مع ظهور بعض المواد المدهشة. وقد رأينا كذلك كيف كان الفلاسفة الإغريق الأوائل يتناولون هذه المواد وتفاعلاتها باستخدام مناهج المنطق العقلي في مقابل التأمل الباطني)، للوصول إلى النظرية القائلة إن المادة تتكون من مجموعة أساسية من العناصر، وإن كل المواد تحتوي كل العناصر. وقد اقترح هؤلاء الفلاسفة الأوائل احتمال التحورات النظرية القائلة بأن تحت الظروف المناسبة يمكن لأي مادة أن تتحول إلى مادة أخرى. وكان للنموذج الأرسطي من الفلسفة اليونانية أكبر الأثر في التطورات التالية في الفكر الكيميائي، لأنه يحمل إعجابا حدسيا ويناسب أنماطا أخرى من التفكير الشائع، وكذلك لأن أرسطو كان يعمل معلماً خصوصيا لابن فيليب المقدوني. ومن الواضح أن الطفل إسكندر كان مأخوذا بالأشياء التي تعلمها عند قدمي أرسطو . وقام هذا الطالب بعد أن أصبح اسمه الإسكندر الأكبر - فيما بعد - بنشر الحضارة اليونانية والأفكار الفلسفية من حدود الصين وحتى شواطئ إسبانيا .
أفلاطون
أفلاطون سليل أسرة أثينية متميزة : كان أبوه يدعي أنه انحدر من الإله بوسيدون إله البحر عند الإغريق ، وربما كانت طموحات أفلاطون المبكرة سياسية، لكنه بعد موت معلمه ربما يكون قد اقتنع أن السياسة الأثينية غير صالحة لأصحاب الضمائر، وتحول إلى حياة التعليم والفلسفة بدلا من السياسة، وعلى النقيض من معلمه كان أفلاطون يعتقد أن الفلسفة الطبيعية مجال يستحق الدراسة، ما دام المرء يترفع عن وصمة الإلحاد والخشية من حساب الآخرة، وذلك بوضع القوانين الطبيعية في مرتبة تابعة لسلطة المبادئ الإلهية.
كان أفلاطون بوصفه مشاهدا حذرا ومفكرا منهجيا يؤمن بأن كل شيء يمكن إدراكه بالجهد الذهني، وبهذا فإن فلسفته الطبيعية القائمة على العناصر الأربعة لأنباد قليس لها دلالة واضحة ومنطقية، فمثلا في المقتطف الآتي من محاورة أفلاطون «طيماوس» يشار إلى الفلزات على أنها مياه لأنها تنصهر، أما الذهب فيوصف بأنه الفلز الكامل، والفلزات الأخرى مثل الذهب لكنها في صورة غير نقية.
التجمد [ : ] ... ذلك الذي هو أكثف، يتشكل من الأدق و هو ذلك أثمن الممتلكات المسمى ذهبا ، وهو فريد في نوعه ويمتلك كلا من التألق واللون الأصفر، قطعة من الذهب تكون عالية الكثافة لدرجة تصبح فيها صلدة وتتخذ اللون الأسود وتسمى أدمنت (حجر صلب هو الماس على الأغلب). وهناك نوع آخر له أجزاء مثل الذهب تقريبا وهذه المادة لامعة من نوع المياه الكثيف، وعندما تتجمد تسمى نحاسا وهناك سبكة ممزوجة من الأرض معها، وعندما يتقدم العمر بهذين الجزأين ينفصلان ليصبح كل على حده، ويسمى صدأ (21).
وكان أفلاطون يؤمن بالفكرة العامة القائلة إن كل المواد مصنوعة من نسب مختلفة من العناصر، لكنه طوّر هذه الفكرة بإضافة أنه تحت الظروف المناسبة يمكن لأي مادة أن تتحول إلى مادة أخرى أو يحدث لها تحوّر. وقد أسس أفلاطون أكاديمية أثينا ، وهي معهد مختص بالدراسة المنهجية المتصلة والبحث في الفلسفة والعلوم وذلك لينشر أفكاره وليدعم نفسه) . وقد جاء إلى هذه الأكاديمية تلميذ يبلغ من العمر 17 عاما كان مقدرا له أن يمكث كتلميذ ومعلم طوال العشرين عاما التالية: إنه أرسطو.
أرسطو
انحدر أرسطو من أسرة مقدونية شهيرة من شمال اليونان، ومع أنه تيتم في سن مبكرة إلا أن الأسرة اعتنت بتعليمه. وفي الأكاديمية اعتنق أرسطو فكرة العناصر الأربعة وتحوراتها، لكنه رفض فكرة أن الجسيمات كانت مصنوعة من ذرات وفراغ. وكان يشرح ذلك بأن الهواء كان سيندفع ليملأ هذا الفراغ.
وكان يقال عنه إنه كان يردد الطبيعة تكره الفراغ (22) . وقد ذهب أرسطو إلى أبعد من ذلك فخلع الصفات على العناصر الأربعة، ومنح خاصية حسية تترافق مع كل منها : حار وجاف تترافق مع النار، وحار ورطب مع الهواء وبارد ورطب مع الماء، وبارد وجاف مع الأرض.
واستخدم أرسطو المشاهدة والاستدلال الخالص للوصول إلى أفكاره. استدل أن الخشب عندما يحترق ينتج الدخان (هواء) والقار (ماء) والرماد (أرض) والنار، لذلك فإن الخشب يتكون من هذه العناصر، وعندما يقدح الحجر الصوان ينتج النار، لذا فإن النار عنصر في الصخر، وعندما تلقى بعض الصخور في الماء تتصاعد منها فقاقيع لأن الهواء الموجود في شقوقها يهرب، وسيثبت ذلك لأي إنسان أن الهواء عنصر من عناصر الصخر إذا لم يكن هناك برهان آخر، وتذوب بعض البلورات في الماء فتجعله باردا بينما تذوب بعض البلورات الأخرى فتجعله ساخنا ، أي أن السخونة والبرودة فيما يبدو خواصتان كامنتان في هذه المواد.
ومع أن أرسطو لم يعن بالتجريب المنهجي إلا أن استدلالاته من ملاحظاته تمثل تطبيقا للمنطق الاستقرائي، ولها جاذبية حدسية أكثر من الاستدلال الاستنباطي البحت عندما نطبقها على الظواهر الطبيعية، وربما ساعد هذا على قبول أفكاره على نطاق عام.
كان موقف أرسطو غائيا كذلك - أي أنه كان يؤمن بأن العالم محكوم بغرض معين - وكان يفسر الظواهر في ضوء الكيفية التي تحتل بها هذه الظواهر مكانها ضمن خطة عامة . كان هذا المنطق الديني متناغما مع اللاهوت العبري، ثم من بعد ذلك الفكر المسيحي والفكر والإسلامي. ولهذا السبب أيدت الأديان وجهات نظر أرسطو مما أضفى على شخصيته حياة أطول. وقد أصبحت وجهات نظر أرسطو - والتي تقبلها الكثيرون من الكتاب والفلاسفة - متجسدة في الأحاديث والأفكار الأوروبية. وظلت نظرية أرسطو عن تكوين الفلزات سائدة في أوروبا حتى القرن السابع عشر وهي النظرية القائلة إن الفلزات عبارة عن رطوبة زفير بخاري متحد بآخر جاف ودخاني. أما عنصر أرسطو الخامس واللامادي الغامض - الأثير - فقد ظل موضع نقاش حتى القرن العشرين.
لقد رأينا في هذا الفصل كيف كان الناس البدائيون يكتسبون معلومات مهمة عن المواد التي يستخدمونها من أجل صناعة الأدوات ومعالجة الجروح وحفظ اللحوم وجعل الحياة أكثر بهجة. وظل اكتساب المواد الجديدة قائما طوال تاريخنا - مع ظهور بعض المواد المدهشة. وقد رأينا كذلك كيف كان الفلاسفة الإغريق الأوائل يتناولون هذه المواد وتفاعلاتها باستخدام مناهج المنطق العقلي في مقابل التأمل الباطني)، للوصول إلى النظرية القائلة إن المادة تتكون من مجموعة أساسية من العناصر، وإن كل المواد تحتوي كل العناصر. وقد اقترح هؤلاء الفلاسفة الأوائل احتمال التحورات النظرية القائلة بأن تحت الظروف المناسبة يمكن لأي مادة أن تتحول إلى مادة أخرى. وكان للنموذج الأرسطي من الفلسفة اليونانية أكبر الأثر في التطورات التالية في الفكر الكيميائي، لأنه يحمل إعجابا حدسيا ويناسب أنماطا أخرى من التفكير الشائع، وكذلك لأن أرسطو كان يعمل معلماً خصوصيا لابن فيليب المقدوني. ومن الواضح أن الطفل إسكندر كان مأخوذا بالأشياء التي تعلمها عند قدمي أرسطو . وقام هذا الطالب بعد أن أصبح اسمه الإسكندر الأكبر - فيما بعد - بنشر الحضارة اليونانية والأفكار الفلسفية من حدود الصين وحتى شواطئ إسبانيا .
تعليق