التقنية الكيميائية في عصر حجري .. من كيميائي ما قبل التاريخ إلى الفيلسوف الكيميائي
التقنية الكيميائية في عصر حجري
توحي الشواهد الحالية مع بعض التحفظات بأن الإنسان الحديث قد نشأ في أفريقيا في شكل إنسان كرومانيون منذ ما يقرب من 100 ألف عام ق.م. وبمضي الوقت حل ذلك الإنسان محل إنسان نياندرتال، ودالي ونجاندونج (1) . ومن ناحية التشريح والسلوك واللغة، فإنه يمكن القول إن الكرومانيونيين اكتمل تطورهم منذ 35 ألف عام، بحيث يمكن للكرومانيوني أن يتعلم قيادة الطائرة ويسير بجوارنا في الشارع دون أن يميزه أحد (2) .
يمتد العصر الحجري القديم حتى 8 آلاف سنة ق.م، وكان أناس ذلك العصر من الرحل جامعي الغذاء الذين تعلموا استخدام اللغة والسيطرة على النار وتشكيل أدوات من الأحجار والعظام. وهناك دلائل على أنه خلال الفترة المتأخرة من العصر الحجري القديم قام الناس بطهي الطعام وهو ما يمكن بسهولة أن يعد أول عملية كيميائية. وتستخدم الحرارة في عملية الطهي لكسر الترابط الكيميائي في الخضراوات والألياف العضلية وإنجاز نوع من الهضم المسبق الذي يرفع بعض العبء عن كاهل الأسنان والمعدة والأمعاء.
ومن المعروف أيضا أن إنسان العصر الحجري القديم كان يعتني بالمرضى ويمارس شكلا بدائيا من الطب، بدليل وجود جماجم بها جروح عولجت. وكانت عملية دفن الأدوات والأطعمة المختلفة مع جثث الموتى تفسر على أساس ديني، لكن وبالسهولة نفسها فإنها يحتمل أن تكون محاولة مبكرة لتطبيق بعض الإجراءات الصحية . فدفن ممتلكات الميت وبالأخص آخر الأشياء التي أكلها يمكن أن يكون إجراء فعالا لمنع انتشار الأمراض. ومن الصعب التثبت من امتلاك إنسان العصر الحجري القديم لأعشاب المداواة أو المخزون من الأدوية، لأن الأعشاب - على عكس الأشياء المصنعة من الأحجار - تتحلل ولا يتبقى منها ما يدل على استخدمها . ومع ذلك، فقد تبين في عصرنا الحالي أن الحضارات المعزولة ما زالت تمارس ما يمكن تسميته بتقنية العصر الحجري. وتعرف هذه الحضارت الأعشاب وتستخدمها كمطهرات ومسكنات للألم. وما تجهيز المواد لاستخدامها في العلاج إلا شكل من أشكال الكيمياء التي نجدها في كل عصر من تاريخنا .
وتبين رسوم الكهوف التي يمتد تاريخها إلى 20 ألف سنة مضت - والتي يحتمل أن تكون قد حفظت بواسطة الأملاح المترسبة من مياه المطر التي تسربت إلى الكهف - أن كرومانيوني العصر الحجري القديم قد مارس فن الرسم. وربما كان هذا الفن على شكل سحر سرّي يقلد نتائج مرغوبة من أجل أن تتحقق هذه النتائج (3) ، لأن حيوانات اللعب ونجاحات الصيد كانت من موضوعات هذا الفن، كما كانت كذلك النساء الممتلئات الجسم وذوات الأثداء الضخمة.
وكانت المواد المستخدمة لإبداع الرسوم هي الفحم والقطع المدببة من الصلصال الملون. ويكتسب الصلصال اللون الأحمر من كبريتيد الزئبق (الزنجفر) واللون الأحمر والأصفر من الأكاسيد المختلفة للحديد، واللون البني من أكسيد المنجنيز. وتظهر الأطباق الموجودة بجوار الرسوم أن الصبغات كانت تمزج بالدهن لسهولة الاستخدام.
بدأ العصر الحجري الوسيط بانتهاء آخر عصر جليدي قبل الميلاد بحوالي 8 آلاف سنة . ويقال إن انسان ذلك العصر روّض الكلب وحفر جذوع الشجر لصنع قوارب بدائية غير متقنة . كما قام بصنع أول فخار وذلك بتحميص الصلصال في الشمس، وهي عملية كيميائية تتحول فيها السيليكات اللبنة المميتة شبه السائلة إلى نسيج شبكي قوي الترابط. وقد ظهر الفخار في اليابان مبكرا سنة 10 آلاف ق.م، أما في الأمريكتين فقد ظهر حوالي سنة 5 آلاف سنة ق.م.
وقد استخدم إنسان العصر الحجري الوسيط الرسم، وكما تبين جمجمتان بشريتان ملونتان بالزنجفر وموجودتان في قبور يرجع تاريخها إلى ذلك العصر، فإن الرسم والتلوين قد استخدما في تزيين الجسم البشري.
وللزنجفر لون أحمر داكن ومن المعتقد أن الجماجم الحمراء ترمز للدم أو لمعان أخرى سرية عميقة المغزى. لكن الزنجفر يعمل أيضا كعلاج فعال ضد القمل والصئبان - الذي يستوطن الشعر - وقد تكون تغطية الجمجمة بالزنجفر إشارة حب من بعض الأصدقاء أو الأقارب الراغبين في إسباغ شيء من السكينة والتعزية على الراحل بعد مماته (4) .
تعد الفترة من 6 آلاف إلى 3 آلاف سنة ق.م هي العصر الحجري الجديد وقد تعلم الناس خلال هذا العصر صناعة الغذاء وقدح النار من الاحتكاك فيما يمكن أن يكون أول تفاعل كيميائي تتم السيطرة عليه.
وقد دجنوا الحيوانات واخترعوا المحراث والعجلة والشراع وتعلموا كيف يغزلون وينسجون ويصنعون قمائن الفخار النارية. وفيما بين السنوات 6 آلاف 7 آلاف ق.م . كانت تشكل مادة جديدة بواسطة الطرق هي النحاس (5) . ومكنت هذه المادة الناس من صنع أدوات جديدة ساعدت - مع تطور الزراعة - في نمو المجتمعات الزراعية في مواقع ثابتة. وأصبح الكثيرون من جامعي الثمار الرحل يعملون في الأرض. وفي لحظة ما حوالى 4 آلاف سنة ق.م. بزغت الحضارة.
التقنية الكيميائية في عصر حجري
توحي الشواهد الحالية مع بعض التحفظات بأن الإنسان الحديث قد نشأ في أفريقيا في شكل إنسان كرومانيون منذ ما يقرب من 100 ألف عام ق.م. وبمضي الوقت حل ذلك الإنسان محل إنسان نياندرتال، ودالي ونجاندونج (1) . ومن ناحية التشريح والسلوك واللغة، فإنه يمكن القول إن الكرومانيونيين اكتمل تطورهم منذ 35 ألف عام، بحيث يمكن للكرومانيوني أن يتعلم قيادة الطائرة ويسير بجوارنا في الشارع دون أن يميزه أحد (2) .
يمتد العصر الحجري القديم حتى 8 آلاف سنة ق.م، وكان أناس ذلك العصر من الرحل جامعي الغذاء الذين تعلموا استخدام اللغة والسيطرة على النار وتشكيل أدوات من الأحجار والعظام. وهناك دلائل على أنه خلال الفترة المتأخرة من العصر الحجري القديم قام الناس بطهي الطعام وهو ما يمكن بسهولة أن يعد أول عملية كيميائية. وتستخدم الحرارة في عملية الطهي لكسر الترابط الكيميائي في الخضراوات والألياف العضلية وإنجاز نوع من الهضم المسبق الذي يرفع بعض العبء عن كاهل الأسنان والمعدة والأمعاء.
ومن المعروف أيضا أن إنسان العصر الحجري القديم كان يعتني بالمرضى ويمارس شكلا بدائيا من الطب، بدليل وجود جماجم بها جروح عولجت. وكانت عملية دفن الأدوات والأطعمة المختلفة مع جثث الموتى تفسر على أساس ديني، لكن وبالسهولة نفسها فإنها يحتمل أن تكون محاولة مبكرة لتطبيق بعض الإجراءات الصحية . فدفن ممتلكات الميت وبالأخص آخر الأشياء التي أكلها يمكن أن يكون إجراء فعالا لمنع انتشار الأمراض. ومن الصعب التثبت من امتلاك إنسان العصر الحجري القديم لأعشاب المداواة أو المخزون من الأدوية، لأن الأعشاب - على عكس الأشياء المصنعة من الأحجار - تتحلل ولا يتبقى منها ما يدل على استخدمها . ومع ذلك، فقد تبين في عصرنا الحالي أن الحضارات المعزولة ما زالت تمارس ما يمكن تسميته بتقنية العصر الحجري. وتعرف هذه الحضارت الأعشاب وتستخدمها كمطهرات ومسكنات للألم. وما تجهيز المواد لاستخدامها في العلاج إلا شكل من أشكال الكيمياء التي نجدها في كل عصر من تاريخنا .
وتبين رسوم الكهوف التي يمتد تاريخها إلى 20 ألف سنة مضت - والتي يحتمل أن تكون قد حفظت بواسطة الأملاح المترسبة من مياه المطر التي تسربت إلى الكهف - أن كرومانيوني العصر الحجري القديم قد مارس فن الرسم. وربما كان هذا الفن على شكل سحر سرّي يقلد نتائج مرغوبة من أجل أن تتحقق هذه النتائج (3) ، لأن حيوانات اللعب ونجاحات الصيد كانت من موضوعات هذا الفن، كما كانت كذلك النساء الممتلئات الجسم وذوات الأثداء الضخمة.
وكانت المواد المستخدمة لإبداع الرسوم هي الفحم والقطع المدببة من الصلصال الملون. ويكتسب الصلصال اللون الأحمر من كبريتيد الزئبق (الزنجفر) واللون الأحمر والأصفر من الأكاسيد المختلفة للحديد، واللون البني من أكسيد المنجنيز. وتظهر الأطباق الموجودة بجوار الرسوم أن الصبغات كانت تمزج بالدهن لسهولة الاستخدام.
بدأ العصر الحجري الوسيط بانتهاء آخر عصر جليدي قبل الميلاد بحوالي 8 آلاف سنة . ويقال إن انسان ذلك العصر روّض الكلب وحفر جذوع الشجر لصنع قوارب بدائية غير متقنة . كما قام بصنع أول فخار وذلك بتحميص الصلصال في الشمس، وهي عملية كيميائية تتحول فيها السيليكات اللبنة المميتة شبه السائلة إلى نسيج شبكي قوي الترابط. وقد ظهر الفخار في اليابان مبكرا سنة 10 آلاف ق.م، أما في الأمريكتين فقد ظهر حوالي سنة 5 آلاف سنة ق.م.
وقد استخدم إنسان العصر الحجري الوسيط الرسم، وكما تبين جمجمتان بشريتان ملونتان بالزنجفر وموجودتان في قبور يرجع تاريخها إلى ذلك العصر، فإن الرسم والتلوين قد استخدما في تزيين الجسم البشري.
وللزنجفر لون أحمر داكن ومن المعتقد أن الجماجم الحمراء ترمز للدم أو لمعان أخرى سرية عميقة المغزى. لكن الزنجفر يعمل أيضا كعلاج فعال ضد القمل والصئبان - الذي يستوطن الشعر - وقد تكون تغطية الجمجمة بالزنجفر إشارة حب من بعض الأصدقاء أو الأقارب الراغبين في إسباغ شيء من السكينة والتعزية على الراحل بعد مماته (4) .
تعد الفترة من 6 آلاف إلى 3 آلاف سنة ق.م هي العصر الحجري الجديد وقد تعلم الناس خلال هذا العصر صناعة الغذاء وقدح النار من الاحتكاك فيما يمكن أن يكون أول تفاعل كيميائي تتم السيطرة عليه.
وقد دجنوا الحيوانات واخترعوا المحراث والعجلة والشراع وتعلموا كيف يغزلون وينسجون ويصنعون قمائن الفخار النارية. وفيما بين السنوات 6 آلاف 7 آلاف ق.م . كانت تشكل مادة جديدة بواسطة الطرق هي النحاس (5) . ومكنت هذه المادة الناس من صنع أدوات جديدة ساعدت - مع تطور الزراعة - في نمو المجتمعات الزراعية في مواقع ثابتة. وأصبح الكثيرون من جامعي الثمار الرحل يعملون في الأرض. وفي لحظة ما حوالى 4 آلاف سنة ق.م. بزغت الحضارة.
تعليق