محمد جابر فنان يوظف الذكاء الاصطناعي للتذكير بأجيال من الفنانين المصريين
"فن وجينات".. تصاميم متخيلة ومبتكرة تجمع فنانين بأبنائهم.
الخميس 2025/01/09
بورتريهات من "فن وجينات"
"فن وجينات" هكذا عنون الفنان المصري محمد جابر مشروعه الفني الذي يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة صور صممها لفنانين من أجيال مختلفة بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي ليسلط الضوء على مواهبهم وقيمة الفن المصري وإشعاعه عربيا، وهو يؤكد لصحيفة "العرب" أن الذكاء الاصطناعي لا ينافس الفنان وإنما يمنحه مساحات أكبر لتنويع مجالات اشتغاله وأفكاره.
لا أحد يمكنه أن ينكر ريادة الفن المصري في المنطقة العربية منذ عقود، وتحديدا في مجال التمثيل سواء في المسرح أو السينما والدراما التلفزيونية عموما، فأجيال متعاقبة كبرت على أعمال فنية مصرية حظيت منذ ستينيات القرن الماضي بشهرة عربية واسعة.
وشهرة نجوم التمثيل وحتى نجوم الموسيقى في مصر منذ ثمانينات القرن الماضي جعلتهم رموزا للفن العربي، تعرفهم أجيال ولا تزال وفية لمتابعة أعمالهم، ومن ثمة متابعة أعمال أبنائهم ممن دخلوا المجال الفني ودعمها وتشجيع البعض منهم على مواصلة مسيرة الآباء.
وفي حين يرى البعض أن الفن صار مثله مثل الحرف التقليدية مهنة تورث للأبناء حتى وإن افتقروا للموهبة، يعتبرهم البعض الآخر امتدادا منطقيا للبيئة التي نشأوا فيها، كيف لا ونحن شعوب تؤمن بأن “ابن الوز” عليه بالضرورة أن يكون “عواما.”
ورغم أن نجومية الآباء تسلط بالضرورة ضوءا مجانية على مواهب أبنائهم الداخلين حديثا للمجال الفني، وأحيانا هي تضع بعضهم في مقارنة غير منصفة، مثلما يحصل بين محمد إمام ووالده الزعيم عادل إمام، أو كريم محمود عبدالعزيز ووالده “الساحر” محمود عبدالعزيز، ودنيا وإيمي بموهبة والديهما سمير غانم ودلال عبدالعزيز، وفي السابق تمت مقارنة هيثم أحمد زكي بوالده “النمر الأسود” أحمد زكي، والقائمة لازالت طويلة جدا.
وفي محاولة منه لتثمين موهبة الآباء والأبناء، وتسليط الضوء على أسماء مشعة في الفن، اختار المصمم المصري محمد جابر أن يصمم بورتريهات وصورا وفيديوهات بالذكاء الاصطناعي لأشهر العائلات الفنية في المحروسة، تجمع الآباء والأبناء وتتخيلهم في مواقف ومناسبات عديدة.
بعض هذه الصور، التي تشابهت في الأسلوب ذاته، أطلق عليها الفنان عنوان “فن وجينات”، ولاقت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، وتداولها الفنانون مظهرين احتفاء غير مسبوق بمثل هذه التصاميم الذكية.
عن هذا المشروع الفني يقول محمد جابر لـ”العرب” “أحببت أن أجمع النجوم الحاليين في الفن المصري الذين توارثوا الفن من آبائهم أو أمهاتهم، وأركب صورا وتصميمات لهم، تجمع الجيل الأول والثاني، في بورتريهات، مثلا يكون الأب والأم في الخلفية والابن في المنتصف، هو بيولوجيا نتاج تمازج جيناتهم، لكنه فنيا أيضا هو انعكاس واستمرار لموهبتهم. بدأت الفكرة بالاشتغال على الفنانين واحدا تلو الآخر. كنت أبحث في البداية عن مدى القرابة بين الفنان وبين الابن فالبعض أحيانا ينسب لفنان لكنه ليس ابنه بل يكون أحد أفراد عائلته الموسعة، بعد ذلك اشتغلت على الفكرة وتطويرها.”
ويضيف: “هذا المشروع سيكون على جزأين الأول يجمع الآباء بالأبناء والثاني يمر نحو الجيل الثالث، وسأطلق عليه اسم الحفيد.”
والمتأمل لمجموعة الصور ضمن مشروع “فن وجينات”، سيلحظ أن الفنان تعمد التركيز على ملامح الوجوه، تبنى صورا أكثر شبابا وحيوية للفنانين الكبار أو الراحلين مثل فريد شوقي وعادل إمام ومحمود ياسين وأشرف عبدالغفور وصلاح السعدني وخالد صالح وفاروق الفيشاوي وسمير غانم ودلال عبدالعزيز، تظهرهم في أوج لحظات شبابهم وشهرتهم. إذا كانت الصورة تحتوي على وجهين فقط، فإن المصمم يجعل صورة الأب في المركز وأكثر وضوحا على أن تكون صورة الابن في الخلفية، وهنا تتركز عين الناظر إلى مدى الشبه بين الأب والابن، وهو ينوع في اختيار توزيع الصور بدقة ليسلط الضوء على دقة الشبه بين الأجيال وكيف يكتسب الابن جيناته من والديه.
ويسود اللون الأسود على التصميمات جميعها، وهو لون حيادي، جعله المصمم خلفية لكل الصور كما ألبسه لكل الشخصيات، جميعها ترتدي الزي ذاته، قمصان سوداء بسيطة. واللون الأسود لون مميز، يمكن وصفه بالجدية، فهو يمثل من جهة القوّة والفخامة والتعقيد، ومن جهة أخرى هو رمز للغموض. وفي عالم التصميم يعرف هذا اللون بأنه يحمل دلالات متباينة من الرسمية والقوة إلى الحزن والحِداد، وهو بالتالي لون قويّ لا مزاح معه. وعادة ما يتم دمجه مع العديد من الألوان الأخرى لإيصال رسائل مختلفة.
وفي “فن وجينات” طغى الأسود ولم يمزج سوى ببشرة الفنانين التي جاءت متقاربة في درجة سمارها. ويلحظ دقة تركيز الفنان على ملامح الوجوه وإبراز تفاصيلها، حيث تبدو شديدة الواقعية بثنايا التجاعيد ونظرة العين والابتسامات الخفيفة.
هذه الصور لم تثر فقط اهتمام المشاهدين لها بالشبه الكبير بين الآباء والأبناء بل أثارت نقاشات لا تزال مستمرة حول مدى الشبه بينهم في الموهبة، وأحدث مقارنات بين أعمال الجيل الأول والثاني من هذه العائلات الفنية، وكانت فرصة لاستعادة الكثيرين أشهر الأعمال الفنية الخالدة للفنانين الكبار، ولإعادة الحديث عنها ومشاهدتها وتوجيه ملاحظات للفنانين من الجيل الثاني كي لا يسقطوا في فخ “التشبه” و”تقليد” الآباء.
هي حكاية ترويها الصور، وهذا ما أراد الفنان التركيز عليه، حيث يقول في تصريحه لـ”العرب”: “لا أحب أن أنشأ تصميمات لصور لمجرد التصميم فقط، إنما أعتبر أن الصورة حكاية، وللصور قدرة كبيرة على الحكي، لذلك أرفع شعار ‘أصنع تصميما لأحكي قصة’، والتصميم إن لم يكن يحكي قصة مفهومة وبسيطة لا أعتقد أنه يكون ناجحا أو له قيمة، والتصميم بالنسبة لي لوحة يمكن أن تشاهدها فتلمح فيها رحلة معاناة أو نجاح أو تجدها تثير فيك التفكير في قيمة من القيم الإنسانية المهمة مثل الصبر والاجتهاد والتشبث بالحلم.” ومحمد جابر فنان يوظف الذكاء الاصطناعي في تقديم بورتريهات فنية مختلفة ومبهرة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت كثر الحديث عن استخدامات سيئة للتكنولوجيا حيث يوظفها البعض في نشر الأخبار الزائفة ويتخوف العديد من الفنانين من تأثيراتها السلبية على الفنون بمختلف أنواعها وفي مقدمتها التصميم والفن التشكيلي.
وعن ذلك يقول الفنان: “الناس بعضها اختار استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر قصص وصور وأخبار كاذبة. من فترة مثلا شاهدت بوستر(معلقة) فيلم لممثل عالمي يعلن عن صدوره قريبا لكنه بوستر مركب بالذكاء الاصطناعي لخبر كاذب، واتضح في الأخير أن الفنان لا يستعد لإطلاق فيلم جديد له، مثل هذه التصميمات يصدقها الناس بسرعة لكنهم يتبينون كذبها في الآخر ولا تحقق نتائج إيجابية. رغم ذلك لا أعتقد أن لمثل هذه السلوكيات تأثير كبير على عالم التصميم والتصوير، ولا أرى داعيا للتخوف من تأثيرات الذكاء الاصطناعي على فن التصوير والتصميم، بل قد يكون مساعدا للفنانين على تحسين جودة أعمالهم ومواهبهم، فتصميمات الذكاء الاصطناعي دقيقة جدا وتفاصيلها مبهرة، ومؤخرا اتجه العديد من الفنانين لتوظيفها في أعمالهم الفنية.”
ويضيف “الذكاء الاصطناعي لن ينافس الفنان بل يمنحه فضاءات أرحب للتعبير والإبداع، على سبيل المثال لم يعد الفنان الممثل أو المغني بحاجة إلى تخصيص أيام لجلسة تصوير ثم التفكير في تصميم مناسب لبوستر فيلمه أو مسلسله، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يختصر الوقت ويساعده على تحقيق ربح مادي أكبر حيث يستطيع المصمم الذكي أن ينشأ له صورا بالذكاء الاصطناعي تلتزم بالفكرة العامة المتفق عليها دون أن يتكبد الفنان عناء التنقل والتصوير.”
◄ شهرة نجوم التمثيل وحتى نجوم الموسيقى في مصر منذ ثمانينات القرن الماضي جعلتهم رموزا للفن العربي
وصفحة الفنان محمد جابر في موقع إنستغرام المخصص للصور والفيديوهات، تعرض تصميماته المبتكرة التي نالت في أغلبها إعجاب الفنانين ليسارعوا بنشرها على صفحاتهم والتعبير عن امتنانهم لفن يجمعهم بآبائهم ويذكر بإنجازات عائلات فنية بأكملها، وبعض هذه التصميمات يتخيل فنانين رحلوا عن عالمنا يجتمعون مع عائلاتهم في مناسبات عديدة، مثل الأعياد وحفلات الزواج والخطوبة، وهو يصمم فيديوهات متخيلة أيضا لفنانين بين الماضي والحاضر، كأن يحكي مثلا كيف يحتضن صلاح السعدني الشاب نفسه وهو رجل عجوز. إنها مقاطع تستفز عقل المشاهد ليفكر فيما يمكن أن يقول الشاب لنسخته الأكبر سنا، أي طموحات وأفكار وتجارب مر بها، ويتذكر معها مسيرة شاب أو شابة حلم وسعى لتحقيق حلمه في أن يكون فنانا ونجما.
ومن بين التصاميم أيضا فيديوهات متخيلة لفناني الزمن الجميل وهم يعيشون حياتنا المعاصر، مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وصور لفنانين شباب معاصرين بأزياء و”ستايل” قديم يعود لسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ورغم سرعة انتشار تصميماته وتحقيقها شهرة واسعة إلا أن الفنان المصري لم ينوع في اشتغاله على تصاميم لفنانين من جنسيات عربية مختلفة، وأعماله تركز بدرجة أولى على الفنانين في مصر وبعض الفنانين في الخليج العربي وبعض الشخصيات السياسية في دولة الإمارات أين يقيم حاليا.
وهو يوضح ذلك لـ”العرب” بالقول “لم أشتغل كثيرا على تصميمات لفنانين من الدول العربية، لكنني سأحاول توسيع محتوى التصميمات الذي ركزت فيه سابقا على الفنانين المصريين، كما أهتم بالتصميم وفق المناسبات، مؤخرا صممت صورا بمناسبة أعياد الميلاد، كان إحداها للفنان فريد الأطرش، وقبله الفنان محمد عبده، والفنان راشد الماجد. لا أتعمد أن تكون التصميمات حكرا على بلد محدد، بل مثلما يقال إن مصر بوابة الفن والفن المصري أكثر انتشارا وقوة، فأنا أوليه اهتماما أكبر، إلى جانب أن الفنانين المصريين هم أول من دعم تصميماتي الأولى واحتفوا بها ورحبوا بأفكارها أيا كانت.”
ومحمد جابر هو خريج بكالوريوس اقتصاد من جامعة الأزهر، يعمل مدير تسويق في إحدى الشركات الإماراتية وهو مقيم في الإمارات، يحب فن التصميم ويمارسه كهواية حيث يقول “أحببت الرسم منذ صغري وسعيت إلى تطوير موهبتي ومهاراتي عبر تعلم التقنيات الحديثة والتصميم الرقمي. أحب تخصيص جزء من وقتي لممارسة هواية التصميم وإذا أتيحت لي الفرصة لتطويرها أكثر لن أتردد في القيام بذلك.”
حنان مبروك
صحافية تونسية
"فن وجينات".. تصاميم متخيلة ومبتكرة تجمع فنانين بأبنائهم.
الخميس 2025/01/09
بورتريهات من "فن وجينات"
"فن وجينات" هكذا عنون الفنان المصري محمد جابر مشروعه الفني الذي يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة صور صممها لفنانين من أجيال مختلفة بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي ليسلط الضوء على مواهبهم وقيمة الفن المصري وإشعاعه عربيا، وهو يؤكد لصحيفة "العرب" أن الذكاء الاصطناعي لا ينافس الفنان وإنما يمنحه مساحات أكبر لتنويع مجالات اشتغاله وأفكاره.
لا أحد يمكنه أن ينكر ريادة الفن المصري في المنطقة العربية منذ عقود، وتحديدا في مجال التمثيل سواء في المسرح أو السينما والدراما التلفزيونية عموما، فأجيال متعاقبة كبرت على أعمال فنية مصرية حظيت منذ ستينيات القرن الماضي بشهرة عربية واسعة.
وشهرة نجوم التمثيل وحتى نجوم الموسيقى في مصر منذ ثمانينات القرن الماضي جعلتهم رموزا للفن العربي، تعرفهم أجيال ولا تزال وفية لمتابعة أعمالهم، ومن ثمة متابعة أعمال أبنائهم ممن دخلوا المجال الفني ودعمها وتشجيع البعض منهم على مواصلة مسيرة الآباء.
وفي حين يرى البعض أن الفن صار مثله مثل الحرف التقليدية مهنة تورث للأبناء حتى وإن افتقروا للموهبة، يعتبرهم البعض الآخر امتدادا منطقيا للبيئة التي نشأوا فيها، كيف لا ونحن شعوب تؤمن بأن “ابن الوز” عليه بالضرورة أن يكون “عواما.”
ورغم أن نجومية الآباء تسلط بالضرورة ضوءا مجانية على مواهب أبنائهم الداخلين حديثا للمجال الفني، وأحيانا هي تضع بعضهم في مقارنة غير منصفة، مثلما يحصل بين محمد إمام ووالده الزعيم عادل إمام، أو كريم محمود عبدالعزيز ووالده “الساحر” محمود عبدالعزيز، ودنيا وإيمي بموهبة والديهما سمير غانم ودلال عبدالعزيز، وفي السابق تمت مقارنة هيثم أحمد زكي بوالده “النمر الأسود” أحمد زكي، والقائمة لازالت طويلة جدا.
وفي محاولة منه لتثمين موهبة الآباء والأبناء، وتسليط الضوء على أسماء مشعة في الفن، اختار المصمم المصري محمد جابر أن يصمم بورتريهات وصورا وفيديوهات بالذكاء الاصطناعي لأشهر العائلات الفنية في المحروسة، تجمع الآباء والأبناء وتتخيلهم في مواقف ومناسبات عديدة.
بعض هذه الصور، التي تشابهت في الأسلوب ذاته، أطلق عليها الفنان عنوان “فن وجينات”، ولاقت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، وتداولها الفنانون مظهرين احتفاء غير مسبوق بمثل هذه التصاميم الذكية.
عن هذا المشروع الفني يقول محمد جابر لـ”العرب” “أحببت أن أجمع النجوم الحاليين في الفن المصري الذين توارثوا الفن من آبائهم أو أمهاتهم، وأركب صورا وتصميمات لهم، تجمع الجيل الأول والثاني، في بورتريهات، مثلا يكون الأب والأم في الخلفية والابن في المنتصف، هو بيولوجيا نتاج تمازج جيناتهم، لكنه فنيا أيضا هو انعكاس واستمرار لموهبتهم. بدأت الفكرة بالاشتغال على الفنانين واحدا تلو الآخر. كنت أبحث في البداية عن مدى القرابة بين الفنان وبين الابن فالبعض أحيانا ينسب لفنان لكنه ليس ابنه بل يكون أحد أفراد عائلته الموسعة، بعد ذلك اشتغلت على الفكرة وتطويرها.”
ويضيف: “هذا المشروع سيكون على جزأين الأول يجمع الآباء بالأبناء والثاني يمر نحو الجيل الثالث، وسأطلق عليه اسم الحفيد.”
والمتأمل لمجموعة الصور ضمن مشروع “فن وجينات”، سيلحظ أن الفنان تعمد التركيز على ملامح الوجوه، تبنى صورا أكثر شبابا وحيوية للفنانين الكبار أو الراحلين مثل فريد شوقي وعادل إمام ومحمود ياسين وأشرف عبدالغفور وصلاح السعدني وخالد صالح وفاروق الفيشاوي وسمير غانم ودلال عبدالعزيز، تظهرهم في أوج لحظات شبابهم وشهرتهم. إذا كانت الصورة تحتوي على وجهين فقط، فإن المصمم يجعل صورة الأب في المركز وأكثر وضوحا على أن تكون صورة الابن في الخلفية، وهنا تتركز عين الناظر إلى مدى الشبه بين الأب والابن، وهو ينوع في اختيار توزيع الصور بدقة ليسلط الضوء على دقة الشبه بين الأجيال وكيف يكتسب الابن جيناته من والديه.
ويسود اللون الأسود على التصميمات جميعها، وهو لون حيادي، جعله المصمم خلفية لكل الصور كما ألبسه لكل الشخصيات، جميعها ترتدي الزي ذاته، قمصان سوداء بسيطة. واللون الأسود لون مميز، يمكن وصفه بالجدية، فهو يمثل من جهة القوّة والفخامة والتعقيد، ومن جهة أخرى هو رمز للغموض. وفي عالم التصميم يعرف هذا اللون بأنه يحمل دلالات متباينة من الرسمية والقوة إلى الحزن والحِداد، وهو بالتالي لون قويّ لا مزاح معه. وعادة ما يتم دمجه مع العديد من الألوان الأخرى لإيصال رسائل مختلفة.
وفي “فن وجينات” طغى الأسود ولم يمزج سوى ببشرة الفنانين التي جاءت متقاربة في درجة سمارها. ويلحظ دقة تركيز الفنان على ملامح الوجوه وإبراز تفاصيلها، حيث تبدو شديدة الواقعية بثنايا التجاعيد ونظرة العين والابتسامات الخفيفة.
هذه الصور لم تثر فقط اهتمام المشاهدين لها بالشبه الكبير بين الآباء والأبناء بل أثارت نقاشات لا تزال مستمرة حول مدى الشبه بينهم في الموهبة، وأحدث مقارنات بين أعمال الجيل الأول والثاني من هذه العائلات الفنية، وكانت فرصة لاستعادة الكثيرين أشهر الأعمال الفنية الخالدة للفنانين الكبار، ولإعادة الحديث عنها ومشاهدتها وتوجيه ملاحظات للفنانين من الجيل الثاني كي لا يسقطوا في فخ “التشبه” و”تقليد” الآباء.
هي حكاية ترويها الصور، وهذا ما أراد الفنان التركيز عليه، حيث يقول في تصريحه لـ”العرب”: “لا أحب أن أنشأ تصميمات لصور لمجرد التصميم فقط، إنما أعتبر أن الصورة حكاية، وللصور قدرة كبيرة على الحكي، لذلك أرفع شعار ‘أصنع تصميما لأحكي قصة’، والتصميم إن لم يكن يحكي قصة مفهومة وبسيطة لا أعتقد أنه يكون ناجحا أو له قيمة، والتصميم بالنسبة لي لوحة يمكن أن تشاهدها فتلمح فيها رحلة معاناة أو نجاح أو تجدها تثير فيك التفكير في قيمة من القيم الإنسانية المهمة مثل الصبر والاجتهاد والتشبث بالحلم.” ومحمد جابر فنان يوظف الذكاء الاصطناعي في تقديم بورتريهات فنية مختلفة ومبهرة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت كثر الحديث عن استخدامات سيئة للتكنولوجيا حيث يوظفها البعض في نشر الأخبار الزائفة ويتخوف العديد من الفنانين من تأثيراتها السلبية على الفنون بمختلف أنواعها وفي مقدمتها التصميم والفن التشكيلي.
وعن ذلك يقول الفنان: “الناس بعضها اختار استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر قصص وصور وأخبار كاذبة. من فترة مثلا شاهدت بوستر(معلقة) فيلم لممثل عالمي يعلن عن صدوره قريبا لكنه بوستر مركب بالذكاء الاصطناعي لخبر كاذب، واتضح في الأخير أن الفنان لا يستعد لإطلاق فيلم جديد له، مثل هذه التصميمات يصدقها الناس بسرعة لكنهم يتبينون كذبها في الآخر ولا تحقق نتائج إيجابية. رغم ذلك لا أعتقد أن لمثل هذه السلوكيات تأثير كبير على عالم التصميم والتصوير، ولا أرى داعيا للتخوف من تأثيرات الذكاء الاصطناعي على فن التصوير والتصميم، بل قد يكون مساعدا للفنانين على تحسين جودة أعمالهم ومواهبهم، فتصميمات الذكاء الاصطناعي دقيقة جدا وتفاصيلها مبهرة، ومؤخرا اتجه العديد من الفنانين لتوظيفها في أعمالهم الفنية.”
ويضيف “الذكاء الاصطناعي لن ينافس الفنان بل يمنحه فضاءات أرحب للتعبير والإبداع، على سبيل المثال لم يعد الفنان الممثل أو المغني بحاجة إلى تخصيص أيام لجلسة تصوير ثم التفكير في تصميم مناسب لبوستر فيلمه أو مسلسله، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يختصر الوقت ويساعده على تحقيق ربح مادي أكبر حيث يستطيع المصمم الذكي أن ينشأ له صورا بالذكاء الاصطناعي تلتزم بالفكرة العامة المتفق عليها دون أن يتكبد الفنان عناء التنقل والتصوير.”
◄ شهرة نجوم التمثيل وحتى نجوم الموسيقى في مصر منذ ثمانينات القرن الماضي جعلتهم رموزا للفن العربي
وصفحة الفنان محمد جابر في موقع إنستغرام المخصص للصور والفيديوهات، تعرض تصميماته المبتكرة التي نالت في أغلبها إعجاب الفنانين ليسارعوا بنشرها على صفحاتهم والتعبير عن امتنانهم لفن يجمعهم بآبائهم ويذكر بإنجازات عائلات فنية بأكملها، وبعض هذه التصميمات يتخيل فنانين رحلوا عن عالمنا يجتمعون مع عائلاتهم في مناسبات عديدة، مثل الأعياد وحفلات الزواج والخطوبة، وهو يصمم فيديوهات متخيلة أيضا لفنانين بين الماضي والحاضر، كأن يحكي مثلا كيف يحتضن صلاح السعدني الشاب نفسه وهو رجل عجوز. إنها مقاطع تستفز عقل المشاهد ليفكر فيما يمكن أن يقول الشاب لنسخته الأكبر سنا، أي طموحات وأفكار وتجارب مر بها، ويتذكر معها مسيرة شاب أو شابة حلم وسعى لتحقيق حلمه في أن يكون فنانا ونجما.
ومن بين التصاميم أيضا فيديوهات متخيلة لفناني الزمن الجميل وهم يعيشون حياتنا المعاصر، مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وصور لفنانين شباب معاصرين بأزياء و”ستايل” قديم يعود لسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ورغم سرعة انتشار تصميماته وتحقيقها شهرة واسعة إلا أن الفنان المصري لم ينوع في اشتغاله على تصاميم لفنانين من جنسيات عربية مختلفة، وأعماله تركز بدرجة أولى على الفنانين في مصر وبعض الفنانين في الخليج العربي وبعض الشخصيات السياسية في دولة الإمارات أين يقيم حاليا.
وهو يوضح ذلك لـ”العرب” بالقول “لم أشتغل كثيرا على تصميمات لفنانين من الدول العربية، لكنني سأحاول توسيع محتوى التصميمات الذي ركزت فيه سابقا على الفنانين المصريين، كما أهتم بالتصميم وفق المناسبات، مؤخرا صممت صورا بمناسبة أعياد الميلاد، كان إحداها للفنان فريد الأطرش، وقبله الفنان محمد عبده، والفنان راشد الماجد. لا أتعمد أن تكون التصميمات حكرا على بلد محدد، بل مثلما يقال إن مصر بوابة الفن والفن المصري أكثر انتشارا وقوة، فأنا أوليه اهتماما أكبر، إلى جانب أن الفنانين المصريين هم أول من دعم تصميماتي الأولى واحتفوا بها ورحبوا بأفكارها أيا كانت.”
ومحمد جابر هو خريج بكالوريوس اقتصاد من جامعة الأزهر، يعمل مدير تسويق في إحدى الشركات الإماراتية وهو مقيم في الإمارات، يحب فن التصميم ويمارسه كهواية حيث يقول “أحببت الرسم منذ صغري وسعيت إلى تطوير موهبتي ومهاراتي عبر تعلم التقنيات الحديثة والتصميم الرقمي. أحب تخصيص جزء من وقتي لممارسة هواية التصميم وإذا أتيحت لي الفرصة لتطويرها أكثر لن أتردد في القيام بذلك.”
حنان مبروك
صحافية تونسية