النصّ المسرحي العربي بشكليه الفصيح والعامي يعيش فترة احتضار!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النصّ المسرحي العربي بشكليه الفصيح والعامي يعيش فترة احتضار!

    حمدي موصللي لـ"العرب": النصّ المسرحي العربي بشكليه الفصيح والعامي يعيش فترة احتضار!


    المسرح تحول إلى وسيلة للتغني بالماضي واستدعاء الأمجاد الغابرة لحل أزمات الحاضر.
    السبت 2025/01/04
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    موصللي فنان قريب من مجتمعه السوري

    في هذا الحوار الذي جمعه مع صحيفة "العرب" يضع الفنان السوري حمدي موصللي إصبعه على داء المسرح السوري والعربي مناقشا معنا قضايا مهمة بعضها مزمن ويؤرق المسرحيين منذ عقود، لكنه يحذر أيضا من احتضار النص المسرحي العربي الذي يغيب عن الفعل المسرحي في المنطقة جراء استسهال الاعتماد على النصوص العالمية المترجمة.

    يُعتبر الدكتور حمدي موصللي من أبرز الشخصيات في مجال المسرح السوري والعربي، حيث يجمع بين الكتابة والإخراج والنقد المسرحي. يُظهر اهتمامه العميق بالمسرح من خلال مؤلفاته المتعددة، مثل “الوجيز في تاريخ المسرح العالمي” الذي يُعد مرجعًا مهمًا في هذا المجال.

    وهو ينظر في كتاباته وأبحاثه إلى المسرح كمساحة حية تتفاعل مع القضايا المعاصرة وتشكل منصة للتراث والتجديد معا. كما أن إخراجه للعديد من المسرحيات جعله قريبا من الجمهور ومتفاعلا مع نبض المجتمع. من خلال هذه التجربة، يعبر عن المسرح ليس كفن فقط، بل كتجربة إنسانية وروحية تملأ حياته وتمنحها معنى أعمق، ويعتبر أن شغفه بالمسرح هو ما دفعه إلى الاستمرار في تطوير هذا المجال ونقل خبراته إلى الأجيال القادمة.

    في حوار مع صحيفة “العرب” توجهنا إلى الدكتور موصللي بسؤال عن تقييم تجربته مع المسرح، فأكد أن المسرح “عشقه الأول”، وقد أبدى هذا الحب للمسرح من خلال مشواره الطويل والمتنوع في الكتابة والإخراج والنقد، معتبرا أن تجربته مع المسرح كانت رحلة شغف واكتشاف، حيث يرى أن المسرح أداة قوية للتعبير الثقافي والاجتماعي، ووسيلة للتواصل مع الجمهور ونقل الأفكار والرسائل.
    تجارب متعددة


    في تقييمه لواقع المسرح في الوطن العربي اليوم، يقول المسرحي السوري موصللي إن "المسرح العربي اليوم يواجه تحديات متعددة، منها: أزمة النصوص والعروض حيث هناك نقص في النصوص المسرحية الجيدة والعروض المبتكرة، ما يؤثر سلبا على جودة الإنتاج المسرحي. وهناك أيضا غياب واضح للتأصيل والتجريب، حيث يلاحظ فشل المحاولات السابقة في تأصيل المسرح العربي وتطويره من خلال التجريب، وهو ما أدى إلى توقف هذه الجهود وعدم تحقيق نتائج ملموسة."

    وعبر الفنان عن قلقه من “بروز بعض الأفراد غير المؤهلين في الساحة المسرحية، ما ينعكس سلبًا على مستوى الأعمال المقدمة، إلى جانب نقص الإمكانات التقنية وعدم توفر البنية التحتية المناسبة، مثل المسارح المجهزة والتقنيات الحديثة، ما يعيق تقديم عروض مسرحية متميزة." وعلى الرغم من هذه التحديات يبقى الدكتور موصللي متفائلا بمستقبل المسرح العربي، معربا عن تقديره للجهود المبذولة من قبل العاملين المخلصين في هذا المجال، ومؤكدا على أهمية الدعم المؤسسي لتجاوز العقبات الحالية.

    ويحكي موصللي عن مفهوم المسرح بالنسبة إليه فيقول “كثيرا ما اعتدت أن أردد تعريفا صغته عن المسرح، وردّده بعدي العديد من الدارسين، مع العلم أنّه لا يوجد للمسرح تعريف محدد ومتفق عليه. علينا أن نعترف أولا بأنَّ المسرحَ قبلَ أيِّ شيءٍ هو كشفٌ؛ كشفُ حياةِ فردٍ، وخصائص بيئةٍ، وعلاقاتٍ تاريخيةٍ، ومصير إنسانيّ، وهذا الكشفُ يحتاجُ إلى رؤيةٍ تتخطى الآنيَّ والمألوفَ والراهنَ اليوميَّ، وترى كلَّ ذلك من منظورِ الصراعِ والتحوّلِ، وتخطي الثابتِ في علاقاتٍ تقومُ أساسا على تفجيرِ الساكنِ وتحويلهِ إلى حياة."

    وتابع “كان البحث هاجسي. جربت الرسم وكتابة الشعر والقصة والمقالة ومع هذا البحث الدائب وغير المستقر كان هناك بحث آخر مواز لتجربتي مع المسرح كهاوٍ مع فرقة المركز الثقافي بالرقّة، وفرقة المسرح المدرسي، ومن ثم مع المسرح الجامعي كممثل ومؤلف ومخرج، ورأيتني أنزل الستارة وأكتب فوق ما أكتب فكانت مسرحياتي الأولى ‘بانوراما المشاكل’، ومسرحية مشتركة تأليفا ‘ماري القرن العشرين’ مع المرحوم الصديق الشاعر تميم صائب، ومن إخراجي سبق أن عرضت في مدن سورية ثم تتالت بعد ذلك مسرحياتي المعروفة، ومن هنا لا أنسى تجربتي الأولى التي واجهت هجوما كبيرا في نهاية السبعينات من القرن المنقضي على صعيد التأليف والإخراج المسرحي، وأخصّ بالذكر مسرحية ‘الخريف يغزو الشمال’، وهي النموذج الذي يُمثل مسرح الطليعة. إلّا أنّي مضيت في الكتابة باستهواء شديد."

    ◙ المسرح السوري كما هو حال المسرح العربي مصابان بداء الاستجداء بنصوص مسرحية هي أغلبيتها مترجمة

    ويعتبر الأكاديمي أن “الحماس برأيي هو الذي يدفع الكاتب غير المجرب بصورة تدريجية إلى أن يتمكن من حرفته، وهذا الرأي ينطبق على أحسن من أخرج ومن كتب. نلت بعد ذلك عدّة جوائز منها سورية وعربية على مستوى النصّ والعرض زادت عن خمس عشرة جائزة."

    ويتطرق الفنان المسرحي إلى مهنته الأصلية (الهندسة الزراعية) وتأثيرها على تجربته الفنية فيقول “المهنة والإبداع الفني، هناك علاقة قوية بينهما مثلهما مثل بقية العلاقات المكوّنة لهما في الأصل من علاقات تاريخية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو مصير إنساني. الممارسة العملية لمهنتي منحتني مساحة أفقية من التفكير الإضافي المكتسب الناتج عن التماس المباشر مع الجماعات المختلفة من الناس في علاقات تقوم أساسا على تفجير الساكن وتحويله إلى حياة. فالنشاط البشري وما يتضمّنه من زراعة، بشقيها النباتي والحيواني، والعلاقات الاجتماعية وما يكتنفها من عادات وتقاليد، وما تتضمنه بدورها من أشكال تعبيرية، تشارك فيها هذه الجماعات بالإضافة إلى العلاقات العامة الأخرى، كل هذا ساعدني أو خدمني إلى حد بعيد حين اشتغلت على الكتابة الإبداعية، ولا بأس أن أذكر أن لطبيعة التربية الأسرية وما هي عليه دورا هاما؛ فإذا كانت تعتني بالمسألة الإبداعية من فنون وغيرها فستضيف إلى إنجاز المبدع وتكمله، وإلّا ما معنى أنَّ الكثير من نجوم الإبداع والفن في الوطن العربي هم من خريجي كلية الزراعة وغيرها من الكليات."

    أما عن رؤيته للنص البصري في المسرح، فهو يرى أنه “يشبه الحكاية التراثية، إنه مجرد وسيلة للتغني بالماضي أو استدعاء الأمجاد الغابرة لحل أزمات الحاضر. بل إنه يوظف التراث كمقاربة رمزية لا أكثر، بعيدا عن الدعوات التقليدية للعودة إلى الأصالة. فهو ليس محاولة لإعادة تشكيل العرض المسرحي، بل هو مساحة إبداعية تتيح للمؤلف والمخرج والمشاهد على حد السواء تجربة فنية لا مثيل لها."

    ويؤكد أن النص المسرحي “هو نتاج تفاعل بين ماضي الإبداع الإنساني وتحديات المستقبل. إنه دعوة للابتكار والتجريب في مجال المسرح، ليصبح هذا الفن أكثر تعبيرا عن هويتنا وأقدر على استيعاب المتغيرات الثقافية والاجتماعية."
    تفاوت في التجارب



    ◙ مسرح عربي بنصوص مترجمة


    عن أوّل أعماله المسرحية وكيف قرأ هذا الفن الذي لا يمكن التغاضي عنه، لاسيما أنّه يُلامس الحياة التي نعيش، يقول “خطواتي الأولى بدأت من النشاط المدرسي في المرحلة الابتدائية في السنتين الأخيرتين منها، ضمن خطين متوازيين، حيث كنت ضمن المنتخب المدرسي الابتدائي لكرة القدم، وممثلا في المسرح المدرسي. استمر الخطّان يسيران بشكلٍ متواز حتى المرحلة الجامعية، علما أنني كنتُ الرقم واحد، اللاعب المتميّز الذي تمّ ترشيحه للمنتخب الوطني والمدرسي، ونتيجة لإقصائي والوساطة أُبعدت عن تمثيل المنتخب، لكني تابعت مسيرتي الفنية والإبداعية في المسرح بالرقّة مع فرقة مديرية الثقافة مطلع السبعينات، ولاقت أعمالي نجاحا متميزا، ومن المسرحيات التي شاركت فيها، وكنتُ الشخصية الرئيسية فيها مسرحية ‘مجلس عدل’ من تأليف توفيق الحكيم وإخراج غالب سليمان، ومسرحية ‘مشكلة راتب’ من تأليف مراد السباعي وإخراج عبدالنافع علي الشيخ، ومسرحية ‘درس اللحظات’ من إخراج عبدالنافع علي الشيخ."

    ◙ النص المسرحي هو نتاج تفاعل بين ماضي الإبداع الإنساني وتحديات المستقبل. إنه دعوة للابتكار والتجريب

    ويكمل “في الجامعة بدأت الكتابة المسرحية فأخرجت للمسرح الجامعي ومن ثم لمسرح الشبيبة، وانتقلت بعد ذلك إلى مسرح الطفولة حتى تأسيس فرقة ‘توتول’ المسرحية بالرقّة والتي استمرت من عام 1992 حتى خروجنا من الرقّة عام 2013 بسبب الأحداث والاضطرابات. في جعبتي عدد كبير من المسرحيات التي كتبتها وأخرجت أغلبها. بالتأليف هناك أكثر من ثلاثين مسرحية مطبوعة ومنشورة. كما حصلت على جوائز كثيرة على مستوى النصّ والعرض في سوريا وخارجها، حتى أصبغ عليَّ البعض من الكتّاب والصحافيين لقب صائد الجوائز. "

    أما عن واقع الحراك المسرحي العربي عموما والمسرح السوري بصورة خاصة من حيث العرض والنصّ، وهل هناك من تفاوت في التجارب في ما بينهما، يوضح الدكتور موصللي “المسرح السوري كما هو حال المسرح العربي مصابان بداء إدارة الظهر للمحيط، وتنفيذ العرض المسرحي بالاستجداء بنصوص مسرحية هي على الغالب مترجمة، قد تتقاطع مع همومنا ولكنها لا تحمل خصائصها، وهو أيضا إن اعتمد النص المحلي فالنصوص المحلية نراها في معظم ما أنتج تقوم على حالات افتراضية قد تلامس الواقع المعيش الراهن ولا تخدشه بعمقه، وهذا يعود إلى أسبابٍ عديدة، قد يكون أولها العقل المقموع، أو قد يكون الخوف من التصدي لإشكاليات يتطلب التصدي لها - بالإضافة إلى الوعي بها - طاقة كبيرة وقدرة على المواجهة بممنوعاتها."

    هنا يشير الفنان إلى “المسارح القومية أو الوطنية التي تشرف عليها المؤسسات الناظمة لها في بلادنا العربية ومنها سوريا. ومنذ البداية أثارت مشكلة النص، أو ما بات يُعرف بأزمة النصّ العربي والمحلي كتبرير من أجل تسهيل أمر النصّ المترجم الذي اعتمد عليه في أغلب عروضه بشكل رئيسي، بينما أهمل إلى حد كبير النصوص المسرحية العربية والمحلية، ولعل ذلك هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت من المسرح القومي السوري أو المصري أو غيرهما من المسارح العربية تقتصر على القلة المتعلمة من الروّاد، تلك الفئة التي تهتم عادة بالظواهر الثقافية والفنية، والمسرح القومي السوري لم يستطع أن يؤسس لقاعدة جماهيرية عريضة اللهم إلا في العديد من العروض التي خرج بها أصلا عن الخط الأساسي الذي تبناه وسار عليه، حيث اعتمد فيها على مواصفات المسرحيات التجارية (الكوميديا الساذجة والنجوم)."

    ويرى أنه “مع الأزمة السورية توسعت أزمة المسرح إلى درجة أصبح فيها الاستسهال أسلوبا رخيصا طغى على النصوص المعالجة وعروضها التي خرجت عن الحالة الإبداعية إلى درجة الغثيان، ولذلك كله مازالت سوريا والوطن العربي غابة مجهولة في الإبداعات الأدبية، مع أننا نعيش في واقع تتداخل فيه التشكيلات، فيعيش البعير إلى جانب الصاروخ، والكمبيوتر وسلطة الاتصالات، والبداوة بمحاذاة المدينة، والمدينة باتت مزيَّفة وريفية فقدت تمدّنها، ولا نرى ظاهرة نقية يمكن معالجتها على أساس الولادة الطبيعية.”
    جوائز محفزة


    سألنا الدكتور موصللي إلى أي درجة نجح المسرح العربي عموما والسوري بصورة خاصة في أداء وظيفته في ظل ثورة الاتصالات والمتغيرات العالمية؟ فأجاب بقوله “أعتقدُ أنه لم ينجح بعد ولأسباب عديدة؛ هنا لا بد من أن نؤكد على أن الأدب المسرحي في سوريا اليوم، شأنه في أغلب البلدان العربية على الرغم من تفاوت تجاربها، هو ظاهرة متأخرة جدا بالنسبة إلى سائر الفنون الأدبية التي قطع بعضها أشواطا جيدة في التطور، وأعتقد أنه إذا تجاوز عقد تأخره فلن ينهض، وأعود وأذكر كما ردّدت مراراً: لطالما أن المسرح هو ظاهرة ثقافية جمالية وحضارية، فهو وليد حاجة اجتماعية نفسية من جهة وفنية فكرية من جهة أخرى، ذلك لأنه جامع لسائر الفنون الأدبية، ولكي يزدهرلا بد له من مساحة من النبت الديمقراطي، أو مناخٍ ليبرالي مناسب على الأقل حتى يتمكّن من تأدية دوره، وهذا لم يتوفر له بعد، وإن توفر فهو في إطار ضيّق جداً، وهذا أحد أهم أسباب أزْمَة المسرح برأيي.”

    ويستدرك “أمّا عن وظيفته في ظل ثورة الاتصالات والمتغيرات، إضافة إلى الأسباب السابقة التي سقتها في متن حديثي، فهي أن المسرح العربي مازال يحبو، ولم يصل بعد إلى مرحلة الوعي بخصائص نضوجه التي مازال يفتقدها، ولم يؤسس لها أسباب النضوج العلمية التطبيقية والمعرفية الفكرية في ظل مجموعة متغيرات سياسية تاريخية اقتصادية واجتماعية وفكرية وفنية.”

    وعن رأيه في الجوائز التي تمنحها الجهات الخاصة أو الحكومية للكتاب، وهل يعني ذلك إنصاف المبدع؟ يرى الدكتور موصللي أن الجوائز الأدبية، سواء كانت من جهات خاصة أو حكومية، تُعتبر تقديرا لجهود الكاتب وإبداعه.” ويقول “الجائزة بكلمات مختصرة جدا أوّل ما تعنيه لي التجاوز والاستمرار والوجود، وعدم التوقف والاستسلام لها. لأن الجائزة بحد ذاتها لا تصنع أديبا، بل هي أداة تحفيز لكي يستمر العطاء، ويستمر تطور الكاتب نحو الأفضل

    من خلال الاستزادة المعرفية، وفهم التعامل مع الأدوات الإبداعية وفهم أكبر للعلاقات الإنسانية بكل أشكالها وإشكالياتها المختلفة. أعترف بأنني خلال أكثر من ربع قرن حصلت على جوائز كثيرة في القصة القصيرة والنص المسرحي والإخراج المسرحي في سوريا، وفي غيرها من البلدان العربية. أذكر منها جائزة الدكتور نبيل طعمة ـ دورة أبي خليل القباني لعام 2011 حيث نلت الجائزة الأولى، وتعتبر هذه الجائزة من أهم الجوائز الأدبية العربية في حينها، و لمكانتها الأدبية الرفيعة وقيمتها المادية الكبيرة.”

    من آنٍ لآخرَ يثورُ نقاشٌ وتحتدمُ المعارك بين مختلف الفرقاء، بين من يُفضلون اللهجةَ العاميةَ لغةً للحوارِ المسرحي، وبين من يُفضلونَ الفُصحى، وهذه المعاركُ لم تُسفر عن نتيجةٍ نهائيةٍ حتى أضحت مشكلة مزمنة، لكن موصللي يقول “جزء من المشكلة التي وقع فيها المسرح العربي الذي يعيش أزمة احتضاره، هو النصّ المسرحي العربي بشكليه الفصيح والعامي، وأقصد هنا ثنائية التناقض بين الفصحى كلغة والعامية كلهجة. معظمُ العاملينَ في المسرحِ، ومن كلِّ الاختصاصات أدركوا أن مسرحنا العربي يعيشُ أزمة لكنهم يختلفونَ في تحديدِ أسبابِها، وقد أظهرَ بعضهم عيوبَ هذا المسرحِ في أبحاثِهم ودراساتِهم التي تناولت هذه الأزمةَ جزئياً أو كليا، من بينهم فرحانُ بلبل في كتابه ‘المسرحُ العربيُّ في مواجهة الحياة’، حيث لخص عيوبَ أو أسبابَ هذه الأزمةِ وبيّن أهمَ النقاطِ التي كانت تقفُ عائقاً في طريق تطورهِ وأهمها أولويةُ النصِ الأجنبي على المحلي والعربي أو ما يعرف بعقدة النص المترجم، وعجزُ المسرح عن جرِّ الجماهيِر إليهِ، وموقفهُ من القضايا الملحةِ في حياتِنا الاجتماعيةِ موقفاً حيادياً."

    ويضيف أن “هذا كله يبرز ضعفِ إمكانيةِ النص المحلي أو العربي وعدم قدرته على مزاحمةِ النصِ الأجنبي، فهو يعيشُ خارجَ إطارِ التحولاتِ الاجتماعيةِ والسياسيةِ والاقتصاديةِ في عمقها وضمن علاقاتها، أما عجز اللغة في شقيها الفصيح والعامّي فهو ناجم عن عدم قدرتها على المواكبة والعصرنة، وما تتطلبهُ من تطورٍ في لغةِ المسرحِ (على مستوى الحوار) والارتقاء بها، فمنهم من يرى في العامية الخلاص (مستقبل العربية)، منهم الأردني عبدالرحمن بوشناق الذي يؤكد وجود لغتين، والمفكر العربي المصري أحمد لطفي السيد الذي يقول إنَّ الطريقةَ الوحيدةَ لإحياء اللغةِ هي إحياءُ لغةِ الرأي العامِ بحيثُ تستوعبُ العاميةُ الفصحى.”

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    عبدالكريم البليخ
    صحافي سوري
يعمل...
X