"أوكسجين" الثقافية تخصص عددها الجديد لفتح ذكريات السوريين وآمالهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "أوكسجين" الثقافية تخصص عددها الجديد لفتح ذكريات السوريين وآمالهم

    "أوكسجين" الثقافية تخصص عددها الجديد لفتح ذكريات السوريين وآمالهم


    الروائية والمخرجة عبير داغر أسبر تكتب تحت عنوان "سورية وديستوبيا الحلم" عن ثورة السوريين التي جاءت متخمة وحبلى بالأسئلة.
    الاثنين 2024/12/30
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    سيرة ما بعد الهروب (لوحة للفنانة آسيا رجوب)

    دبي - خصص العدد 291 من مجلة “أوكسجين” الثقافية لسوريا، لمواكبة اللحظة المفصلية التي يعيشها ويختبرها السوريون اليوم، بمشاركة عدد من الكاتبات والكتاب السوريين. وعنون العدد، الذي صدر الخميس 26 ديسمبر الجاري، بـ”عن سورية، عن الأمل بمستقبل سورية ربما”، وهو يأتي وفق القائمين على المجلة استجابة لحاجة ملحة ترتبط أساسا بالحرية والأمل وبأوكسجين. فعدا أن هذا العدد يحيي أعداد أوكسجين عن سوريا والثورة السورية، منذ العدد 125 (بتاريخ 31 مارس 2011) وصولا إلى العددين 126 و127، فهو تأكيد على ارتباط فعل الإبداع بالحرية.

    يقول الروائي السوري زياد عبدالله مؤسس ورئيس تحرير “أوكسجين” في مقاربة هذه اللحظة التاريخية: “نحن في أوكسجين نكتب، نتأمل ونكتب، نستعيد ونقارب ونطلق العنان لكل ما يحتكم عليه الإنسان السوري ونكتب، لا حدود ولا محددات سوى حريتنا في مقاربة كل آمالنا وهواجسنا وتطلعاتنا، ممارسين ما نعرفه جيدا ألا وهو الإبداع، (حرية الإبداع وإبداع الحرية) العبارة المفصلية التي تأسست عليها أوكسجين.”

    هذا ما تأسس عليه أيضا محتوى دعوة الاستكتاب الجديدة، في سعيها لمعاينة “الأمل السوري” إبداعيا، سرديا وقصصيا وشعريا، وصولا إلى كل أنماط التعبير الحر، انطلاقا من الحدث التاريخي المفصلي الذي تعيشه سوريا “تجتمع في ما شهدته سوريا من سقوط لنظام الأسد، وما تشهده وستشهده بأن أمسى نظاما بائدا، كل ما له أن يكون مفصليا في التاريخ: نهاية وبداية. منعطف ومفترق. فجر جديد ومنطلق نحو المجهول، مجهول لنا أن نعرفه أو نعرفه، نتبينه أو لا نتبينه، لكنه في النهاية أمل.. أمل بالجديد، بالمغاير، بالمختلف. وقد تخلص السوريون من صخرة صماء أخمدت أنفاسهم لعقود، واحتكرت الأمل بأن صيرته يأسا.”

    بين القصة والشعر والسينما والسرد المفتوح والتجارب الشخصية جاءت مواد العدد الجديد من أوكسجين، لتوثق وتحكي آمال السوريين على مر عقود، ليس منها العقد الأخير وما يزيد عنه من سنوات الحرب إلا قطعة مهدورة من حيوات تتشابك مع واقع معقد يصعب وصفه، وقد تجاوز بألمه وجنونه كل خيال. في مقابل ذلك تتبدى أحقية حلم الشعب السوري جلية، بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها، توقا للحرية، وتصالحا مع الذات، وأملا في غد مغاير.

    تكتب الروائية والمخرجة عبير داغر أسبر تحت عنوان “سورية وديستوبيا الحلم” عن ثورة السوريين التي جاءت متخمة وحبلى بالأسئلة، لكنه حلم عنيد يسعى لاستعادة ما ضاع، تقول “أعيدوا لنا حياتنا الطبيعية، الإنسانية ودعونا. أعيدوا لنا المخيلة وفضاءات الاحتمال، اتركوا لنا مساحات للشك، وللمحاكمة، وللسؤال.”


    ◙ بين القصة والشعر والسينما والسرد المفتوح والتجارب الشخصية جاءت مواد المجلة لتوثق وتحكي آمال السوريين على مر عقود


    وبمقاربة سينمائية تكتب الإعلامية والناقدة السينمائية رندة الرهونجي تحت عنوان “الخروج من الدائرة” عن عقود من الرقابة والمنع مما حتم على الأفلام السورية عبر تاريخ طويل طرحَ أسئلة الحرية والعدالة بطريقة رمزية، تتساءل الكاتبة إن كانت تلك ميزة أم هدر لطاقات هائلة؟ وتضيف “يبقى السؤال الأصعب اليوم، هل في خروجنا من الدائرة وتحطيم جدارها ما يجعلنا على يقين بأن الدائرة نفسها قد خرجت من داخلنا إلى الأبد؟”

    أما مديرة تحرير مجلة أوكسجين الكاتبة والمترجمة سوسن سلامة فجعلت من عنوان نصها سؤالا “هل تندثر الجراح بلمح البصر؟”، ولتتوالى الأسئلة التي يأتي أهمها “هل نبدأ معارك أخرى في التنازع على السردية التي ستتوارثها الأجيال؟” و”هل سنتمكن نحن السوريون من تجاوز الرواية التي تتوقف عند اللوم وتركز على الانتقام؟”. أسئلة كثيرة حقيقية وصادمة لكنها ضرورية لتجاوز الألم وإعادة بناء الثقة وصياغة مستقبل مشترك.

    في قصته “الصديقان” يمضي الروائي علي عبدالله سعيد لرصد تحولات الإنسان بين الصديقين خالد الهوشة وجمال الطحش، في ظل الاستبداد والقهر الذي تتعرض له الذات البشرية، وما يطالها من مخاوف وتشوهات تصل حد الغدر والخيانة. ومنها “للحظة تذكر جمال شيء مهم لابد أنه نسيه. من تحت ثيابه، أخرج خنجره المعتاد، أخذ يصارع به الهواء بحركات بهلوانية، اعتادها خالد منه بعد الخمارة دائما عبر زمنهما المشترك.”

    “من سيادته إلى صرمايته: هكذا مات أبي” هو عنوان نص المترجم شادي خرماشو، وكيف تدفن أحلام أب لم يكن ولاؤه إلا للوطن، لتحصيل لقمة العيش والحلم ببيت للعائلة، وكيف تقهر السنين والمخاوف الرجال. يستعيد الكاتب المغترب أباه والذي توفي قبل أن يشهد سقوط نظام الأسد، يكتب: “واليوم أسأل نفسي ما الذي كان سيقوله بعد ما حدث. ربما كان سينسى خوفه قليلا ويقول ‘من حكم بالصرماية لا يخلع إلا بها‘.”

    كذلك يقارب الكاتب والصحافي بهيج وردة في نصه “أحلام جادة قد تبدو وهما” الاغتراب وعلاقة الأحفاد الذين ولدوا خارج سوريا بأجدادهم، بأفراد العائلة وبالبلاد، واليوم، يقول وردة “وقد أصبحت زيارة سوريا ممكنة. بهذا التغير صار بمقدورنا أن نتحدث بوضوح أكبر،” ويضيف: “أطفالي ليسوا الوحيدين الذين لم يلتقوا عائلتهم. أطفال كثر يعانون المصير نفسه، وربما لن يتاح لهم هذا اللقاء أبدا، فبعض أقاربهم فارق الحياة، وآخرون مغيبون، في حين تعيش عائلاتهم على أمل لقاء غير مضمون.

    وبقصائد قصيرة بعنوان “أفكر في الله” يكتب الشاعر محمد رشو: نكبر حين نفهم القتلة. وفي عمر ما سيبدو لكَ البشر جميعا في عمر واحد، وحينئذ لا حاجة للأمل ولا حاجة للذكريات، يسند بعضها بعضا كصخرتين وتحك اسمكَ بينهما حتى ينسلخ الجلد عنه كما لو أنه أفعى.” وفي نص آخر يكتب: “سأعترف: دمرت الحرب كل شيء، أنا الآن حرٌ أكثر من أي وقت مضى.”

    “سيرة سورية لما بعد هروب بشار”، هكذا يعنوِن الروائي زياد عبدالله نصه المحمل بالأسئلة، متبعا فيه أسلوب “السيرة” ساردا سيرة السقوط ومآلات الأيام الماضية وهواجس الغد. لا يترك استبشارا ولا شكا إلا ويبثه على طريقته الخاصة، يقول “وهذا يا سادة يا كرام، بلغني أن بشار هرب إلى أرض البلغار، كما أجمعت جمهرة من الرواة، وشتى صنوف الشاشات والتلفزات، لا هو خبر بمخبر ولا نبه بمنبه، ولا همس ببنت شفة لأقرب مقربيه، وضع طاقية الإخفاء فإذا به في أرض البلغار، وفي رواية أخرى قيل إنه فص ملح وذاب، أو شمع الخيط وولى الأدبار. وتوالت الأنباء، وعمت المباهج والأفراح، والليالي الملاح، ونسي السوريون بشار في بضعة أيام، كابوس استيقظوا منه فانقضى، لعنة وأبطلت، لطخة ومسحت، بقعة وأزيلت، وحين تساءلوا كيف؟ لم يحفلوا كثيرا بالإجابات، وأصبحت الثواني ساعات، والساعات أياما، والأيام شهورا، والشهور سنوات، وبدا الدهر أعجوبة، وأصبح ما عليه أن يكون من كان يا ما كان.”

    كما كتب عبدالله في باب “سينما”، مقاربة تفصيلية للتجربة الرائدة للمخرج السوري عمر أميرلاي (1944-2011)، ورهانه على السينما الوثائقية وتقديمه عبر 20 فيلما، سجلا هائلا عن الشقاء السوري. هذا ورافقت مواد العدد 291 الجديد من أوكسجين، أعمال ولوحات فنانين تشكيليين سوريين هم على التوالي: الفنانة آسيا رجوب، الفنان محمود ديوب، والفنان وليد المصري.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X