كن مثابراً ومتابعاً - تسع عشرة طريقة أخرى لتحفيز الأطفال .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
11- كن مثابراً ومتابعاً
كأب، لم أكن أدرك كم هي المثابرة ذات تأثير تحفيزي فعال. ولكن مع تأكدي من هذا الموضوع يجب أن أشير إلى أن هناك فرقاً بين المثابرة والإلحاح التذمري، والإلحاح التذمري هذا هو النقد السلبي لشخص لا يقوم بفعل الأشياء بالشكل الذي نريده الإلحاح التذمري يعكس شكلاً من أشكال الأنانية : ((لم تبدأ بتنظيف خزانتك بعد ؟ ولم تفعل ذلك في الأمس... ماذا دهاك ؟)) أو (( هل ستقوم بتنظيف غرفتك أبداً ؟)). هذا النوع من الإلحاح والتذمر بصوت فيه تهكم وعدائية مع تناول الموضوع نفسه المرة تلو المرة سيخلق مقاومة تدريجية عند الأطفال، وسيبدد ثقتهم
بأنفسهم . وقد يبدؤون بتصديق ما يسمعون مراراً وتكراراً من أنهم ((لا يستطيعون فعل الأشياء الصحيحة)) و أنهم لا يقومون بأداء واجباتهم.
لكن المثابرة تعني بأن يكون لدينا إصرار على متابعة موضوع من المواضيع نعتقد بأهميته مع الأخذ بعين الاعتبار أن يتم هذا الإصرار بشكل مبدع وبحماس مبرر مبتعدين عن المباشرة ومستعملين صوتاً خفيضاً مقنعاً ومستغلين الوقت المناسب لطرح الموضوع.
منذ سنوات عديدة، توصلت إلى قناعة مؤداها أن أفراد عائلتي بمن فيهم أنا، نمضي أوقاتاً أطول من اللازم في مشاهدة التلفزيون. كنا جميعاً معلقين به. فقد كنت أشاهد الكثير من البرامج الرياضية. وكان أطفالي لا يفوتون فلماً أو مسلسلاً للصور المتحركة (أفلام كرتون). وكانت نورما مدمنة على مشاهدة المسلسلات الاجتماعية، وشعرت بعدم الراحة لفكرة أن التلفزيون هو الذي يسيطر على حياتي وحياة أطفالي. لكني في كل مرة كنت أفتح هذا الموضوع كنت أقابل برفض عارم من قبل جميع أفراد الأسرة. وأخيراً شعرت بأن الخطأ هنا هو خطئي أنا . إذ كنت ألح عليهم متذمراً بعبارات مثل : (( لنتوقف عن مشاهدة برامج التلفزيون)). أو ((علي أن أضع جهاز التلفزيون هذا جانباً، لنتوقف عن مشاهدة برامجه السخيفة)). هذه العبارات لم تجد نفعاً أبداً. على العكس خلقت شعوراً سلبياً تجاهي من قبل جميع أفراد العائلة. ولم يكن لدى أي فرد من أفراد العائلة أي حماس أو حافز لسماع صوتي في هذا الموضوع.
عندما أدركت الحقيقة قررت أن أثابر على هذا الموضوع، ولكن بهدوء وبمحبة فغيرت طريقتي في مقاربة هذا الموضوع . بدأت أقول عبارات من مثل: (( سأكون ممتناً للجميع لو أننا اخفضنا قليلاً من عدد الساعات التي نقضيها أمام التلفزيون)).
ثم أتوقف عن فتح الحديث في هذا الموضوع لعدة أسابيع لأنني لم أكن أريد أن أضغط على أحد . ولكني أعود لتذكير أفراد الأسرة بأن ما نشاهده من برامج التلفزيون هو في واقع الأمر أكثر من اللازم ثم أترك الموضوع مرة ثانية. ولكي أكون مثلاً يحتذى به، بدأت أقلل من ساعات مشاهدتي للتلفزيون. وغالباً ما كنت انتحي جانباً في غرفة مجاورة لغرفة التلفزيون، وأقرأ كتاباً. وكنت أحاذر من أن أبدو مترفعاً متظاهراً بأني ((الرجل الوحيد الجيد في البيت )) . وكنت أشاهد برامج محددة في أوقات متباعدة، كنت أختارها بعناية. أقوى العبارات وأكثرها تأثيراً على العائلة قلتها دون أن أخطط لذلك. ففي إحدى الأمسيات ذكرت عرضاً بأنني كم أكون سعيداً إذا أتى يوم نعيش فيه بسعادة داخل البيت دون أن نحتاج إلى التلفزيون، ثم أضفت ((ولكن هذه الأمنية تبدو غير ممكنة التحقيق)).
بعد حوالي سنة على ذلك الحديث ، اتصلت نورما معي في مكان عملي و أخبرتني أن هناك مفاجأة تنتظرني في البيت. عندما دخلت من بوابة البيت الخارجي كانت نورما تبتسم، والأطفال يهرجون بمرح وغبطة. حاولت أن أنظر حولي في البيت لأتبين أين هي المفاجأة ولكنني لم أر أثراً لها .
صرخ الأطفال: ((ألم تكتشفها بعد يا أبي ؟)) ثم تابعوا : ((هل حقيقة لم تكتشف المفاجأة أم أنك تتجاهلها ؟ )) . فأجبتهم : ((لم أرها بعد)) فوجهوا نظري إلى طاولة التلفزيون في غرفة الجلوس حيث كانت الطاولة فارغة والتلفزيون لم يعد موجوداً في الغرفة.
سأل الأطفال بمرح: (( ما رأيك يا أبي ؟)) وكنت عاجزاً حقاً عن الكلام. لقد وضعوا التلفزيون في السقيفة. لقد أحبوا أن يكسروا عاداتهم في التعلق بالتلفزيون بقطع الصلة تماماً بهذا الجهاز دون أن يمضوا للتحكم بهذا الموضوع تدريجياً.
غمرتني دهشة الفرح، وألحت علي رغبة عارمة في أن أفعل لهم شيئاً بالمقابل. فقد أحدثوا هذا التغيير الصعب في حياتهم لإرضائي. تناولت محفظة جيبي وقلت: أدعوكم جميعاً للعشاء في أحسن مطاعم المدينة لستم بأكرم مني .
ثم أدهشوني مرة أخرى بردود أفعالهم على دعوتي حين شرحوا لي: بأنهم لم يتخلّوا عن التلفزيون مقابل الحصول على مكاسب أو جوائز.
لقد فعلوا ذلك تقديراً لمشاعري وانطلاقاً من حبهم لي وثقتهم بأحكامي وبأنني إنما أريد مصلحة الأسرة ليس إلا.
امتلأت نفسي بسعادة غامرة وشعرت بحبهم يزهر في حياتي ويلونها بأجمل الألوان. لقد شعرت حقيقة بأنهم لم يضعوا التلفزيون جانباً تحت تأثير الضغط والإلحاح، وإنما نتيجة المحبة والقناعة. بعد سنة أخرى أعدنا التلفزيون إلى مكانه، وصرنا نشاهد بعض برامجه الجيدة مع بعض كأسرة، ولم يعد التلفزيون هو المسيطر والمتحكم بحياتنا . أصبحنا نسيطر عليه نحن، ونستعمله لفائدة الأسرة.
11- كن مثابراً ومتابعاً
كأب، لم أكن أدرك كم هي المثابرة ذات تأثير تحفيزي فعال. ولكن مع تأكدي من هذا الموضوع يجب أن أشير إلى أن هناك فرقاً بين المثابرة والإلحاح التذمري، والإلحاح التذمري هذا هو النقد السلبي لشخص لا يقوم بفعل الأشياء بالشكل الذي نريده الإلحاح التذمري يعكس شكلاً من أشكال الأنانية : ((لم تبدأ بتنظيف خزانتك بعد ؟ ولم تفعل ذلك في الأمس... ماذا دهاك ؟)) أو (( هل ستقوم بتنظيف غرفتك أبداً ؟)). هذا النوع من الإلحاح والتذمر بصوت فيه تهكم وعدائية مع تناول الموضوع نفسه المرة تلو المرة سيخلق مقاومة تدريجية عند الأطفال، وسيبدد ثقتهم
بأنفسهم . وقد يبدؤون بتصديق ما يسمعون مراراً وتكراراً من أنهم ((لا يستطيعون فعل الأشياء الصحيحة)) و أنهم لا يقومون بأداء واجباتهم.
لكن المثابرة تعني بأن يكون لدينا إصرار على متابعة موضوع من المواضيع نعتقد بأهميته مع الأخذ بعين الاعتبار أن يتم هذا الإصرار بشكل مبدع وبحماس مبرر مبتعدين عن المباشرة ومستعملين صوتاً خفيضاً مقنعاً ومستغلين الوقت المناسب لطرح الموضوع.
منذ سنوات عديدة، توصلت إلى قناعة مؤداها أن أفراد عائلتي بمن فيهم أنا، نمضي أوقاتاً أطول من اللازم في مشاهدة التلفزيون. كنا جميعاً معلقين به. فقد كنت أشاهد الكثير من البرامج الرياضية. وكان أطفالي لا يفوتون فلماً أو مسلسلاً للصور المتحركة (أفلام كرتون). وكانت نورما مدمنة على مشاهدة المسلسلات الاجتماعية، وشعرت بعدم الراحة لفكرة أن التلفزيون هو الذي يسيطر على حياتي وحياة أطفالي. لكني في كل مرة كنت أفتح هذا الموضوع كنت أقابل برفض عارم من قبل جميع أفراد الأسرة. وأخيراً شعرت بأن الخطأ هنا هو خطئي أنا . إذ كنت ألح عليهم متذمراً بعبارات مثل : (( لنتوقف عن مشاهدة برامج التلفزيون)). أو ((علي أن أضع جهاز التلفزيون هذا جانباً، لنتوقف عن مشاهدة برامجه السخيفة)). هذه العبارات لم تجد نفعاً أبداً. على العكس خلقت شعوراً سلبياً تجاهي من قبل جميع أفراد العائلة. ولم يكن لدى أي فرد من أفراد العائلة أي حماس أو حافز لسماع صوتي في هذا الموضوع.
عندما أدركت الحقيقة قررت أن أثابر على هذا الموضوع، ولكن بهدوء وبمحبة فغيرت طريقتي في مقاربة هذا الموضوع . بدأت أقول عبارات من مثل: (( سأكون ممتناً للجميع لو أننا اخفضنا قليلاً من عدد الساعات التي نقضيها أمام التلفزيون)).
ثم أتوقف عن فتح الحديث في هذا الموضوع لعدة أسابيع لأنني لم أكن أريد أن أضغط على أحد . ولكني أعود لتذكير أفراد الأسرة بأن ما نشاهده من برامج التلفزيون هو في واقع الأمر أكثر من اللازم ثم أترك الموضوع مرة ثانية. ولكي أكون مثلاً يحتذى به، بدأت أقلل من ساعات مشاهدتي للتلفزيون. وغالباً ما كنت انتحي جانباً في غرفة مجاورة لغرفة التلفزيون، وأقرأ كتاباً. وكنت أحاذر من أن أبدو مترفعاً متظاهراً بأني ((الرجل الوحيد الجيد في البيت )) . وكنت أشاهد برامج محددة في أوقات متباعدة، كنت أختارها بعناية. أقوى العبارات وأكثرها تأثيراً على العائلة قلتها دون أن أخطط لذلك. ففي إحدى الأمسيات ذكرت عرضاً بأنني كم أكون سعيداً إذا أتى يوم نعيش فيه بسعادة داخل البيت دون أن نحتاج إلى التلفزيون، ثم أضفت ((ولكن هذه الأمنية تبدو غير ممكنة التحقيق)).
بعد حوالي سنة على ذلك الحديث ، اتصلت نورما معي في مكان عملي و أخبرتني أن هناك مفاجأة تنتظرني في البيت. عندما دخلت من بوابة البيت الخارجي كانت نورما تبتسم، والأطفال يهرجون بمرح وغبطة. حاولت أن أنظر حولي في البيت لأتبين أين هي المفاجأة ولكنني لم أر أثراً لها .
صرخ الأطفال: ((ألم تكتشفها بعد يا أبي ؟)) ثم تابعوا : ((هل حقيقة لم تكتشف المفاجأة أم أنك تتجاهلها ؟ )) . فأجبتهم : ((لم أرها بعد)) فوجهوا نظري إلى طاولة التلفزيون في غرفة الجلوس حيث كانت الطاولة فارغة والتلفزيون لم يعد موجوداً في الغرفة.
سأل الأطفال بمرح: (( ما رأيك يا أبي ؟)) وكنت عاجزاً حقاً عن الكلام. لقد وضعوا التلفزيون في السقيفة. لقد أحبوا أن يكسروا عاداتهم في التعلق بالتلفزيون بقطع الصلة تماماً بهذا الجهاز دون أن يمضوا للتحكم بهذا الموضوع تدريجياً.
غمرتني دهشة الفرح، وألحت علي رغبة عارمة في أن أفعل لهم شيئاً بالمقابل. فقد أحدثوا هذا التغيير الصعب في حياتهم لإرضائي. تناولت محفظة جيبي وقلت: أدعوكم جميعاً للعشاء في أحسن مطاعم المدينة لستم بأكرم مني .
ثم أدهشوني مرة أخرى بردود أفعالهم على دعوتي حين شرحوا لي: بأنهم لم يتخلّوا عن التلفزيون مقابل الحصول على مكاسب أو جوائز.
لقد فعلوا ذلك تقديراً لمشاعري وانطلاقاً من حبهم لي وثقتهم بأحكامي وبأنني إنما أريد مصلحة الأسرة ليس إلا.
امتلأت نفسي بسعادة غامرة وشعرت بحبهم يزهر في حياتي ويلونها بأجمل الألوان. لقد شعرت حقيقة بأنهم لم يضعوا التلفزيون جانباً تحت تأثير الضغط والإلحاح، وإنما نتيجة المحبة والقناعة. بعد سنة أخرى أعدنا التلفزيون إلى مكانه، وصرنا نشاهد بعض برامجه الجيدة مع بعض كأسرة، ولم يعد التلفزيون هو المسيطر والمتحكم بحياتنا . أصبحنا نسيطر عليه نحن، ونستعمله لفائدة الأسرة.
تعليق