دميري (محمد موسي)
Al-Damiri (Mohammad ibn Musa-) - Al-Damiri (Mohammad ibn Musa-)
الدميري (محمد بن موسى -)
(742-808هـ/1341-1405م)
محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري، أبو البقاء كمال الدين، أديب، باحث من فقهاء الشافعية، من أهل دميرة بمصر. ولد بالقاهرة، وفيها نشأ وتوفي. تكسب بمهنة الخياطة. ثم أقبل على العلم، وقرأ على التقي السبكي، وأبي الفضل النويري، والجمال الأسنوي، وابن الملقن والبلقيني. أخذ العربية وعلومها عن البهاء بن عقيل، والأدب عن القيراطي. برع في التفسير والحديث. وتصدى للإقراء والتدريس والإفتاء. وكانت له في الأزهر حلقة خاصة. رحل إلى الحجاز وأقام مدة في مكة والمدينة. ترك عدداً من المصنفات والكتب والشروح.
من أعماله «شرح سنن ابن ماجة» وسماه اختصاراً «الديباجة» و«شرح المنهاج» وسماه النجم الوهاج، لخصه من شروح السبكي والأسنوي وغيرهما، وزاد عليهما أرجوزة في الفقه. ومختصر شرح الصفدي لقصيدة الطغرائي المعروفة باسم «لامية العجم». وأشهر كتبه وأهمها «حياة الحيوان».
«حياة الحيوان» أبرز كتاب وأوعب مصنف بعد كتاب «الحيوان» المشهور للجاحظ، وبين الكتابين ما يقرب من ستة قرون. ويتشارك الكتابان في جوهر الموضوع وغزارة المادة، ولكنهما يختلفان في طريقة التأليف. إذ تناول الجاحظ مادته الموسوعية برؤيته المعهودة مؤثراً بسط معارفه العلمية وما يتصل بها من مادة شعرية أو قصصية دون حرص على تبويب دقيق أو منهج محدد، وكان الاستطراد هو المنحى الغالب على كتابه كشأنه في معظم كتبه. أما الدميري فقد اعتمد لمؤلفه تصنيفاً معجمياً لأسماء الحيوان وفق الترتيب الألفبائي. فاستهل كتابه بإيراد أسماء الحيوانات المبدوءة بالهمزة: الأسد، الإبل، الأتان، الأرقم، الأرنب، الأفعى، الإوز. وبعد ذلك أورد ابن آوى والبازي والببر والباشق والبرغوث والبعير والبغل والببغاء والبجع والبطريق. وفي الزاي أورد الزاغ والزرزور والزرافة والزرياب.
غير أن الدميري لم يتقيد كما يلاحظ - بترتيب أسماء الحيوان ضمن الحرف المعقود له، فلم يكن يراعي داخله الحرف الثاني فالثالث، فهو يورد الأسد ومن بعده الإبل... على أن إيثاره الموفق لهذا المنهج المعجمي ساعده على استيعاب مجمل مادته الغزيرة المشتتة، إذ ضم في كتابه كل ما أتيح له معرفته من المخلوقات، صغارها وكبارها، فضلاً عما في ذلك من تيسير على القارىء. فلم يفته أي نوع من الحيوانات زاحفها وسابحها وطائرها، بدءاً من الصيبان والحرباء فسمك القرش ثم الكركند، ويحتوي الكتاب أسماء غريبة لا يكاد يعرف شيء عن مسمياتها في عالم الحيوان، مثل: الزغيم، القربض، القرعوش، الأقهبان. كما أن بعضها خرافي لا وجود له مثل إنسان الماء والرخ، وما إلى ذلك مما كان سائداً في مخيلة العرب.
ويتفاوت في الكتاب حظ كل حيوان من التعريف والوصف، وهذا طبيعي، كأن يطيل في صدد القطا والحمار والقمل والكلب... فيستغرق ذلك منه أحياناً أربعين صفحة، على حين يقتصر على سطر أو بضع كلمات بصدد الوقواق والعفر والشرشق.... وفي الكتاب استطرادات أيضاً تتضمن قدراً من الأشعار والأمثال أو الحكايات والنكات، وأحياناً بعض ما كان شائعاً من الأساطير والغيبيات حول أنواع من الحيوانات مثل الهدهد، والخنزير، والحوت. من ذلك أن من أكل لسان الببغاء صار فصيحاً وجريئاً في الكلام، وأن رؤية الخفاش في المنام دليل خير للحبلى. وكثيراً ما يذيل الدميري مادته بذكر ما قالته العرب من الأمثال والأشعار حول الحيوان المذكور، مثل (أبلد من سلحفاة) و(أخدع من ضب) وقول شاعرهم (..وشر منيحة تيس يعار)، وهذا كله يشير إلى غلبة الجانب الأدبي على مادة الكتاب.
طبع الكتاب عدداً من المرات، منها طبعة ثالثة سنة 1956 بعناية مصطفى البابي الحلبي وتقع في مجلدين يضمان معهما كتاب زكريا بن محمد القزويني «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات». وهو قريب في موضوعه من كتاب الدميري. وسبق للمستشرق الكولونيل جايكار أن ترجم كتاب الدميري إلى الإنكليزية ونشر قسماً منه في لندن سنة 1906 ثم قسماً ثانياً سنة 1908 حيث انتهى فيه إلى حرف الفاء.
عمر دقاق
ـ علي محمد الشوكاني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (دار المعرفة، بيروت).
ـ حاجي خليفة، كشف الظنون (مكتبة المثنى، بغداد).
ـ طاش كبرى زاده، مفتاح السعادة (دار الكتب العلمية، بيروت).
Al-Damiri (Mohammad ibn Musa-) - Al-Damiri (Mohammad ibn Musa-)
الدميري (محمد بن موسى -)
(742-808هـ/1341-1405م)
محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري، أبو البقاء كمال الدين، أديب، باحث من فقهاء الشافعية، من أهل دميرة بمصر. ولد بالقاهرة، وفيها نشأ وتوفي. تكسب بمهنة الخياطة. ثم أقبل على العلم، وقرأ على التقي السبكي، وأبي الفضل النويري، والجمال الأسنوي، وابن الملقن والبلقيني. أخذ العربية وعلومها عن البهاء بن عقيل، والأدب عن القيراطي. برع في التفسير والحديث. وتصدى للإقراء والتدريس والإفتاء. وكانت له في الأزهر حلقة خاصة. رحل إلى الحجاز وأقام مدة في مكة والمدينة. ترك عدداً من المصنفات والكتب والشروح.
من أعماله «شرح سنن ابن ماجة» وسماه اختصاراً «الديباجة» و«شرح المنهاج» وسماه النجم الوهاج، لخصه من شروح السبكي والأسنوي وغيرهما، وزاد عليهما أرجوزة في الفقه. ومختصر شرح الصفدي لقصيدة الطغرائي المعروفة باسم «لامية العجم». وأشهر كتبه وأهمها «حياة الحيوان».
«حياة الحيوان» أبرز كتاب وأوعب مصنف بعد كتاب «الحيوان» المشهور للجاحظ، وبين الكتابين ما يقرب من ستة قرون. ويتشارك الكتابان في جوهر الموضوع وغزارة المادة، ولكنهما يختلفان في طريقة التأليف. إذ تناول الجاحظ مادته الموسوعية برؤيته المعهودة مؤثراً بسط معارفه العلمية وما يتصل بها من مادة شعرية أو قصصية دون حرص على تبويب دقيق أو منهج محدد، وكان الاستطراد هو المنحى الغالب على كتابه كشأنه في معظم كتبه. أما الدميري فقد اعتمد لمؤلفه تصنيفاً معجمياً لأسماء الحيوان وفق الترتيب الألفبائي. فاستهل كتابه بإيراد أسماء الحيوانات المبدوءة بالهمزة: الأسد، الإبل، الأتان، الأرقم، الأرنب، الأفعى، الإوز. وبعد ذلك أورد ابن آوى والبازي والببر والباشق والبرغوث والبعير والبغل والببغاء والبجع والبطريق. وفي الزاي أورد الزاغ والزرزور والزرافة والزرياب.
غير أن الدميري لم يتقيد كما يلاحظ - بترتيب أسماء الحيوان ضمن الحرف المعقود له، فلم يكن يراعي داخله الحرف الثاني فالثالث، فهو يورد الأسد ومن بعده الإبل... على أن إيثاره الموفق لهذا المنهج المعجمي ساعده على استيعاب مجمل مادته الغزيرة المشتتة، إذ ضم في كتابه كل ما أتيح له معرفته من المخلوقات، صغارها وكبارها، فضلاً عما في ذلك من تيسير على القارىء. فلم يفته أي نوع من الحيوانات زاحفها وسابحها وطائرها، بدءاً من الصيبان والحرباء فسمك القرش ثم الكركند، ويحتوي الكتاب أسماء غريبة لا يكاد يعرف شيء عن مسمياتها في عالم الحيوان، مثل: الزغيم، القربض، القرعوش، الأقهبان. كما أن بعضها خرافي لا وجود له مثل إنسان الماء والرخ، وما إلى ذلك مما كان سائداً في مخيلة العرب.
ويتفاوت في الكتاب حظ كل حيوان من التعريف والوصف، وهذا طبيعي، كأن يطيل في صدد القطا والحمار والقمل والكلب... فيستغرق ذلك منه أحياناً أربعين صفحة، على حين يقتصر على سطر أو بضع كلمات بصدد الوقواق والعفر والشرشق.... وفي الكتاب استطرادات أيضاً تتضمن قدراً من الأشعار والأمثال أو الحكايات والنكات، وأحياناً بعض ما كان شائعاً من الأساطير والغيبيات حول أنواع من الحيوانات مثل الهدهد، والخنزير، والحوت. من ذلك أن من أكل لسان الببغاء صار فصيحاً وجريئاً في الكلام، وأن رؤية الخفاش في المنام دليل خير للحبلى. وكثيراً ما يذيل الدميري مادته بذكر ما قالته العرب من الأمثال والأشعار حول الحيوان المذكور، مثل (أبلد من سلحفاة) و(أخدع من ضب) وقول شاعرهم (..وشر منيحة تيس يعار)، وهذا كله يشير إلى غلبة الجانب الأدبي على مادة الكتاب.
طبع الكتاب عدداً من المرات، منها طبعة ثالثة سنة 1956 بعناية مصطفى البابي الحلبي وتقع في مجلدين يضمان معهما كتاب زكريا بن محمد القزويني «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات». وهو قريب في موضوعه من كتاب الدميري. وسبق للمستشرق الكولونيل جايكار أن ترجم كتاب الدميري إلى الإنكليزية ونشر قسماً منه في لندن سنة 1906 ثم قسماً ثانياً سنة 1908 حيث انتهى فيه إلى حرف الفاء.
عمر دقاق
مراجع للاستزادة: |
ـ حاجي خليفة، كشف الظنون (مكتبة المثنى، بغداد).
ـ طاش كبرى زاده، مفتاح السعادة (دار الكتب العلمية، بيروت).