المعاملة الرقيقة اللينة - التعبير عن المحبة .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
المعاملة الرقيقة اللينة
أحد الوجوه الهامة لإشعار أطفالنا بأنّنا نحبهم هو الآلية أو الطريقة التي نعامل أطفالنا من خلالها . يحتاج الأطفال إلى من يعاملهم برفق ولين، فاللطف والرقة يأتيان في الدرجة الأولى من حيث الأهمية في معاملة الأطفال، إذا كنا نود أن ننشئ طفلاً صحيح الجسم معافى العقل.
أما القسوة والمحاضرات الغاضبة فلا تصلح إلا للأطفال الذين لا قيمة لهم . العبارة التي غالباً ما نسمعها من الأطفال الذين تساء معاملتهم تشكل مثالاً كلاسيكيا معبراً عما نتحدث عنه، ويمكن تلخيص هذه العبارة بالتالي: ((لو كان لي أية قيمة لديهم أو أية أهمية لما عاملوني بهذه الطريقة القاسية)).
للرقة واللين واللطف مع الأطفال مفعول مهدئ عجيب يترك آثاراً إيجابية واضحة على صحتهم النفسية. ففي بعض الأحيان، عندما أكون منغمساً في بعض قراءاتي المسائية، قد يتسلّق طفل من أطفالي على ركبتي، ويلتصق بي. قد يكون هدفه التحدث، وقد يكتفي بالشعور المطمئن بوجوده معي. وليس من الغريب في مثل هذه الأوقات أيضاً، أن تأتي ابنتي كاري إلي، وتقول شيئاً كهذا : أبي .. أعاني من بعض المشاكل مع أحد الأصدقاء في المدرسة. هل ترى بأننا يمكن أن نتحدث في هذا الموضوع قليلاً ؟ وهي تعرف بأنني أرحب بمناقشة هذه المواضيع. وقد تعلمت بأنها تريد مني أن أستمع إليها بهدوء وأن أقدم لها بعض الاقتراحات المناسبة، وبصورة خاصة أن استمع لاقتراحاتها هي وأثمنها. هي لا تحتاج إلى محاضرة في القيم والأخلاق ، وفوق كل هذا تريد مني أن أكون لطيفاً ومهذباً في استماعي لها .
مؤخراً اضطررت للخروج عن كل القواعد والتوصيات والنصائح التي أقدمها في هذا الكتاب، ولكن وعي ابنتي كاري ( وهي ابنة السبعة عشر ربيعاً الآن ) وقوة العلاقة التي تربطنا معاً أنقذا الموقف، ولم تظهر نتائج سلبية مباشرة لسلوكي المتطرف الذي لم يتسم بالحساسية والتفهم. فقد كنت مضغوطاً بإنهاء كتابة هذا الكتاب وبعدد من مسؤوليات العمل الأخرى، وكان مزاجي عكراً بعض الشيء ، فانفجرت في وجه كاري بغضب معطياً لها أطول محاضرة سمعتها مني في حياتها : ((لا تؤجلي أعمالك المدرسية إلى آخر لحظة)) وقذفتها بتهديدات شتي طالت حياتها الاجتماعية وكل شيء آخر ورد إلى ذهني، ثم تركت البيت غاضباً مع صديق لي لتناول عشاء في أحد المطاعم. وفي منتصف العشاء اعتذرت من صديقي، وخابرت كاري وبلهجة لطيفة ومعتذرة قلت لها : كاري .. لقد كان أبوك على خطأ أليس كذلك؟)) وفي كثير من الأحيان قد يكون بعض الأطفال أكثر نضجاً من آبائهم . أجابت كاري بهدوء أبي .. لقد شرحت لي أمي أنك ترزح تحت ضغط عمل كثير والسبب الذي جعلني أبقى صامتة ولا أرد عليك هو معرفتي بأنك تعاني، وأنك مهموم. شكراً على أي حال لمكالمتك وتذكر بأنني أحبك)) .
في حمأة المناقشات الأسروية الحامية، غالباً ما أنسى كيف أكون لطيفاً ولينا ومتفهماً. وأكون أكثر عرضة لمثل هذه الحالة عندما أعود إلى البيت من رحلة مجهدة نفسياً وفيزيائياً، وأكون عندها سريع الغضب وذا نفس قصير جداً . وفي واحدة من تلك اللحظات فاجأتني كاري، وكان عمرها عندئذ ست عشرة سنة، برغبتها المشاركة في نشاط رياضي في المدرسة، ولكنها لا تعرف بأي لعبة عليها الاشتراك والتدرب. لقد ذكر هذا الموضوع في البيت مرات عديدة، وكنت أقدم الاقتراحات لها، ولم يحدث أن تابعت في أي من هذه الأنشطة الرياضية. في هذه المرة اقترحت عليها أن تشترك في لعبة الجري حول المضمار، ولكنها أجابت بأنها لا تُحب هذه اللعبة، وهذه الإجابة أغضبتني جداً، فصرخت في وجهها : ((أريدك أن تشتركي بلعبة الجري حول المضمار)) وتابعت: (( عندما أخبرك بأنك ستشتركين في لعبة الجري فهذا يعني أن ليس لديك خيار آخر هل فهمت ؟)) . هزتها إجابتي، فصمتت. كنت أعرف أنني على خطأ، وأنني بطريقتي هذه قد أساهم بانغلاق ابنتي كري على ذاتها .. ولكنني كنت غاضباً جداً، ولم يكن بمقدوري أن أتعامل مع هذا الموضوع كما ينبغي.
في حالات كتلك ، لعل الأفضل أن تهمل وتتجاهل الموضوع لفترة قصيرة من الزمن، ثم تعود لتتعامل معه بروية وهدوء، في وقت لاحق من ذلك المساء وبعد أن هدأت وبردت أعصابي قليلاً ، تقدمت . من كاري ابنتي بلطف، وكنت قد قطعت عهداً على نفسي لكل أفراد عائلتي بأنني سأدفع للفرد الذي أغضب في وجهه وأصرخ دون مبرر عشر دولارات.
وحيث أنني شعرت بأن تصرفي مع كاري كان سيئاً جداً وغير مسوغ فقد كتبت لها شيكاً بعشرين دولاراً . وطرقت باب غرفتها، وسمعتها تسأل بتردد بالغ من هناك؟ وعندما أخبرتها بأنني أنا من يقرع الباب ويود محادثتها قالت: ((أبي .. لا أستطيع تحمل المزيد الآن من فضلك )) .
طمأنتها بأنني أريد أن أعتذر إليها ، ففتحت الباب ، تقدمت منها وأعطيتها الشيك ذا العشرين دولاراً قائلاً : أعرف أن هذه النقود لا تشتري لك الحب، ولا تعفيني من مسؤولية الخطأ بحقك. ولكنني أريدك أن تتأكدي بأنك غالية جداً علي، وقد أخطأت بحقك، وأود أن أعوضك بهذه الهدية الصغيرة.
بزغت شمس ابتسامة صغيرة على وجهها، وبدت عليها علائم الخجل والرضا وقالت: ((أبي .. آه يا أبي أنت لست مضطراً لفعل ذلك)). كنت على يقين بأنها قد ارتاحت وانفرجت أساريرها، وبأنها بدأت تفتح ذاتها لي. وأنا أعلم بأن مجرد الاعتذار الرفيق وإظهار المودة واللطف قد يكونان كافيين لمساعدتها على إعادة انفتاح ذاتها باتجاهي. وعندما أعطيتها الهدية النقدية، بمبلغ هو ضعف ما كنت قد وعدت أفراد أسرتي في حالات كهذه، أشعرتها كم هي غالية علي، وكم هي هامة لحياتنا، وعندما وصلتها هذه الإشارة أنفتح قلبها بالصفح، ورجعت الأمور إلى نصابها .
من السهل علي الآن القيام بمثل هذه المصالحات، وذلك لأنني قد اكتسبت خبرة عبر السنين بفعالية هذه الطريقة. ولكن لم يكن ذلك سهلاً علي في البدء. فإذا كان صعباً عليك أن تكون لطيفاً مع أولادك ورقيقاً ولكنك في الوقت نفسه تحس بأنك تخطئ بحقهم كأب، عليك أن تحاول مهما كان ذلك صعباً عليك. لأن ذلك سيعود بأفضل النتائج عليك وعليهم في كل الأحوال تكون قد مررت رسالة واضحة لهم بأنك تحبهم وأنك مهتم بشؤونهم وأنهم في بالك دائما .
المعاملة الرقيقة اللينة
أحد الوجوه الهامة لإشعار أطفالنا بأنّنا نحبهم هو الآلية أو الطريقة التي نعامل أطفالنا من خلالها . يحتاج الأطفال إلى من يعاملهم برفق ولين، فاللطف والرقة يأتيان في الدرجة الأولى من حيث الأهمية في معاملة الأطفال، إذا كنا نود أن ننشئ طفلاً صحيح الجسم معافى العقل.
أما القسوة والمحاضرات الغاضبة فلا تصلح إلا للأطفال الذين لا قيمة لهم . العبارة التي غالباً ما نسمعها من الأطفال الذين تساء معاملتهم تشكل مثالاً كلاسيكيا معبراً عما نتحدث عنه، ويمكن تلخيص هذه العبارة بالتالي: ((لو كان لي أية قيمة لديهم أو أية أهمية لما عاملوني بهذه الطريقة القاسية)).
للرقة واللين واللطف مع الأطفال مفعول مهدئ عجيب يترك آثاراً إيجابية واضحة على صحتهم النفسية. ففي بعض الأحيان، عندما أكون منغمساً في بعض قراءاتي المسائية، قد يتسلّق طفل من أطفالي على ركبتي، ويلتصق بي. قد يكون هدفه التحدث، وقد يكتفي بالشعور المطمئن بوجوده معي. وليس من الغريب في مثل هذه الأوقات أيضاً، أن تأتي ابنتي كاري إلي، وتقول شيئاً كهذا : أبي .. أعاني من بعض المشاكل مع أحد الأصدقاء في المدرسة. هل ترى بأننا يمكن أن نتحدث في هذا الموضوع قليلاً ؟ وهي تعرف بأنني أرحب بمناقشة هذه المواضيع. وقد تعلمت بأنها تريد مني أن أستمع إليها بهدوء وأن أقدم لها بعض الاقتراحات المناسبة، وبصورة خاصة أن استمع لاقتراحاتها هي وأثمنها. هي لا تحتاج إلى محاضرة في القيم والأخلاق ، وفوق كل هذا تريد مني أن أكون لطيفاً ومهذباً في استماعي لها .
مؤخراً اضطررت للخروج عن كل القواعد والتوصيات والنصائح التي أقدمها في هذا الكتاب، ولكن وعي ابنتي كاري ( وهي ابنة السبعة عشر ربيعاً الآن ) وقوة العلاقة التي تربطنا معاً أنقذا الموقف، ولم تظهر نتائج سلبية مباشرة لسلوكي المتطرف الذي لم يتسم بالحساسية والتفهم. فقد كنت مضغوطاً بإنهاء كتابة هذا الكتاب وبعدد من مسؤوليات العمل الأخرى، وكان مزاجي عكراً بعض الشيء ، فانفجرت في وجه كاري بغضب معطياً لها أطول محاضرة سمعتها مني في حياتها : ((لا تؤجلي أعمالك المدرسية إلى آخر لحظة)) وقذفتها بتهديدات شتي طالت حياتها الاجتماعية وكل شيء آخر ورد إلى ذهني، ثم تركت البيت غاضباً مع صديق لي لتناول عشاء في أحد المطاعم. وفي منتصف العشاء اعتذرت من صديقي، وخابرت كاري وبلهجة لطيفة ومعتذرة قلت لها : كاري .. لقد كان أبوك على خطأ أليس كذلك؟)) وفي كثير من الأحيان قد يكون بعض الأطفال أكثر نضجاً من آبائهم . أجابت كاري بهدوء أبي .. لقد شرحت لي أمي أنك ترزح تحت ضغط عمل كثير والسبب الذي جعلني أبقى صامتة ولا أرد عليك هو معرفتي بأنك تعاني، وأنك مهموم. شكراً على أي حال لمكالمتك وتذكر بأنني أحبك)) .
في حمأة المناقشات الأسروية الحامية، غالباً ما أنسى كيف أكون لطيفاً ولينا ومتفهماً. وأكون أكثر عرضة لمثل هذه الحالة عندما أعود إلى البيت من رحلة مجهدة نفسياً وفيزيائياً، وأكون عندها سريع الغضب وذا نفس قصير جداً . وفي واحدة من تلك اللحظات فاجأتني كاري، وكان عمرها عندئذ ست عشرة سنة، برغبتها المشاركة في نشاط رياضي في المدرسة، ولكنها لا تعرف بأي لعبة عليها الاشتراك والتدرب. لقد ذكر هذا الموضوع في البيت مرات عديدة، وكنت أقدم الاقتراحات لها، ولم يحدث أن تابعت في أي من هذه الأنشطة الرياضية. في هذه المرة اقترحت عليها أن تشترك في لعبة الجري حول المضمار، ولكنها أجابت بأنها لا تُحب هذه اللعبة، وهذه الإجابة أغضبتني جداً، فصرخت في وجهها : ((أريدك أن تشتركي بلعبة الجري حول المضمار)) وتابعت: (( عندما أخبرك بأنك ستشتركين في لعبة الجري فهذا يعني أن ليس لديك خيار آخر هل فهمت ؟)) . هزتها إجابتي، فصمتت. كنت أعرف أنني على خطأ، وأنني بطريقتي هذه قد أساهم بانغلاق ابنتي كري على ذاتها .. ولكنني كنت غاضباً جداً، ولم يكن بمقدوري أن أتعامل مع هذا الموضوع كما ينبغي.
في حالات كتلك ، لعل الأفضل أن تهمل وتتجاهل الموضوع لفترة قصيرة من الزمن، ثم تعود لتتعامل معه بروية وهدوء، في وقت لاحق من ذلك المساء وبعد أن هدأت وبردت أعصابي قليلاً ، تقدمت . من كاري ابنتي بلطف، وكنت قد قطعت عهداً على نفسي لكل أفراد عائلتي بأنني سأدفع للفرد الذي أغضب في وجهه وأصرخ دون مبرر عشر دولارات.
وحيث أنني شعرت بأن تصرفي مع كاري كان سيئاً جداً وغير مسوغ فقد كتبت لها شيكاً بعشرين دولاراً . وطرقت باب غرفتها، وسمعتها تسأل بتردد بالغ من هناك؟ وعندما أخبرتها بأنني أنا من يقرع الباب ويود محادثتها قالت: ((أبي .. لا أستطيع تحمل المزيد الآن من فضلك )) .
طمأنتها بأنني أريد أن أعتذر إليها ، ففتحت الباب ، تقدمت منها وأعطيتها الشيك ذا العشرين دولاراً قائلاً : أعرف أن هذه النقود لا تشتري لك الحب، ولا تعفيني من مسؤولية الخطأ بحقك. ولكنني أريدك أن تتأكدي بأنك غالية جداً علي، وقد أخطأت بحقك، وأود أن أعوضك بهذه الهدية الصغيرة.
بزغت شمس ابتسامة صغيرة على وجهها، وبدت عليها علائم الخجل والرضا وقالت: ((أبي .. آه يا أبي أنت لست مضطراً لفعل ذلك)). كنت على يقين بأنها قد ارتاحت وانفرجت أساريرها، وبأنها بدأت تفتح ذاتها لي. وأنا أعلم بأن مجرد الاعتذار الرفيق وإظهار المودة واللطف قد يكونان كافيين لمساعدتها على إعادة انفتاح ذاتها باتجاهي. وعندما أعطيتها الهدية النقدية، بمبلغ هو ضعف ما كنت قد وعدت أفراد أسرتي في حالات كهذه، أشعرتها كم هي غالية علي، وكم هي هامة لحياتنا، وعندما وصلتها هذه الإشارة أنفتح قلبها بالصفح، ورجعت الأمور إلى نصابها .
من السهل علي الآن القيام بمثل هذه المصالحات، وذلك لأنني قد اكتسبت خبرة عبر السنين بفعالية هذه الطريقة. ولكن لم يكن ذلك سهلاً علي في البدء. فإذا كان صعباً عليك أن تكون لطيفاً مع أولادك ورقيقاً ولكنك في الوقت نفسه تحس بأنك تخطئ بحقهم كأب، عليك أن تحاول مهما كان ذلك صعباً عليك. لأن ذلك سيعود بأفضل النتائج عليك وعليهم في كل الأحوال تكون قد مررت رسالة واضحة لهم بأنك تحبهم وأنك مهتم بشؤونهم وأنهم في بالك دائما .
تعليق