عوالم سليم بركات السردية مناخات معقدة ضد الحرب ومع الإنسان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عوالم سليم بركات السردية مناخات معقدة ضد الحرب ومع الإنسان


    عوالم سليم بركات السردية مناخات معقدة ضد الحرب ومع الإنسان


    سليم بركات أراد في رواياته أن يطرح أفكارا جديدة تماما فنسجها بلغة تتوافق مع طريقة تفكيره.
    الثلاثاء 2024/12/17
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    وطن سليم بركات لغته

    عمَّان- كتاب “عوالم السَّرد الروائي لدى سليم بركات” لخليل جابو يغوص في روايات سليم بركات مفتشا في اللغة، والمعاني والدلالات، وأشياء كثيرة يكتظ بها عالم – أو على حد قول المؤلف “عوالم” – سليم بركات.

    الكتاب، الصادر حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، يضم سبعة فصول ومقدمة تحت عنوان “عن هذا الكتاب.. عن الكمين الذي حدث”، ويبدأها خليل جابو بمقتطف من رواية لسليم بركات يقول فيه: “البريق الذي التمع على الأدراج المغسولة برذاذ الخريف، قَسَّم خَتْمه نصفين بين آثار ‘ميدو‘ المبعثرة على رقعة معناها الحجري.”



    ويقول عنه “كان أول سطر قرأته لسليم بركات في حياتي، حين عرفته صيف سنة 2007. أخبرني به صديقٌ مهندس عندما كنَّا جالسين في مقهى ‘جحى‘ في ساحة سعدالله الجابري في مدينة حلب. نويتُ لقاءه قبل الذهاب إلى عفرين لتهنئة صديق آخر بتخرُّجه في الجامعة. نصحني صديقي المهندس بقراءة رواية ‘قرب نهر عفرين‘ لكوني سألته عن رواية أملأ بها يومي في ذلك الوقت الحار من شهر تموز، قال لي: اقرأ لسليم بركات، حدَّثني عنه وعن لغته التي ينحتها بالإزميل.”

    وتأتي الأعمال التي يحتويها هذا الكتاب على النحو التالي: “فقهاء الظلام”، “أرواح هندسية”، “الريش”، “معسكرات الأبد”، “عبور البشروش”، “الكون”، “كبد ميلاؤس”، “أنقاض الأزل الثاني”، “الأختام والسديم.”

    ويتابع خليل جابو في المقدمة “في الأعمال هذه تفاوتٌ كبير في المجالات جميعها. هناك صعوبة في بعضها نظرا إلى الأفكار التي قام سليم بنسجها بلغة مختلفة تماما عن اللغة الأدبية السائدة، وهي ‘أرواح هندسية‘، و‘الأختام والسديم‘. أراد في هذه الأعمال أن يطرح أفكارا جديدة تماما فنسجها بلغة تتوافق مع طريقة تفكيره؛ أيستطيع عالم الفيزياء أن يتكلم عن نظرية ما بمفردات أدبية؟ الأفكار التي تتضمَّنها كان يجب على سليم أن ينسجها بتلك الطريقة المستعصية على البعض، لتصبح متوازنة من النواحي جميعها، فهي مختلفة في اللغة لا تحمل النسيج نفسه، لتقارب لوحة الفسيفساء في دقتها.”

    ويتابع جابو “لكل وطن قوانين وأنظمة يفرضها على المجتمع، وتناسب زمن الأشخاص الذين يفرضون تلك القوانين. ويقول سليم ‘اللغة يمكن أن تكون وطنا، شريطة ألَّا تتحول إلى سجن‘. وقد جعل من لغته وطنه دون تحويلها إلى سجن، ومن قرأ أعماله سيجد اختلافا واضحا، إلا إنها تسير وفق نظام واحد اختاره سليم ليكون قانونا في وطنه/ لغته.”

    وعن اختيار سليم بركات للعزلة يقول جابو “ما أردت قوله باختصار أن مقابلتين مرئيتين وعشرات الحوارات على مَرِّ سنوات طويلة، وكتابين عن سيرة حياته، وكتابا كاملا عن تفاصيل حياته وأعماله ‘لوعة كالرياضيّات وحنين كالهندسة‘، غيرت تفاصيله الحياتية التي ألمح إليها في أعماله الروائية، أليست كافية؟ لو أراد أن يخرج للعامة لن يكون لديه وقت لينتج ما ينتجه الآن. أيهما أفضل؛ أن يخرج كل يوم في مقابلة صحفية ويقيم أمسيات لمحبيه والمعجبين به وبكتاباته، أم يقدم لنا أدبا فريدا من نوعه غنيّا بفكره؟”

    يقول خليل جابو في الفصل الثاني، والمعنون بـ“أرواح هندسية: ظاهريات المرئي واللامرئي” عن نظرية سليم في الحروب: “كتب سليم الجزء الأول من مخيلة لا حدود لها، مليئة باللوعة والفقدان وكل التفاصيل التي ترافق الحروب كما ذكرت سابقا، فيسرد تفاصيل حرب خلقها الإنسان ووقودها الإنسان لخدمة الإنسان كما يقولون، وفي النهاية كل الحروب خاسرة، حتى الطرف المنتصر خاسر بطريقة ما، لكن جنون العظمة الذي يملأ النفوس الدنيئة التي تخاطب الناس كما لو أنهم أرقام تأبى بأي شكل من الأشكال الاعتراف بالهزيمة، حتى لو كانت الخسارة واضحة يقولون: خسرنا جولة ولم نخسر المعركة.”



    ويضيف “في الطرف الآخر من الرواية أو بشكل أدق الجزء الثاني، المكون من تسعة فصول وما يقارب الثلاثين صفحة، كما أشرت سابقا. يعرّف فيها شكل المدن والناس بعد انتهاء الحروب وما تليها من مصائب وكوارث تحلُّ بالبشر، وبدأ الجزء الثاني بفصل صغير مكون من صفحتين بتصوير المنطقة المجاورة لعمارة أبي كير؛ خيام النازحين والحيوانات، ويسرد في الفصول التالية عن تفاصيل حياة البشر بعد الحرب وما تسبِّبه من نتائج سلبية تحيط بالمكان والأشخاص.”

    ويدرس رواية “معسكرات الأبد”، ويأتي الفصل بعنوان “معسكرات الأبد: مجادلات الموتى في جهات بعيدة”، فيقول جابو عن الرواية “رواية لا تخلو من الرموز والإسقاطات، تتراكم فيها الصور الواقعية أحيانا والخيال أحيانا أخرى. الشخصيات مُرْتَابة ومضطربة، كذلك العناصر المجاورة: حيوانات، وجميعها تقوم بفعل ما وسرعان ما تندم عليه وتجمح منه. كل فصل من الفصول الرواية يضيف حالات انطواء وانزواء في نفوس شخوصها؛ الموازين والسلالم، المياه وحرائقها، كمائن الفراغ، أحلاف الغيم، القيامة.”

    ويتناول الناقد رواية “الأختام والسديم”، إذ يقول عنها “في هذا العمل يروي سليم طريقة صنع الألوان وتحضيرها على أيدي سبعة رسامين جاءوا إلى أرض ‘ميدو‘، يدخل في تفاصيل عديدة عن عالم الألوان وتحضيرها، ويسلِّط الضوءَ في طريقه وهو يروي عن عمل الرسامين على الكثير من الشخصيات في التاريخ، مستحضرا أمكنة من القريب البعيد، والبعيد القريب.”

    ويختتم جابو “في بعض الأحيان شعرت كما لو أنه تنبَّأ بخراب ما في زمن قريب، لا أستطيع أن أجزم أنه تنبأ بولادة الدولة الإسلامية، لكن هناك مؤشرات تدل على ذلك، هو خيال الكاتب الذي ربما يصيب أو يخيب، لكن أعتقد أنَّ سليم أصاب في هذه الرواية عن الخراب الذي ستحدثه الدولة الإسلامية، رواية يمزج فيها المشهد الكُردي ويتجاوز ذلك ليفشي المُقدّس الذي يروج للقتل وانهيار المجتمع؛ إرثٌ كامل من الحروب بين هولاكو والمغول وتيمور لنك، صورٌ دمج فيها الماضي والحاضر والمستقبل بطريقة ساحرة.”

يعمل...
X