هوليوود قبل 50 سنة: كيف كانت وكيف أصبحت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هوليوود قبل 50 سنة: كيف كانت وكيف أصبحت

    ❖ هوليوود قبل 50 سنة: كيف كانت وكيف أصبحت ❖
    من الإبداع إلى ما يشبه الإفلاس

    الفارق بين هوليوود 1970 وهوليوود اليوم لا يمكن وصفه بالكلمات وحدها. يتطلب الأمر استعادات فعلية نقارن عبرها الإختلافات العديدة بين كيف كانت السينما الأميركية آنذاك وبين ما هي عليه اليوم.

    ماذا حدث لهوليوود؟ لماذا القليل جداً من أفلامها جيد؟ لماذا تطغى سمة الترفيه الفارغ من المضامين الجادة؟ لماذا لم تعد ميداناً متنوّعاً من الأفلام يقبل الناس عليه كل حسب رغبته؟
    ليس أن سينما الترفيه لم تكن متوفرة قبل خمسين سنة وقبلها كما بعدها، لكنها كانت وجهاً واحداً من بين وجوه متعددة معظمها يحتل الصف المواجهة للترفيه المطلق بتوفير توفير مشروط بجدية الطرح وجمالية التعبير عنه.
    السينما، آنذاك، كانت امتداداً لما عرفت هوليوود ونيويورك من نهضة في مجال التعبير الفني عندما نجح المخرجون الأميركيون في استلام دفة الصناعة وإدارتها لصالح أعمال يقبل عليها الباحثون عن المتعة الفكرية والذاتية وذلك القدر الرفيع من النقد المتعدد في مستوياته. في الوقت ذاته، هذه الأعمال لم تكن لتتميّز لولا جدية المخرجين الذين وقفوا وراءها واستغلوا رحابة الاستديوهات الأميركية فأبدعوا بعيداً عن النمط الجاهز والكلاسيكي من العمل.

    خارج التقليد
    في العام 1970 كان هناك صنفان أساسيان من الأفلام: التي تتبع النمط وتقاليد السرد وكلاسيكية المضامين، وتلك التي تخرج- جزئياً أو كلياً- عنها. ونظرة على أكثر الأفلام رواجاً في ذلك العام يبرهن على ذلك.
    الأفلام التقليدية من بين الأفلام العشرة الأولى في ذلك العام كانت «قصة حب» لآرثر هِل، و«مطار» لجورج سيتون و«باتون» لفرانكلين شافنر و«إبنة رايان» لديفيد لين و«تورا تورا تورا» لرتشارد فلايشر.
    الأفلام التي خرجت عن التقليد شكلاً ومضموناً واحتلت مكانها في «التوب تن» هي «ماش» لروبرت ألتمن و«ليتل بيغ مان» لآرثر بن و«وودستوك» لمايكل وادلي. الفيلمان اللذان عمدا إلى خط ثالث غير تابع كانا «مشاعل الآلهة» لهيرالد رايني و«أريستوكاتس» لولفغانغ وايذرمان.
    شركة تونتييث سنتشري فوكس التي أنتجت الفيلم الحربي التقليدي حول الجنرال باتون وبطولته خلال الحرب العالمية الثانية (قام جورج س. سكوت بالدور)، هي التي موّلت فيلم روبرت ألتمن الساخر من جهود الحرب والناقد لفوضاها.
    وورنر، بدورها، هي التي مولّت كل من الفيلمين المختلفين عن التقليد «وودستوك» و«ليتل بيغ مان». الأول تسجيلي (وجمع 50 مليون دولار من الإيرادات ما يوازي 333 مليون دولار بسعر اليوم) ما يكشف عن ذلك النجاح الكبير للفيلم غير الروائي بين الجمهور، وهي ملاحظة بالغة الأهمية خصوصاً وأن قائمة الأكثر رواجاً هذه تضم فيلمين تسجيليين وليس واحداً. الآخر هو الألماني «مشاعل الآلهة».
    «وودستوك» كما هو معروف، كان تصويراً لأيام من الغناء. إحتفاء بموسيقا الروك والبلوز والصول لملايين الهيبيين المعادين للحرب في فييتنام و«للسيستم» الذي تمثله طبقة السياسيين ورجال الأعمال. لكن العديد من هؤلاء المحتفين كانوا- في الوقت نفسه- من العابثين بالقيم والمقبلين على الشرب والمضاجعة والمخدرات.
    «ليتل بيغ مان»، من ناحيته، كان وسترن حول ما أقدم عليه الجنرال كستر من محاولات إبادة للأميركيين الأصليين (الهنود الحمر) كما يتذكر الحملة التي انتهت بهزيمة مدوية للجنرال كستر سنة 1876 وبمقتله عن 36 سنة في آخر إنتصار عسكري لقبيلة سيوكس وما جاورها من قبائل اجتمعت لقتاله.
    لجانب هذا الوسترن، وفي جوار العشرة الأولى، كان هناك فيلمان آخران من النوع ذاته تحركا أيضاً خارج النمط التقليدي لأفلام الغرب هما «جندي أزرق» لرالف نلسون و«أنشودة غابل هوغ» لسام بكنباه. «جندي أزرق» دار كذلك حول المجازر التي ارتكبها البيض بحق الحمر، لكن شظايا مشاهده وفحواها الناقد أصابت الحرب المستعرة في ڤييتنام (كما الحال مع «وودستوك»).
    «أنشودة كابل هوغ» لم يكن مشغولاً لنقد التاريخ من هذا المنحى، بل لنقد التقدم الصناعي الذي أودى بالغرب الأميركي صوب تغيير انعكس سلبياً على بطله (جاسون روباردس) الذي لا يحب التقدم ولا التطوّر التقني بل الحياة كما عهدها سابقاً (هذا منوال أبطال باكنباه في معظم أفلامه). السخرية المرّة هنا هي أن كابل هوغ مات تحت عجلات ذلك التقدم عندما دهسته سيارة بدائية فلت مكبحها فجأة.
    «أنشودة كابل هوغ» لم يكن وحده في رحى وداع الغرب الجميل واستقبال الغد الغامض. في العام ذاته قام مدير التصوير الأميركي وليام أ. فراكر بالإنتقال من وراء الكاميرا مصوّراً لورائها مخرجاً وقدّم فيلمه البديع «مونتي وولش» (بطولة لي مارڤن وجاك بالانس).
    كلاهما راعي بقر يعملان، كسواهما لدى صاحب مزرعة يصارح الجميع يوماً بأن الوضع الإقتصادي لهذه المهنة يندثر. ينطلقان في دربين مختلفين يؤدي بأحدهما للزواج وافتتاح متجر والثاني بالتجوال بلا هدف. هذا كان أول فيلم «كاوبوي» عن البطالة وربما ما زال وحيداً في هذا الشأن.

    ❖ الصورة: إبنه رايان/ Ryan's Daughter
يعمل...
X