فيلم عن فلسطينيي 1948 يحصد أكبر جوائز مراكش السينمائي
الفيلم يفكك جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، ومنسوج على قناعة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.
الاثنين 2024/12/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
المخرج صور مجتمعا يعرفه جيدا
مراكش (المغرب) - فاز فيلم “ينعاد عليكو” للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) للدورة الحادية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي نظمت تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، واختتمت فعالياتها السبت بالمدينة الحمراء.
وخلال حفل اختتام هذه الدورة الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء وعرف حضور نجوم الفن السابع وشخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام، أعلنت لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينو عن تتويج “ينعاد عليكو” الذي تنافس مع 13 فيلما أخرى من مختلف البلدان حول العالم.
ويقدم فيلم “ينعاد عليكو” دراما عائلية يفكك من خلالها جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، منسوجة على قناعة واضحة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.
ومن خلال وقائع مترابطة لأفراد أسرة بورجوازية من فلسطينيي مدينة حيفا، ترتسم بورتريهات، معظمها لنساء يتبنين مقاربات مختلفة لمكانة التقاليد في حياتهن ويجدن أنفسهن مدعوات إلى الاختيار بين تحمل مسؤولية الحرية الفردية أو العيش وفق ما تسطره القوانين غير المكتوبة للمجتمع.
واختار إسكندر قبطي فترة احتفالات وإجازات دينية، في المنطقة التي تعج بالمناسبات والأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية، ليركز على تصوير العداء والعنف الباطني بين الأقليات.
مخرج الفيلم مولود في تل أبيب، ينتمي إلى عرب الداخل أو ما يطلق عليهم أيضا عرب 48، الذي بقوا رغم كل محاولات التهجير والمعاناة اليومية التي يتعرضون لها كأقلية، وهو شاهد حي على كل الممارسات التي تنتقدها أفلامه ويحاول التعبير عنها.
و”ينعاد عليكو” هو فيلمه الروائي الطويل الثاني الذي رأى النور بعد 15 عاما من فيلمه الأول “عجمي” الذي صدر في 2009، وحصل على جائزة من مهرجان كان السينمائي، وأثار ضجة كبيرة عند عرضه حول شرعية تمثيله للفلسطينيين. وسبق أن فاز “ينعاد عليكو” بجائزة السيناريو ضمن قسم آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81.
وتسلمت الجائزة في اختتام مهرجان مراكش منى قبطي نيابة عن زوجها، وقالت في كلمة بهذه المناسبة “بالرغم من فرحنا الكبير بهذا التقدير، نقف هنا بمشاعر مثقلة في ظل كل ما نشهده من فظائع وجرائم في حق شعبنا والإنسانية ككل.”
وتساءلت “في ظل عجزنا كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف أصبح التجريد من الإنسانية شيئا عاديا؟ وكيف أصبح القتل والدمار والتشريد مشهدا مقبولا؟ كيف فقدنا البوصلة؟” كما قالت إنها تأمل أن يجيب فيلم “ينعاد عليكو” على “البعض من هذه الأسئلة”. وأضافت “نضالنا مترابط والتحرر الحقيقي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الآخرين، لا أحد منا حر حتى نكون جميعنا أحرارا، وخاصة النساء.”
وإضافة إلى “النجمة الذهبية”، نال فيلم “ينعاد عليكو” جائزة مزدوجة لأحسن دور نسائي في شخص كل من منار شهاب ووفاء عون. ومُنحت جائزة لجنة التحكيم مناصفة بين فيلمي “الكوخ” لسيلفينا شنيسر (الأرجنتين)، و”القرية المجاورة للجنة” لمو هاراوي (الصومال) الذي استفاد من دعم برنامج ورشات الأطلس.
أما جائزة أفضل إخراج فكانت من نصيب البولندي داميان كوكر عن فيلمه “تحت البركان”، الذي حصد أيضا جائزة أحسن دور رجالي في شخص الممثل الأوكراني رومان لوتسكيي، الذي يؤدي في الفيلم دور رب أسرة كانت تقضي عطلتها في جزيرة تنيريفي الإسبانية عند حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا فيتحول أفراد الأسرة من سائحين إلى لاجئين.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس لجنة تحكيم الدورة لوكا جوادانيينو أن مدينة مراكش تحولت إلى عاصمة للسينما في شهر ديسمبر، مع حضور شخصيات سينمائية رفيعة المستوى ومن مشارب مختلفة.
وأشار في هذا الصدد إلى مشاركة معلمين كبار من قبيل سيساكو، وكروننبرغ وبيرتون، وشون بين، الذين قدموا تجاربهم لسينمائيين شباب صاعدين ومبتدئين، وتقاسموا معهم الشغف بالسينما، وحكوا قصصا وتحدثوا عما يجعلنا أكثر إنسانية.
وإضافة إلى جوادانيينو، ضمت لجنة تحكيم الدورة كلا من المخرج الإيراني علي عباسي، والمخرجة الهندية زويا أختار، والممثلة الأميركية باتريسيا أركيت، والممثلة البلجيكية فيرجيني إيفيرا، والممثل الأسترالي جاكوب إلوردي، والممثل البريطاني الأميركي أندرو غارفيلد، والممثلة المغربية نادية كندة، والمخرج الأرجنتيني سانتياغو ميتري.
وخص المهرجان الدولي للفيلم بمراكش شخصيات بارزة في السينما المغربية والعالمية بالتكريم بمناسبة دورته الحادية والعشرين، ويتعلق الأمر بكل من الممثلة المغربية القديرة نعيمة المشرقي التي وافتها المنية في أكتوبر الماضي، والممثل والمخرج الأميركي المتوج بجائزة الأوسكار شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.
وشاركت في هذه الدورة 18 شخصية في فقرة “حوارات”، وهو ما يعتبر رقما قياسيا منذ إحداث المهرجان. وأتاحت برمجة هذه الدورة فرصة الكشف عن تصورات سينمائية شديدة التنوع. فقد تم عرض 71 فيلما من 32 دولة، في الأقسام الستة للبرمجة، وذلك في مختلف قاعات المهرجان بمدينة مراكش.
ومن بين الاختيار الرسمي لهذه الدورة، استفاد 12 فيلما من دعم “ورشات الأطلس”، برنامج الصناعة السينمائية لدعم المواهب الذي أطلقه المهرجان سنة 2018، التي كان عرابها هذه السنة السينمائي الأميركي الكبير جيف نيكولز.
وبالإضافة إلى عروض الأفلام، نظم المهرجان سلسلة من الفعاليات التي شملت جلسات نقاشية، وورش عمل، وحلقات حوارية مع صناع الأفلام وممثلين من هوليوود، شكلت فرصة مميزة للمشاركين والجمهور للتفاعل مع محترفي السينما ومناقشة تجاربهم، إلى جانب مساعدة المخرجين الشباب على استكشاف آفاق سينمائية جديدة.
الفيلم يفكك جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، ومنسوج على قناعة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.
الاثنين 2024/12/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
المخرج صور مجتمعا يعرفه جيدا
مراكش (المغرب) - فاز فيلم “ينعاد عليكو” للمخرج الفلسطيني إسكندر قبطي بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) للدورة الحادية والعشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي نظمت تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، واختتمت فعالياتها السبت بالمدينة الحمراء.
وخلال حفل اختتام هذه الدورة الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالمدينة الحمراء وعرف حضور نجوم الفن السابع وشخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام، أعلنت لجنة تحكيم المهرجان برئاسة المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينو عن تتويج “ينعاد عليكو” الذي تنافس مع 13 فيلما أخرى من مختلف البلدان حول العالم.
ويقدم فيلم “ينعاد عليكو” دراما عائلية يفكك من خلالها جدلية التحرر والمحافظة داخل مجتمع فلسطينيي 1948، منسوجة على قناعة واضحة بأن المجتمع يتحرر حين تتحرر نساؤه.
ومن خلال وقائع مترابطة لأفراد أسرة بورجوازية من فلسطينيي مدينة حيفا، ترتسم بورتريهات، معظمها لنساء يتبنين مقاربات مختلفة لمكانة التقاليد في حياتهن ويجدن أنفسهن مدعوات إلى الاختيار بين تحمل مسؤولية الحرية الفردية أو العيش وفق ما تسطره القوانين غير المكتوبة للمجتمع.
واختار إسكندر قبطي فترة احتفالات وإجازات دينية، في المنطقة التي تعج بالمناسبات والأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية، ليركز على تصوير العداء والعنف الباطني بين الأقليات.
مخرج الفيلم مولود في تل أبيب، ينتمي إلى عرب الداخل أو ما يطلق عليهم أيضا عرب 48، الذي بقوا رغم كل محاولات التهجير والمعاناة اليومية التي يتعرضون لها كأقلية، وهو شاهد حي على كل الممارسات التي تنتقدها أفلامه ويحاول التعبير عنها.
و”ينعاد عليكو” هو فيلمه الروائي الطويل الثاني الذي رأى النور بعد 15 عاما من فيلمه الأول “عجمي” الذي صدر في 2009، وحصل على جائزة من مهرجان كان السينمائي، وأثار ضجة كبيرة عند عرضه حول شرعية تمثيله للفلسطينيين. وسبق أن فاز “ينعاد عليكو” بجائزة السيناريو ضمن قسم آفاق بمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ81.
وتسلمت الجائزة في اختتام مهرجان مراكش منى قبطي نيابة عن زوجها، وقالت في كلمة بهذه المناسبة “بالرغم من فرحنا الكبير بهذا التقدير، نقف هنا بمشاعر مثقلة في ظل كل ما نشهده من فظائع وجرائم في حق شعبنا والإنسانية ككل.”
وتساءلت “في ظل عجزنا كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف أصبح التجريد من الإنسانية شيئا عاديا؟ وكيف أصبح القتل والدمار والتشريد مشهدا مقبولا؟ كيف فقدنا البوصلة؟” كما قالت إنها تأمل أن يجيب فيلم “ينعاد عليكو” على “البعض من هذه الأسئلة”. وأضافت “نضالنا مترابط والتحرر الحقيقي لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الآخرين، لا أحد منا حر حتى نكون جميعنا أحرارا، وخاصة النساء.”
وإضافة إلى “النجمة الذهبية”، نال فيلم “ينعاد عليكو” جائزة مزدوجة لأحسن دور نسائي في شخص كل من منار شهاب ووفاء عون. ومُنحت جائزة لجنة التحكيم مناصفة بين فيلمي “الكوخ” لسيلفينا شنيسر (الأرجنتين)، و”القرية المجاورة للجنة” لمو هاراوي (الصومال) الذي استفاد من دعم برنامج ورشات الأطلس.
أما جائزة أفضل إخراج فكانت من نصيب البولندي داميان كوكر عن فيلمه “تحت البركان”، الذي حصد أيضا جائزة أحسن دور رجالي في شخص الممثل الأوكراني رومان لوتسكيي، الذي يؤدي في الفيلم دور رب أسرة كانت تقضي عطلتها في جزيرة تنيريفي الإسبانية عند حدوث الغزو الروسي لأوكرانيا فيتحول أفراد الأسرة من سائحين إلى لاجئين.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس لجنة تحكيم الدورة لوكا جوادانيينو أن مدينة مراكش تحولت إلى عاصمة للسينما في شهر ديسمبر، مع حضور شخصيات سينمائية رفيعة المستوى ومن مشارب مختلفة.
وأشار في هذا الصدد إلى مشاركة معلمين كبار من قبيل سيساكو، وكروننبرغ وبيرتون، وشون بين، الذين قدموا تجاربهم لسينمائيين شباب صاعدين ومبتدئين، وتقاسموا معهم الشغف بالسينما، وحكوا قصصا وتحدثوا عما يجعلنا أكثر إنسانية.
وإضافة إلى جوادانيينو، ضمت لجنة تحكيم الدورة كلا من المخرج الإيراني علي عباسي، والمخرجة الهندية زويا أختار، والممثلة الأميركية باتريسيا أركيت، والممثلة البلجيكية فيرجيني إيفيرا، والممثل الأسترالي جاكوب إلوردي، والممثل البريطاني الأميركي أندرو غارفيلد، والممثلة المغربية نادية كندة، والمخرج الأرجنتيني سانتياغو ميتري.
وخص المهرجان الدولي للفيلم بمراكش شخصيات بارزة في السينما المغربية والعالمية بالتكريم بمناسبة دورته الحادية والعشرين، ويتعلق الأمر بكل من الممثلة المغربية القديرة نعيمة المشرقي التي وافتها المنية في أكتوبر الماضي، والممثل والمخرج الأميركي المتوج بجائزة الأوسكار شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ.
وشاركت في هذه الدورة 18 شخصية في فقرة “حوارات”، وهو ما يعتبر رقما قياسيا منذ إحداث المهرجان. وأتاحت برمجة هذه الدورة فرصة الكشف عن تصورات سينمائية شديدة التنوع. فقد تم عرض 71 فيلما من 32 دولة، في الأقسام الستة للبرمجة، وذلك في مختلف قاعات المهرجان بمدينة مراكش.
ومن بين الاختيار الرسمي لهذه الدورة، استفاد 12 فيلما من دعم “ورشات الأطلس”، برنامج الصناعة السينمائية لدعم المواهب الذي أطلقه المهرجان سنة 2018، التي كان عرابها هذه السنة السينمائي الأميركي الكبير جيف نيكولز.
وبالإضافة إلى عروض الأفلام، نظم المهرجان سلسلة من الفعاليات التي شملت جلسات نقاشية، وورش عمل، وحلقات حوارية مع صناع الأفلام وممثلين من هوليوود، شكلت فرصة مميزة للمشاركين والجمهور للتفاعل مع محترفي السينما ومناقشة تجاربهم، إلى جانب مساعدة المخرجين الشباب على استكشاف آفاق سينمائية جديدة.