السجادة الحمراء للمهرجانات المغربية استعراض لا علاقة له بالسينما
رواد السينما المغربية يستعرضون فوق السجادة الحمراء دون أعمال مشاركة.
الثلاثاء 2024/12/10
ما الفائدة من السجادة الحمراء إن لم تسلط الضوء على سينمائيي المغرب؟
تتنافس المهرجانات السينمائية حول العالم في استقطاب النجوم والأفلام، لكن هؤلاء يتنافسون أيضا في الاستعراضات على السجادة الحمراء، هذه السجادة التي تحولت إلى فرصة لاستعراض الأزياء في المهرجانات المغربية، دون تسليط الضوء على الأعمال السينمائية، فالمارون فوقها أغلبهم متطفلون على السينما أو رواد يبحثون عن أي فرصة للتذكير بهم أو أسماء لامعة تتجول من مهرجان إلى آخر دون إنتاج مهم يعزز السينما المغربية.
الرباط- تعد السجادة الحمراء في المهرجانات السينمائية الكبرى رمزا بارزا للاحتفاء والاعتراف بجهود المبدعين السينمائيين، وهي تقليد عالمي يمنح إشعاعا خاصا للمهرجانات، حيث تمثّل نقطة لقاء بين الفنانين والصحافيين والجمهور، كما تعتبر مساحة لإبراز النجاحات السينمائية التي تستحق التقدير، بينما في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يطفو على السطح جدل متكرر حول طبيعة المرور فوق هذه السجادة، خاصة مع ظهور فنانين مغاربة على السجادة الحمراء دون أن تكون لهم مشاركات فعلية في الأفلام المعروضة أو المكرمة داخل المهرجان.
هذا الأمر يثير تساؤلات عميقة حول المعايير التي تحدد من يحق له المرور على هذه السجادة، وهل يتم احترام قيمتها الرمزية أم أنها تستغل لأغراض ترويجية أو لتلميع صورة المهرجان بملء الفراغات الناتجة عن قلة التمثيل المحلي؟ إذا كانت السجادة الحمراء تمثل اعترافا بالإنجاز والإبداع، فكيف يمكن أن نبرر مرور من ليس له أي مساهمة بارزة في محتوى المهرجان؟
يعكس هذا الجدل قضايا أعمق تتعلق بالدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه السجادة الحمراء في مهرجانات السينما، فهل هي منصة تكريم تقتصر على أصحاب الإنجازات السينمائية أم أنها واجهة احتفالية مفتوحة أمام الجميع؟ وأين يقف مهرجان مراكش السينمائي بين الحفاظ على التقاليد العالمية وتقديم محتوى يعبر عن خصوصية الثقافة المغربية؟ هذه الإشكاليات تضعنا أمام تساؤل أكبر حول كيفية تحقيق التوازن بين الاحتفاء بالإنجازات السينمائية الحقيقية وتعزيز الحضور الثقافي الوطني بمصداقية واستحقاق.
◄ الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي يقام على أرض المغرب
ولا يقتصر الجدل حول السجادة الحمراء على حضور فنانين دون مساهمات فعلية، بل يتعداه إلى استغلالها كمنصة للترويج لأفكار تتنافى مع القيم الثقافية المغربية، كالترويج للمثلية الجنسية من خلال الملابس الجريئة التي يرتديها بعض المشاركين أو المشاهد السينمائية التي تعرض داخل المهرجان، فمثل هذه الممارسات أثارت استياء الجمهور المغربي الذي يرى في المهرجان فرصة للاحتفاء بالهوية الثقافية الوطنية، وليس للترويج لصور أو أفكار مستوردة لا تمت بصلة إلى واقع المجتمع وقيمه، وهذه التصرفات لا تؤثر فقط على مصداقية المهرجان بل تثير تساؤلات حول مدى احترام المنظمين للخصوصية الثقافية التي يفترض أن تكون في جوهر أي تظاهرة سينمائية مغربية.
وبالرغم من أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يقام على أرض المغرب ويفترض أن يكون احتفالا بالسينما المغربية وروادها، إلا أن الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعالياته، ففي دوراته السابقة اشتكى الكثير من المبدعين المغاربة من المعاملة القاسية التي تلقوها، سواء من حيث الإقصاء من حضور فعاليات المهرجان أو التجاهل التام لإنجازاتهم السينمائية، وهذا الوضع أدى إلى شعور بعض السينمائيين المغاربة بأن المهرجان ليس موجها لهم، بل أشبه بفعالية ذات طابع فرنسي تُقام على أرض مغربية، حيث يستخدم المغاربة فقط لتأثيث المشهد وضمان الحضور الكمي دون اعتراف حقيقي بإسهاماتهم الفنية.
ويتجلى هذا الإقصاء في ضعف تمثيل الأفلام المغربية في المسابقات الرئيسية للمهرجان، حيث تُخصص أغلب العروض المغربية لقسم البانوراما فقط، بينما تغيب تمامًا عن أقسام المسابقات الكبرى، وهذا التوجه يعكس تقليلا ضمنيًا من قيمة الإنتاج المغربي، بينما الطريقة المهينة التي يعامل بها الجمهور المغربي، خاصة من قبل موظفي الأمن الذين يفرضون قيودًا صارمة على دخول الفنانين المغاربة الذين لا يحملون بطاقات دخول، وهذا الوضع الذي يتكرر في كل دورة أصبح وصمة عار تلاحق المهرجان وتؤكد على الفجوة بينه وبين الجمهور المحلي.
إن استمرار سياسة الإقصاء والتمييز يهدد بفقدان المهرجان لمصداقيته، ليس فقط محليًا ولكن على الصعيد الدولي أيضا، فالمهرجانات السينمائية الكبرى تُقيم نجاحها على قدرتها على تحقيق شمولية ثقافية وتكريم كل من يساهم في تطوير السينما، خاصة على المستوى الوطني. وإذا أراد مهرجان مراكش أن يرسخ مكانته كأحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم، فلا بد أن يراجع توجهاته بشكل جذري ويضمن مشاركة عادلة وحضورًا يليق برواد السينما المغربية، مع احترام الجمهور المحلي الذي يعد العمود الفقري لأي فعالية ثقافية.
ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه المهرجان في تحقيق توازن بين الحفاظ على التقاليد العالمية للسجادة الحمراء وبين تعزيز الهوية الثقافية المغربية، ففي الوقت الذي تحمل فيه السينما العالمية قيمًا متنوعة، ينبغي أن يسعى المهرجان إلى تقديم محتوى يعكس عمق الثقافة المغربية ويروج للإبداع الوطني، بدلا من الانسياق وراء قيم أو تصورات مستوردة.
وتكمن قوة المهرجان في خصوصيته الثقافية التي تميزه عن غيره، وبالتالي فإن تعزيز هذه الخصوصية يعد الخطوة الأهم للحفاظ على مصداقيته وجعله حدثا سينمائيا ذا وزن على المستوى العالمي.
ومن المفارقات المؤسفة أن يقبل الكثير من رواد السينما المغربية بحضور مهرجان لا يحترمهم بالشكل الذي يستحقونه بل يستخدمون فقط كأداة لتأثيث الفضاء وإضفاء الطابع المحلي على فعالية يهيمن عليها الطابع الأجنبي، رغم مساهماتهم الكبيرة في تطوير السينما الوطنية، كما لا يتم ذكر إنجاز هؤلاء الرواد إلا نادرا في المهرجان وغالبا ما يتم تجاهلهم تمامًا ولا يتذكرونهم إلا بعد وفاتهم، وكأن الاعتراف بهم لا يستحق الحياة، وهذا التجاهل الممنهج يعكس أزمة عميقة في علاقة المهرجان برواد السينما المغربية الذين يفترض أن يكونوا القلب النابض له، لكنه بدلا من ذلك يكتفي باستثمار حضورهم كديكور يعطي الحدث مظهرا زائفا من الاحتفاء المحلي.
وقبول هؤلاء الرواد بهذا الوضع يمكن تفسيره بحبهم العميق للسينما وإيمانهم بضرورة الحضور مهما كانت الظروف، بينما في الحقيقة هذا التوجه يساهم في ترسيخ سياسة الإقصاء واللامبالاة تجاههم، فكيف تتظاهر بالنجومية دون أن يكون لك فيلم مشارك في تلك الدورة؟ وكيف تسمح لنفسك بالافتخار بمرورك فوق السجادة الحمراء المخصصة للنجوم المشاركين وليس المارة من هنا وهناك؟ ولمن مخصصة السجادة الحمراء هل لنجوم السينما أم لنجوم التلفزيون؟ هل لصناع الأفلام أم لرواد الإعلام؟ وهلم جرا من الأسئلة.
ويتجلى الغياب المتكرر للأفلام المغربية عن منصات التتويج أو الاكتفاء بحضور رمزي في المهرجانات الدولية، كعامل يضعف الدور المنتظر من هذه التظاهرات في تعزيز السينما الوطنية، ورغم إدراك المؤسسة المنظمة لأهمية هذا الحضور بالنسبة إلى صناع السينما المغاربة، فإن التهميش المتعمد واستغلال الحضور المحلي كعنصر شكلي لتزيين المشهد يعدان إهانة للإبداع الوطني، ومن هذا المنطلق يتعين على صناع السينما المغربية الوقوف في وجه سياسات الإقصاء والمطالبة بتمثيل حقيقي وفعال لأن مصداقية أي مهرجان عالمي لن تترسخ ما لم يستمد قوته من جذوره المحلية ويدعمها بإخلاص.
ويجب أن يكون إدراج الأفلام السينمائية المغربية في المهرجانات الدولية، وخاصة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فرصة ذهبية لإبراز الإبداع السينمائي الوطني والانفتاح على الساحة العالمية. فوجود هذه الأفلام في المسابقات الرسمية، وليس فقط في أقسام البانوراما، يعكس التنوع الثقافي والفني الذي يميز المغرب ويمنح صناع الأفلام المحليين اعترافا مستحقا بجهودهم ليحفزهم على تطوير أعمالهم والإسهام في بناء صورة مشرقة للسينما الوطنية على المستوى الدولي.
عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي
رواد السينما المغربية يستعرضون فوق السجادة الحمراء دون أعمال مشاركة.
الثلاثاء 2024/12/10
ما الفائدة من السجادة الحمراء إن لم تسلط الضوء على سينمائيي المغرب؟
تتنافس المهرجانات السينمائية حول العالم في استقطاب النجوم والأفلام، لكن هؤلاء يتنافسون أيضا في الاستعراضات على السجادة الحمراء، هذه السجادة التي تحولت إلى فرصة لاستعراض الأزياء في المهرجانات المغربية، دون تسليط الضوء على الأعمال السينمائية، فالمارون فوقها أغلبهم متطفلون على السينما أو رواد يبحثون عن أي فرصة للتذكير بهم أو أسماء لامعة تتجول من مهرجان إلى آخر دون إنتاج مهم يعزز السينما المغربية.
الرباط- تعد السجادة الحمراء في المهرجانات السينمائية الكبرى رمزا بارزا للاحتفاء والاعتراف بجهود المبدعين السينمائيين، وهي تقليد عالمي يمنح إشعاعا خاصا للمهرجانات، حيث تمثّل نقطة لقاء بين الفنانين والصحافيين والجمهور، كما تعتبر مساحة لإبراز النجاحات السينمائية التي تستحق التقدير، بينما في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يطفو على السطح جدل متكرر حول طبيعة المرور فوق هذه السجادة، خاصة مع ظهور فنانين مغاربة على السجادة الحمراء دون أن تكون لهم مشاركات فعلية في الأفلام المعروضة أو المكرمة داخل المهرجان.
هذا الأمر يثير تساؤلات عميقة حول المعايير التي تحدد من يحق له المرور على هذه السجادة، وهل يتم احترام قيمتها الرمزية أم أنها تستغل لأغراض ترويجية أو لتلميع صورة المهرجان بملء الفراغات الناتجة عن قلة التمثيل المحلي؟ إذا كانت السجادة الحمراء تمثل اعترافا بالإنجاز والإبداع، فكيف يمكن أن نبرر مرور من ليس له أي مساهمة بارزة في محتوى المهرجان؟
يعكس هذا الجدل قضايا أعمق تتعلق بالدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه السجادة الحمراء في مهرجانات السينما، فهل هي منصة تكريم تقتصر على أصحاب الإنجازات السينمائية أم أنها واجهة احتفالية مفتوحة أمام الجميع؟ وأين يقف مهرجان مراكش السينمائي بين الحفاظ على التقاليد العالمية وتقديم محتوى يعبر عن خصوصية الثقافة المغربية؟ هذه الإشكاليات تضعنا أمام تساؤل أكبر حول كيفية تحقيق التوازن بين الاحتفاء بالإنجازات السينمائية الحقيقية وتعزيز الحضور الثقافي الوطني بمصداقية واستحقاق.
◄ الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي يقام على أرض المغرب
ولا يقتصر الجدل حول السجادة الحمراء على حضور فنانين دون مساهمات فعلية، بل يتعداه إلى استغلالها كمنصة للترويج لأفكار تتنافى مع القيم الثقافية المغربية، كالترويج للمثلية الجنسية من خلال الملابس الجريئة التي يرتديها بعض المشاركين أو المشاهد السينمائية التي تعرض داخل المهرجان، فمثل هذه الممارسات أثارت استياء الجمهور المغربي الذي يرى في المهرجان فرصة للاحتفاء بالهوية الثقافية الوطنية، وليس للترويج لصور أو أفكار مستوردة لا تمت بصلة إلى واقع المجتمع وقيمه، وهذه التصرفات لا تؤثر فقط على مصداقية المهرجان بل تثير تساؤلات حول مدى احترام المنظمين للخصوصية الثقافية التي يفترض أن تكون في جوهر أي تظاهرة سينمائية مغربية.
وبالرغم من أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يقام على أرض المغرب ويفترض أن يكون احتفالا بالسينما المغربية وروادها، إلا أن الكثير من السينمائيين المغاربة يجدون أنفسهم مُهمشين ومستبعدين من فعالياته، ففي دوراته السابقة اشتكى الكثير من المبدعين المغاربة من المعاملة القاسية التي تلقوها، سواء من حيث الإقصاء من حضور فعاليات المهرجان أو التجاهل التام لإنجازاتهم السينمائية، وهذا الوضع أدى إلى شعور بعض السينمائيين المغاربة بأن المهرجان ليس موجها لهم، بل أشبه بفعالية ذات طابع فرنسي تُقام على أرض مغربية، حيث يستخدم المغاربة فقط لتأثيث المشهد وضمان الحضور الكمي دون اعتراف حقيقي بإسهاماتهم الفنية.
ويتجلى هذا الإقصاء في ضعف تمثيل الأفلام المغربية في المسابقات الرئيسية للمهرجان، حيث تُخصص أغلب العروض المغربية لقسم البانوراما فقط، بينما تغيب تمامًا عن أقسام المسابقات الكبرى، وهذا التوجه يعكس تقليلا ضمنيًا من قيمة الإنتاج المغربي، بينما الطريقة المهينة التي يعامل بها الجمهور المغربي، خاصة من قبل موظفي الأمن الذين يفرضون قيودًا صارمة على دخول الفنانين المغاربة الذين لا يحملون بطاقات دخول، وهذا الوضع الذي يتكرر في كل دورة أصبح وصمة عار تلاحق المهرجان وتؤكد على الفجوة بينه وبين الجمهور المحلي.
إن استمرار سياسة الإقصاء والتمييز يهدد بفقدان المهرجان لمصداقيته، ليس فقط محليًا ولكن على الصعيد الدولي أيضا، فالمهرجانات السينمائية الكبرى تُقيم نجاحها على قدرتها على تحقيق شمولية ثقافية وتكريم كل من يساهم في تطوير السينما، خاصة على المستوى الوطني. وإذا أراد مهرجان مراكش أن يرسخ مكانته كأحد أهم المهرجانات السينمائية في العالم، فلا بد أن يراجع توجهاته بشكل جذري ويضمن مشاركة عادلة وحضورًا يليق برواد السينما المغربية، مع احترام الجمهور المحلي الذي يعد العمود الفقري لأي فعالية ثقافية.
ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه المهرجان في تحقيق توازن بين الحفاظ على التقاليد العالمية للسجادة الحمراء وبين تعزيز الهوية الثقافية المغربية، ففي الوقت الذي تحمل فيه السينما العالمية قيمًا متنوعة، ينبغي أن يسعى المهرجان إلى تقديم محتوى يعكس عمق الثقافة المغربية ويروج للإبداع الوطني، بدلا من الانسياق وراء قيم أو تصورات مستوردة.
وتكمن قوة المهرجان في خصوصيته الثقافية التي تميزه عن غيره، وبالتالي فإن تعزيز هذه الخصوصية يعد الخطوة الأهم للحفاظ على مصداقيته وجعله حدثا سينمائيا ذا وزن على المستوى العالمي.
ومن المفارقات المؤسفة أن يقبل الكثير من رواد السينما المغربية بحضور مهرجان لا يحترمهم بالشكل الذي يستحقونه بل يستخدمون فقط كأداة لتأثيث الفضاء وإضفاء الطابع المحلي على فعالية يهيمن عليها الطابع الأجنبي، رغم مساهماتهم الكبيرة في تطوير السينما الوطنية، كما لا يتم ذكر إنجاز هؤلاء الرواد إلا نادرا في المهرجان وغالبا ما يتم تجاهلهم تمامًا ولا يتذكرونهم إلا بعد وفاتهم، وكأن الاعتراف بهم لا يستحق الحياة، وهذا التجاهل الممنهج يعكس أزمة عميقة في علاقة المهرجان برواد السينما المغربية الذين يفترض أن يكونوا القلب النابض له، لكنه بدلا من ذلك يكتفي باستثمار حضورهم كديكور يعطي الحدث مظهرا زائفا من الاحتفاء المحلي.
الجدل حول السجادة الحمراء لا يقتصر على حضور فنانين دون أفلام بل يتعداه إلى الترويج لأفكار تتنافى مع القيم الثقافية المغربية
وقبول هؤلاء الرواد بهذا الوضع يمكن تفسيره بحبهم العميق للسينما وإيمانهم بضرورة الحضور مهما كانت الظروف، بينما في الحقيقة هذا التوجه يساهم في ترسيخ سياسة الإقصاء واللامبالاة تجاههم، فكيف تتظاهر بالنجومية دون أن يكون لك فيلم مشارك في تلك الدورة؟ وكيف تسمح لنفسك بالافتخار بمرورك فوق السجادة الحمراء المخصصة للنجوم المشاركين وليس المارة من هنا وهناك؟ ولمن مخصصة السجادة الحمراء هل لنجوم السينما أم لنجوم التلفزيون؟ هل لصناع الأفلام أم لرواد الإعلام؟ وهلم جرا من الأسئلة.
ويتجلى الغياب المتكرر للأفلام المغربية عن منصات التتويج أو الاكتفاء بحضور رمزي في المهرجانات الدولية، كعامل يضعف الدور المنتظر من هذه التظاهرات في تعزيز السينما الوطنية، ورغم إدراك المؤسسة المنظمة لأهمية هذا الحضور بالنسبة إلى صناع السينما المغاربة، فإن التهميش المتعمد واستغلال الحضور المحلي كعنصر شكلي لتزيين المشهد يعدان إهانة للإبداع الوطني، ومن هذا المنطلق يتعين على صناع السينما المغربية الوقوف في وجه سياسات الإقصاء والمطالبة بتمثيل حقيقي وفعال لأن مصداقية أي مهرجان عالمي لن تترسخ ما لم يستمد قوته من جذوره المحلية ويدعمها بإخلاص.
ويجب أن يكون إدراج الأفلام السينمائية المغربية في المهرجانات الدولية، وخاصة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فرصة ذهبية لإبراز الإبداع السينمائي الوطني والانفتاح على الساحة العالمية. فوجود هذه الأفلام في المسابقات الرسمية، وليس فقط في أقسام البانوراما، يعكس التنوع الثقافي والفني الذي يميز المغرب ويمنح صناع الأفلام المحليين اعترافا مستحقا بجهودهم ليحفزهم على تطوير أعمالهم والإسهام في بناء صورة مشرقة للسينما الوطنية على المستوى الدولي.
عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي