ملاحظة طبقة الصوت وتعابير الوجه للكشف عن حالة الانغلاق على الذات عند الطفل .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
ملاحظة طبقة الصوت وتعابير الوجه للكشف عن حالة الانغلاق على الذات عند الطفل
بعد الانتهاء من محاضرة لي تقدمت امرأة مني وقالت لي:
أنا أكره زوجي أكرهه كثيراً لدرجة أني لا أطيق الحديث عنه. سوف لن أعود إليه مطلقاً .
ومع هذا، فإن تلك المرأة نفسها عادت إلى زوجها وأصبحت تعيش معه بانسجام. وقد سمعت أيضاً رجلاً يقول بحق زوجته: أكره تلك المرأة لدرجة أنني لا أستطيع تحمل مجرد النظر إليها . ولكن بعد ساعات قليلة كان الرجل نفسه قد استعاد حبه لزوجته و ازدادت رغبته فيها .
قد يحتاج الأمر أحياناً شهوراً عديدة، ولكن إعادة الانسجام بين الأشخاص أو الأزواج المتخاصمين ممكنة. إن ثقتي بالعائلة، وإن الخلافات بين أفرادها قابلة للإصلاح ثقة كبيرة لأنني أعرف أن تلك الكلمات السطحية من نموذج : أكرهك جداً أو سوف لن أعيش معك مرة ثانية أبداً أو " لن يضمني فراش معك حتى لو انطبقت السماء على الأرض أو سأظل أكرهك مادام في جسدي رمق للحياة، هي كلمات وعبارات تعكس حالة متأذية، ومصدرها شخص بدأ انغلاقه على ذاته. وهي في الوقت نفسه عبارات يمكن تجاوزها ونسيانها.
قد يفاجئ الطفل والديه أو أحدهما بعبارات قاسية مثل " أنا أكرهكم جميعاً. لا أستطيع تحمل ذلك بعد الآن . لعد انتهيت من هذه العائلة نهائياً . لعد فاض بي الكيل. صارت روحي عند أنفي، لا أريد أن أرى أحداً أو أن أتكلم مع أحد . لا أطبق حتى الكوث بينكم ... أو غيرها . ولقد وجدت بأن الأفراد الذين يصرخون بمثل هذه العبارات، توجد في دواخلهم أصوات تهمس : أريد حقاً أن أتكلم عن هذه المشكلة ، ولكنهم يحاولون أن يحلوا هذه المشكلة على طريقتهم، أو أن يرفعوا سقف مطالبهم لحل المشكلة. ويجب علينا أن ندقق ليس في الكلمات التي ينطق بها هؤلاء الأفراد المأزومون، بل بطبقة الصوت وحدته وبتعابير الوجه وحركات الأطراف. فقد يكر وراء هذه الكلمات الكبيرة القاسية روح لينة تنزع للمصالحة وتجاوز المشكلة القائمة.
تخيل، للحظة مقياس مدرج من الصفر إلى العشرة حيث يشير الصفر إلى ذات طبيعية منفتحة على آخرها، وتشير العشرة إلى ذات مأزومة منغلقة على ذاتها إغلاقاً تاماً . فإذا مددت يدي لابنتي بعد أن بدر مني ما يهينها، فأدارت ظهرها لي منسحبة وهي تقول: ((أبي أنت تفعل ذلك دائماً، ولن أستطيع تحمل ذلك بعد الآن)). فمن المحتمل ، في مثل هذه الحال ، أنني قد ساهمت بإغلاق ذات ابنتي بمقدار ثلاث درجات على المقياس الذي أشرت له في بداية الفقرة. إنها ليست مشكلة سيئة جداً، ولكنها على أية حال مشكلة يجب أن لا أتجاهلها . أما إذا مددت يدي لها محاولاً إرضاءها، ولكنها تملصت مني بعنف قائلة ((أبي اتركني وحدي. إنك تهينني باستمرار، وأشعر أنه من الأفضل لي الهرب من هذا البيت في هذه الحالا. ربما تكون حالة انغلاق ابنتي على ذاتها قد وصلت إلى منتصف المقياس. ولكن دعوني أفترض بأنني قد قرعت باب غرفتها ، فسألتني بصوت ينضح عدائية من؟ ففتحت الباب فصرخت في وجهي أخرج من غرفتي يا أبي، ثم التقطت مزهرية قريبة من يدها، وقذفتها باتجاهي. ولكني مع هذا غامرت وقلت لها : أعرف أنني أخطأت بحقك، فلم تتركني أكمل عبارتي فصرخت في وجهي مرة ثانية : سأهرب من هذا البيت فلم أعد قادرة على تحمل وجودي هنا. إني أكره نفسي لبقائي بينكم هذا السلوك وهذه التصرفات وتلك الكلمات تعطيني فكرة واضحة بأن حالة انغلاق ابنتي على ذاتها قد وصلت إلى قيمة 8 أو 9 على نفس المقياس السابق. وكلما كانت ردود الفعل عنيفة وعدائية وغير مضبوطة كلما كانت درجة الانغلاق على الذات أعلى. وقد تتحوّل هذه التصرفات العنيفة والعدائية إلى حالة من اللامبالاة وعدم الاهتمام واليأس الأمر الذي يشير إلى أن ذات الشخص قد انغلقت تماما ولم تعد تجدي محاولات المنطق والاعتذار وتفهم المشكلة. ولكننا، مع هذا ، إذا شعرنا بأن هذه الكلمات وتلك التصرفات لم تكن تعكس تماماً حالة الشخص الداخلية الحقيقية، يمكننا أن نبدأ من جديد، وبلطف زائد، محاولة فتح الذات المغلقة لمن نهتم بحل مشكلتهم.
أفضل طريقة، باعتقادي، للتعامل مع هذه الكلمات السطحية وردود الفعل العنيفة هي اللين واللطف والتفهم والاعتراف بالخطأ ثم المتابعة بتلطيف الجو تهدئة للنفوس إلى أن نتوصل إلى إمكانية الملامسة. أو المعانقة وقبول الصفح والغفران، هذا ما يتمناه الأشخاص الواقعون في أزمة أنفسهم. ولكن الوصول إلى الحل النهائي قد يتطلب وقتاً .
ولقد وجدت أيضاً بأن المشكلة المزمنة المقاومة والتي مضى على حدوثها عدة سنوات، يمكن مقاربتها وحلّها بنفس الطريقة السابقة. وإذا ما أراد الأب أن يطمئن إلى أن طفله منفتح على ذاته تمام الانفتاح يجب أن لا يتحرّج من فتح دفاتر الماضي والسماح لطفله أن يسوق ما يتذكر من حوادث كانت جارحة له، ويجب على الأب عندئذ أن يتناول هذه الحوادث بالنقاش والتفهم وإيجاد الحلول المناسبة لها .
ملاحظة طبقة الصوت وتعابير الوجه للكشف عن حالة الانغلاق على الذات عند الطفل
بعد الانتهاء من محاضرة لي تقدمت امرأة مني وقالت لي:
أنا أكره زوجي أكرهه كثيراً لدرجة أني لا أطيق الحديث عنه. سوف لن أعود إليه مطلقاً .
ومع هذا، فإن تلك المرأة نفسها عادت إلى زوجها وأصبحت تعيش معه بانسجام. وقد سمعت أيضاً رجلاً يقول بحق زوجته: أكره تلك المرأة لدرجة أنني لا أستطيع تحمل مجرد النظر إليها . ولكن بعد ساعات قليلة كان الرجل نفسه قد استعاد حبه لزوجته و ازدادت رغبته فيها .
قد يحتاج الأمر أحياناً شهوراً عديدة، ولكن إعادة الانسجام بين الأشخاص أو الأزواج المتخاصمين ممكنة. إن ثقتي بالعائلة، وإن الخلافات بين أفرادها قابلة للإصلاح ثقة كبيرة لأنني أعرف أن تلك الكلمات السطحية من نموذج : أكرهك جداً أو سوف لن أعيش معك مرة ثانية أبداً أو " لن يضمني فراش معك حتى لو انطبقت السماء على الأرض أو سأظل أكرهك مادام في جسدي رمق للحياة، هي كلمات وعبارات تعكس حالة متأذية، ومصدرها شخص بدأ انغلاقه على ذاته. وهي في الوقت نفسه عبارات يمكن تجاوزها ونسيانها.
قد يفاجئ الطفل والديه أو أحدهما بعبارات قاسية مثل " أنا أكرهكم جميعاً. لا أستطيع تحمل ذلك بعد الآن . لعد انتهيت من هذه العائلة نهائياً . لعد فاض بي الكيل. صارت روحي عند أنفي، لا أريد أن أرى أحداً أو أن أتكلم مع أحد . لا أطبق حتى الكوث بينكم ... أو غيرها . ولقد وجدت بأن الأفراد الذين يصرخون بمثل هذه العبارات، توجد في دواخلهم أصوات تهمس : أريد حقاً أن أتكلم عن هذه المشكلة ، ولكنهم يحاولون أن يحلوا هذه المشكلة على طريقتهم، أو أن يرفعوا سقف مطالبهم لحل المشكلة. ويجب علينا أن ندقق ليس في الكلمات التي ينطق بها هؤلاء الأفراد المأزومون، بل بطبقة الصوت وحدته وبتعابير الوجه وحركات الأطراف. فقد يكر وراء هذه الكلمات الكبيرة القاسية روح لينة تنزع للمصالحة وتجاوز المشكلة القائمة.
تخيل، للحظة مقياس مدرج من الصفر إلى العشرة حيث يشير الصفر إلى ذات طبيعية منفتحة على آخرها، وتشير العشرة إلى ذات مأزومة منغلقة على ذاتها إغلاقاً تاماً . فإذا مددت يدي لابنتي بعد أن بدر مني ما يهينها، فأدارت ظهرها لي منسحبة وهي تقول: ((أبي أنت تفعل ذلك دائماً، ولن أستطيع تحمل ذلك بعد الآن)). فمن المحتمل ، في مثل هذه الحال ، أنني قد ساهمت بإغلاق ذات ابنتي بمقدار ثلاث درجات على المقياس الذي أشرت له في بداية الفقرة. إنها ليست مشكلة سيئة جداً، ولكنها على أية حال مشكلة يجب أن لا أتجاهلها . أما إذا مددت يدي لها محاولاً إرضاءها، ولكنها تملصت مني بعنف قائلة ((أبي اتركني وحدي. إنك تهينني باستمرار، وأشعر أنه من الأفضل لي الهرب من هذا البيت في هذه الحالا. ربما تكون حالة انغلاق ابنتي على ذاتها قد وصلت إلى منتصف المقياس. ولكن دعوني أفترض بأنني قد قرعت باب غرفتها ، فسألتني بصوت ينضح عدائية من؟ ففتحت الباب فصرخت في وجهي أخرج من غرفتي يا أبي، ثم التقطت مزهرية قريبة من يدها، وقذفتها باتجاهي. ولكني مع هذا غامرت وقلت لها : أعرف أنني أخطأت بحقك، فلم تتركني أكمل عبارتي فصرخت في وجهي مرة ثانية : سأهرب من هذا البيت فلم أعد قادرة على تحمل وجودي هنا. إني أكره نفسي لبقائي بينكم هذا السلوك وهذه التصرفات وتلك الكلمات تعطيني فكرة واضحة بأن حالة انغلاق ابنتي على ذاتها قد وصلت إلى قيمة 8 أو 9 على نفس المقياس السابق. وكلما كانت ردود الفعل عنيفة وعدائية وغير مضبوطة كلما كانت درجة الانغلاق على الذات أعلى. وقد تتحوّل هذه التصرفات العنيفة والعدائية إلى حالة من اللامبالاة وعدم الاهتمام واليأس الأمر الذي يشير إلى أن ذات الشخص قد انغلقت تماما ولم تعد تجدي محاولات المنطق والاعتذار وتفهم المشكلة. ولكننا، مع هذا ، إذا شعرنا بأن هذه الكلمات وتلك التصرفات لم تكن تعكس تماماً حالة الشخص الداخلية الحقيقية، يمكننا أن نبدأ من جديد، وبلطف زائد، محاولة فتح الذات المغلقة لمن نهتم بحل مشكلتهم.
أفضل طريقة، باعتقادي، للتعامل مع هذه الكلمات السطحية وردود الفعل العنيفة هي اللين واللطف والتفهم والاعتراف بالخطأ ثم المتابعة بتلطيف الجو تهدئة للنفوس إلى أن نتوصل إلى إمكانية الملامسة. أو المعانقة وقبول الصفح والغفران، هذا ما يتمناه الأشخاص الواقعون في أزمة أنفسهم. ولكن الوصول إلى الحل النهائي قد يتطلب وقتاً .
ولقد وجدت أيضاً بأن المشكلة المزمنة المقاومة والتي مضى على حدوثها عدة سنوات، يمكن مقاربتها وحلّها بنفس الطريقة السابقة. وإذا ما أراد الأب أن يطمئن إلى أن طفله منفتح على ذاته تمام الانفتاح يجب أن لا يتحرّج من فتح دفاتر الماضي والسماح لطفله أن يسوق ما يتذكر من حوادث كانت جارحة له، ويجب على الأب عندئذ أن يتناول هذه الحوادث بالنقاش والتفهم وإيجاد الحلول المناسبة لها .
تعليق