العرب يقرأون.. فقط يكفيهم من الأشعار والقصص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العرب يقرأون.. فقط يكفيهم من الأشعار والقصص

    العرب يقرأون.. فقط يكفيهم من الأشعار والقصص


    لخلق مجتمع قارئ لا بد من مكتبات متطورة وكتب تحقق التنوع.


    المكتبات تقوم بدورها ماذا عن الكُتّاب

    "العربي لا يقرأ" جملة تتكرر مرارا حتى صارت تشبه الشعار الذي يُرفع في كل زاوية وكل نقاش حول واقع القراءة في الدول العربية، وهي جملة مغلوطة، إذ هناك قراء عرب، رغم اختلاف أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عن القراء في دول أخرى ما يجعل ساعات القراءة متدنية عندهم، فإن الإشكال أيضا في الكتب العربية نفسها، وهو إشكال مركب تشترك فيه صناعة الكتاب والنشر التي تعاني من الفوضى، ودور الدولة في التأسيس لمكتبات عامة تلائم متطلبات العصر.

    عمان - تحاول العديد من الأقطار العربية النهوض بفعل القراءة بما يمثله من رافعة حضارية والطريق الأوحد نحو التنوير وتحقيق المعرفة وبالتالي فرض التطوير ومواكبة حركة التاريخ التي لا تهدأ في تطورها وتجددها وتغيرها في الطريق إلى الأمام.

    ومن هنا كان الوعي أساسا بعناصر فعل القراءة ألا وهي الكاتب والكتاب والقارئ، وما يربط بينهم سواء المكتبات العامة أو الخاصة. وهو ما انتبه له العرب فباتوا يولون اهتماما أكبر للمكتبات، لتطويرها وجعلها مواكبة للتكنولوجيا الحديثة، بما يحقق مناخا مناسبا لاستقطاب القراء.

    ولعل مكتبات مثل مكتبة الإسكندرية أو مكتبة محمد بن راشد في دبي أو مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض وغيرها من المكتبات العربية التي تسير على منوالها أبرز الأمثلة على تطوير عالم القراءة، والتركيز على المحتوى المعرفي والأدبي الهادف والمتنوع، والتركيز أيضا على بيئة القراءة سواء بالتنظيم المحكم للمكتبات بشكل متطور يعتمد على التكنولوجيا وعلى الذكاء الاصطناعي، أو في الانفتاح على الكتب الرقمية، وإيلاء مساحة أوسع لكتب المعارف العلمية والنقدية والكتب التنويرية وحتى العناوين الأدبية المؤسسة سواء على المستوى العربي أو العالمي.

    ويبقى التأسيس لمكتبات بمعايير دولية رهان العديد من الدول العربية، التي تراهن على دور المكتبات العامة وتدرك جيدا أهميتها للقراء والباحثين من مختلف الشرائح العمرية، إذ تمثل هذه الفضاءات الدافع الأول لخلق مجتمع قارئ، وهو ما تفطن له الأردن الذي خصص أخيرا ندوة عربية لبحث أدوار المكتبات وسبل النهوض بها.
    دور المكتبة


    رغم أهمية المكتبات العامة فإن المكتبات الخاصة وتداخلها مع عالم النشر لا تقل أهمية في خلق مجتمع قارئ

    في إطار الوعي بأهمية المكتبات ناقش مختصون وخبراء وأكاديميون، مؤخرا، خلال ندوة على طاولة مستديرة نظمتها مؤسسة عبدالحميد شومان، بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية بعنوان “نحو أردن قارئ”، العديد من المحاور الرئيسية، بهدف إعداد استراتيجية وطنية للقراءة والوصول إلى مجتمع قارئ.

    ووفقا لبيان صحافي صادر عن المؤسسة، اعتمد المشاركون في الطاولة المستديرة، التي جاءت في إطار ندوة المكتبة السادسة التي تنظمها مكتبة عبدالحميد شومان، تحت شعار “المكتبة كمحرك للتغيير: نحو مجتمع قارئ”، أسلوب التحليل الرباعي (سوت)، من حيث نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات.

    وأكدت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية خلال الندوة أهمية تكاتف جميع الجهود الوطنية لتعزيز ورفع الوعي بأهمية القراءة والوصول إلى مجتمع قارئ من خلال إصدار استراتيجية وطنية للقراءة، مشيرة إلى أن وزيرة الثقافة وعدت بأن تقوم الوزارة بتبني الاستراتيجية الوطنية التي ستخرج من خلال هذه الطاولة المستديرة ومتابعتها.

    واستعرض أمين عام مكتبة عبدالحميد شومان، غالب مسعود الخدمات التي تقدمها المكتبة بشقيها العامة والأطفال، مشيرا إلى أنها تقدم مصادر المعرفة الورقية والإلكترونية لجميع أفراد المجتمع وتوفر مساحات للمطالعة والدراسة لخدمة القراء من الأطفال اليافعين والبالغين والباحثين والطلاب، كما تعقد في فروعها العديد من البرامج والفعاليات لتشجيع القراءة من أندية صيفية وشتوية للأطفال وأسابيع علمية وتواقيع الكتب وأندية القراءة وماراثون القراءة وغيرها، لتصب في النهاية بجعل القراءة عادة مجتمعية وفعلا يجمع أفراد العائلة جميعا.

    الأكاديمي محمود الرجبي، وهو أحد المشاركين في أعمال الطاولة المستديرة، أشار إلى أهمية الندوات وورش العمل للوصول إلى أفكار عملية تسهم في زيادة الوعي بأهمية القراءة وتنير الطريق لبناء استراتيجية متكاملة لكي تصبح القراءة جزءا من حياتنا، وحينها نحصل على رافعة من أهم روافع التقدم والتطور. وقال الرئيس التنفيذي لنادي إبداع الكرك حسام الطراونة إن الكتاب والقراءة هي المصدر الأكثر وثوقا والأهم للوصول إلى المعرفة وذلك على الرغم من التقدم التكنولوجي، معربا عن أسفه لانخفاض نسبة القراءة عند المواطن الأردني والعربي بشكل عام مقارنة مع الدول المتقدمة.

    من الضروري تأسيس منظومة مكتبات عامة قوية ومتكاملة أو ستبقى الصناعات الإبداعية واكتشاف المواهب رهن الصدف

    وأشار الطراونة إلى عدم توفر المكتبات بالشكل الكافي في مختلف محافظات المملكة وتركّزها في العاصمة عمان، ومن هنا تأتي أهمية بناء استراتيجية وطنية تعالج مواطن الضعف وتحقق العدالة في توزيع المكتبات بمختلف مناطق المملكة وتحفيز المواطنين على القراءة، وأن يكون الكتاب بمتناول يد القراء وبأسعار مناسبة.

    وأشارت الكاتبة فلورا مجدلاوي إلى أهمية التأسيس لمنظومة مكتبات عامة قوية ومتكاملة، ومن دون ذلك ستبقى الصناعات الإبداعية واكتشاف المواهب المحلية المبدعة رهن الصدف، وسنفقد الكثير من الطاقات والوقت والفرص، ولن يتم استغلال وقت الجيل الناشئ وتأهيله بأفضل الطرق لتهيئته نحو الإبداع ودعم مهاراته الحياتية ورفع مستوى الثقافة بالبلاد بشكل عام.

    وأكدت مجدلاوي أهمية تفعيل دور المكتبات العامة بتوفير الميزانيات المناسبة لرفد مكتباتها، وضرورة تحقيق العدالة المعرفية من خلال عدالة التوزيع الجغرافي للمكتبات العامة بما يتناسب مع عدد سكان المنطقة، لافتة إلى أهمية دعم التحول الرقمي في تقديم الخدمات المكتبية.

    وكانت ندوة المكتبة السادسة التي تنظمها مكتبة عبدالحميد شومان، بعنوان “المكتبة كمحرك للتغيير: نحو مجتمع قارئ” والتي عقدت جلساتها الأسبوع الماضي، ناقشت العديد من المحاور حول الواقع القرائي في الأردن ووجهة نظر الخبراء في ما يتعلق بتشجيع القراءة والتعرف على الجهود المتبعة في تشجيع القراءة في مجتمعات ذات تحديات اقتصادية واجتماعية مشابهة للأردن ومعظم البلدان العربية والتعرف على تجربة ناجحة في تشجيع القراءة والتخطيط الوطني وحشد التأييد وتوحيد الجهود لتحقيق نسب عالية من القراءة بين مختلف فئات المجتمع.
    صناعة الكتاب



    رغم أهمية المكتبات العامة فإن المكتبات الخاصة لا تقل أهمية في خلق مجتمع قارئ، ويحكم هذه المكتبات ما يدخل في عملية صناعة الكتاب وتوزيعه فيما يسمى بعالم النشر، علاوة على عوامل أخرى مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية بما تفرضه من رقابة على صناعة النشر.

    الرقابة ليست كلها منعا للكتب أو تضييقا عليها، فهناك نمط رقابي لا بد من وجوده خاصة في ما يتعلق بجودة المحتوى خاصة في الكتب الموجهة للأطفال، وهو الذي من المفروض أن يقوم به خبراء مختصون.

    علاوة على ذلك بات سوق الكتاب العربي غارقا في الآلاف من العناوين، خاصة مع انتشار دور النشر الخاصة، ومع انتشار ظاهرة النشر على الحساب الخاص، وهي التي أضرت بشكل كبير بعالم النشر من حيث المحتوى، فتسببت في اختلاط كبير بين المواد الجادة سواء الأدبية أو الفكرية أو العلمية، والمواد التي لا تتعدى كونها محاولات ذاتية لا ترقى حتى إلى تجربة في بداياتها، فغرق سوق الكتاب في كتب خواطر وأشعار فضفاضة ومحاولات كتابة قصص أو روايات لا ترتقي إلى مادة تستحق النشر والترويج.

    ما الذي يدفع القارئ العربي الملول بطبعه والذي يختلف نمط حياته عن نظيره الغربي إلى اقتناء كتاب هذيانات ذاتية؟

    الرقابة ليست كلها منعا للكتب أو تضييقا عليها، فهناك نمط رقابي لا بد من وجوده خاصة في ما يتعلق بجودة المحتوى خاصة في الكتب الموجهة للأطفال

    يرزح العربي تحت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في دول ما تزال تخطو ببطء نحو التطوير وتجاوز التشدد الذي انتشر في مجتمعاتها، لذا يواجه وضعا مركبا ومربكا في آن واحد، وهو ما يجعله أمام مساحة أقل للاختيار أو لاقتناء الكتب، التي تضاعفت أثمانها بشكل كبير في السنوات الأخيرة وباتت بعيدة المنال عن الكثيرين، وفي أحسن الأحوال يكون القارئ أمام خيار اقتناء كتب على حساب أخرى، ويخير في هذه المفاضلة أن يقتني كتبا مترجمة، إذ يثق أكثر في سوق النشر الغربي.

    ومن ناحية أخرى ساهم الناشرون أنفسهم وأصحاب المكتبات الخاصة في تردي عالم صناعة الكتاب، سواء بانخراطهم في لعبة النشر للكتاب على حسابهم الخاص أو الانخراط في لعبة تسويقية لمنتجات بلا جودة، وهو ما يجعل القراء في رحى لعبة لا تخدم متطلباتهم ولا تخدم لا صناعة الكتاب ولا الكتّاب أنفسهم، فلماذا لا تكون الكتب أقل عددا وأكثر تركيزا؟ وتنفتح صناعة النشر على الكتب العلمية والفكرية جنبا إلى جنب مع الكتب الأدبية.

    وعلاوة على ذلك لمَ لا تنفتح دور النشر كذلك على الكتب الرقمية، فالعلاقة بين كلا الكتابين، هي علاقة تكامل لا علاقة تنافس، فالكتاب الورقي والإلكتروني يكمّلان بعضهما البعض، ولكل واحد منهما ميزاته وإيجابياته وسلبياته.

    ففي ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم في هذا القرن، تحول الكتاب من شكله الورقي إلى شكله الإلكتروني، وانتشر انتشارا واسعا بين القراء والكتاب، وبخاصة مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تضاهي الصفحات الورقية للكتب التقليدية. وهو ما يمكن الاستفادة منه بشكل كبير من قبل الناشرين.

    ومن ثم لماذا لا تكون أيضا هناك نقاشات أدبية وفكرية حول متطلبات القارئ العربي اليوم؟ كأن يتم التركيز مثلا على البحوث العلمية وكتب من مختلف المعارف بدل التركيز فقط على الأدب رغم أهميته. وحتى الأدب نفسه هل تساءل الأدباء والشعراء عما يريد القراء؟ أو ماذا يفيدهم أكثر من غيره؟ فالقراءة تسلية نعم، لكنها إفادة أيضا.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X