نحن نعلم عبر حركة التاريخ في الألف الأول قبل الميلاد أن لا وجود لصراع آرامي عربي ذكر في الوثائق,وقد قدمت وثائق تدمر معلومات عن صيغ التفاعل بين تدمر الآرامية السائرة في طور التعريب وبين القبائل العربية المحيطة بها,ولعل في معظم قواعد التفاعل تلك كان يحضر التفاعل القبلي – المدني,حتى يصير الحضور القبلي مدنياً وزراعياً .
وإن كانت الكتابة واللغة الآرامية قد شهدت حضورا وفاعلية ممتدة في الزمان والمكان في الألف الأول,فإن المعتقدات بدورها كانت حاضرة في التفاعل والامتداد,إن كان عبر الثقافة الآرامية أوعبر التجارة والنشاط التجاري .
يقول الدكتور محمد محفل:
" إن اقرب اللهجات القديمة التي تبشر بالعربية الفصحى هي الآرامية التي راحت تعمم في الجزيرة السورية وباقي ربوع البلاد الشام,اعتباراً من القرن العاشر قبل الميلاد,قبل أن تتغلب على شتى لهجات الهلال الخصيب بعد سقوط نينوى والسلطان الآشوري في 612 ق.م ، ولتصبح لغة عالمية (الآرامية الإمبراطورية) ثم راح يتفرع عنها لهجات مختلفة: المنداعية,النبطية,التدمرية,السريانية,.... الخ (8)
بقي أن نشير إلى أنه في الألف الأول قبل الميلاد,شاعت ظاهرة مهمة في بلاد الشام,هي ظاهرة وجود النذير,الذي يتكلم وهو في حال وجد,عن أمور تخص أحوال الملك أوالناس أوالمدينة,
وقد ذكر دينامون المصري حين كان في جبيل نحو1060 ق.م,أنه لما كان ملك المدينة (جبيل) يقدم القربان الملكي للإله,أصاب أحد الرجال حالة وجد,حيث تلفظ بأمور تخص أحد الناس .(9)
وهذه الظاهرة عمت,حتى نجد صداها في أسفار التوراة في الأنبياء والمنذرين الذين وقفوا في وجه ملوك اليهود.
ويشير توينبي إلى أن هؤلاء الأنبياء والنذيرون كانوا يرعبون الملك وكانت النوبات التي تصيبهم تعتبر دلالة على أنهم يتلقون رسالة إلهية ومن ثم فإن الملك الذي يتحدى نبيا منهم كان يجازف في احتمال أن يثير الرأي العام ضده (10)
وثمة إشارة إلى معتقد الألف الأول تتجلى فيما ذكر من وثيقة وهي عبارة عن قصيدة " لأمجدن رب الحكمة ",وقد ذكرناها سابقاً والتي تعود إلى نهاية الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد حيث أن المتعبد بعد أن رضي الإله عنه وأعاده للحياة والطمأنينة يمضي إلى المعبد لشكر الله وتقديم القربان له,وهو ما يسمى بحج الشكر,حيث يتم وصف لأبواب المعبد ذات الأسماء والأوصاف والتي يمكن أن لا تكون بالمعنى الواقعي بقدر ما تمت إلى عالم الذهنيات ، لنقرأ:
" أنا الذي كنت نازلاً في القبر,عدت إلى باب الشمس المحرقة
عند باب الغزارة أعطيت الغزارة من جديد
عند باب الملاك الحارس عاد ملاكي الحارس (نرجوالانتباه إلى ورود ملاكي هنا).
عند باب الخلاص وجدت الخلاص
عند باب الحياة تلقيت هبة الحياة
عند باب الشمس المحرقة أحصيت من جديد بين الأحياء
عند باب الفأل الجلي انجلت فؤولي
عند باب غفران الخطايا حلت خطيئتي
عند باب المديح استطاع فمي أن يمدح
عند باب الماء نضحت ذاتي بمياه التطهير
عند باب الخلاص التقيت بإلهي
قدمت هدايا وهبات مقدسة
ذبحت ثيراناً ونحرت خرفاناً كثيرة.(11)
وثمة دلائل أيضا من معبد ايساجيلا في بابل,حيث تذكر أسماء أبوابه :
باب الكوثر,باب الجن الصالحين – باب السلام – باب الحياة – باب الشمس – باب كنس اللعنات – باب التطهير (12)
نشوء فكرة الألوهة . بشار خليف
وإن كانت الكتابة واللغة الآرامية قد شهدت حضورا وفاعلية ممتدة في الزمان والمكان في الألف الأول,فإن المعتقدات بدورها كانت حاضرة في التفاعل والامتداد,إن كان عبر الثقافة الآرامية أوعبر التجارة والنشاط التجاري .
يقول الدكتور محمد محفل:
" إن اقرب اللهجات القديمة التي تبشر بالعربية الفصحى هي الآرامية التي راحت تعمم في الجزيرة السورية وباقي ربوع البلاد الشام,اعتباراً من القرن العاشر قبل الميلاد,قبل أن تتغلب على شتى لهجات الهلال الخصيب بعد سقوط نينوى والسلطان الآشوري في 612 ق.م ، ولتصبح لغة عالمية (الآرامية الإمبراطورية) ثم راح يتفرع عنها لهجات مختلفة: المنداعية,النبطية,التدمرية,السريانية,.... الخ (8)
بقي أن نشير إلى أنه في الألف الأول قبل الميلاد,شاعت ظاهرة مهمة في بلاد الشام,هي ظاهرة وجود النذير,الذي يتكلم وهو في حال وجد,عن أمور تخص أحوال الملك أوالناس أوالمدينة,
وقد ذكر دينامون المصري حين كان في جبيل نحو1060 ق.م,أنه لما كان ملك المدينة (جبيل) يقدم القربان الملكي للإله,أصاب أحد الرجال حالة وجد,حيث تلفظ بأمور تخص أحد الناس .(9)
وهذه الظاهرة عمت,حتى نجد صداها في أسفار التوراة في الأنبياء والمنذرين الذين وقفوا في وجه ملوك اليهود.
ويشير توينبي إلى أن هؤلاء الأنبياء والنذيرون كانوا يرعبون الملك وكانت النوبات التي تصيبهم تعتبر دلالة على أنهم يتلقون رسالة إلهية ومن ثم فإن الملك الذي يتحدى نبيا منهم كان يجازف في احتمال أن يثير الرأي العام ضده (10)
وثمة إشارة إلى معتقد الألف الأول تتجلى فيما ذكر من وثيقة وهي عبارة عن قصيدة " لأمجدن رب الحكمة ",وقد ذكرناها سابقاً والتي تعود إلى نهاية الألف الثاني وبداية الألف الأول قبل الميلاد حيث أن المتعبد بعد أن رضي الإله عنه وأعاده للحياة والطمأنينة يمضي إلى المعبد لشكر الله وتقديم القربان له,وهو ما يسمى بحج الشكر,حيث يتم وصف لأبواب المعبد ذات الأسماء والأوصاف والتي يمكن أن لا تكون بالمعنى الواقعي بقدر ما تمت إلى عالم الذهنيات ، لنقرأ:
" أنا الذي كنت نازلاً في القبر,عدت إلى باب الشمس المحرقة
عند باب الغزارة أعطيت الغزارة من جديد
عند باب الملاك الحارس عاد ملاكي الحارس (نرجوالانتباه إلى ورود ملاكي هنا).
عند باب الخلاص وجدت الخلاص
عند باب الحياة تلقيت هبة الحياة
عند باب الشمس المحرقة أحصيت من جديد بين الأحياء
عند باب الفأل الجلي انجلت فؤولي
عند باب غفران الخطايا حلت خطيئتي
عند باب المديح استطاع فمي أن يمدح
عند باب الماء نضحت ذاتي بمياه التطهير
عند باب الخلاص التقيت بإلهي
قدمت هدايا وهبات مقدسة
ذبحت ثيراناً ونحرت خرفاناً كثيرة.(11)
وثمة دلائل أيضا من معبد ايساجيلا في بابل,حيث تذكر أسماء أبوابه :
باب الكوثر,باب الجن الصالحين – باب السلام – باب الحياة – باب الشمس – باب كنس اللعنات – باب التطهير (12)
نشوء فكرة الألوهة . بشار خليف