"الفيلم عمل فدائي": في مواجهة النص الصهيوني
يوسف الشايب
سينما
يقارن الجعفري الدعاية الصهيونية مع مشاهد قبل النكبة
شارك هذا المقال
حجم الخط
اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي بيروت في صيف 1982... في ذلك الوقت، اقتحم الجيش مركز الأبحاث الفلسطيني في العاصمة اللبنانية، ونهب أرشيفه برمّته... اشتمل الأرشيف على وثائق تاريخية عن فلسطين، بما في ذلك صور ثابتة ومتحركة، وانطلاقًا من هذا الحدث، يستكشف "الفيلم عمل فدائي" للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، الصورة البصرية لهذا النهب، ويوظّف صورًا وفيديوهات موجودة حاليًا، وتمكّن من انتزاعها بطريقة ما من الأرشيف الإسرائيلي، ليشكّل فيلمه المغاير لتجاربه السابقة من جهة، وللسينما المتكئة على المواد الأرشيفية فلسطينيًا وعالميًا، وهو الفيلم الذي عُرض، أخيرًا، في رام الله، ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان أيام فلسطين السينمائية الدولي.
فيلم الجعفري، ويحتاج إلى أكثر من مشاهدة وإلى التعمق فيما وراء الصور والفيديوهات وطريقة تكبيرها، مقدمًا الحكاية الفلسطينية على طريقته، يكشف عن نهب تاريخ السكان الأصلانيين من خلال تجميعه للمواد الأرشيفية، وهم في هذه الحالة الشعب الفلسطيني، مستعينًا بأصدقاء من جنسيات مختلفة للحصول على مشاهد تم تسريبها أو تهريبها، وفي حال أخرى إنقاذ مواد أرشيفية بصرية كانت سُرقت من مركز الأبحاث، علاوة على أخرى نادرة وثّقت النكبة وما سبقها.
في "الفيلم عمل فدائي" يقارن الجعفري في منتجه السينمائي الوثائقي الدعاية الصهيونية مع مشاهد تعود إلى ما قبل نكبة عام 1948، والتي قامت إثرها "دولة إسرائيل"، على أنقاض الفلسطينيين وأراضيهم ومنازلهم وحيواتهم وميتاتهم وذاكراتهم، بعد العديد من المجازر وغيرها من العمليات الإرهابية للعصابات الصهيونية، ما دفع الكثير منهم إلى الهجرة غير الطوعية، فكان فعل تهجير قسري عنيف للغاية، وقتها.
وكان لافتًا تقديم اللقطات بدون سياق محدّد، حيث يتجنب الجعفري التقاليد الاعتياديّة لسرد القصص، في حين كان التسلسل الزمني للمشاهد متقطعًا، ويتناوب بين حقب زمنية مختلفة من التاريخ الفلسطيني.
وبمرافقة الصور المعالجة في بعضها، عمل مصمما الصوت أتيلا فارافيلي ويوخن جيسوسيك رفقة التحرير الحركي الذي قام به الجعفري ويانيغ ويلمان، بحيث يمزج الفيلم ما بين الأصوات المحيطة المترددة والمؤثرات المزعجة المصاحبة للصور، اتكاءً على مشهد صوتي غير منتظم وغير متوقع، مكرسًا فكرة أن يلهث الفيلم الوثائقي في مساحات شاسعة غير متزامنة وغير متزامنة، لجهة إحداث تأثير مثير للقلق، فبدلًا من الاعتماد على المقابلات الحوارية والتعليقات الصوتية، يركز الجعفري على الكتابة المقتبسة للروائي الشهيد غسان كنفاني وغيره، معتمدًا على نصوص حميمية، ومؤثرة، يعبر عبرها كما الفيلم برمّته عن خطورة الاحتلال.
ويمكن القول إن الجعفري في عمله السينمائي "الفيلم عمل فدائي" يعمد إلى مواجهة الأرشيف الإسرائيلي من داخله، وليس ذلك فحسب بل إنه يعمل على استعادة التاريخ المسروق من خلال الاستيلاء على ما فقده أجداده الفلسطينيون مجددًا، بحيث يشكل الفيلم انتقامًا فنيًا من الرقابة الإسرائيلية، عبر الرسم على الصور الثابتة والمتحركة وأحيانًا على النصوص الأرشيفية، بحيث عمد إلى حذف الأشخاص والمناظر الطبيعية والدعاية من الصورة بعلامات حمراء زاهية.
من أجل السياق، في أعقاب مذبحة بيروت، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بلصق تعليقات مهينة على الأفلام الأرشيفية لأغراض التحقيق، واستخدمت الوثائق الأنثروبولوجية لدراسة وقمع الحركات الفلسطينية، وكان هدف الجيش فهم تقاليد الفلسطينيين بشكل أفضل، من أجل السيطرة على السكان في ظل نظام الفصل العنصري.
يعتبر "الفيلم عمل فدائي" مواجهة النص الصهيوني الطامس للحقائق فعل مقاومة، مُضمّنًا فكرة اللهب المتحرك في تعبير رافض لتلك الرقابة، فتظهر الحرائق المتذبذبة رقميًا على المشاهد، وكأنه يقول بأن المحتل وغيره لم يكتف بالإبادة الجماعية في القرن الماضي، ولعل ما يحدث في غزة والضفة الغربية ولبنان بما في ذلك بيروت مجددًا، أكبر دليل على ذلك.
وصف الجعفري فيلمه هذا بأنه نهج "كاميرا المحرومين"، من خلال استعادة الصور المفقودة وذكريات الحياة في فلسطين، لافتًا إلى أن "الفيلم عمل فدائي" عمد إلى إخراج المواد الأرشيفية المستخدمة من سياقها كشكل من أشكال التحرر الفني والسياسي، بحيث يتماهى شكل الفيلم وروح عنوانه، خاصة أن الترجمة العربية لكلمة فدائي تعني "الشخص الذي يكرس حياته لقضية ما".
وكان المخرج الجعفري قال في حوار نشره موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية في عام 2022، إنه يرى أن الفيلم هو فعل "إعادة"، وليس فعل "استعادة" فقط، أي أنه إعادة حق مستلب منا نحن الفلسطينيين.
ونظرًا لطبيعة الإخراج في "الفيلم عمل فدائي"، فإنه من المتوقع أن يجد احتفاءً أكبر لدى النخبة من صنّاع السينما والنقاد والأكاديميين، بحيث قد يتم اعتماده نموذجًا لتعليم شكل مغاير للتعاطي مع المواد الأرشيفية بصريًا، خاصة أنه، وفي هذا الفيلم، تتحد الصور القوية، ومزيج الصوت الذكي، والرسوم المتحركة الانتقامية، إن جاز التعبير، بدون إغفال لا كلاسيكية النهج التي قد تقود إلى تنفير جمهور المهرجانات السينمائية غير المتخصص، بحيث يشعرون أنه يقدم معانيَ هلامية، وأنه يزجهم في معركة تأويل قد تفوق قدرات الكثير منهم، خاصة أنه تجاوز فكرة الصورة إلى تأثيرها، عبر طريقة خاصة في عرض المشاهد التي هي ليست بمشاهد بقدر ما هي محض لقطات، شكل تجميعها فيلمًا مهمًا حول النضال الفلسطيني المتواصل لجهة التحرر والاستقلال من احتلال يسعى إلى محوه فسيولوجيًا كما سعى ولا يزال إلى محو ذاكرته، وكل ما يمكن أن يربطه بوطنه السليب. ومن يتابع أعمال الجعفري يكتشف أنّ له طريقته الخاصة في تقديم سينماه، فهو "مخرج أفلام يتمتع بإبداع هائل مع لمسة تخريبية خاصة لكاميرته"، كما وصفه حميد دباشي، الناقد والمؤرخ والفيلسوف الثقافي الإيراني الأميركي، مضيفًا بأنه يمتلك "رؤية تأليفية متميزة ليس فقط عن وطنه، ولكن أيضًا فيما يتعلق بحرفة صناعة الأفلام".
ويخوض الجعفري، في هذا الفيلم، كما في الكثير من أفلامه السابقة، تمردًا سينمائيًا ضد تاريخ كامل من الحرمان البصري، في محاولة لمواجهة سرقة إسرائيلية تتواصل بهدف حرمان الفلسطينيين من القدرة على رواية قصصهم، فقد سرقت إسرائيل الأرشيف الفلسطيني، وأخفته، وجعلته، في غالبية الحالات، متاحًا للإسرائيليين فقط، لذا فإن الفيلم المقاوم لهذا المحو المتعمد يعتبر فعلًا نضاليًا، أو فدائيًا كما وصفه، ومغامرة فنية جديدة في التصدي لقمع مصادرة الذاكرة الفلسطينية ومحاولات محوها ومحوه، علاوة على التصدي لمحاولات سلطات الاحتلال بالسيطرة على الرواية التاريخية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكثر من ذلك.
وفي ذات الإطار التجريبي أو التخريبي بمفهومه الإبداعي، تكون النهاية حوارًا على شكل رسالة مكتوبة تسير على الشاشة كأسماء المشاركين في صناعة الفيلم، يجمع الجعفري وآخر مجهولًا، ولا يبتعد عن أجواء الفيلم، بحيث يخبره شخص ما بأنه عثر على أرشيف قديم للغاية واختفى، وأنه يحوي مواد كثيرة في "دوسيهات"، عثر عليها في محل مهجور واختفى، ويشتمل على وثائق تتعلق بمنازل وأراضٍ و"كل شيء"، ثم ينشغلان، ويتفقان على معاودة الاتصال، ويبدو أن كمال لا يزال بانتظار المكالمة، بعد أن ختمها بقوله: "أوكي، يلا باي"!
يوسف الشايب
سينما
يقارن الجعفري الدعاية الصهيونية مع مشاهد قبل النكبة
شارك هذا المقال
حجم الخط
اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي بيروت في صيف 1982... في ذلك الوقت، اقتحم الجيش مركز الأبحاث الفلسطيني في العاصمة اللبنانية، ونهب أرشيفه برمّته... اشتمل الأرشيف على وثائق تاريخية عن فلسطين، بما في ذلك صور ثابتة ومتحركة، وانطلاقًا من هذا الحدث، يستكشف "الفيلم عمل فدائي" للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري، الصورة البصرية لهذا النهب، ويوظّف صورًا وفيديوهات موجودة حاليًا، وتمكّن من انتزاعها بطريقة ما من الأرشيف الإسرائيلي، ليشكّل فيلمه المغاير لتجاربه السابقة من جهة، وللسينما المتكئة على المواد الأرشيفية فلسطينيًا وعالميًا، وهو الفيلم الذي عُرض، أخيرًا، في رام الله، ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان أيام فلسطين السينمائية الدولي.
فيلم الجعفري، ويحتاج إلى أكثر من مشاهدة وإلى التعمق فيما وراء الصور والفيديوهات وطريقة تكبيرها، مقدمًا الحكاية الفلسطينية على طريقته، يكشف عن نهب تاريخ السكان الأصلانيين من خلال تجميعه للمواد الأرشيفية، وهم في هذه الحالة الشعب الفلسطيني، مستعينًا بأصدقاء من جنسيات مختلفة للحصول على مشاهد تم تسريبها أو تهريبها، وفي حال أخرى إنقاذ مواد أرشيفية بصرية كانت سُرقت من مركز الأبحاث، علاوة على أخرى نادرة وثّقت النكبة وما سبقها.
في "الفيلم عمل فدائي" يقارن الجعفري في منتجه السينمائي الوثائقي الدعاية الصهيونية مع مشاهد تعود إلى ما قبل نكبة عام 1948، والتي قامت إثرها "دولة إسرائيل"، على أنقاض الفلسطينيين وأراضيهم ومنازلهم وحيواتهم وميتاتهم وذاكراتهم، بعد العديد من المجازر وغيرها من العمليات الإرهابية للعصابات الصهيونية، ما دفع الكثير منهم إلى الهجرة غير الطوعية، فكان فعل تهجير قسري عنيف للغاية، وقتها.
وكان لافتًا تقديم اللقطات بدون سياق محدّد، حيث يتجنب الجعفري التقاليد الاعتياديّة لسرد القصص، في حين كان التسلسل الزمني للمشاهد متقطعًا، ويتناوب بين حقب زمنية مختلفة من التاريخ الفلسطيني.
وبمرافقة الصور المعالجة في بعضها، عمل مصمما الصوت أتيلا فارافيلي ويوخن جيسوسيك رفقة التحرير الحركي الذي قام به الجعفري ويانيغ ويلمان، بحيث يمزج الفيلم ما بين الأصوات المحيطة المترددة والمؤثرات المزعجة المصاحبة للصور، اتكاءً على مشهد صوتي غير منتظم وغير متوقع، مكرسًا فكرة أن يلهث الفيلم الوثائقي في مساحات شاسعة غير متزامنة وغير متزامنة، لجهة إحداث تأثير مثير للقلق، فبدلًا من الاعتماد على المقابلات الحوارية والتعليقات الصوتية، يركز الجعفري على الكتابة المقتبسة للروائي الشهيد غسان كنفاني وغيره، معتمدًا على نصوص حميمية، ومؤثرة، يعبر عبرها كما الفيلم برمّته عن خطورة الاحتلال.
ويمكن القول إن الجعفري في عمله السينمائي "الفيلم عمل فدائي" يعمد إلى مواجهة الأرشيف الإسرائيلي من داخله، وليس ذلك فحسب بل إنه يعمل على استعادة التاريخ المسروق من خلال الاستيلاء على ما فقده أجداده الفلسطينيون مجددًا، بحيث يشكل الفيلم انتقامًا فنيًا من الرقابة الإسرائيلية، عبر الرسم على الصور الثابتة والمتحركة وأحيانًا على النصوص الأرشيفية، بحيث عمد إلى حذف الأشخاص والمناظر الطبيعية والدعاية من الصورة بعلامات حمراء زاهية.
من أجل السياق، في أعقاب مذبحة بيروت، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بلصق تعليقات مهينة على الأفلام الأرشيفية لأغراض التحقيق، واستخدمت الوثائق الأنثروبولوجية لدراسة وقمع الحركات الفلسطينية، وكان هدف الجيش فهم تقاليد الفلسطينيين بشكل أفضل، من أجل السيطرة على السكان في ظل نظام الفصل العنصري.
"يعتبر "الفيلم عمل فدائي" مواجهة النص الصهيوني الطامس للحقائق فعل مقاومة، مُضمّنًا فكرة اللهب المتحرك في تعبير رافض لتلك الرقابة" |
يعتبر "الفيلم عمل فدائي" مواجهة النص الصهيوني الطامس للحقائق فعل مقاومة، مُضمّنًا فكرة اللهب المتحرك في تعبير رافض لتلك الرقابة، فتظهر الحرائق المتذبذبة رقميًا على المشاهد، وكأنه يقول بأن المحتل وغيره لم يكتف بالإبادة الجماعية في القرن الماضي، ولعل ما يحدث في غزة والضفة الغربية ولبنان بما في ذلك بيروت مجددًا، أكبر دليل على ذلك.
وصف الجعفري فيلمه هذا بأنه نهج "كاميرا المحرومين"، من خلال استعادة الصور المفقودة وذكريات الحياة في فلسطين، لافتًا إلى أن "الفيلم عمل فدائي" عمد إلى إخراج المواد الأرشيفية المستخدمة من سياقها كشكل من أشكال التحرر الفني والسياسي، بحيث يتماهى شكل الفيلم وروح عنوانه، خاصة أن الترجمة العربية لكلمة فدائي تعني "الشخص الذي يكرس حياته لقضية ما".
وكان المخرج الجعفري قال في حوار نشره موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية في عام 2022، إنه يرى أن الفيلم هو فعل "إعادة"، وليس فعل "استعادة" فقط، أي أنه إعادة حق مستلب منا نحن الفلسطينيين.
ونظرًا لطبيعة الإخراج في "الفيلم عمل فدائي"، فإنه من المتوقع أن يجد احتفاءً أكبر لدى النخبة من صنّاع السينما والنقاد والأكاديميين، بحيث قد يتم اعتماده نموذجًا لتعليم شكل مغاير للتعاطي مع المواد الأرشيفية بصريًا، خاصة أنه، وفي هذا الفيلم، تتحد الصور القوية، ومزيج الصوت الذكي، والرسوم المتحركة الانتقامية، إن جاز التعبير، بدون إغفال لا كلاسيكية النهج التي قد تقود إلى تنفير جمهور المهرجانات السينمائية غير المتخصص، بحيث يشعرون أنه يقدم معانيَ هلامية، وأنه يزجهم في معركة تأويل قد تفوق قدرات الكثير منهم، خاصة أنه تجاوز فكرة الصورة إلى تأثيرها، عبر طريقة خاصة في عرض المشاهد التي هي ليست بمشاهد بقدر ما هي محض لقطات، شكل تجميعها فيلمًا مهمًا حول النضال الفلسطيني المتواصل لجهة التحرر والاستقلال من احتلال يسعى إلى محوه فسيولوجيًا كما سعى ولا يزال إلى محو ذاكرته، وكل ما يمكن أن يربطه بوطنه السليب. ومن يتابع أعمال الجعفري يكتشف أنّ له طريقته الخاصة في تقديم سينماه، فهو "مخرج أفلام يتمتع بإبداع هائل مع لمسة تخريبية خاصة لكاميرته"، كما وصفه حميد دباشي، الناقد والمؤرخ والفيلسوف الثقافي الإيراني الأميركي، مضيفًا بأنه يمتلك "رؤية تأليفية متميزة ليس فقط عن وطنه، ولكن أيضًا فيما يتعلق بحرفة صناعة الأفلام".
ويخوض الجعفري، في هذا الفيلم، كما في الكثير من أفلامه السابقة، تمردًا سينمائيًا ضد تاريخ كامل من الحرمان البصري، في محاولة لمواجهة سرقة إسرائيلية تتواصل بهدف حرمان الفلسطينيين من القدرة على رواية قصصهم، فقد سرقت إسرائيل الأرشيف الفلسطيني، وأخفته، وجعلته، في غالبية الحالات، متاحًا للإسرائيليين فقط، لذا فإن الفيلم المقاوم لهذا المحو المتعمد يعتبر فعلًا نضاليًا، أو فدائيًا كما وصفه، ومغامرة فنية جديدة في التصدي لقمع مصادرة الذاكرة الفلسطينية ومحاولات محوها ومحوه، علاوة على التصدي لمحاولات سلطات الاحتلال بالسيطرة على الرواية التاريخية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكثر من ذلك.
وفي ذات الإطار التجريبي أو التخريبي بمفهومه الإبداعي، تكون النهاية حوارًا على شكل رسالة مكتوبة تسير على الشاشة كأسماء المشاركين في صناعة الفيلم، يجمع الجعفري وآخر مجهولًا، ولا يبتعد عن أجواء الفيلم، بحيث يخبره شخص ما بأنه عثر على أرشيف قديم للغاية واختفى، وأنه يحوي مواد كثيرة في "دوسيهات"، عثر عليها في محل مهجور واختفى، ويشتمل على وثائق تتعلق بمنازل وأراضٍ و"كل شيء"، ثم ينشغلان، ويتفقان على معاودة الاتصال، ويبدو أن كمال لا يزال بانتظار المكالمة، بعد أن ختمها بقوله: "أوكي، يلا باي"!