"العميل" نقلة نوعية في مسار الدراما المعربة
المواهب السورية في التمثيل والكتابة تضفي على المسلسلات المعربة لمسة فارقة.
الجمعة 2024/09/13
ShareWhatsAppTwitterFacebook
المواهب السورية تعزز شعبية الدراما المعربة
"العميل" هو أحدث إنتاجات الدراما التركية المعربة التي تستثمر النجاح الجماهيري الذي تحققه المسلسلات التركية الأصلية إلى جانب شهرة ممثلين وكتاب سوريين ولبنانيين، لتعيد تصوير المسلسلات مع إضفاء لمسة عربية تدعم سوق العمل في المجال الدرامي وتحقق الفائدة لكل المساهمين في ذلك.
منذ حوالي أربع سنوات، وبعد أن كانت المسلسلات التركية مقتصرة على الدوبلاج بأصوات ممثلين سوريين، حيث أصبحت هذه المسلسلات ثقافة بصرية راسخة لدى المشاهد العربي، بدأ شيء جديد يولد من الدراما التركية وهو الدراما التركية المعربة، حيث يتم تحويل قصة مسلسل تركي شهير إلى مسلسل عربي يستقي أحداثهُ من المجتمعات المحلية مع الحفاظ على الموسيقى التصويرية نفسها ومظاهر الطبيعة الساحرة التي تتمتع بها الجغرافيا التركية وفخامة المنازل وديكوراتها، رغم أن هذا الأمر يتناقض كثيرا مع واقع المجتمعات العربية التي تعاني ما تعانيه معيشيا واجتماعيا.
كانت بداية هذه الدراما مع مسلسل “عروس بيروت” اللبناني – السوري المشترك ولاحقا مسلسل “ستيلتو” وبعده “الثمن” و”كريستال”، ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هذه الدراما المعربة حصدت جماهيرية عربية كبيرة ونسب مشاهدات عالية ولاقت ترحيبا أكثر من المسلسلات التركية المدبلجة لأنها من بطولة نجوم سوريين ولبنانيين معروفين، رغم طول هذه المسلسلات من حيث عدد الحلقات والحوارات الكثيرة التي لا تغني العمل، إلى جانب الأجواء المترفة والعادات والتقاليد المتناقضة مع التقاليد العربية.
وكان آخر هذه الأعمال المعروضة مسلسل “لعبة حب” الذي حصد نجاحا جماهيريا كبيرا وحصد ممثلوه شهرة كبيرة، وعلى رأسهم الممثلة السورية نور علي، حيث اجتمعت في العمل نخبة من نجوم الدراما السورية الذين يعملون لأول مرة في هذه الدراما، مثل النجم أيمن رضا والفنانة شكران مرتجى اللذين شكلا في العمل ثنائية كوميدية مميزة.
بخبرة رامي كوسا وفادي حسين والفريق الذي شاركهما الكتابة والإخراج ظهر “العميل” بمثابة نقلة احترافية للدراما المعربة
ومنذ ما يقارب الأسبوعين بدأت منصة شاهد التابعة لشبكة قنوات “أم بي سي” السعودية بعرض المسلسل الجديد المعرب “العميل” المأخوذ عن المسلسل التركي “في الداخل”، من إخراج المخرج التركي بارباروس بيلجين وتأليف رامي كوسا وفادي حسين وعدة كتاب، وهو مسلسل سوري – لبناني من بطولة أيمن زيدان ويارا صبري وسامر إسماعيل وفادي صبيح ووسام الحاج وميا سعيد، وتدور أحداثه في قالب بوليسي مشوق.
يحكي العمل قصة النقيب في قوى الأمن الداخلي أمير ثابت (سامر إسماعيل) المولود لأب لبناني وأم سورية (يارا صبري) والذي يكتشف رئيسه في العمل العميد خليل إبراهيم (طلال الجردي) أنهُ يتعامل مع إحدى الجماعات التابعة لأحد أكبر زعماء المافيا في البلاد اللحام ملحم شديد (أيمن زيدان).
يطلبه إلى مكتبه ويأمره بأن يوقع على طلب تسريحه، الأمر الذي يصيب أمير بالصدمة ويعتبره ظلما وافتراء غير مقبول، لكن العميد خليل يصر على طلبه وخصوصا أن أمير ابن فواز ثابت الذي كان أحد رجال ملحم شديد المخلصين وصاحب سجل إجرامي حافل بالقتل وتهريب المخدرات، الأمر الذي لم تعرفهُ عائلته -التي كانت تعتقد أنه سائق شاحنة- إلا لحظة إلقاء الأمن القبض عليه في منزله أمام ولديه وزوجته ميادة (يارا صبري) التي تصاب بالصدمة هي وولداها الصغيران أمير وغسان الذي يتم خطفهُ لاحقا على يد حيان (أيمن رضا) الرجل الشرير الذي يدير عصابة لعمالة الأطفال واستغلالهم.
يصبح غسان أحد الأطفال الذين يرسلهم حيان إلى التسول. ويتذكر عندما يكبر ويصبح ضابطا في الأمن مع أمير واسمه وسام لحظات العذاب التي قضاها على يد أعوان حيان. وبعد أن قطعت ميادة الأمل في إيجاد ابنها المخطوف غسان، تأخذ ابنها المتبقي أمير وتذهب إلى سوريا ولا تعود إلى لبنان إلا عندما يكبر حيث تفتتح هي مطعما لها في بيروت وتسميه “بيت ميادة”، وينتسب أمير إلى الكلية الحربية ويصبح ضابطا. بعد تخرجه يتم فرزه إلى قوى الأمن الداخلي حيث يبقى فيها حتى اللحظة التي يجبره فيها رئيسه في العمل على التوقيع على طلب تسريحه، وهو ما يثير حنقه وغضبه.
ينتظر أمير اللحظة المناسبة للانتقام من العميد خليل، وتكون هذه اللحظة أثناء تكريم الضباط في الاحتفال الذي تقيمه المديرية بعد مرور أسبوع على تسريح أمير التعسفي الذي تتواجد فيه أمه وصديقته المقربة الصحافية نور(ميا سعيد). وأثناء إلقاء العميد كلمته في الاحتفال يقوم أمير بالهجوم عليه وإشهار المسدس في وجهه محاولا قتله انتقاما منه على فعلته وتدمير مستقبله لكن تدخل والدته ونور في الوقت المناسب يحول دون وقوع ذلك، ويضطر إلى الاستسلام للجنود الحاضرين، ما يخفف من حكمه، حيث يقبع في السجن لمدة عام.
بشكل عام يشعر مشاهد المسلسل بأن إسناد الشخصيات إلى الممثلين كان موفقا، وهو ما عزز جودة العمل
خلال هذه المدة يتعرف أمير على وسوف (فادي صبيح) اليد اليمنى لملحم شديد الذي يحاول إخراجه من السجن بعد أن قابلته والدته التي تعتبر أنه سبب دمار حياتها وخسارة زوجها وأبنائها، فيرسل ملحم ابنته المحامية خولة (رشا بلال)، لكن أمير يرفض المساعدة التي تأتي عن طريق ملحم، الأمر الذي يزعج الأخير كثيرا فيقرر تأديبه داخل السجن ويرسل إليه ثلاثة جنود للاعتداء عليه أثناء وجوده داخل حمام السجن هو ووسوف لكن أمير يبرحهم ضربا ويستعيد بلحظة شخصية الضابط الشجاع المدرب على كل أنواع القتال، الأمر الذي يدهش وسوف فيعجب بشجاعة أمير الكبيرة ويقرر تقريبه منه ويصبح صديقه الوحيد في السجن.
بعد انتهاء محكوميته وخروجه من السجن يجذب وسوف أمير إليه للعمل معه مستغلا خلافه مع والدته التي اعترضت على علاقته بولدها، خاصة أنها تعرف ماضيه جيدا، فقد كان صديق زوجها المقرب ويعملان معًا لحساب ملحم شديد الذي يعجب لاحقا بشجاعة أمير بعد إنقاذه حياة ابنته خولة -التي تبدأ في تبادل الإعجاب مع أمير- بعد أن كانوا سيقتلون في كمين أعده لهم أحد منافسي وسوف في السوق.
من هنا تكبر حظوة أمير عند الزعيم ملحم، ويقرر استقطابه، الأمر الذي لن يكون سهلا عليه بسبب عناد أمير ورفضه بادئ الأمر، وتبدأ الأحداث بالتصاعد ويزداد التشويق.
أدى الممثل سامر إسماعيل دور أمير باحترافية حيث تقمص دور الضابط الذي تعرض للظلم على يد رئيسه، موظفا انفعالاته في مكانها، وهو الذي أدى سابقا شخصية “شاهين الدباغ” في مسلسل “ولاد بديعة” في رمضان الفائت بتميز؛ حيث اجتمع من جديد مع الممثل فادي صبيح الذي أدى دور والده “عارف الدباغ” في المسلسل نفسه، فكان التناغم واضحا بين الممثلين في العملين. كما كان للفنان القدير أيمن زيدان حضور مميز، فكان اللحام وصاحب المطعم وزعيم المافيا الذي لا يرحم من يخطئ معه في الوقت نفسه، فأوصل إلى المشاهد كل هذه التناقضات التي تمتلكها هذه الشخصية المركبة التي أعادت له بريقا سابقا كان يمتلكهُ ووضعته في مكانه الصحيح من جديد.
أما الفنانة يارا صبري -التي أدت دور ميادة والدة أمير- فكان التوتر والارتباك ظاهرين عليها وبعض الافتعال الذي أفقد الشخصية مصداقيتها رغم ظهورها بشخصية الأم القوية الصامدة والحنون في الوقت نفسه، وقد يكون مرد ذلك انقطاعها لوقت طويل عن التمثيل.
وجاء أداء الممثل اللبناني وسام الحاج متقنا ومتميزا، وبشكل عام يشعر مشاهد المسلسل بأن إسناد الشخصيات إلى الممثلين كان موفقا، الأمر الذي عزز جودة العمل.
وجاء نص العمل الدرامي الذي قام بإعداده الكاتبان رامي كوسا وفادي حسين وعدة كتاب آخرين متقنا، فهما صاحبا خبرة في هذه الأعمال التي تتخذ طابعا بوليسيا وخصوصا فادي حسين الذي عرض له في رمضان الفائت مسلسلان يحملان طابعا تشويقيا وبوليسيا هما “وصايا الصبار” و”نقطة انتهى”، الأول مقتبس عن مسرحية “ماكبث” للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير، حيث قدما نوعا جديدا في دراما التشويق والجريمة ذات المنشأ السيكولوجي لم يسبقهما إليه أحد.
كما أن الكاتب رامي كوسا صاحب خبرة في الأعمال الاجتماعية والأعمال السورية – اللبنانية، حيث عرض له منذ عامين مسلسل “النار بالنار” المقتبس عن مسرحية “تاجر البندقية” لشكسبير أيضا، والذي لاقى نجاحا كبيرا وكان بمثابة نقلة نوعية في الدراما السورية – اللبنانية ووضعتها على الطريق الصحيح.
وبخبرة هذين الكاتبين -كوسا وحسين- وجهود الفريق الذي شاركهما في إعداد وكتابة مسلسل “العميل”، ظهر المسلسل بأفضل صورة من حيث القصة والبناء والشخصيات، ولا ننسى الإخراج المميز والصورة الجميلة التي ظهر فيها العمل فكان بمثابة نقلة نوعية احترافية للدراما المعربة.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
إلياس حموي
كاتب سوري
المواهب السورية في التمثيل والكتابة تضفي على المسلسلات المعربة لمسة فارقة.
الجمعة 2024/09/13
ShareWhatsAppTwitterFacebook
المواهب السورية تعزز شعبية الدراما المعربة
"العميل" هو أحدث إنتاجات الدراما التركية المعربة التي تستثمر النجاح الجماهيري الذي تحققه المسلسلات التركية الأصلية إلى جانب شهرة ممثلين وكتاب سوريين ولبنانيين، لتعيد تصوير المسلسلات مع إضفاء لمسة عربية تدعم سوق العمل في المجال الدرامي وتحقق الفائدة لكل المساهمين في ذلك.
منذ حوالي أربع سنوات، وبعد أن كانت المسلسلات التركية مقتصرة على الدوبلاج بأصوات ممثلين سوريين، حيث أصبحت هذه المسلسلات ثقافة بصرية راسخة لدى المشاهد العربي، بدأ شيء جديد يولد من الدراما التركية وهو الدراما التركية المعربة، حيث يتم تحويل قصة مسلسل تركي شهير إلى مسلسل عربي يستقي أحداثهُ من المجتمعات المحلية مع الحفاظ على الموسيقى التصويرية نفسها ومظاهر الطبيعة الساحرة التي تتمتع بها الجغرافيا التركية وفخامة المنازل وديكوراتها، رغم أن هذا الأمر يتناقض كثيرا مع واقع المجتمعات العربية التي تعاني ما تعانيه معيشيا واجتماعيا.
كانت بداية هذه الدراما مع مسلسل “عروس بيروت” اللبناني – السوري المشترك ولاحقا مسلسل “ستيلتو” وبعده “الثمن” و”كريستال”، ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هذه الدراما المعربة حصدت جماهيرية عربية كبيرة ونسب مشاهدات عالية ولاقت ترحيبا أكثر من المسلسلات التركية المدبلجة لأنها من بطولة نجوم سوريين ولبنانيين معروفين، رغم طول هذه المسلسلات من حيث عدد الحلقات والحوارات الكثيرة التي لا تغني العمل، إلى جانب الأجواء المترفة والعادات والتقاليد المتناقضة مع التقاليد العربية.
وكان آخر هذه الأعمال المعروضة مسلسل “لعبة حب” الذي حصد نجاحا جماهيريا كبيرا وحصد ممثلوه شهرة كبيرة، وعلى رأسهم الممثلة السورية نور علي، حيث اجتمعت في العمل نخبة من نجوم الدراما السورية الذين يعملون لأول مرة في هذه الدراما، مثل النجم أيمن رضا والفنانة شكران مرتجى اللذين شكلا في العمل ثنائية كوميدية مميزة.
بخبرة رامي كوسا وفادي حسين والفريق الذي شاركهما الكتابة والإخراج ظهر “العميل” بمثابة نقلة احترافية للدراما المعربة
ومنذ ما يقارب الأسبوعين بدأت منصة شاهد التابعة لشبكة قنوات “أم بي سي” السعودية بعرض المسلسل الجديد المعرب “العميل” المأخوذ عن المسلسل التركي “في الداخل”، من إخراج المخرج التركي بارباروس بيلجين وتأليف رامي كوسا وفادي حسين وعدة كتاب، وهو مسلسل سوري – لبناني من بطولة أيمن زيدان ويارا صبري وسامر إسماعيل وفادي صبيح ووسام الحاج وميا سعيد، وتدور أحداثه في قالب بوليسي مشوق.
يحكي العمل قصة النقيب في قوى الأمن الداخلي أمير ثابت (سامر إسماعيل) المولود لأب لبناني وأم سورية (يارا صبري) والذي يكتشف رئيسه في العمل العميد خليل إبراهيم (طلال الجردي) أنهُ يتعامل مع إحدى الجماعات التابعة لأحد أكبر زعماء المافيا في البلاد اللحام ملحم شديد (أيمن زيدان).
يطلبه إلى مكتبه ويأمره بأن يوقع على طلب تسريحه، الأمر الذي يصيب أمير بالصدمة ويعتبره ظلما وافتراء غير مقبول، لكن العميد خليل يصر على طلبه وخصوصا أن أمير ابن فواز ثابت الذي كان أحد رجال ملحم شديد المخلصين وصاحب سجل إجرامي حافل بالقتل وتهريب المخدرات، الأمر الذي لم تعرفهُ عائلته -التي كانت تعتقد أنه سائق شاحنة- إلا لحظة إلقاء الأمن القبض عليه في منزله أمام ولديه وزوجته ميادة (يارا صبري) التي تصاب بالصدمة هي وولداها الصغيران أمير وغسان الذي يتم خطفهُ لاحقا على يد حيان (أيمن رضا) الرجل الشرير الذي يدير عصابة لعمالة الأطفال واستغلالهم.
يصبح غسان أحد الأطفال الذين يرسلهم حيان إلى التسول. ويتذكر عندما يكبر ويصبح ضابطا في الأمن مع أمير واسمه وسام لحظات العذاب التي قضاها على يد أعوان حيان. وبعد أن قطعت ميادة الأمل في إيجاد ابنها المخطوف غسان، تأخذ ابنها المتبقي أمير وتذهب إلى سوريا ولا تعود إلى لبنان إلا عندما يكبر حيث تفتتح هي مطعما لها في بيروت وتسميه “بيت ميادة”، وينتسب أمير إلى الكلية الحربية ويصبح ضابطا. بعد تخرجه يتم فرزه إلى قوى الأمن الداخلي حيث يبقى فيها حتى اللحظة التي يجبره فيها رئيسه في العمل على التوقيع على طلب تسريحه، وهو ما يثير حنقه وغضبه.
ينتظر أمير اللحظة المناسبة للانتقام من العميد خليل، وتكون هذه اللحظة أثناء تكريم الضباط في الاحتفال الذي تقيمه المديرية بعد مرور أسبوع على تسريح أمير التعسفي الذي تتواجد فيه أمه وصديقته المقربة الصحافية نور(ميا سعيد). وأثناء إلقاء العميد كلمته في الاحتفال يقوم أمير بالهجوم عليه وإشهار المسدس في وجهه محاولا قتله انتقاما منه على فعلته وتدمير مستقبله لكن تدخل والدته ونور في الوقت المناسب يحول دون وقوع ذلك، ويضطر إلى الاستسلام للجنود الحاضرين، ما يخفف من حكمه، حيث يقبع في السجن لمدة عام.
بشكل عام يشعر مشاهد المسلسل بأن إسناد الشخصيات إلى الممثلين كان موفقا، وهو ما عزز جودة العمل
خلال هذه المدة يتعرف أمير على وسوف (فادي صبيح) اليد اليمنى لملحم شديد الذي يحاول إخراجه من السجن بعد أن قابلته والدته التي تعتبر أنه سبب دمار حياتها وخسارة زوجها وأبنائها، فيرسل ملحم ابنته المحامية خولة (رشا بلال)، لكن أمير يرفض المساعدة التي تأتي عن طريق ملحم، الأمر الذي يزعج الأخير كثيرا فيقرر تأديبه داخل السجن ويرسل إليه ثلاثة جنود للاعتداء عليه أثناء وجوده داخل حمام السجن هو ووسوف لكن أمير يبرحهم ضربا ويستعيد بلحظة شخصية الضابط الشجاع المدرب على كل أنواع القتال، الأمر الذي يدهش وسوف فيعجب بشجاعة أمير الكبيرة ويقرر تقريبه منه ويصبح صديقه الوحيد في السجن.
بعد انتهاء محكوميته وخروجه من السجن يجذب وسوف أمير إليه للعمل معه مستغلا خلافه مع والدته التي اعترضت على علاقته بولدها، خاصة أنها تعرف ماضيه جيدا، فقد كان صديق زوجها المقرب ويعملان معًا لحساب ملحم شديد الذي يعجب لاحقا بشجاعة أمير بعد إنقاذه حياة ابنته خولة -التي تبدأ في تبادل الإعجاب مع أمير- بعد أن كانوا سيقتلون في كمين أعده لهم أحد منافسي وسوف في السوق.
من هنا تكبر حظوة أمير عند الزعيم ملحم، ويقرر استقطابه، الأمر الذي لن يكون سهلا عليه بسبب عناد أمير ورفضه بادئ الأمر، وتبدأ الأحداث بالتصاعد ويزداد التشويق.
أدى الممثل سامر إسماعيل دور أمير باحترافية حيث تقمص دور الضابط الذي تعرض للظلم على يد رئيسه، موظفا انفعالاته في مكانها، وهو الذي أدى سابقا شخصية “شاهين الدباغ” في مسلسل “ولاد بديعة” في رمضان الفائت بتميز؛ حيث اجتمع من جديد مع الممثل فادي صبيح الذي أدى دور والده “عارف الدباغ” في المسلسل نفسه، فكان التناغم واضحا بين الممثلين في العملين. كما كان للفنان القدير أيمن زيدان حضور مميز، فكان اللحام وصاحب المطعم وزعيم المافيا الذي لا يرحم من يخطئ معه في الوقت نفسه، فأوصل إلى المشاهد كل هذه التناقضات التي تمتلكها هذه الشخصية المركبة التي أعادت له بريقا سابقا كان يمتلكهُ ووضعته في مكانه الصحيح من جديد.
أما الفنانة يارا صبري -التي أدت دور ميادة والدة أمير- فكان التوتر والارتباك ظاهرين عليها وبعض الافتعال الذي أفقد الشخصية مصداقيتها رغم ظهورها بشخصية الأم القوية الصامدة والحنون في الوقت نفسه، وقد يكون مرد ذلك انقطاعها لوقت طويل عن التمثيل.
وجاء أداء الممثل اللبناني وسام الحاج متقنا ومتميزا، وبشكل عام يشعر مشاهد المسلسل بأن إسناد الشخصيات إلى الممثلين كان موفقا، الأمر الذي عزز جودة العمل.
وجاء نص العمل الدرامي الذي قام بإعداده الكاتبان رامي كوسا وفادي حسين وعدة كتاب آخرين متقنا، فهما صاحبا خبرة في هذه الأعمال التي تتخذ طابعا بوليسيا وخصوصا فادي حسين الذي عرض له في رمضان الفائت مسلسلان يحملان طابعا تشويقيا وبوليسيا هما “وصايا الصبار” و”نقطة انتهى”، الأول مقتبس عن مسرحية “ماكبث” للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير، حيث قدما نوعا جديدا في دراما التشويق والجريمة ذات المنشأ السيكولوجي لم يسبقهما إليه أحد.
كما أن الكاتب رامي كوسا صاحب خبرة في الأعمال الاجتماعية والأعمال السورية – اللبنانية، حيث عرض له منذ عامين مسلسل “النار بالنار” المقتبس عن مسرحية “تاجر البندقية” لشكسبير أيضا، والذي لاقى نجاحا كبيرا وكان بمثابة نقلة نوعية في الدراما السورية – اللبنانية ووضعتها على الطريق الصحيح.
وبخبرة هذين الكاتبين -كوسا وحسين- وجهود الفريق الذي شاركهما في إعداد وكتابة مسلسل “العميل”، ظهر المسلسل بأفضل صورة من حيث القصة والبناء والشخصيات، ولا ننسى الإخراج المميز والصورة الجميلة التي ظهر فيها العمل فكان بمثابة نقلة نوعية احترافية للدراما المعربة.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
إلياس حموي
كاتب سوري