دراسة الشمس
علم الشمس القديم:
كان القدماء يعتـقدون أن الأرض مسطحة، وأن الشمس إله. وفي القرن الخامس قبل الميلاد، جاء الفيلسوف الإغريقي أناكسجوراس ليقول إن الشمس لابد أن تكون جسماً كبيراً قطره 56كم، وعلى مسافة بعيدة عن الأرض. وخالف بذلك المعتقدات الدينية في زمانه، مما عرضه للمتاعب التي انتهت بنفيه من أثينا.
وفي عام 150م أعلن الفلكي الإسكندري بطليموس أن الأرض جسم ثابت في مركز الكون، وأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تدور حولها.
بحث علماء الفلك المسلمون والعرب في حساب إهليليجية الشمس، وتوصلوا إلى تقديرات قريبة جدًا من تقديرات العلم الحديث فيما يختص ببعد الشمس عن مركز الأرض، كما ضبط الفلكيون العرب حركة أوجالشمس وتداخل فلكها في أفلاك أخرى نحو عام 290هـ، 902م. وتنسب إلى الزرقالي (ت 493هـ، 1099م) أدق درجة عرفت في زمانه لحركة أوج الشمس بالنسبة إلى النجوم، وقد بلغ مقدارها إذ ذاك 12,04 دقيقة بينما مقدارها الحالي 12,08 دقيقة. وتوصل ابن رشد (ت 595هـ، 1198م) بالحساب الفلكي إلى وقت عبور عطارد على قرص الشمس، ولما رصده وجده بمثابة بقعة سوداء على قرص الشمس في الوقت الذي تنبأ به تمامًا. كما كان ابن رشد أول من كتب عن كلف الشمس. ★ تَصَفح: العلوم عند العرب والمسلمين (الفلك).
ولم تتضح معرفة العلاقة بين الأرض والشمس إلا في أوائل القرن السادس عشر الميلادي. ففي عام 1543م، بيَّن الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية. وقال إن الأرض والكواكب تدور حول الشمس.
وعلى مر الزمن أيقن الفلكيون أن الشمس ماهي إلا واحدة من النجوم، وبدأوا في دراستها دراسة علمية. ففي عام 1904م، أنشأ الفلكي الأمريكي جورج إليري هيل مرصد ماونت ولسون بأمريكا بالقرب من باسادينا بكاليفورنيا، الذي اشتمل على أجهزة لدراسة الشمس. وكان على يقين بأنه عن طريق دراسة الشمس، يمكن للعلماء معرفة كثير من المعلومات عن النجوم الأخرى. وأصبحت كلمة الفيزياء الفلكية ترمز إلى دراسة الأجرام السماوية استناداً إلى الوسائل الفيزيائية.
الدراسات الشمسية الحديثة:
تستقبل الأرض، من الشمس، ضوءًا أكثر مما تستقبله من بقية النجوم. ولكي يتمكن الفلكيون من دراسة الضوء باستفاضة كافية، صممت أجهزة التلسكوب الشمسية بحيث تجعل الصورة الضوئية منتشرة إلى أكبر قدر ممكن. ففي مرصد كيت بيك الوطني بالقرب من توسون بأريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن الحصول على صورة للشمس قطرها 75سم. ورغم ذلك فإن الاضطرابات التي تحدث في جو الأرض تضع حداً لرؤية التفاصيل الدقيقة على سطح الشمس. فليس من المستطاع رؤية تفاصيل يقل قطرها عن 800كم فوق الشمس بوضوح. وهناك مراصد شمسية مماثلة أخرى، منها مرصد ساكرمنتو بيك بالقرب من ألماجوردو، بولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية، ومرصد بيك دو ميدي في جبال البرانس بفرنسا، ومرصد المعهد الفلكي التابع لجامعة هاواي في هاليكالا على جزيرة ماوي.
ويستخدم الفلكيون مطيافاً شمسياً لتحليل طيف الشمس. ويعمل المطياف على تفريق ألوان الطيف، ليتمكن الراصد من دراسة ضوء الشمس.
وهناك جهاز يسمى الكوروناجراف يستخدم خصيصاً في الدارسات الشمسية، يمكن بوساطته تصوير الإكليل الشمسي في أي وقت دون انتظار حدوث كسوف كلي للشمس. وهو أنبوبة يتوسطها قرص صمم خصيصاً ليحجب الضوء من الطبقة المرئية والطبقة الملونة من الشمس. وبهذه الطريقة يمكن للفلكيين القيام بدراسات عن كسوف مصطنع للشمس في أي وقت دون ما انتظار لحدوث كسوف حقيقي.
وليس في الإمكان دراسة ضوء الشمس من الأرض إلا في الموجات المرئية، والراديوية. أما الجزء الأكبر منه في غير هذه الموجات، فيمكن دراسته من الفضاء. ففي الستينيات من القرن العشرين بدأ العلماء في إرسال صواريخ، وأقمار صناعية، في برنامج المرصد الشمسي الدوار، ليتعرفوا على ماتشعه الشمس من الأشعة فوق البنفسجية. وكانت الصور التي أخذت من بالون طائر على ارتفاع كبير ضمن البرنامج المسمى مشروع الاستراتسكوب هي أفضل الصور التي أخذت لسطح الشمس. وقد حمل المعمل الفضائي المسمَّى سكايلاب والذي أطلق في 1973م، عددًا من التلسكوبات لقياس الإشعاع فوق البنفسجي والأشعة السينية الصادرة عن الشمس. وقد تمكن العلماء لأول مرة، من خلال هذه التلسكوبات من رؤية الثقوب الموجودة في الإكليل الشمسي.كما بينت التلسكوبات أن الإكليل الشمسي تتكيف حرارته وتتشكل وفقاً للمجالات المغنطيسية التي تحدث في باطن الشمس.
استخدم الفلكيون في الستينيات من القرن العشرين مسبارات (مجسات) فضائية (أقمار صناعية ترسل في الفضاء الخارجي) لدراسة الأشعة الكونية الشمسية، والرياح الشمسية. وقد وفرت سفينة الفضاء بايونير، التي تجولت إلى ما بعد الشمس، ورحلات مارينر إلى المريخ والزهرة، معلومات هامة عن هذه الخصائص الشمسية. كما تمكن ملاحو أبولو 11، وأبولو 12، في رحلاتهم إلى القمر، من أداء تجارب ساعدت العلماء على زيادة معرفتهم بالرياح الشمسية.
وفي السبعينيات من القرن العشرين، أدرك الفلكيون أن كثيراً من التحركات في جو الشمس تحدث على هيئة موجات. ويعتقدون أن هذه الموجات تنتج في منطقة الحمل بداخل الشمس. فالموجات التي تحدث في جو الشمس ماهي إلا صدى لما يحدث في التكوينات الداخلية للشمس. وأمكن عن طريق دراسة هذه الموجات فيما يعرف بدراسة الزلازل الشمسية معرفة مايحدث بداخل الشمس من ناحية التغيرات الحرارية، والتغيرات في الكثافة، والتركيب الكيميائي. كما أفادت هذه الدراسات الفلكيين في معرفة كيفية تغير معدل دوران الشمس تبعاً لتغير البعد عن سطح الشمس نحو الداخل.
وأطلقت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980م سفينة فضاء أطلق عليها البعثة الشمسية الكبرى، تبين من خلال أرصاده أن البقع الشمسية تقلل من كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى جو الأرض.
وفي عام 1990م، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية والولايات المتحدة المجس الشمسي يوليسيس من المكوك الفضائي الأمريكي ديسكفري نحو كوكب المشتري. غيّرت جاذبية المشتري مدار المجس وأرسلته صوب الشمس. حمل المدار الجديد يوليسيس فوق المناطق القطبية للشمس. وفي عام 1994م، أصبح يوليسيس أول مركبة فضائية ترصد الشمس من مدار قطبي. وفي عام 1996م، أرسلت الولايات المتحدة ووكالة الفضاء الأوروبية المركبة الفضائية المرصد الشمسي (SOHO) التي دارت في مدار حول خط الاستواء الشمسي. بدأ 12 جهازاً في هذه المركبة برصد الشمس.
علم الشمس القديم:
كان القدماء يعتـقدون أن الأرض مسطحة، وأن الشمس إله. وفي القرن الخامس قبل الميلاد، جاء الفيلسوف الإغريقي أناكسجوراس ليقول إن الشمس لابد أن تكون جسماً كبيراً قطره 56كم، وعلى مسافة بعيدة عن الأرض. وخالف بذلك المعتقدات الدينية في زمانه، مما عرضه للمتاعب التي انتهت بنفيه من أثينا.
وفي عام 150م أعلن الفلكي الإسكندري بطليموس أن الأرض جسم ثابت في مركز الكون، وأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تدور حولها.
بحث علماء الفلك المسلمون والعرب في حساب إهليليجية الشمس، وتوصلوا إلى تقديرات قريبة جدًا من تقديرات العلم الحديث فيما يختص ببعد الشمس عن مركز الأرض، كما ضبط الفلكيون العرب حركة أوجالشمس وتداخل فلكها في أفلاك أخرى نحو عام 290هـ، 902م. وتنسب إلى الزرقالي (ت 493هـ، 1099م) أدق درجة عرفت في زمانه لحركة أوج الشمس بالنسبة إلى النجوم، وقد بلغ مقدارها إذ ذاك 12,04 دقيقة بينما مقدارها الحالي 12,08 دقيقة. وتوصل ابن رشد (ت 595هـ، 1198م) بالحساب الفلكي إلى وقت عبور عطارد على قرص الشمس، ولما رصده وجده بمثابة بقعة سوداء على قرص الشمس في الوقت الذي تنبأ به تمامًا. كما كان ابن رشد أول من كتب عن كلف الشمس. ★ تَصَفح: العلوم عند العرب والمسلمين (الفلك).
ولم تتضح معرفة العلاقة بين الأرض والشمس إلا في أوائل القرن السادس عشر الميلادي. ففي عام 1543م، بيَّن الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية. وقال إن الأرض والكواكب تدور حول الشمس.
وعلى مر الزمن أيقن الفلكيون أن الشمس ماهي إلا واحدة من النجوم، وبدأوا في دراستها دراسة علمية. ففي عام 1904م، أنشأ الفلكي الأمريكي جورج إليري هيل مرصد ماونت ولسون بأمريكا بالقرب من باسادينا بكاليفورنيا، الذي اشتمل على أجهزة لدراسة الشمس. وكان على يقين بأنه عن طريق دراسة الشمس، يمكن للعلماء معرفة كثير من المعلومات عن النجوم الأخرى. وأصبحت كلمة الفيزياء الفلكية ترمز إلى دراسة الأجرام السماوية استناداً إلى الوسائل الفيزيائية.
صورة لانفجار شمسي هائل أخذت في سنة 1973م بوساطة محطة الفضاء الجوية المسماة سكايلاب أثناء دورانها في مدارها حول الأرض. وأوضحت الصورة أن غاز الهيليوم يمكنه أن يبقى متماسكًا إلى ارتفاعات تصل إلى 800,000كم. |
تلسكوب ماك ماث الشمسي يرتفع فوق مرصد كيت بيك القومي بالقرب من توسون، في أريزونا بالولايات المتحدة. ويرتفع حوالي ثلث عمود التلسكوب، الذي يبلغ طوله المائل 146م فوق الأرض. |
ضوء الشمس يُجمع بمرآة التلسكوب ماك ماث الهليوستاتية. |
تنساب أشعة الضوء هابطة في عمود التلسكوب إلى سلسلة من المرايا. فتعكس المرايا صورة الشمس إلى غرفة المراقبة التي تحت الأرض. |
تستقبل الأرض، من الشمس، ضوءًا أكثر مما تستقبله من بقية النجوم. ولكي يتمكن الفلكيون من دراسة الضوء باستفاضة كافية، صممت أجهزة التلسكوب الشمسية بحيث تجعل الصورة الضوئية منتشرة إلى أكبر قدر ممكن. ففي مرصد كيت بيك الوطني بالقرب من توسون بأريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن الحصول على صورة للشمس قطرها 75سم. ورغم ذلك فإن الاضطرابات التي تحدث في جو الأرض تضع حداً لرؤية التفاصيل الدقيقة على سطح الشمس. فليس من المستطاع رؤية تفاصيل يقل قطرها عن 800كم فوق الشمس بوضوح. وهناك مراصد شمسية مماثلة أخرى، منها مرصد ساكرمنتو بيك بالقرب من ألماجوردو، بولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية، ومرصد بيك دو ميدي في جبال البرانس بفرنسا، ومرصد المعهد الفلكي التابع لجامعة هاواي في هاليكالا على جزيرة ماوي.
ويستخدم الفلكيون مطيافاً شمسياً لتحليل طيف الشمس. ويعمل المطياف على تفريق ألوان الطيف، ليتمكن الراصد من دراسة ضوء الشمس.
وهناك جهاز يسمى الكوروناجراف يستخدم خصيصاً في الدارسات الشمسية، يمكن بوساطته تصوير الإكليل الشمسي في أي وقت دون انتظار حدوث كسوف كلي للشمس. وهو أنبوبة يتوسطها قرص صمم خصيصاً ليحجب الضوء من الطبقة المرئية والطبقة الملونة من الشمس. وبهذه الطريقة يمكن للفلكيين القيام بدراسات عن كسوف مصطنع للشمس في أي وقت دون ما انتظار لحدوث كسوف حقيقي.
وليس في الإمكان دراسة ضوء الشمس من الأرض إلا في الموجات المرئية، والراديوية. أما الجزء الأكبر منه في غير هذه الموجات، فيمكن دراسته من الفضاء. ففي الستينيات من القرن العشرين بدأ العلماء في إرسال صواريخ، وأقمار صناعية، في برنامج المرصد الشمسي الدوار، ليتعرفوا على ماتشعه الشمس من الأشعة فوق البنفسجية. وكانت الصور التي أخذت من بالون طائر على ارتفاع كبير ضمن البرنامج المسمى مشروع الاستراتسكوب هي أفضل الصور التي أخذت لسطح الشمس. وقد حمل المعمل الفضائي المسمَّى سكايلاب والذي أطلق في 1973م، عددًا من التلسكوبات لقياس الإشعاع فوق البنفسجي والأشعة السينية الصادرة عن الشمس. وقد تمكن العلماء لأول مرة، من خلال هذه التلسكوبات من رؤية الثقوب الموجودة في الإكليل الشمسي.كما بينت التلسكوبات أن الإكليل الشمسي تتكيف حرارته وتتشكل وفقاً للمجالات المغنطيسية التي تحدث في باطن الشمس.
استخدم الفلكيون في الستينيات من القرن العشرين مسبارات (مجسات) فضائية (أقمار صناعية ترسل في الفضاء الخارجي) لدراسة الأشعة الكونية الشمسية، والرياح الشمسية. وقد وفرت سفينة الفضاء بايونير، التي تجولت إلى ما بعد الشمس، ورحلات مارينر إلى المريخ والزهرة، معلومات هامة عن هذه الخصائص الشمسية. كما تمكن ملاحو أبولو 11، وأبولو 12، في رحلاتهم إلى القمر، من أداء تجارب ساعدت العلماء على زيادة معرفتهم بالرياح الشمسية.
وفي السبعينيات من القرن العشرين، أدرك الفلكيون أن كثيراً من التحركات في جو الشمس تحدث على هيئة موجات. ويعتقدون أن هذه الموجات تنتج في منطقة الحمل بداخل الشمس. فالموجات التي تحدث في جو الشمس ماهي إلا صدى لما يحدث في التكوينات الداخلية للشمس. وأمكن عن طريق دراسة هذه الموجات فيما يعرف بدراسة الزلازل الشمسية معرفة مايحدث بداخل الشمس من ناحية التغيرات الحرارية، والتغيرات في الكثافة، والتركيب الكيميائي. كما أفادت هذه الدراسات الفلكيين في معرفة كيفية تغير معدل دوران الشمس تبعاً لتغير البعد عن سطح الشمس نحو الداخل.
وأطلقت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980م سفينة فضاء أطلق عليها البعثة الشمسية الكبرى، تبين من خلال أرصاده أن البقع الشمسية تقلل من كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى جو الأرض.
وفي عام 1990م، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية والولايات المتحدة المجس الشمسي يوليسيس من المكوك الفضائي الأمريكي ديسكفري نحو كوكب المشتري. غيّرت جاذبية المشتري مدار المجس وأرسلته صوب الشمس. حمل المدار الجديد يوليسيس فوق المناطق القطبية للشمس. وفي عام 1994م، أصبح يوليسيس أول مركبة فضائية ترصد الشمس من مدار قطبي. وفي عام 1996م، أرسلت الولايات المتحدة ووكالة الفضاء الأوروبية المركبة الفضائية المرصد الشمسي (SOHO) التي دارت في مدار حول خط الاستواء الشمسي. بدأ 12 جهازاً في هذه المركبة برصد الشمس.