بريطانيا تمنع لوحة "حلم الفنان" للرسام واتو من مغادرة أراضيها
واتو رسام متأثر بفن المسرح جدد في حركة التشكيل العالمية.
الثلاثاء 2024/09/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
اللوحة الممنوعة من البيع خارج بريطانيا
أثارت الحكومة البريطانية منذ أيام قليلة جدلا حول لوحة "حلم الفنان" للرسام الفرنسي جان أنطوان واتو حيث منعت بيعها خارج أراضيها، فأعادت توجيه الأنظار نحو هذا الفنان المبدع الذي تختزل أعماله ملامح الحركة الفنية في القرن الثامن عشر، والذي أثر في الفن وكان أبرز المجددين فيه.
منعت الحكومة البريطانية ممثلة بوزير ثقافتها بيع لوحة “حلم الفنان” (1710) للرسام الفرنسي جان أنطوان واتو (1684-1712) خارج أراضيها، هذه اللوحة التي يقدر ثمنها بحوالي سبعة ملايين جنيه أسترليني، وفضلت أن تجد لها مشتريا محليا كي تبقى داخل البلاد.
جاء هذا القرار بناءً على توصية مقدمة من لجنة فنية لوزيرة الثقافة والفنون البريطانية ليزا ناندي، تعتبر هذه اللوحة إرثا وطنيا لأن أول شخص اشتراها هو أول رئيس وزراء بريطاني السير روبرت والبول عام 1736، أي بعد أكثر من عقد على وفاة الرسام. وقام والبول بتعليقها في غرفة ملابس زوجته في مقر إقامتهم في دوانينغ ستريت المقر الرسمي لرئيس وزراء البلاد حينها.
وجاء في بيان وزارة الثقافة والإعلام البريطانية، أن العمل الفني “معرض لخطر مغادرة المملكة المتحدة ما لم يتم العثور على مشتر محلي يحفظه للأمة”.
وعلق مارك هاليت المؤرخ الفني البريطاني وعضو اللجنة التي قدمت المشورة للحكومة بخصوص اللوحة، قائلا “تظهر هذه اللوحة الجميلة الغامضة أصالة واتو الاستثنائية وتزودنا بواحدة من أقدم وأعمق تمثيلات الفن الغربي لعملية الإبداع الفني”.
وأضاف: “إنها تمنحنا نظرة ثاقبة رائعة ليس فقط لتفكير واتو كرسام ولكن لمفاهيم أوسع نطاقا للإلهام والخيال في القرن الثامن عشر، وهذا العمل يتطلب المزيد من البحث والتفسير والتقدير وهو يستحق الاحتفاظ به للأمة”.
ولوحة “حلم الفنان” أول لوحة في التاريخ تتناول موضوع الحلم بشكل سريالي حيث تصور رساما نائما داخل مرسمه على مقعد حجري يشاهد في منامه (أعلى اللوحة) ممثلين مسرحيين يرقصون في غابة وجماعة من النبلاء يتنزهون فيها ويشيرون نحو الرسام بأيديهم وملائكة في السماء على شكل أطفال صغار يدورون حول امرأة جميلة.
وتعتبر هذه اللوحة تجسيدا فنيا لمذهب “الروكوكو”، المذهب الفني الذي ظهر بداية القرن الثامن عشر في عهد ملك فرنسا لويس الخامس عشر كأسلوب فني جديد يصور مباهج الحياة ومتعها والأوقات المسلية التي يقضيها أفراد الطبقة البرجوازية. وبدأ الروكوكو بفن الرسم على يد واتو ثم انتقل إلى العمارة والديكورات الداخلية لمنازل النبلاء والأثرياء حيث استخدم في تزيينها الأصداف البحرية والأخشاب المنحوتة وتم الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.
وكانت هذه الحركة الفنية الجديدة نقيضا لفن عصر الباروك الصارم الذي ترسخ في عهد الملك لويس الرابع عشر (الملك الشمس)، لذلك في لوحة “حلم الفنان” التي قسمت إلى جزأين، نرى في الجزء الأول الرسام النائم، وفي الجزء الثاني نرى أحلامه الذي استخدم فيها الألوان الفاتحة المبهجة كالأخضر بدرجاته والوردي والأزرق، بينما استخدم الألوان القاتمة لتلوين مرسم الفنان.
وتعتبر هذه اللوحة أحد أهم أعمال واتو الفنية الذي اشتهر برسم الممثلين المسرحيين بكثرة في لوحاته بسبب تأثره بعمله لسنوات كمصمم أزياء في المسرح، الشيء الذي أثر على أسلوبه الفني، ثم انتقل بعدها للعمل داخل قصر لويس الخامس عشر كمساعد لأحد المهندسين المسؤول عن تزيين القصر، الأمر الذي جعلهُ على اختلاط دائم بالطبقة البرجوازية التي كانت متواجدة دائما داخل هذا القصر لإحياء الحفلات والاستعراضات الفنية وبث البهجة في بلاط الملك الذي أحب مباهج الحياة والفن كثيرا وقصر في السياسة عكس سلفهُ لويس الرابع عشر.
ومن هذا الاختلاط استقى واتو مواضيع لوحاتهُ المبهجة مظهرةً هؤلاء النبلاء في مواقف متفرقة ورومانسية في الطبيعة والحياة فجاء فنهُ متأثرا بموضوعين، أولهما المسرح والثاني حياة الطبقة النبيلة في فرنسا ومن أشهر لوحاتهُ “ألج إلى جزيرة سيتير -1717″ و”مقياس الحب -1717″ و”بييرو- 1719″ و”الكوميديان الإيطالي _1720”.
منذ بداياته، انقطع عن الحركة الأكاديمية التي ميزت القرن السابع عشر، فاستوحى فنه من أعمال بيتروس روبنس والمدرسة الفينيسية (نسبة إلى مدينة البندقية)، عايش فترة الرخاء التي عرفها المجتمع الفرنسي، وتحت أضواء هذا المجتمع المخملي طور أسلوبا خاصا تجلى في الصور التي أنجزها عن المشاهد الكوميدية (الحب في المسرح الفرنسي، متحف برلين) ومشاهد الحفلات الراقية، وهو النوع الذي استحدثه واختص به عن غيره.
ويعتبر واتو رساما وملونا من الطراز الأول، عرف كيف ينقل مشاعره المتدفقة عن طريق الريشة، واشتهر بلوحاته الفنية بمناظره الريفية.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
إلياس حموي
كاتب سوري
واتو رسام متأثر بفن المسرح جدد في حركة التشكيل العالمية.
الثلاثاء 2024/09/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
اللوحة الممنوعة من البيع خارج بريطانيا
أثارت الحكومة البريطانية منذ أيام قليلة جدلا حول لوحة "حلم الفنان" للرسام الفرنسي جان أنطوان واتو حيث منعت بيعها خارج أراضيها، فأعادت توجيه الأنظار نحو هذا الفنان المبدع الذي تختزل أعماله ملامح الحركة الفنية في القرن الثامن عشر، والذي أثر في الفن وكان أبرز المجددين فيه.
منعت الحكومة البريطانية ممثلة بوزير ثقافتها بيع لوحة “حلم الفنان” (1710) للرسام الفرنسي جان أنطوان واتو (1684-1712) خارج أراضيها، هذه اللوحة التي يقدر ثمنها بحوالي سبعة ملايين جنيه أسترليني، وفضلت أن تجد لها مشتريا محليا كي تبقى داخل البلاد.
جاء هذا القرار بناءً على توصية مقدمة من لجنة فنية لوزيرة الثقافة والفنون البريطانية ليزا ناندي، تعتبر هذه اللوحة إرثا وطنيا لأن أول شخص اشتراها هو أول رئيس وزراء بريطاني السير روبرت والبول عام 1736، أي بعد أكثر من عقد على وفاة الرسام. وقام والبول بتعليقها في غرفة ملابس زوجته في مقر إقامتهم في دوانينغ ستريت المقر الرسمي لرئيس وزراء البلاد حينها.
وجاء في بيان وزارة الثقافة والإعلام البريطانية، أن العمل الفني “معرض لخطر مغادرة المملكة المتحدة ما لم يتم العثور على مشتر محلي يحفظه للأمة”.
وعلق مارك هاليت المؤرخ الفني البريطاني وعضو اللجنة التي قدمت المشورة للحكومة بخصوص اللوحة، قائلا “تظهر هذه اللوحة الجميلة الغامضة أصالة واتو الاستثنائية وتزودنا بواحدة من أقدم وأعمق تمثيلات الفن الغربي لعملية الإبداع الفني”.
وأضاف: “إنها تمنحنا نظرة ثاقبة رائعة ليس فقط لتفكير واتو كرسام ولكن لمفاهيم أوسع نطاقا للإلهام والخيال في القرن الثامن عشر، وهذا العمل يتطلب المزيد من البحث والتفسير والتقدير وهو يستحق الاحتفاظ به للأمة”.
ولوحة “حلم الفنان” أول لوحة في التاريخ تتناول موضوع الحلم بشكل سريالي حيث تصور رساما نائما داخل مرسمه على مقعد حجري يشاهد في منامه (أعلى اللوحة) ممثلين مسرحيين يرقصون في غابة وجماعة من النبلاء يتنزهون فيها ويشيرون نحو الرسام بأيديهم وملائكة في السماء على شكل أطفال صغار يدورون حول امرأة جميلة.
وتعتبر هذه اللوحة تجسيدا فنيا لمذهب “الروكوكو”، المذهب الفني الذي ظهر بداية القرن الثامن عشر في عهد ملك فرنسا لويس الخامس عشر كأسلوب فني جديد يصور مباهج الحياة ومتعها والأوقات المسلية التي يقضيها أفراد الطبقة البرجوازية. وبدأ الروكوكو بفن الرسم على يد واتو ثم انتقل إلى العمارة والديكورات الداخلية لمنازل النبلاء والأثرياء حيث استخدم في تزيينها الأصداف البحرية والأخشاب المنحوتة وتم الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.
وكانت هذه الحركة الفنية الجديدة نقيضا لفن عصر الباروك الصارم الذي ترسخ في عهد الملك لويس الرابع عشر (الملك الشمس)، لذلك في لوحة “حلم الفنان” التي قسمت إلى جزأين، نرى في الجزء الأول الرسام النائم، وفي الجزء الثاني نرى أحلامه الذي استخدم فيها الألوان الفاتحة المبهجة كالأخضر بدرجاته والوردي والأزرق، بينما استخدم الألوان القاتمة لتلوين مرسم الفنان.
وتعتبر هذه اللوحة أحد أهم أعمال واتو الفنية الذي اشتهر برسم الممثلين المسرحيين بكثرة في لوحاته بسبب تأثره بعمله لسنوات كمصمم أزياء في المسرح، الشيء الذي أثر على أسلوبه الفني، ثم انتقل بعدها للعمل داخل قصر لويس الخامس عشر كمساعد لأحد المهندسين المسؤول عن تزيين القصر، الأمر الذي جعلهُ على اختلاط دائم بالطبقة البرجوازية التي كانت متواجدة دائما داخل هذا القصر لإحياء الحفلات والاستعراضات الفنية وبث البهجة في بلاط الملك الذي أحب مباهج الحياة والفن كثيرا وقصر في السياسة عكس سلفهُ لويس الرابع عشر.
ومن هذا الاختلاط استقى واتو مواضيع لوحاتهُ المبهجة مظهرةً هؤلاء النبلاء في مواقف متفرقة ورومانسية في الطبيعة والحياة فجاء فنهُ متأثرا بموضوعين، أولهما المسرح والثاني حياة الطبقة النبيلة في فرنسا ومن أشهر لوحاتهُ “ألج إلى جزيرة سيتير -1717″ و”مقياس الحب -1717″ و”بييرو- 1719″ و”الكوميديان الإيطالي _1720”.
منذ بداياته، انقطع عن الحركة الأكاديمية التي ميزت القرن السابع عشر، فاستوحى فنه من أعمال بيتروس روبنس والمدرسة الفينيسية (نسبة إلى مدينة البندقية)، عايش فترة الرخاء التي عرفها المجتمع الفرنسي، وتحت أضواء هذا المجتمع المخملي طور أسلوبا خاصا تجلى في الصور التي أنجزها عن المشاهد الكوميدية (الحب في المسرح الفرنسي، متحف برلين) ومشاهد الحفلات الراقية، وهو النوع الذي استحدثه واختص به عن غيره.
ويعتبر واتو رساما وملونا من الطراز الأول، عرف كيف ينقل مشاعره المتدفقة عن طريق الريشة، واشتهر بلوحاته الفنية بمناظره الريفية.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
إلياس حموي
كاتب سوري