"طلحت حمدي".. انطلاقة الكوميديا السورية
دمشق
بدأ مسيرته الفنية ممثلاً مسرحياً منذ مطلع الخمسينيات من المسرحية الدمشقية، وانتقل بعدها إلى التلفزيون ليقدم خلاله أصعب وأجمل الأدوار، مروراً بتجارب متميزة في السينما.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 تموز 2014، الأستاذ "طه المحمد" مؤسس موقع "إيمار" وهو المهتم بالتراث والفنون السورية، وبدأ حديثه عن الفنان "طلحت حمدي"، ويقول: «اختلفت الكتابات حول تاريخ ميلاد الفنان الكبير "طلحت حمدي"، هناك من يقول إنه من مواليد 1938، وآخر يقول مواليده 1940، ولكني قرأت حواراً له، حيث يقول حرفياً: (أنا من مواليد 1942 في حي "ركن الدين" بـ"دمشق")، اسمه الثلاثي "طلحت حمدي الأيوبي"، بدأ مسيرته الفنية مع المسرح عام 1959، حيث شكّل مع مجموعة من المهتمين بالمسرح أمثال: الكاتب "وليد مدفعي"، الصحفي "جان ألكسان"، الدكتور "محمود حمصي"، والأستاذ "محمود صواف" فرقة مسرحية، الذين اجتمعوا لإقامة عروض مختلفة عن عروض المسرح الشعبي التي كانت تقدم في حينها، وانصب اهتمام هذه الفرقة على تقديم وجه آخر للمسرح من خلال تقديم أعمال من المسرح العالمي وباللغة العربية الفصحى، معتمدين على نصوص لـ"توفيق الحكيم"، "آرثر ميللر"، و"تينسي وليامز"، وكان ينفق على هذه الفرقة شخص اسمه "إيلي خوري"، حيث قاموا بتحويل بيت عربي خلف المحافظة القديمة إلى مسرح صيفي تحت اسم "مسرح العهد الجديد"، وعند تأسيس المسرح القومي عام 1960، تم اختيار "حمدي" كعضو مؤسس إلى جانب الفنانين "نهاد قلعي"، "محمود المصري"، "فهمي البكار"، "عبد الرحمن آل رشي"، "كوثر ماردو"، و"فاطمة الزين"».
ويتابع: «في عام 1971 اتجه الفنان "حمدي" للعمل مع الفرقة الخاصة، وقام في العام 1972 مع الكاتب "أحمد قبلاوي" بتأسيس مسرح شعبي يعالج القضايا المهمة والملتزمة تحت اسم "المسرح الطليعي"، وقدما أول عرض في العام ذاته باللهجة العامية في صالة "كازينو دمشق"، وتلاه عرض آخر بعنوان "ليلة ما بتتعوض" على مسرح "نقابات العمال"، والحلم الذي رافقه هو تأسيس مسرح شعبي كوميدي سياسي ملتزم لكل الشرائح، وبعده عرض "طرة أو نقش" أيضاً على مسرح "نقابات العمال" وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وعلى ضوء زيارة السادات لـ"إسرائيل" قدم "حمدي" عرضاً ربط فيه ما بين الانتكاسة الكبرى (زيارة السادات) والانتصار في حرب "تشرين" عام 1973، وبعد هذا العرض قدم مسرحية أخرى بعنوان "في انتظار عبد الفتاح" على مسرح "الخيام"، تناول فيها حال المواطن الذي ينتظر الخلاص».
حمدي يتقمص إحدى الشخصيات التاريخية
ويضيف: «ومن ثم تعاون "طلحت حمدي" مع الفنان "محمود جبر" في عدد من المسرحيات، وأخرج له حوالي عشر مسرحيات منها "حط بالخرج"، ودام عرضها سبعين يوماً وقام بإعدادها "محمود جبر" و"أحمد قبلاوي" عن مسرحية تركية "قبل أن يذوب الثلج" للكاتب "جواد فهمي"، إضافة إلى مسرحية "أول فواكه الشام يا فانتوم" وعرضت عام 1973، ومسرحية "وحش طوروس" للكاتب التركي المعروف "عزيز نيسين"، ومسرحية تركية أخرى بعنوان "مطلوب كذاب"، كما أخرج "حمدي" للفنان "محمود جبر" مسرحية "ثلاثون يوماً في السجن" للكاتب "بديع خيري"، وهكذا شكّل "أحمد قبلاوي" (معد)، و"محمود جبر" (معد وممثل)، و"طلحت حمدي" (مخرج) ثلاثي مسرحي، واستمر التعاون بينهم حتى مطلع الثمانينيات، قبل أن ينتقل "حمدي" إلى التلفزيون بعد أن صدر قرار تعيينه فيه كمخرج، ليبدأ رحلة جديدة في عالم التلفزيون، وأول مسلسل أخرجه جاء بعنوان "خريف الحكاية" من تأليف "أحمد قبلاوي"».
ويضيف: «قدم "حمدي" للدراما السورية العديد من المسلسلات بقيت في الذاكرة سواء في مجال التمثيل أو الإخراج، ومن أعماله: "دائرة النار"، "أنشودة المطر"، "حمام القيشاني"، "نمر العدوان"، "حارة الجوري"، "تل اللوز"، "طرابيش"، "ساري"، "سنوات العجاف"، "المكافأة"، "شاري الهم"، "صراع على الرمال"، "الشام العدية"، "زمن البرغوث"، وغيرها...».
طه المحمد
وأنهى "المحمد" حديثه ويقول: «للفنان "طلحت حمدي" نصيب من السينما أيضاً، حيث شارك في العديد من الأفلام السينمائية منها: "الحب الحرام"، "حسيبة"، "دمشق يا بسمة الحزن"، وأمضى ما يقارب 55 سنة في دنيا الفن قدم من خلالها أدواراً صعبة، يطل على الجمهور عبر الشاشة الصغيرة حيناً والكبيرة حيناً آخر، ويخاطب المتلقي من خشبة المسرح، عبر نص درامي يكتبه بنفسه أحياناً وأيضاً من باب الإخراج والإنتاج، أحب بلده "سورية"، وبكى يوماً حرقة على ما يجري».
أما الإعلامي "أمامة عكوش" فعنه يقول: «الفنان القدير "طلحت حمدي" من جيل الرواد والمخضرمين في المسرح والدراما السورية، وخلال خمسة عقود في خدمة الفن قدّم عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وجسد العديد من الشخصيات الاجتماعية والكوميدية والتاريخية، وهو الدمشقي العريق الذي استطاع أن يتقمّص الشخصية الشامية في الكثير من مشاركاته بمستوى رفيع من الأداء، مثل شخصيته في "حمام القيشاني"، واقتحم عالم الكوميديا بالمستوى ذاته، وكلنا يذكر عمله "طرابيش" الذي جاء بمنزلة انطلاقة حقيقية للكوميديا السورية، وتناول قضية جامعي الأموال السائدة حينها».
مع الفنانة سلوى سعيد في أحد أعماله
ويضيف: «عمل مخرجاً لعدة مسلسلات وشارك في التأليف أيضاً، لم تقتصر مشاركاته وأعماله في طرح قضايا الفساد والتاريخ والحالات الاجتماعية فحسب، بل ذهب إلى القضايا الوطنية أيضاً، فقدم عملاً عن "الجولان" المحتل تحت عنوان "صقور لها جذور" من إنتاج التلفزيون السوري، وقام بكتابته بالتعاون مع الكاتب "حامد الحلبي" وأخرجه أيضاً، وهو دراما توثيقية تناولت حكاية أهلنا في "الجولان" المحتل بين عامي 1967- 1982، ويعد العمل وثيقة تاريخية، فكان في كل ما قدم الممثل البارع، والمخرج الناجح، والكاتب المبدع».
غادر الفنان القدير "طلحت حمدي" مدينته "دمشق" متجهاً إلى إحدى الدول العربية لغاية العمل، وبعد وصوله "الأردن" بساعات أصيب بنوبة قلبية، ليرحل عن دنيانا بتاريخ 5 كانون الأول 2012 عن عمر ناهز 72 عاماً، ودفن في "دمشق" وترك خلفه إرثاً فنياً كبيراً.
- إدريس مراد
- 17 آب 2014
دمشق
بدأ مسيرته الفنية ممثلاً مسرحياً منذ مطلع الخمسينيات من المسرحية الدمشقية، وانتقل بعدها إلى التلفزيون ليقدم خلاله أصعب وأجمل الأدوار، مروراً بتجارب متميزة في السينما.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 تموز 2014، الأستاذ "طه المحمد" مؤسس موقع "إيمار" وهو المهتم بالتراث والفنون السورية، وبدأ حديثه عن الفنان "طلحت حمدي"، ويقول: «اختلفت الكتابات حول تاريخ ميلاد الفنان الكبير "طلحت حمدي"، هناك من يقول إنه من مواليد 1938، وآخر يقول مواليده 1940، ولكني قرأت حواراً له، حيث يقول حرفياً: (أنا من مواليد 1942 في حي "ركن الدين" بـ"دمشق")، اسمه الثلاثي "طلحت حمدي الأيوبي"، بدأ مسيرته الفنية مع المسرح عام 1959، حيث شكّل مع مجموعة من المهتمين بالمسرح أمثال: الكاتب "وليد مدفعي"، الصحفي "جان ألكسان"، الدكتور "محمود حمصي"، والأستاذ "محمود صواف" فرقة مسرحية، الذين اجتمعوا لإقامة عروض مختلفة عن عروض المسرح الشعبي التي كانت تقدم في حينها، وانصب اهتمام هذه الفرقة على تقديم وجه آخر للمسرح من خلال تقديم أعمال من المسرح العالمي وباللغة العربية الفصحى، معتمدين على نصوص لـ"توفيق الحكيم"، "آرثر ميللر"، و"تينسي وليامز"، وكان ينفق على هذه الفرقة شخص اسمه "إيلي خوري"، حيث قاموا بتحويل بيت عربي خلف المحافظة القديمة إلى مسرح صيفي تحت اسم "مسرح العهد الجديد"، وعند تأسيس المسرح القومي عام 1960، تم اختيار "حمدي" كعضو مؤسس إلى جانب الفنانين "نهاد قلعي"، "محمود المصري"، "فهمي البكار"، "عبد الرحمن آل رشي"، "كوثر ماردو"، و"فاطمة الزين"».
قدم "حمدي" للدراما السورية العديد من المسلسلات بقيت في الذاكرة سواء في مجال التمثيل أو الإخراج، ومن أعماله: "دائرة النار"، "أنشودة المطر"، "حمام القيشاني"، "نمر العدوان"، "حارة الجوري"، "تل اللوز"، "طرابيش"، "ساري"، "سنوات العجاف"، "المكافأة"، "شاري الهم"، "صراع على الرمال"، "الشام العدية"، "زمن البرغوث"، وغيرها...
ويتابع: «في عام 1971 اتجه الفنان "حمدي" للعمل مع الفرقة الخاصة، وقام في العام 1972 مع الكاتب "أحمد قبلاوي" بتأسيس مسرح شعبي يعالج القضايا المهمة والملتزمة تحت اسم "المسرح الطليعي"، وقدما أول عرض في العام ذاته باللهجة العامية في صالة "كازينو دمشق"، وتلاه عرض آخر بعنوان "ليلة ما بتتعوض" على مسرح "نقابات العمال"، والحلم الذي رافقه هو تأسيس مسرح شعبي كوميدي سياسي ملتزم لكل الشرائح، وبعده عرض "طرة أو نقش" أيضاً على مسرح "نقابات العمال" وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وعلى ضوء زيارة السادات لـ"إسرائيل" قدم "حمدي" عرضاً ربط فيه ما بين الانتكاسة الكبرى (زيارة السادات) والانتصار في حرب "تشرين" عام 1973، وبعد هذا العرض قدم مسرحية أخرى بعنوان "في انتظار عبد الفتاح" على مسرح "الخيام"، تناول فيها حال المواطن الذي ينتظر الخلاص».
حمدي يتقمص إحدى الشخصيات التاريخية
ويضيف: «ومن ثم تعاون "طلحت حمدي" مع الفنان "محمود جبر" في عدد من المسرحيات، وأخرج له حوالي عشر مسرحيات منها "حط بالخرج"، ودام عرضها سبعين يوماً وقام بإعدادها "محمود جبر" و"أحمد قبلاوي" عن مسرحية تركية "قبل أن يذوب الثلج" للكاتب "جواد فهمي"، إضافة إلى مسرحية "أول فواكه الشام يا فانتوم" وعرضت عام 1973، ومسرحية "وحش طوروس" للكاتب التركي المعروف "عزيز نيسين"، ومسرحية تركية أخرى بعنوان "مطلوب كذاب"، كما أخرج "حمدي" للفنان "محمود جبر" مسرحية "ثلاثون يوماً في السجن" للكاتب "بديع خيري"، وهكذا شكّل "أحمد قبلاوي" (معد)، و"محمود جبر" (معد وممثل)، و"طلحت حمدي" (مخرج) ثلاثي مسرحي، واستمر التعاون بينهم حتى مطلع الثمانينيات، قبل أن ينتقل "حمدي" إلى التلفزيون بعد أن صدر قرار تعيينه فيه كمخرج، ليبدأ رحلة جديدة في عالم التلفزيون، وأول مسلسل أخرجه جاء بعنوان "خريف الحكاية" من تأليف "أحمد قبلاوي"».
ويضيف: «قدم "حمدي" للدراما السورية العديد من المسلسلات بقيت في الذاكرة سواء في مجال التمثيل أو الإخراج، ومن أعماله: "دائرة النار"، "أنشودة المطر"، "حمام القيشاني"، "نمر العدوان"، "حارة الجوري"، "تل اللوز"، "طرابيش"، "ساري"، "سنوات العجاف"، "المكافأة"، "شاري الهم"، "صراع على الرمال"، "الشام العدية"، "زمن البرغوث"، وغيرها...».
طه المحمد
وأنهى "المحمد" حديثه ويقول: «للفنان "طلحت حمدي" نصيب من السينما أيضاً، حيث شارك في العديد من الأفلام السينمائية منها: "الحب الحرام"، "حسيبة"، "دمشق يا بسمة الحزن"، وأمضى ما يقارب 55 سنة في دنيا الفن قدم من خلالها أدواراً صعبة، يطل على الجمهور عبر الشاشة الصغيرة حيناً والكبيرة حيناً آخر، ويخاطب المتلقي من خشبة المسرح، عبر نص درامي يكتبه بنفسه أحياناً وأيضاً من باب الإخراج والإنتاج، أحب بلده "سورية"، وبكى يوماً حرقة على ما يجري».
أما الإعلامي "أمامة عكوش" فعنه يقول: «الفنان القدير "طلحت حمدي" من جيل الرواد والمخضرمين في المسرح والدراما السورية، وخلال خمسة عقود في خدمة الفن قدّم عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وجسد العديد من الشخصيات الاجتماعية والكوميدية والتاريخية، وهو الدمشقي العريق الذي استطاع أن يتقمّص الشخصية الشامية في الكثير من مشاركاته بمستوى رفيع من الأداء، مثل شخصيته في "حمام القيشاني"، واقتحم عالم الكوميديا بالمستوى ذاته، وكلنا يذكر عمله "طرابيش" الذي جاء بمنزلة انطلاقة حقيقية للكوميديا السورية، وتناول قضية جامعي الأموال السائدة حينها».
مع الفنانة سلوى سعيد في أحد أعماله
ويضيف: «عمل مخرجاً لعدة مسلسلات وشارك في التأليف أيضاً، لم تقتصر مشاركاته وأعماله في طرح قضايا الفساد والتاريخ والحالات الاجتماعية فحسب، بل ذهب إلى القضايا الوطنية أيضاً، فقدم عملاً عن "الجولان" المحتل تحت عنوان "صقور لها جذور" من إنتاج التلفزيون السوري، وقام بكتابته بالتعاون مع الكاتب "حامد الحلبي" وأخرجه أيضاً، وهو دراما توثيقية تناولت حكاية أهلنا في "الجولان" المحتل بين عامي 1967- 1982، ويعد العمل وثيقة تاريخية، فكان في كل ما قدم الممثل البارع، والمخرج الناجح، والكاتب المبدع».
غادر الفنان القدير "طلحت حمدي" مدينته "دمشق" متجهاً إلى إحدى الدول العربية لغاية العمل، وبعد وصوله "الأردن" بساعات أصيب بنوبة قلبية، ليرحل عن دنيانا بتاريخ 5 كانون الأول 2012 عن عمر ناهز 72 عاماً، ودفن في "دمشق" وترك خلفه إرثاً فنياً كبيراً.