وكذلك فإن الخط الذهني الإعتقادي في كافة مدن المشرق العربي في الألف الثاني قبل الميلاد، ولكونه يتبع الواقع الديمغرافي ـ الاجتماعي، فإننا نلاحظ تعدداً في الآلهة بين المدن واختلاف في الرموز، ولكن هذا يتبع خطاً واحداً في البانثيون العموري والذي يستند في روائزه العامة على البانثيون السومري ـ الأكادي.
وعلى هذا فإن شمشي أدد العموري / أبن ترقا /، نلحظ أنه يستند في مشروعه السياسي على الإله انليل / إله الرياح، وقد ادعى في وثائقه أن الإله انليل / سيد البانثيون السومري / هو من منحه السلطة وجعله ملكاً.
وعلى هذا فقد أنشأ معبداً للإله انليل في مدينة آشور، وأطلق على المدينة في أعالي الرافدين اسم " شوباط انليل " وتعني مسكن الإله انليل.
أيضاً نلحظ أسماء ولديه، يسمع أدد، والتي تعني كما تفهم بالعربية يسمع الإله أدد، في إشارة إلى اعتبار متقدم للإله أدد. وكذلك في اسم ولده الآخر " إشمي دجن " ويعني في الأكادية " الإله دجن، سمع ". وهذا يعطي أهمية لحضور دجن في الحياة اليومية بالاضافة إلى أدد وانليل في آشور.
وبالمقابل، نلحظ أن حلب، كانت تقدم الإله أدد على أي إله آخر، ونعتقد أن هذا معزو إلى كونها مدينة زراعية، يعنيها الإله أدد في صفاته، إله الطقس والرعد وما يتصل بالخصب.
وكون أن المُلك يأتي من الإله، فإن مثلاً ياريم ليم، ملك حلب، وهو ممثل ونائب للإله على الأرض، حتى أنه يستطيع أن يحكي باسمه عبر الوحي الإلهي.
وكنا ذكرنا مضمون وثيقة / رسالة من ياريم ليم إلى زمري ليم، وردت إلى زمري ليم من الإله أدد الحلبي عن طريق الوحي وكان الوجه الآخر من الرسالة / الرقيم يحتوي على الرسالة التالية:
" ألست أنا، أدد سيد حلب، الذي فقّهك من بين الرعية، والذي أوصلك إلى العرش، وإلى منزل والدك ... لقد مسحتك بزيت انتصاري ".
الجدير ذكره، أن مملكة يمحاض / حلب، كانت بفاعلية تاريخية قوية، وهذا ما أسبغ على إلهها أدد، صفة القوة أيضاً، وعلى هذا نلحظ أن الملوك من الممالك أو المدن الأخرى، كانوا يحرصون حين زيارة يمحاض على تقديم الأضاحي لهذا الإله، وقد ذكرت الوثائق عن زيارة لزمري ليم إلى يمحاض وتقديمه الأضاحي لهذا الإله.( 7 )
كما كان يرسل باستمرار القرابين والأضاحي للإله أدد الحلبي، وقد أمر بصنع تمثال من البرونز تقدمة له، بمناسبة عودته إلى عرش ماري.
وتذكر النصوص، أن الخلاف الذي وقع بين يمحاض وقطنة، والذي ساهمت ماري / زمري ليم / في حلّه، كان من شروط ملك يمحاض للصلح أن يحضر ملك قطنة إلى حلب ليقدم الأضاحي ويحلف أمام الإله أدد في حلب وبشكل عام، وكون أن نموذج المجتمع الذي ساد في ماري شبيه في بابل وآشور في فترة السلالة البابلية الأولى، فإن المعلومات التي يمكن الحصول عليها من نصوص ماري يمكن أن يقال أنها تنطبق على بلاد آشور وبابل.
وكذا العكس، حيث أنه يمكننا مناقشة الطقوس والاعتقادات والشعائر والتي قدمتها مدينة بابل في الألف الثاني ونسحبها على ماري مستندين إلى النسيج الاجتماعي العموري أولاً، وإلى التماثل بين مدن المشرق العربي آنذاك.
ويذكر صموئيل هوك في مناقشته للإله شمش في بابل، حيث أن رمزه منقوش على مسلة قوانين حمورابي، وقد كان هذا الإله معنياً بتفسير الوحي إلى جانب الإله أدد. وكان رمزه الذي ينقش على الأختام والأنصاب مؤلفاً من قرص الشمس وله نجم ذو أربعة شعاب في داخله، والأشعة تنبثق من بين تلك الشعاب.
أما الإله أدد، فقد وصف في كتابات " جوديا " بأنه " الراعد " فهو إله العاصفة، ورمزه، الصاعقة التي يمسك بها في يـده اليمنى وبيسراه يحمل فأساً وحيوانـه المقــدس هو الثور المقدس.
أما عشتار / التي باركت زمري ليم في لوحة تنصيبه الجدارية / فقد كان رمزها نجماً ذو ثماني شعب أو 16 شعبة. وتمثل عموماً وهي راكبة ممتطيا المقدسة / الأسد / وهذا ما تبيناه في لوحة التنصيب.
وكنا ذكرنا سابقاً أن الكهان أو المتنبؤن كان لهم دوراً مهماً في ماري ويدعى واحدهم / نبو /، حيث يقدمون للملك رؤاهم حول مجريات الأمور والأخطار المحدقة بالمدينة.
وكنا أشرنا إلى وثيقة من ماري، خطّها " نبو " / المتنبئ أو العراف، وهو كبير الكهنة، وهذا كان ينقل للملك رؤاه ولاسيما في الحالات المصيرية والخطيرة في حياة المملكة.
وتحتوي هذه الوثيقة على رؤيا العراف التي نقلتها شيبتو الملكة إلى زوجها الغائب في المعارك، حيث تطمئنه إلى أن الإله وملائكته مصممون على حماية مدينة ماري وأن أحداً لا يستطيع المساس بها.( 8 )
وتحدثنا أيضاً ، عن استخدام الاستخارة من قبل العرافين في ماري، حيث تتم استشارة الإله، من أجل اتخاذ قرارات مصيرية في حياة المملكة / جان ماري دوران / قراءة في خمس مجلدات من ماري ـ فيصل عبد الله /.
وثمة منحى آخر في مقاربتنا للحياة الاعتقادية في المشرق العربي العموري / كما قبله /، يختص في النظر إلى الإله وفكرة الألوهة بشكل عام.
ولعل أول ما نلحظه خلال جولاتنا في النصوص المسمارية، أن الآلهة مؤنسـسنة، فهي أولاً صنع إنساني، وابتكار إنساني آنذاك وهذا نتج عن مجمل قيم التفاعل ومعاييره بين المجتمع وبيئته الطبيعية ووسطه الحيوي. وعلى هذا فإن الطبيعة بتجلياتها المختلفة هي التي حفزت الإنسان آنذاك لابتكار رموز لها، وهذا الأمر استند على فكرة الخوف والغموض، وعدم ايجاد تفسيرات منطقية أو علمية للظواهر الطبيعية، كالطوفان، والبرق والرعد، الخ.
والغريب هنا، هو أن المجتمع آنذاك استطاع السيطرة على الطبيعة، إن كان في تلك المنشأت المائية من سدود أو أقنية .. الخ .. غير أنه بقي في مجال البنية الدماغية قاصراً عن الوصول إلى تفسيرات لتلك الظواهر المخيفة والمدمرة.
لذا فإن النصوص المشرقية تحفل بذكر أن الإنسان خلق من أجل خدمة الآلهة dullu / دُلُّو /.
وكون تلك الآلهة ابتكار للعقل الإنساني، فقد أُنسنتْ، " وبذا فهي تأكل وتشرب وتسمع الموسيقى وترقص. كما أنها ـ تحتاج إلى أسرّة لتنام عليها، ولديها زوجات أو أزواج أو أبناء. كما أنها تغتسل وتتعطر "( 9 )
وذكرنا سابقاً أنه في ماري كان ثمة ورش لصناعة التماثيل تكون إلى جانب المعابد، والتماثيل تلك ممكن أن تكون شخصية، أو لا شخصية / عامة /. كما أن هناك ورشات لصنع تماثيل الآلهة. وفي هذه الـ " بتْ ـ مُحُّو " أي بيت الصانع، كانت تصاغ التماثيل وتصنع ثم تنصب في حرمات المعابد.
وكان ثمة طقس يعرف باسم " مِس ـ في " أي غسل الفم، وكذلك " فِتْ ـ في " أي فتح الفم. حيث يتم عبرهما سريان الحياة في تماثيل الآلهة.
أما ما يجري في المعبد من طقوس يومية، ففي المقام الأول يتم غسل التماثيل وكسوتها وإطعامها. وزودت حرم المعابد بمنصات توضع عليها الأضحيات والمشروبات والورود. وثمة مباخر للبخور. وكان على الكهنة، رش الحرم بالماء الطاهر، حيث كانت تقام الولائم.
أما طعام الآلهة فكان يتألف من الخبز والكعك ولحوم الحيوانات / عجل ـ ماعز ـ غنم ـ غزال / وكذلك السمك والدواجن /.
أما الكاهن المولج بذبح الأضحيات فيلقب بـ " نَسْ ـ فَتْري " أي حامل الخنجر.
وكانت الذهنية الاعتقادية آنذاك تعتقد أن تقديم القرابين للآلهة، يجعلها في مزاج حسن وبالتالي تجنب غضبها، وهذه القرابين كانت تسمى " تهدئة كبد " الآلهة.
وفي السنة الجديدة، كان الكاهن في اليوم الخامس يقوم مع " حامل الخنجر "، بعد قطع رأس أضحية، بتمريغ حرم المعبد باباً وجدراناً بجسد الأضحية، وبذا حسب اعتقادهم يتم طقسياً امتصاص كل الخبائث ونقلها إلى الأضحية / خروف أو عجل ../ المذبوحة ثم تلفى الشاة برأسها وجسمها في النهر الذي يذهب بها و بالخبائث التي تحملها.
والطريف هنا، أن الكاهنين الذين قاما بعملية التطهير أصبحا غير طاهرين طقسياً، لذا توجب عليهما مغادرة المدينة حتى انقضاء فترة الإحتفالات بالسنة الجديدة.
وكان الاعتقاد السائد آنذاك أن لكل حادث معنى اعتقادياً ويُعبّر عن مزاج القوى فوق الطبيعية أو الرموز الإلهية. لذا فثمة مراقبة لطيران الطيور، وكذلك علاقة الأجرام السماوية فيما بينها، وطاوع الشمس والقمر، وأحشاء الحيوان وأكبادها / وهذا الأمر موثق في لقى مدينة ماري /.
ويبدو أن قراءة الطالع أو التنبؤ كان يستند على جملة هذه الظواهر.
وكانت الولادة لتوائم، تعتبر ظاهرة جديرة بالملاحظة، وهذا محقق في وثائق ماري برسالة شيبتو لزوجها الملك تخبره مسرورة، بأنها أنجبت توأمين.
وعلى هذا فإن شمشي أدد العموري / أبن ترقا /، نلحظ أنه يستند في مشروعه السياسي على الإله انليل / إله الرياح، وقد ادعى في وثائقه أن الإله انليل / سيد البانثيون السومري / هو من منحه السلطة وجعله ملكاً.
وعلى هذا فقد أنشأ معبداً للإله انليل في مدينة آشور، وأطلق على المدينة في أعالي الرافدين اسم " شوباط انليل " وتعني مسكن الإله انليل.
أيضاً نلحظ أسماء ولديه، يسمع أدد، والتي تعني كما تفهم بالعربية يسمع الإله أدد، في إشارة إلى اعتبار متقدم للإله أدد. وكذلك في اسم ولده الآخر " إشمي دجن " ويعني في الأكادية " الإله دجن، سمع ". وهذا يعطي أهمية لحضور دجن في الحياة اليومية بالاضافة إلى أدد وانليل في آشور.
وبالمقابل، نلحظ أن حلب، كانت تقدم الإله أدد على أي إله آخر، ونعتقد أن هذا معزو إلى كونها مدينة زراعية، يعنيها الإله أدد في صفاته، إله الطقس والرعد وما يتصل بالخصب.
وكون أن المُلك يأتي من الإله، فإن مثلاً ياريم ليم، ملك حلب، وهو ممثل ونائب للإله على الأرض، حتى أنه يستطيع أن يحكي باسمه عبر الوحي الإلهي.
وكنا ذكرنا مضمون وثيقة / رسالة من ياريم ليم إلى زمري ليم، وردت إلى زمري ليم من الإله أدد الحلبي عن طريق الوحي وكان الوجه الآخر من الرسالة / الرقيم يحتوي على الرسالة التالية:
" ألست أنا، أدد سيد حلب، الذي فقّهك من بين الرعية، والذي أوصلك إلى العرش، وإلى منزل والدك ... لقد مسحتك بزيت انتصاري ".
الجدير ذكره، أن مملكة يمحاض / حلب، كانت بفاعلية تاريخية قوية، وهذا ما أسبغ على إلهها أدد، صفة القوة أيضاً، وعلى هذا نلحظ أن الملوك من الممالك أو المدن الأخرى، كانوا يحرصون حين زيارة يمحاض على تقديم الأضاحي لهذا الإله، وقد ذكرت الوثائق عن زيارة لزمري ليم إلى يمحاض وتقديمه الأضاحي لهذا الإله.( 7 )
كما كان يرسل باستمرار القرابين والأضاحي للإله أدد الحلبي، وقد أمر بصنع تمثال من البرونز تقدمة له، بمناسبة عودته إلى عرش ماري.
وتذكر النصوص، أن الخلاف الذي وقع بين يمحاض وقطنة، والذي ساهمت ماري / زمري ليم / في حلّه، كان من شروط ملك يمحاض للصلح أن يحضر ملك قطنة إلى حلب ليقدم الأضاحي ويحلف أمام الإله أدد في حلب وبشكل عام، وكون أن نموذج المجتمع الذي ساد في ماري شبيه في بابل وآشور في فترة السلالة البابلية الأولى، فإن المعلومات التي يمكن الحصول عليها من نصوص ماري يمكن أن يقال أنها تنطبق على بلاد آشور وبابل.
وكذا العكس، حيث أنه يمكننا مناقشة الطقوس والاعتقادات والشعائر والتي قدمتها مدينة بابل في الألف الثاني ونسحبها على ماري مستندين إلى النسيج الاجتماعي العموري أولاً، وإلى التماثل بين مدن المشرق العربي آنذاك.
ويذكر صموئيل هوك في مناقشته للإله شمش في بابل، حيث أن رمزه منقوش على مسلة قوانين حمورابي، وقد كان هذا الإله معنياً بتفسير الوحي إلى جانب الإله أدد. وكان رمزه الذي ينقش على الأختام والأنصاب مؤلفاً من قرص الشمس وله نجم ذو أربعة شعاب في داخله، والأشعة تنبثق من بين تلك الشعاب.
أما الإله أدد، فقد وصف في كتابات " جوديا " بأنه " الراعد " فهو إله العاصفة، ورمزه، الصاعقة التي يمسك بها في يـده اليمنى وبيسراه يحمل فأساً وحيوانـه المقــدس هو الثور المقدس.
أما عشتار / التي باركت زمري ليم في لوحة تنصيبه الجدارية / فقد كان رمزها نجماً ذو ثماني شعب أو 16 شعبة. وتمثل عموماً وهي راكبة ممتطيا المقدسة / الأسد / وهذا ما تبيناه في لوحة التنصيب.
وكنا ذكرنا سابقاً أن الكهان أو المتنبؤن كان لهم دوراً مهماً في ماري ويدعى واحدهم / نبو /، حيث يقدمون للملك رؤاهم حول مجريات الأمور والأخطار المحدقة بالمدينة.
وكنا أشرنا إلى وثيقة من ماري، خطّها " نبو " / المتنبئ أو العراف، وهو كبير الكهنة، وهذا كان ينقل للملك رؤاه ولاسيما في الحالات المصيرية والخطيرة في حياة المملكة.
وتحتوي هذه الوثيقة على رؤيا العراف التي نقلتها شيبتو الملكة إلى زوجها الغائب في المعارك، حيث تطمئنه إلى أن الإله وملائكته مصممون على حماية مدينة ماري وأن أحداً لا يستطيع المساس بها.( 8 )
وتحدثنا أيضاً ، عن استخدام الاستخارة من قبل العرافين في ماري، حيث تتم استشارة الإله، من أجل اتخاذ قرارات مصيرية في حياة المملكة / جان ماري دوران / قراءة في خمس مجلدات من ماري ـ فيصل عبد الله /.
وثمة منحى آخر في مقاربتنا للحياة الاعتقادية في المشرق العربي العموري / كما قبله /، يختص في النظر إلى الإله وفكرة الألوهة بشكل عام.
ولعل أول ما نلحظه خلال جولاتنا في النصوص المسمارية، أن الآلهة مؤنسـسنة، فهي أولاً صنع إنساني، وابتكار إنساني آنذاك وهذا نتج عن مجمل قيم التفاعل ومعاييره بين المجتمع وبيئته الطبيعية ووسطه الحيوي. وعلى هذا فإن الطبيعة بتجلياتها المختلفة هي التي حفزت الإنسان آنذاك لابتكار رموز لها، وهذا الأمر استند على فكرة الخوف والغموض، وعدم ايجاد تفسيرات منطقية أو علمية للظواهر الطبيعية، كالطوفان، والبرق والرعد، الخ.
والغريب هنا، هو أن المجتمع آنذاك استطاع السيطرة على الطبيعة، إن كان في تلك المنشأت المائية من سدود أو أقنية .. الخ .. غير أنه بقي في مجال البنية الدماغية قاصراً عن الوصول إلى تفسيرات لتلك الظواهر المخيفة والمدمرة.
لذا فإن النصوص المشرقية تحفل بذكر أن الإنسان خلق من أجل خدمة الآلهة dullu / دُلُّو /.
وكون تلك الآلهة ابتكار للعقل الإنساني، فقد أُنسنتْ، " وبذا فهي تأكل وتشرب وتسمع الموسيقى وترقص. كما أنها ـ تحتاج إلى أسرّة لتنام عليها، ولديها زوجات أو أزواج أو أبناء. كما أنها تغتسل وتتعطر "( 9 )
وذكرنا سابقاً أنه في ماري كان ثمة ورش لصناعة التماثيل تكون إلى جانب المعابد، والتماثيل تلك ممكن أن تكون شخصية، أو لا شخصية / عامة /. كما أن هناك ورشات لصنع تماثيل الآلهة. وفي هذه الـ " بتْ ـ مُحُّو " أي بيت الصانع، كانت تصاغ التماثيل وتصنع ثم تنصب في حرمات المعابد.
وكان ثمة طقس يعرف باسم " مِس ـ في " أي غسل الفم، وكذلك " فِتْ ـ في " أي فتح الفم. حيث يتم عبرهما سريان الحياة في تماثيل الآلهة.
أما ما يجري في المعبد من طقوس يومية، ففي المقام الأول يتم غسل التماثيل وكسوتها وإطعامها. وزودت حرم المعابد بمنصات توضع عليها الأضحيات والمشروبات والورود. وثمة مباخر للبخور. وكان على الكهنة، رش الحرم بالماء الطاهر، حيث كانت تقام الولائم.
أما طعام الآلهة فكان يتألف من الخبز والكعك ولحوم الحيوانات / عجل ـ ماعز ـ غنم ـ غزال / وكذلك السمك والدواجن /.
أما الكاهن المولج بذبح الأضحيات فيلقب بـ " نَسْ ـ فَتْري " أي حامل الخنجر.
وكانت الذهنية الاعتقادية آنذاك تعتقد أن تقديم القرابين للآلهة، يجعلها في مزاج حسن وبالتالي تجنب غضبها، وهذه القرابين كانت تسمى " تهدئة كبد " الآلهة.
وفي السنة الجديدة، كان الكاهن في اليوم الخامس يقوم مع " حامل الخنجر "، بعد قطع رأس أضحية، بتمريغ حرم المعبد باباً وجدراناً بجسد الأضحية، وبذا حسب اعتقادهم يتم طقسياً امتصاص كل الخبائث ونقلها إلى الأضحية / خروف أو عجل ../ المذبوحة ثم تلفى الشاة برأسها وجسمها في النهر الذي يذهب بها و بالخبائث التي تحملها.
والطريف هنا، أن الكاهنين الذين قاما بعملية التطهير أصبحا غير طاهرين طقسياً، لذا توجب عليهما مغادرة المدينة حتى انقضاء فترة الإحتفالات بالسنة الجديدة.
وكان الاعتقاد السائد آنذاك أن لكل حادث معنى اعتقادياً ويُعبّر عن مزاج القوى فوق الطبيعية أو الرموز الإلهية. لذا فثمة مراقبة لطيران الطيور، وكذلك علاقة الأجرام السماوية فيما بينها، وطاوع الشمس والقمر، وأحشاء الحيوان وأكبادها / وهذا الأمر موثق في لقى مدينة ماري /.
ويبدو أن قراءة الطالع أو التنبؤ كان يستند على جملة هذه الظواهر.
وكانت الولادة لتوائم، تعتبر ظاهرة جديرة بالملاحظة، وهذا محقق في وثائق ماري برسالة شيبتو لزوجها الملك تخبره مسرورة، بأنها أنجبت توأمين.