أنا سيلين ديون I Am Celine Dion
يذكّرنا عنوان هذا الفيلم الوثائقي ( أنا سيلين ديون ) بعنوان مذكرات المخرج الإيطالي الشهير " فيديريكو فلليني " ( 1920 ــ 1993 ) التي حملت عنوان ( أنا فلليني ) . و هما عنوانان أقل ما يقال عنهما أنهما يتجهان نحو التوثيق الصادق ، بعيداً عن الإختلاق و قريباً من الحقيقة . و علينا أن نفترض أن مبدعين من طراز " فلليني " و " سيلين ديون " إنما يعنيهما هكذا عنوان من جهة الصدق و قول الحقيقة في مذكرات " فلليني " الكتابية و مذكرات " سيلين ديون " الفيلمية .
سنجد في هذا الفيلم ــ المنتج هذا العام ( 2024 ) و المطروح قبل أسبوعين ــ أن المغنية الكندية الشهيرة " ديون " قد أدركت ضرورة توثيق حياتها ، الفنية الثرة و الإجتماعية السليمة ، في فيلم يجب أن يُحفظ في الذاكرات و لا يذهب أدراج النسيان ، بعد أن أدركها مرض غريب لا يصيب إلا واحداً من مليون شخص من البشر ، يُسمى ( متلازمة الشخص المتصلب ) و رمزه ( SPS ) و هو مرض يصيب العضلات و الأعصاب بالتشنج مما يسبب آلاماً لا تُطاق .
ولكن حتى لو أن حالة " سيلين ديون " المرضية لم تكن الدافع لإنتاج هذا الفيلم الوثائقي المهم و الجميل عن رحلتها الفنية و الإجتماعية ، فهي ــ في النهاية ــ من الشخصيات الإستثنائية التي يجب أن توثق مسيرتها . و حسناً فعلت الفنانة حين اختارت أن يكون الفيلم تحت سيطرتها لا أن يُسيّر وفق مناهج و حسابات شركات الإنتاج .
سندرك ، منذ البداية ، أن الفنانة هيأت كل ما يحتاجه الفيلم ، ليس على مستوى الوثائق فحسب ، بل الإستعداد النفسي و الحرص الشخصي ، و قبول تصوير حالات العلاج ، بل وحتى حالات الألم الذي يباغتها أثناء التصوير ، و ربما كانت هذه رغبة " سيلين ديون " نفسها ، لا إقتراحاً من المخرجة ، من أجل الخروج بنتيجة تقدم لنا فيلماً وثائقياً ، لقي في النهاية استقبالاً كبيراً من قبل النقاد و الجمهور على حد سواء .
يبدأ الفيلم ، الذي هو من إخراح الأمريكية " ايرين تايلور " ، بلقطة من فيديو توثيقي تظهر فيه " سيلين ديون " و هي شابة يافعة ، و تُطلق عبارةً بدت كما لو كانت على سبيل المزاح : ( حلمي هو أن أصبح نجمة عالمية .. أن يتسنى لي الغناء طوال حياتي ) ثم تعقبها بضحكة ساخرة خجول . بعدها تظهر في لقطة ــ بعد سنوات ــ و قد أصبحت نجمة عالمية حقاً .
و هاتان اللقطتان ، المتباعدتان زمنياً ، اللتان استهلت بهما المخرجة فيلمها ، ستكونان بداية للعبة التداخل الزمني في الفيلم ، ولكنه تداخل سلس ، يدركه المشاهد العادي أيضاً ، دون أي تشويش على تلقيه ، و واضح أن المخرجة " ايرين تايلور " مدركة لحرفتها و لضروب التلقي .
سنجد أن " سيلين ديون " في الوقت الذي كانت تسعى الى استعادة صحتها فإنها تستذكر أمجاد صوتها الإستثنائي و مشاهد حفلاتها في العالم ، و سندرك أنها تنطوي على ثقافة صوتية تمنحها القدرة على تحليل صوتها الغنائي و تشخيص متغيراته تحت تأثير المرض .
و كما سنراها في مشاهد عديدة من الفيلم ، هي مترعة بالحياة ، لا أثناء التصوير بل هي ــ أصلاً ــ مُشعّة بالعاطفة و الأمومة و الفن و الثقافة ، و صوتها نفسه صوتٌ مثقف ، مشذبٌ و مصقول و مُدرّب . و هي مدركة لطبيعة صوتها و قوته و تنوع طبقاته و لأدائها الساحر ، لذلك تُعد اليوم أفضل مغنيي العالم على الإطلاق و قد بلغت مبيعات ألبوماتها أكثر من 200 مليون نسخة .
و مع أن " سيلين ديون " كانت قد جابت العديد من عواصم العالم و اشتهرت منذ مطلع الثمانينيات إلا أن القلة القليلة في العالم العربي كانت تعرف من هي " سيلين ديون " قبل أن يظهر فيلم ( تايتانِك ) عام 1997 و قد غنت له أغنيتها الشهيرة ( قلبي سيستمر My Heart Will Go On ) .
ولدت " سيلين ديون " لعائلة كبيرة عام 1968 في مقاطعة ( كيبك ) الكندية التي يتحدث سكانها اللغة الفرنسية ، و تحديداً في مدينة ( شارلمان ) . و لأن هاجسها ( العالمية ) فكان لابد أن تتعلم اللغة الإنجليزية ، و في عام 1990 أصدرت أول ألبوم انجليزي لها بعنوان ( انسجام Unison ) الذي نقلها الى المقام الأول بين المغنين في أمريكا الشمالية ، و في عام 1993 طرحت البومها الإنجليزي الثاني ( لون عشقي The Color of My Love ) و هذا الألبوم نقلها مباشرة الى النجومية العالمية .
و " سيلين ديون " عاشت في عدة بلدان ــ غير بلدها ( كندا ) ــ مثل أمريكا و سويسرا و فرنسا و غنت في معظم عواصم العالم الكبرى و نالت العديد من الجوائز العالمية الرفيعة . و الذي اكتشف موهبتها و أخذ بيدها هو الرجل الثري " رينيه انجيليل " ( 1942 ــ 2016 ) ذو الأصل السوري اللبناني ( من أب سوري و أم لبنانية ) ــ و هو مغنٍ كندي أصلاً ــ و الذي سيصبح زوجها عام 1994 على الرغم من فارق السن ، إذ كان يكبرها بست و عشرين سنة فأنجبت منه ثلاثة أولاد ، إثنان منهما توأمان ، و سنراهم في الفيلم . و بقي " انجليل " مدير أعمالها الحريص حتى وفاته عام 2016 بمرض السرطان . فيما اتخذت " ديون " قرارها الحاسم بأن لا تتزوج من بعده .. وفاءً له ، و آثرت أن تتفرغ لتربية أولادها و رعايتهم .. و لفنها الراقي .
ولكن " سيلين ديون " ظهرت في شريط فيديو على أنستغرام ، في ديسمبر / كانون أول عام 2022 ، لتعلن أنها كانت تتعامل مع مشكلة صحية منذ فترة طويلة ، و لم يكن الجمهور يدرك هذه الحقيقة ، فقد كانت تعاني منها وحدها دون أن تعلن عنها ، لأن الفنانة نفسها لم تكن لتعرف طبيعة مرضها الذي لا علاج له ، لأنه مرض غامض و نادر جداً ، إذ أن نسبة الإصابة به هي : واحد بالمليون . و الحقيقة أن هذه النسبة تعني أن هذا المرض ــ الذي يشد الأعصاب و العضلات و يشنجها ليسبب آلاماً حادة ــ لم يُشخص بدقة لكي يوضع له العلاج ، فهو غريب و نادر ، و سنرى كيف أن " سيلين ديون " حرصت ــ في الفيلم ــ على أن يقف جمهورها و المشاهدون على حقيقة هذه المرض و معاناتها معه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
يذكّرنا عنوان هذا الفيلم الوثائقي ( أنا سيلين ديون ) بعنوان مذكرات المخرج الإيطالي الشهير " فيديريكو فلليني " ( 1920 ــ 1993 ) التي حملت عنوان ( أنا فلليني ) . و هما عنوانان أقل ما يقال عنهما أنهما يتجهان نحو التوثيق الصادق ، بعيداً عن الإختلاق و قريباً من الحقيقة . و علينا أن نفترض أن مبدعين من طراز " فلليني " و " سيلين ديون " إنما يعنيهما هكذا عنوان من جهة الصدق و قول الحقيقة في مذكرات " فلليني " الكتابية و مذكرات " سيلين ديون " الفيلمية .
سنجد في هذا الفيلم ــ المنتج هذا العام ( 2024 ) و المطروح قبل أسبوعين ــ أن المغنية الكندية الشهيرة " ديون " قد أدركت ضرورة توثيق حياتها ، الفنية الثرة و الإجتماعية السليمة ، في فيلم يجب أن يُحفظ في الذاكرات و لا يذهب أدراج النسيان ، بعد أن أدركها مرض غريب لا يصيب إلا واحداً من مليون شخص من البشر ، يُسمى ( متلازمة الشخص المتصلب ) و رمزه ( SPS ) و هو مرض يصيب العضلات و الأعصاب بالتشنج مما يسبب آلاماً لا تُطاق .
ولكن حتى لو أن حالة " سيلين ديون " المرضية لم تكن الدافع لإنتاج هذا الفيلم الوثائقي المهم و الجميل عن رحلتها الفنية و الإجتماعية ، فهي ــ في النهاية ــ من الشخصيات الإستثنائية التي يجب أن توثق مسيرتها . و حسناً فعلت الفنانة حين اختارت أن يكون الفيلم تحت سيطرتها لا أن يُسيّر وفق مناهج و حسابات شركات الإنتاج .
سندرك ، منذ البداية ، أن الفنانة هيأت كل ما يحتاجه الفيلم ، ليس على مستوى الوثائق فحسب ، بل الإستعداد النفسي و الحرص الشخصي ، و قبول تصوير حالات العلاج ، بل وحتى حالات الألم الذي يباغتها أثناء التصوير ، و ربما كانت هذه رغبة " سيلين ديون " نفسها ، لا إقتراحاً من المخرجة ، من أجل الخروج بنتيجة تقدم لنا فيلماً وثائقياً ، لقي في النهاية استقبالاً كبيراً من قبل النقاد و الجمهور على حد سواء .
يبدأ الفيلم ، الذي هو من إخراح الأمريكية " ايرين تايلور " ، بلقطة من فيديو توثيقي تظهر فيه " سيلين ديون " و هي شابة يافعة ، و تُطلق عبارةً بدت كما لو كانت على سبيل المزاح : ( حلمي هو أن أصبح نجمة عالمية .. أن يتسنى لي الغناء طوال حياتي ) ثم تعقبها بضحكة ساخرة خجول . بعدها تظهر في لقطة ــ بعد سنوات ــ و قد أصبحت نجمة عالمية حقاً .
و هاتان اللقطتان ، المتباعدتان زمنياً ، اللتان استهلت بهما المخرجة فيلمها ، ستكونان بداية للعبة التداخل الزمني في الفيلم ، ولكنه تداخل سلس ، يدركه المشاهد العادي أيضاً ، دون أي تشويش على تلقيه ، و واضح أن المخرجة " ايرين تايلور " مدركة لحرفتها و لضروب التلقي .
سنجد أن " سيلين ديون " في الوقت الذي كانت تسعى الى استعادة صحتها فإنها تستذكر أمجاد صوتها الإستثنائي و مشاهد حفلاتها في العالم ، و سندرك أنها تنطوي على ثقافة صوتية تمنحها القدرة على تحليل صوتها الغنائي و تشخيص متغيراته تحت تأثير المرض .
و كما سنراها في مشاهد عديدة من الفيلم ، هي مترعة بالحياة ، لا أثناء التصوير بل هي ــ أصلاً ــ مُشعّة بالعاطفة و الأمومة و الفن و الثقافة ، و صوتها نفسه صوتٌ مثقف ، مشذبٌ و مصقول و مُدرّب . و هي مدركة لطبيعة صوتها و قوته و تنوع طبقاته و لأدائها الساحر ، لذلك تُعد اليوم أفضل مغنيي العالم على الإطلاق و قد بلغت مبيعات ألبوماتها أكثر من 200 مليون نسخة .
و مع أن " سيلين ديون " كانت قد جابت العديد من عواصم العالم و اشتهرت منذ مطلع الثمانينيات إلا أن القلة القليلة في العالم العربي كانت تعرف من هي " سيلين ديون " قبل أن يظهر فيلم ( تايتانِك ) عام 1997 و قد غنت له أغنيتها الشهيرة ( قلبي سيستمر My Heart Will Go On ) .
ولدت " سيلين ديون " لعائلة كبيرة عام 1968 في مقاطعة ( كيبك ) الكندية التي يتحدث سكانها اللغة الفرنسية ، و تحديداً في مدينة ( شارلمان ) . و لأن هاجسها ( العالمية ) فكان لابد أن تتعلم اللغة الإنجليزية ، و في عام 1990 أصدرت أول ألبوم انجليزي لها بعنوان ( انسجام Unison ) الذي نقلها الى المقام الأول بين المغنين في أمريكا الشمالية ، و في عام 1993 طرحت البومها الإنجليزي الثاني ( لون عشقي The Color of My Love ) و هذا الألبوم نقلها مباشرة الى النجومية العالمية .
و " سيلين ديون " عاشت في عدة بلدان ــ غير بلدها ( كندا ) ــ مثل أمريكا و سويسرا و فرنسا و غنت في معظم عواصم العالم الكبرى و نالت العديد من الجوائز العالمية الرفيعة . و الذي اكتشف موهبتها و أخذ بيدها هو الرجل الثري " رينيه انجيليل " ( 1942 ــ 2016 ) ذو الأصل السوري اللبناني ( من أب سوري و أم لبنانية ) ــ و هو مغنٍ كندي أصلاً ــ و الذي سيصبح زوجها عام 1994 على الرغم من فارق السن ، إذ كان يكبرها بست و عشرين سنة فأنجبت منه ثلاثة أولاد ، إثنان منهما توأمان ، و سنراهم في الفيلم . و بقي " انجليل " مدير أعمالها الحريص حتى وفاته عام 2016 بمرض السرطان . فيما اتخذت " ديون " قرارها الحاسم بأن لا تتزوج من بعده .. وفاءً له ، و آثرت أن تتفرغ لتربية أولادها و رعايتهم .. و لفنها الراقي .
ولكن " سيلين ديون " ظهرت في شريط فيديو على أنستغرام ، في ديسمبر / كانون أول عام 2022 ، لتعلن أنها كانت تتعامل مع مشكلة صحية منذ فترة طويلة ، و لم يكن الجمهور يدرك هذه الحقيقة ، فقد كانت تعاني منها وحدها دون أن تعلن عنها ، لأن الفنانة نفسها لم تكن لتعرف طبيعة مرضها الذي لا علاج له ، لأنه مرض غامض و نادر جداً ، إذ أن نسبة الإصابة به هي : واحد بالمليون . و الحقيقة أن هذه النسبة تعني أن هذا المرض ــ الذي يشد الأعصاب و العضلات و يشنجها ليسبب آلاماً حادة ــ لم يُشخص بدقة لكي يوضع له العلاج ، فهو غريب و نادر ، و سنرى كيف أن " سيلين ديون " حرصت ــ في الفيلم ــ على أن يقف جمهورها و المشاهدون على حقيقة هذه المرض و معاناتها معه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ