الجذور الأنثروبولوجية لإيقاع الشعر العربي.من الترجيع إلى التقطيع -عبداللطيف الوراري.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجذور الأنثروبولوجية لإيقاع الشعر العربي.من الترجيع إلى التقطيع -عبداللطيف الوراري.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٤٠٧١٤-٠٦٤٣٠٦_Chrome.jpg 
مشاهدات:	4 
الحجم:	71.2 كيلوبايت 
الهوية:	224150
    محمد نجيب البهبيتي - جمال الدين بن الشيخ - يوسف سامي اليوسف
    من الترجيع إلى التقطيع: في الجذور الأنثروبولوجية لإيقاع الشعر العربي

    26 - أبريل - 2024م

    عبداللطيف الوراري

    الحاجة إلى الغناء

    كان للصحراء وجه الأسطورة الكُلّية في تاريخ الشعر عند العرب، إذ شكّلت على الدوام مختبر الإيقاعات والصور والاستعارات، الذي يمدّ نسغ القصيدة العربية بالحياة والتجدد. ما من شاعرٍ عربيّ لم يجمعه بها، إن سرّاً أو جهاراً، حَبْلٌ سُرّي يصله بغواية الإبداع الذي لم يفتأ يفتحه على إمكان الشعر وقدرة على التأمل والكشف عن عالمٍ في حاجة دائمة إلى الكشف. من بيداء امرئ القيس القفر، أو «بهماء موحشة» لدى الأعشى، والتيهاء التي حيّرت قطا ذي الرمة، أو باعتبارها سكناً كما لدى الحطيئة، ثُمّ التي وقفت دون الأحبة في خيال المتنبي، وهلُمّ شعراً.
    فحين اتّقدتْ جوانح العربي ومُخيّلته في أول الدهر بلهيب الشعر، ولاذ بعبارته من هجير الصحراء وفراغها الكبير، فتح عينيه على شُعلة الكون بأسراره في ليل الوجود، وهو «يشعر بما لا يشعر به غيره» مرتفعاً بأشواقه وأخيلته إلى مقام البوح والتغنّي والمقاومة؛ فكان أوّل ما اخترع الشعراء الغناء الذى أمسى ميزان فنّهم العظيم. يقول ابن رشيق: «كان الكلام كله منثوراً، فاحتاجت العرب إلى الغناء بمكارم أخلاقها وطيب أعراقها، وذكر أيامها الصالحة وأوطانها النازحة وفرسانها الأمجاد وسمحائها الأجواد، لتهتز أنفسها إلى الكرم وتدلّ أبناءها على حسن الشيم، فتوهموا أعاريض جعلوها موازين الكلام فلما تم لهم وزنه، سموه شعراً لأنهم شعروا به، أي فطنوا».

    ومنذ ذلك الوقت، بقوا يُغنّون أشعارهم ويعبرون عن نظمه وإلقائه بالإنشاد، ولعلّ أشهرهم المهلهل وعلقمة الفحل، والأعشى صنّاجة العرب، وكان من الشعراء من يُنْشد الشعر قاعداً، ومنهم من ينشده واقفاً، كما أن من طقوس إنشاد الشعر والتغني به اللباسَ والعناية به، بل تتفاوت أقدارهم لحسن الإنشاد من عدمه. وكان كعب بن زهير – مثلاً- إذا أنشد شعراً قال لنفسه «أحسنت وجاوزت والله الإحسان، فيقال له: أتحلف على شعرك؟ فيقول: نعم، لأني أبصرُ به منكم». وفي أشعارهم تُذكر أسماء الغناء والقيان وآلات الموسيقى المتنوعة من صنج ومزهر ودفّ وعود، وسواها؛ وهو ما يدلّ على ارتباط شعرهم بوظيفة الغناء، وكانت أشكال الشعر الأولى تجري في القديم على ثلاثة وجوه: النصب والسناد والهزج، وكانت تقصد بالأوّل غناء الركبان والفتيان، وبالثاني الثقيل الترجيع الكثير، فيما قصدت بالهزج الخفيف كلّه الذي يثير القلوب ويهيج الحليم، مثلما يرقص عليه ويمشي بالدفّ والمزمار فيطرب. وفي النَّصْبَ وسواه، كانت العرب تغنّي وتمدّ أصواتها بالنشيد، وتزن الشعر بالغناء. وقد روي عن ثعلب أن العرب كانت تُعلّم أولادها قول الشعر بوضع غير معقول، يُوضع على بعض أوزان الشعر، كأنّه على وزن (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) حتى أصبح هذا الشكل مستقلاً عن غيره، وهم يعرفونه من اللحن والنغم ويُميّزونه عن غيره من التغني به؛ فإذا أرادوا تمييز بيتين عن بعضهما تغنّوْا بكليهما، فإن توافقا فهما من وزن واحد، وإلا فهما مختلفان من غير أن يعرفوا الأوزان ويُسمّونها. فالغناء عندهم مضمار معرفة الشعر وموسيقاه، ومن خلال «هاتين العلّتين (أي تأليف الشعر ومناسبة أوزانه للألحان) انبعثت الشعرية منهم حسب غريزة كل واحد منهم وقريحته في خاصته، وحسب خلقه وعادته» كما يقول ابن سينا.

    تأليفات الإيقاع:
يعمل...
X