ميساء محمد.. التي تحدت الحرب بالرسم المترف
موهبة كبيرة بوجوه متعددة.
الأحد 2024/06/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
رسامة تعرف ما تفعل
في الأول من يونيو 2024 رحلت عن عالمنا الرسامة السورية ميساء محمد عن عمر ناهز الستين سنة في مقر إقامتها بدبي. وتعتبر الفنانة الراحلة واحدة من أهم الفنانات السوريات اللواتي برزن بعد الألفية الثالثة.
يدها مرآة خيالها
غالبا ما يستحضر رسامو الوجوه وجوههم من غير قصد مبيت.
◄ رسمت من خلال وجوه نسائها وجهها
يبدو سطح اللوحة الأبيض كما لو أنه مرآة. ترسم وجها يشبه وجهك من غير أن يكون ذلك الوجه وجهك الحقيقي. في إمكان الفن أن يقربنا من حقائق لا نعيها واقعيا.
ذلك ما تفعله ميساء محمد وهي ترسم وجوها لأخريات. لا تحتاج إلى أن تتخيل وجوههن. يدها التي هي مرآة خيالها تفعل ما تراه مناسبا لكي يكون الوجه شبيها بذلك الوجه الذي تحلمه الرسامة.
ما من شيء واقعي بالرغم من أن كل شيء يجري في سياق طريقة واقعية في النظر تغلب عليها رغبة في التعبير عن شعور مفقود.
تستخرج ميساء وجوهها من منطقة وهمية. فهي ترى ما يجب أن تراه لا ما هو قائم أمامها باعتباره واقعا. ذلك لا يعني أنها تضطر إلى إخفاء شيء ما من أجل إظهار شيء آخر. إنها متصالحة مع فكرة أنها ترسم. بالمعنى الذي يجعلها بعيدة عن الشرط الذي
يلزمها بالتثبت من واقعيتها. وإذا ما عدنا إلى المحترف الفني السوري لا بد أن ننتبه إلى حقيقتين. الأولى أن هناك رسامين كبارا شغفوا برسم الوجوه يقف في مقدمتهم مروان قصاب باشي. أما الحقيقة الثانية فإنها تتعلق بولع جيل من الرسامات السوريات برسم الوجوه، تقف سارة شمة في مقدمتهن.
تبدو ميساء محمد قريبة من تجربة الرسام نذير نبعة. هل كان معلمها؟
أسلوب معالجة الشكل النسوي يبدو واضحا في معالجات ميساء وهو أمر يدعو إلى التفاؤل. فذلك الأسلوب ينطوي على خبرة استثنائية في مجالي الحرفة والخيال المستندين إلى موهبة كبيرة.
أعتقد أن ميساء تعرف ما تفعل. ما من شيء مجاني أو يقع بالصدفة.
◄ فنانة اختارت أن ترسم المرأة وذهبت بالوجوه النسوية إلى مكان هو شاشة لعرض الألم والعذاب والصبر والكدح
وهي إذ تقترب في أحيان كثيرة من عالم الأيقونة من غير أن تحتمي به فإنها تفعل ما كان نذير قد فعله حين رسم نساء واقعيات بعين مَن ينظر إلى الآلهة القديمة.
نساء ميساء خارجات لتوهن من الأسطورة. لا أحد يلتفت إلى صفاتهن الاستثنائية بقدر ما يتملكه سحر ورعهن وهن يؤدين أدوارهن بهدوء وخفة كما لو أنهن يمارسن أعمالا يومية.
ما يُرى في لوحات ميساء لا تمكن رؤيته في الحياة الواقعية بالرغم من أن الرسامة لم تخترع أحداثا خيالية.
في إمكان الرسم أن يحدث تحولا في العلاقة بين ما هو واقعي وما هو خيالي من خلال قوة الوهم. سيكون علينا في حالة النظر إلى رسوم ميساء ألا نخدع أنفسنا بالمعاني المتاحة. هناك معنى لم نتوقعه هو في طريقه إلينا.
ولدت ميساء محمد عام 1964 في مدينة جبلة. درست الرسم في كلية الفنون الجميلة بدمشق. في البدء تعاملت مع الرسم باعتباره هواية وركزت على عملها في التلفزيون. كان ذلك في القاهرة حيث قضت هناك سنوات قبل أن تنتقل إلى دبي.
نساء من طرف العالم
بعد نشوب الحرب في سوريا شعرت ميساء أن هناك قوة داخلية غريبة تدفع بها في اتجاه التعبير عما رأته وعاشته خلال السنوات الثلاث التي سبقت مغادرتها بلدها. لقد صارت ترسم بنهم كما لو أنها أرادت أن تعوض ما فاتها.
وإذا ما كانت الفنانة قد ركزت في البدء على التعبير عن الحالة المأساوية من خلال مشاهد لنساء مجهولات الهوية، تجمع بينهن أسئلة تتعلق بالمصير الذي صار يزداد غموضا فإنها سرعان ما انتقلت إلى الاهتمام بالإيقاع الموسيقي الذي ينبعث من الوجوه حين تكون في مواجهة مصيرها.
ولأن ميساء قد أجادت الدرس الأكاديمي وأتقنت الرسم بطريقة مدرسية فقد سعت إلى أن تتحرر من ضغط ذلك الدرس من خلال اللعب على الألوان ومن خلالها، بحيث تنفذ الصورة إلى ما وراء الواقع. فالنساء اللواتي رسمتهن لسن صورا مستنسخة بل هن الفكرة التي تلاحق التعبير عنها.
◄ ما يُرى في لوحات الفنانة لا تمكن رؤيته في الحياة الواقعية بالرغم من أن الرسامة لم تخترع أحداثا خيالية
هذه رسامة تقول أشياء كبيرة من خلال مفردات قليلة. تلك مفردات يمكن أن يُكتفى بالنظر إليها جماليا. غير أن ميساء وهبت الجمال طابعا متشنجا من خلال سلوكها التقني. لقد ذهبت بالوجوه النسوية إلى المكان الذي هو شاشة لعرض الألم والعذاب والصبر والشقاء والكدح. كل ذلك يجري وسط أجواء احتفالية، تبدو كما لو أنها مترفة، غير أنها ليست كذلك حتما.
تعارض من شأن الفن أن يفكك ألغازه.
لقد اختارت ميساء أن ترسم المرأة في حقيقتها لا كما هي عليه في الواقع. قد يكون الدافع إلى ذلك رغبة غير معلنة وغير مقصودة في الإنكار. إنكار حجم الهزيمة التي تتعرض لها المجتمعات في الحرب. هناك اعتراض صاف في كل العيون اللامعة التي رسمتها ميساء. ولأن المرأة بالنسبة للفنانة هي خلاصة التعبير عن المصير البشري فقد كانت تلك العيون عيون نساء دائما.
كل لوحة من لوحات ميساء محمد هي حكاية. ما يظهر من الحكاية ليس الحكاية كلها بتفاصيلها. بارعة ميساء وهي تجر أقدام مشاهديها إلى مواقع لم تظهر في اللوحة وليس ظهورها مطلوبا. وهي مواقع تعبيرية، حاولت من خلالها الرسامة أن تنقلنا إلى حياة لم يصرح أحد بأنه عاشها من قبل. حياة سرية لنسوة مفقودات، أثقلتهن الوحدة وصرن يبرعن في تدجين خسائرهن وتأثيث حياتهن بالأقل باعتباره جميلا.
“لم ننته إلى طريق مسدودة” ذلك ما يقلنه تلكم النسوة. غير أننا يمكن أن نستشفه من رؤيتهن في زينتهن التي تؤكد أن الحياة لا تزال جميلة. لا تخفي ميساء تأثرها بالحرب التي شهدتها بلادها. ولكن التأثر يبدو على درجة كبيرة من العمق والغموض.
الوتر الناقص
◄ المرأة في حقيقتها لا كما هي عليه في الواقع
“هناك أمل” ذلك ليس صوت الرسامة ولكنه أصوات النساء اللواتي رسمتهن في معرضها “مقام الصبا” الذي أقامته في دمشق ودبي وزيورخ. هناك عودة إلى التخت
الشرقي. وتر ناقص سيكون بمثابة فكرة اختلاف في النظر. سيكون كل شيء غريبا مثل مقام الصبا. وهو ما ترجو الفنانة الوصول إليه.
لا ترغب ميساء في أن تزج بنفسها في الملاحم الكبيرة. تكتفي بما تجده مناسبا لمزاجها وهو مزاج تصويري يقترح فكرة عن الأمل قد يجدها الكثيرون نوعا من الترف، غير أنها بالنسبة للفنانة تمثل حلا على مستوى الفن.
◄ لأن ميساء قد أجادت الدرس الأكاديمي وأتقنت الرسم بطريقة مدرسية فقد سعت إلى أن تتحرر من ضغط ذلك الدرس
سيُقال “إنها تهرب من الحرب” ذلك صحيح، فهي تهرب من القبح.
غير أنها تحمل جزءا من الحقيقة معها حين يتعلق الأمر بالجمال.
تفكر ميساء في الموسيقى وهي تسعى إلى استعراض أفكارها عن الحرب. ذلك ما يجب أن نهتم به. هناك طريقة أخرى في التفكير. وهي طريقة لا يمكنها أن تختزل كل شيء غير أنها تقول شيئا ما يقع خارج التفكير القطيعي.
من حق ميساء وهي فنانة طليعية أن تضع كل شيء في مكانه بالطريقة التي لا تعكر صفو الجمال.
رسمت ميساء محمد شبيهاتها. رسمت من خلال وجوهن وجهها. لقد أخذتها متعة الرسم إلى درجة نسيان الفرق بين ما رأته وما لم تره. لقد أنتجت رسوما يمكن أن تُحب من النظرة الأولى. تلك رسوم تجبرنا على أن نتذكرها ونفكر فيها. أما الهرب منها فلن يكون متاحا.
ميساء محمد هي رسامة من طراز خاص فقدناها.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي
موهبة كبيرة بوجوه متعددة.
الأحد 2024/06/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
رسامة تعرف ما تفعل
في الأول من يونيو 2024 رحلت عن عالمنا الرسامة السورية ميساء محمد عن عمر ناهز الستين سنة في مقر إقامتها بدبي. وتعتبر الفنانة الراحلة واحدة من أهم الفنانات السوريات اللواتي برزن بعد الألفية الثالثة.
يدها مرآة خيالها
غالبا ما يستحضر رسامو الوجوه وجوههم من غير قصد مبيت.
◄ رسمت من خلال وجوه نسائها وجهها
يبدو سطح اللوحة الأبيض كما لو أنه مرآة. ترسم وجها يشبه وجهك من غير أن يكون ذلك الوجه وجهك الحقيقي. في إمكان الفن أن يقربنا من حقائق لا نعيها واقعيا.
ذلك ما تفعله ميساء محمد وهي ترسم وجوها لأخريات. لا تحتاج إلى أن تتخيل وجوههن. يدها التي هي مرآة خيالها تفعل ما تراه مناسبا لكي يكون الوجه شبيها بذلك الوجه الذي تحلمه الرسامة.
ما من شيء واقعي بالرغم من أن كل شيء يجري في سياق طريقة واقعية في النظر تغلب عليها رغبة في التعبير عن شعور مفقود.
تستخرج ميساء وجوهها من منطقة وهمية. فهي ترى ما يجب أن تراه لا ما هو قائم أمامها باعتباره واقعا. ذلك لا يعني أنها تضطر إلى إخفاء شيء ما من أجل إظهار شيء آخر. إنها متصالحة مع فكرة أنها ترسم. بالمعنى الذي يجعلها بعيدة عن الشرط الذي
يلزمها بالتثبت من واقعيتها. وإذا ما عدنا إلى المحترف الفني السوري لا بد أن ننتبه إلى حقيقتين. الأولى أن هناك رسامين كبارا شغفوا برسم الوجوه يقف في مقدمتهم مروان قصاب باشي. أما الحقيقة الثانية فإنها تتعلق بولع جيل من الرسامات السوريات برسم الوجوه، تقف سارة شمة في مقدمتهن.
تبدو ميساء محمد قريبة من تجربة الرسام نذير نبعة. هل كان معلمها؟
أسلوب معالجة الشكل النسوي يبدو واضحا في معالجات ميساء وهو أمر يدعو إلى التفاؤل. فذلك الأسلوب ينطوي على خبرة استثنائية في مجالي الحرفة والخيال المستندين إلى موهبة كبيرة.
أعتقد أن ميساء تعرف ما تفعل. ما من شيء مجاني أو يقع بالصدفة.
◄ فنانة اختارت أن ترسم المرأة وذهبت بالوجوه النسوية إلى مكان هو شاشة لعرض الألم والعذاب والصبر والكدح
وهي إذ تقترب في أحيان كثيرة من عالم الأيقونة من غير أن تحتمي به فإنها تفعل ما كان نذير قد فعله حين رسم نساء واقعيات بعين مَن ينظر إلى الآلهة القديمة.
نساء ميساء خارجات لتوهن من الأسطورة. لا أحد يلتفت إلى صفاتهن الاستثنائية بقدر ما يتملكه سحر ورعهن وهن يؤدين أدوارهن بهدوء وخفة كما لو أنهن يمارسن أعمالا يومية.
ما يُرى في لوحات ميساء لا تمكن رؤيته في الحياة الواقعية بالرغم من أن الرسامة لم تخترع أحداثا خيالية.
في إمكان الرسم أن يحدث تحولا في العلاقة بين ما هو واقعي وما هو خيالي من خلال قوة الوهم. سيكون علينا في حالة النظر إلى رسوم ميساء ألا نخدع أنفسنا بالمعاني المتاحة. هناك معنى لم نتوقعه هو في طريقه إلينا.
ولدت ميساء محمد عام 1964 في مدينة جبلة. درست الرسم في كلية الفنون الجميلة بدمشق. في البدء تعاملت مع الرسم باعتباره هواية وركزت على عملها في التلفزيون. كان ذلك في القاهرة حيث قضت هناك سنوات قبل أن تنتقل إلى دبي.
نساء من طرف العالم
بعد نشوب الحرب في سوريا شعرت ميساء أن هناك قوة داخلية غريبة تدفع بها في اتجاه التعبير عما رأته وعاشته خلال السنوات الثلاث التي سبقت مغادرتها بلدها. لقد صارت ترسم بنهم كما لو أنها أرادت أن تعوض ما فاتها.
وإذا ما كانت الفنانة قد ركزت في البدء على التعبير عن الحالة المأساوية من خلال مشاهد لنساء مجهولات الهوية، تجمع بينهن أسئلة تتعلق بالمصير الذي صار يزداد غموضا فإنها سرعان ما انتقلت إلى الاهتمام بالإيقاع الموسيقي الذي ينبعث من الوجوه حين تكون في مواجهة مصيرها.
ولأن ميساء قد أجادت الدرس الأكاديمي وأتقنت الرسم بطريقة مدرسية فقد سعت إلى أن تتحرر من ضغط ذلك الدرس من خلال اللعب على الألوان ومن خلالها، بحيث تنفذ الصورة إلى ما وراء الواقع. فالنساء اللواتي رسمتهن لسن صورا مستنسخة بل هن الفكرة التي تلاحق التعبير عنها.
◄ ما يُرى في لوحات الفنانة لا تمكن رؤيته في الحياة الواقعية بالرغم من أن الرسامة لم تخترع أحداثا خيالية
هذه رسامة تقول أشياء كبيرة من خلال مفردات قليلة. تلك مفردات يمكن أن يُكتفى بالنظر إليها جماليا. غير أن ميساء وهبت الجمال طابعا متشنجا من خلال سلوكها التقني. لقد ذهبت بالوجوه النسوية إلى المكان الذي هو شاشة لعرض الألم والعذاب والصبر والشقاء والكدح. كل ذلك يجري وسط أجواء احتفالية، تبدو كما لو أنها مترفة، غير أنها ليست كذلك حتما.
تعارض من شأن الفن أن يفكك ألغازه.
لقد اختارت ميساء أن ترسم المرأة في حقيقتها لا كما هي عليه في الواقع. قد يكون الدافع إلى ذلك رغبة غير معلنة وغير مقصودة في الإنكار. إنكار حجم الهزيمة التي تتعرض لها المجتمعات في الحرب. هناك اعتراض صاف في كل العيون اللامعة التي رسمتها ميساء. ولأن المرأة بالنسبة للفنانة هي خلاصة التعبير عن المصير البشري فقد كانت تلك العيون عيون نساء دائما.
كل لوحة من لوحات ميساء محمد هي حكاية. ما يظهر من الحكاية ليس الحكاية كلها بتفاصيلها. بارعة ميساء وهي تجر أقدام مشاهديها إلى مواقع لم تظهر في اللوحة وليس ظهورها مطلوبا. وهي مواقع تعبيرية، حاولت من خلالها الرسامة أن تنقلنا إلى حياة لم يصرح أحد بأنه عاشها من قبل. حياة سرية لنسوة مفقودات، أثقلتهن الوحدة وصرن يبرعن في تدجين خسائرهن وتأثيث حياتهن بالأقل باعتباره جميلا.
“لم ننته إلى طريق مسدودة” ذلك ما يقلنه تلكم النسوة. غير أننا يمكن أن نستشفه من رؤيتهن في زينتهن التي تؤكد أن الحياة لا تزال جميلة. لا تخفي ميساء تأثرها بالحرب التي شهدتها بلادها. ولكن التأثر يبدو على درجة كبيرة من العمق والغموض.
الوتر الناقص
◄ المرأة في حقيقتها لا كما هي عليه في الواقع
“هناك أمل” ذلك ليس صوت الرسامة ولكنه أصوات النساء اللواتي رسمتهن في معرضها “مقام الصبا” الذي أقامته في دمشق ودبي وزيورخ. هناك عودة إلى التخت
الشرقي. وتر ناقص سيكون بمثابة فكرة اختلاف في النظر. سيكون كل شيء غريبا مثل مقام الصبا. وهو ما ترجو الفنانة الوصول إليه.
لا ترغب ميساء في أن تزج بنفسها في الملاحم الكبيرة. تكتفي بما تجده مناسبا لمزاجها وهو مزاج تصويري يقترح فكرة عن الأمل قد يجدها الكثيرون نوعا من الترف، غير أنها بالنسبة للفنانة تمثل حلا على مستوى الفن.
◄ لأن ميساء قد أجادت الدرس الأكاديمي وأتقنت الرسم بطريقة مدرسية فقد سعت إلى أن تتحرر من ضغط ذلك الدرس
سيُقال “إنها تهرب من الحرب” ذلك صحيح، فهي تهرب من القبح.
غير أنها تحمل جزءا من الحقيقة معها حين يتعلق الأمر بالجمال.
تفكر ميساء في الموسيقى وهي تسعى إلى استعراض أفكارها عن الحرب. ذلك ما يجب أن نهتم به. هناك طريقة أخرى في التفكير. وهي طريقة لا يمكنها أن تختزل كل شيء غير أنها تقول شيئا ما يقع خارج التفكير القطيعي.
من حق ميساء وهي فنانة طليعية أن تضع كل شيء في مكانه بالطريقة التي لا تعكر صفو الجمال.
رسمت ميساء محمد شبيهاتها. رسمت من خلال وجوهن وجهها. لقد أخذتها متعة الرسم إلى درجة نسيان الفرق بين ما رأته وما لم تره. لقد أنتجت رسوما يمكن أن تُحب من النظرة الأولى. تلك رسوم تجبرنا على أن نتذكرها ونفكر فيها. أما الهرب منها فلن يكون متاحا.
ميساء محمد هي رسامة من طراز خاص فقدناها.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فاروق يوسف
كاتب عراقي