ويمكننا الآن بلورة عالم الألوهة لدى المشرقيين القدماء استناداً لما جاء في الوثائق,ربما برؤية جديدة تتجاوز ما ذهب إليه المستشرقون وحتى بعض الباحثين العرب باستثناء قلة حاولت التماس الحقيقة كون أننا نحن خلائف الأجداد ونستطيع فهم عالم الألوهة لديهم كوننا نستند على منجز ديني مغرق في القدم وفاعل في جوهره حتى الآن في ديانتيه السماويتين المسيحية والإسلامية .
فأولاً :
ثمة فصل واضح بين عالمين متصلين ببعضهما البعض : السماء والأرض .
السماء في علاها,يسكنها سيد الخلق والأرباب والآلهة / التي أطلقنا عليها اسم الملائكة الإلهية / لأن البنية الدماغية آنذاك في الألف الرابع والثالث قبل الميلاد لم تستطع عبر ما وصلت فيه من تطور إلى تحليل وتفكيك وإعادة تركيب لدرجات الألوهة غير أنه استطاعت تمييز إله واحد عالي هو الخالد أبوالسنين سيد الأرباب وخالق كل شيء .
ثم نجد أننا أمام إلهات هي وسائط بين السماء والأرض,بين الإله العالي والمجتمع والإنسان,وهذه الإلهات الملائكية كانت وظائفها تنفيذ الكلمة الإلهية وإرادة الإله العالي وإدارة شئون الأرض والمجتمع .
وكلما أحس المجتمع بابتعاد الآلهة الملائكيين عنه / لانشغالها بأمور التنظيم والعمل الكثير / خلق توازناً جديداً تجلى مثلاً بابتكار ألوهة محلية لكل مدينة,فكان هناك لكل مدينة ألوهتها الحارسة الخاصة بها .()
وثمة إله شخصي أيضاً للإنسان الذي من وظائفه أن يتوسط للإنسان عند اله المدينة.
ثانياً :
تقدمت الذهنية المشرقية خطوة نحوالأمام حين منحت الإله العالي – خالق وسيد الأرباب الملائكية ومعاونيه,صفة الخلود، فالألوهة خالدة مقابل فناء الإنسان وهذا ما أدركناه فيما تقدم من وثائق.
ثالثاً :
نلاحظ في تقييمنا لمقام الإله العالي أن ليس هناك شركاً به فهو الواحد الأوحد الذي يمتلك الكلمة الإلهية الخالقة.لا منافس له وكل أدواته التنفيذية / ملائكته / تسجد وتتعبد له.
ومقابل ذلك نلاحظ أنه كلما عبرنا بالزمن باتجاه العصور اللاحقة نجد أن الذهنية أخذت تحاول تلّمس تصور أكثر دقة وتحليلاً لتصورات الألوهة ورموزها .
فالمعلوم أن بابل في الألف الثاني هذه المدينة الدولة المملكة,كانت قوية يميزها اتحاد مجتمعي مهم انعكس على التصور المتبدي للألوهة/ فكلما تجزأ المجتمع كلما تعددت آلهاته ورموزه/.
ففيها كان الإله مردوخ هو السيد العالي حيث توارى آنوخلف السموات السبع مجرداً كإله قديم وأخذ مردوخ كلمته الخالقة وهذا ما نلمسه في أسطورة الخلق البابلية حيث يصير مردوخ بديلاً لآنو.()
فنجد توصيفاً للآلهة الملائكية في بابل آنذاك :
لوجال انكي : هو مردوخ الينابيع
نينورتا : مردوخ القتال
زبابا : مردوخ الصراع
انليل : مردوخ السيادة وأخذ القرارات
نبو: مردوخ الحساب
سن : مردوخ عندما ينير الليل
شمش : مردوخ الضياء وكل ما يخص العدالة
حدد : مردوخ المطر .(64)
نلاحظ هنا أننا أمام محاولة توحيدية ووحدانية حيث أن كل مظاهر الألوهة الملائكية وأفعالها هي ترجيح لكلمة الخلق الأولى المتجسدة في الإله الخالق الواحد .
ولعل هذا المفهوم المتطور للتوحيد في بداءته دفع جان بوترو/ القريب في قراءاته لمفهومنا تقريباً / إلى القول : " إن المفهوم الديني الخاص " للمشرقيين " تجاه الله والمتأتي من احتفاظهم بالشعور والعظمة الإلهية من بعيد وشعورهم بحضور الإله في كل مكان وبهذا القدر الكبير قد برهنوا أنهم من الشعوب الأقوى تديناً على الأرض ولعل من بين الديانات العالمية والكبيرة المنتشرة في العالم نجد أن المسيحية والإسلام تعود جذورها إليهم,أي إلى "المشرقيين" "(65).
ويضيف :
" لقد حافظ "المشرقيون" تجاه الله على بعد مناسب لما لهم تجاهه من احترام وعاطفة قوية ويظهر هذا مثلاً في "الله أكبر" وهذا اصطلاح يقوله المسلمون دائماً "().
وهنا ينبغي أن نؤكد على أن هذا الدفق الإنساني للإله العالي كان من ابتكار القسم الحوفي في الدماغ مدعوماً بمعالم الإدراك التي تمخضت عنها تطورات القشرة الدماغية وعلى هذا نفهم مقولة كارين أرمسترونغ : " مهما كانت النتائج التي نتوصل إليها حول حقيقة الله فإن تاريخ هذه الفكرة يجب أن يخبرنا شيئاً عن العقل البشري "(66).
وتضيف الباحثة :
" نحن بحاجة إلى رؤية ما كان الناس يفعلونه عندما بدأوا عبادة الله,وماذا كان يعنيه لهم,وكيف تصوروه . وللقيام بذلك علينا أن نعود إلى العالم القديم في " الشرق الأدنى " حيث ظهرت فكرة إلهنا تدريجياً قبل نحو14000 سنة خلت "(67)
وتصل إلى تقييم شامل لما توصلت إليه الذهنية المشرقية بقولها :
" عبر التاريخ عرف البشر بعداً للروح يبدو أنه تجاوز العالم الدنيوي . وفي الحقيقة إنها لميزة آسرة في العقل البشري أن يكون قادراً على نسج مفاهيم تقع خارجه بهذه الطريقة ومهما اخترنا لتفسيره فإن الشعور الإنساني بالتسامي ما يزال إحدى حقائق الحياة ".
تابنا نشوء فكرة الألوهة -
فأولاً :
ثمة فصل واضح بين عالمين متصلين ببعضهما البعض : السماء والأرض .
السماء في علاها,يسكنها سيد الخلق والأرباب والآلهة / التي أطلقنا عليها اسم الملائكة الإلهية / لأن البنية الدماغية آنذاك في الألف الرابع والثالث قبل الميلاد لم تستطع عبر ما وصلت فيه من تطور إلى تحليل وتفكيك وإعادة تركيب لدرجات الألوهة غير أنه استطاعت تمييز إله واحد عالي هو الخالد أبوالسنين سيد الأرباب وخالق كل شيء .
ثم نجد أننا أمام إلهات هي وسائط بين السماء والأرض,بين الإله العالي والمجتمع والإنسان,وهذه الإلهات الملائكية كانت وظائفها تنفيذ الكلمة الإلهية وإرادة الإله العالي وإدارة شئون الأرض والمجتمع .
وكلما أحس المجتمع بابتعاد الآلهة الملائكيين عنه / لانشغالها بأمور التنظيم والعمل الكثير / خلق توازناً جديداً تجلى مثلاً بابتكار ألوهة محلية لكل مدينة,فكان هناك لكل مدينة ألوهتها الحارسة الخاصة بها .()
وثمة إله شخصي أيضاً للإنسان الذي من وظائفه أن يتوسط للإنسان عند اله المدينة.
ثانياً :
تقدمت الذهنية المشرقية خطوة نحوالأمام حين منحت الإله العالي – خالق وسيد الأرباب الملائكية ومعاونيه,صفة الخلود، فالألوهة خالدة مقابل فناء الإنسان وهذا ما أدركناه فيما تقدم من وثائق.
ثالثاً :
نلاحظ في تقييمنا لمقام الإله العالي أن ليس هناك شركاً به فهو الواحد الأوحد الذي يمتلك الكلمة الإلهية الخالقة.لا منافس له وكل أدواته التنفيذية / ملائكته / تسجد وتتعبد له.
ومقابل ذلك نلاحظ أنه كلما عبرنا بالزمن باتجاه العصور اللاحقة نجد أن الذهنية أخذت تحاول تلّمس تصور أكثر دقة وتحليلاً لتصورات الألوهة ورموزها .
فالمعلوم أن بابل في الألف الثاني هذه المدينة الدولة المملكة,كانت قوية يميزها اتحاد مجتمعي مهم انعكس على التصور المتبدي للألوهة/ فكلما تجزأ المجتمع كلما تعددت آلهاته ورموزه/.
ففيها كان الإله مردوخ هو السيد العالي حيث توارى آنوخلف السموات السبع مجرداً كإله قديم وأخذ مردوخ كلمته الخالقة وهذا ما نلمسه في أسطورة الخلق البابلية حيث يصير مردوخ بديلاً لآنو.()
فنجد توصيفاً للآلهة الملائكية في بابل آنذاك :
لوجال انكي : هو مردوخ الينابيع
نينورتا : مردوخ القتال
زبابا : مردوخ الصراع
انليل : مردوخ السيادة وأخذ القرارات
نبو: مردوخ الحساب
سن : مردوخ عندما ينير الليل
شمش : مردوخ الضياء وكل ما يخص العدالة
حدد : مردوخ المطر .(64)
نلاحظ هنا أننا أمام محاولة توحيدية ووحدانية حيث أن كل مظاهر الألوهة الملائكية وأفعالها هي ترجيح لكلمة الخلق الأولى المتجسدة في الإله الخالق الواحد .
ولعل هذا المفهوم المتطور للتوحيد في بداءته دفع جان بوترو/ القريب في قراءاته لمفهومنا تقريباً / إلى القول : " إن المفهوم الديني الخاص " للمشرقيين " تجاه الله والمتأتي من احتفاظهم بالشعور والعظمة الإلهية من بعيد وشعورهم بحضور الإله في كل مكان وبهذا القدر الكبير قد برهنوا أنهم من الشعوب الأقوى تديناً على الأرض ولعل من بين الديانات العالمية والكبيرة المنتشرة في العالم نجد أن المسيحية والإسلام تعود جذورها إليهم,أي إلى "المشرقيين" "(65).
ويضيف :
" لقد حافظ "المشرقيون" تجاه الله على بعد مناسب لما لهم تجاهه من احترام وعاطفة قوية ويظهر هذا مثلاً في "الله أكبر" وهذا اصطلاح يقوله المسلمون دائماً "().
وهنا ينبغي أن نؤكد على أن هذا الدفق الإنساني للإله العالي كان من ابتكار القسم الحوفي في الدماغ مدعوماً بمعالم الإدراك التي تمخضت عنها تطورات القشرة الدماغية وعلى هذا نفهم مقولة كارين أرمسترونغ : " مهما كانت النتائج التي نتوصل إليها حول حقيقة الله فإن تاريخ هذه الفكرة يجب أن يخبرنا شيئاً عن العقل البشري "(66).
وتضيف الباحثة :
" نحن بحاجة إلى رؤية ما كان الناس يفعلونه عندما بدأوا عبادة الله,وماذا كان يعنيه لهم,وكيف تصوروه . وللقيام بذلك علينا أن نعود إلى العالم القديم في " الشرق الأدنى " حيث ظهرت فكرة إلهنا تدريجياً قبل نحو14000 سنة خلت "(67)
وتصل إلى تقييم شامل لما توصلت إليه الذهنية المشرقية بقولها :
" عبر التاريخ عرف البشر بعداً للروح يبدو أنه تجاوز العالم الدنيوي . وفي الحقيقة إنها لميزة آسرة في العقل البشري أن يكون قادراً على نسج مفاهيم تقع خارجه بهذه الطريقة ومهما اخترنا لتفسيره فإن الشعور الإنساني بالتسامي ما يزال إحدى حقائق الحياة ".
تابنا نشوء فكرة الألوهة -