يقع الكهف على ارتفاع 2137 مترًا على مفترق طرق بين المشرق العربي وآسيا - أ ف ب
تعود لأكثر من 450 ألف عام.. آثار بشرية مفاجئة في كهف إيراني
1 يونيو 2024م
عُثِر داخل كهف في الهضبة الإيرانية الوسطى على آثار للوجود البشري يعود إلى ما بين 452 ألف و165 ألف سنة، بينها أدوات حجرية منحوتة وعظام خيول وأسنان أولية "لبنية".
وهذه الاكتشافات هي الأقدم على الإطلاق مما عُثر عليه في هذه المنطقة الشاسعة الواقعة على مفترق طرق بين المشرق العربي وآسيا.
وأوضحت دراسة نشرتها في نهاية الشهر الجاري مجلة "جورنال أوف باليوليثيك أركيولودجي" أن هذا الاكتشاف يعني أن أول دليل مؤرخ على استيطان المنطقة بات أقدم بثلاثمئة ألف عام مما كان يُعتقد سابقًا.
وكان علماء ما قبل التاريخ يعرفون أن الهضبة الإيرانية الوسطى كانت مأهولة بالسكان منذ مئات الآلاف من السنين، نظرًا لتعدُّد المواقع في المناطق المحيطة بها، وهي المشرق العربي والقوقاز في الغرب، وآسيا الوسطى في الشرق، حيث عاش بشر من عدة أنواع من جنس الإنسان، كالإنسان المنتصب والإنسان البدائي وإنسان الدينيسوفان والإنسان العاقل.
إقرأ أيضاً
معلومات شيقة.. أين ذهب البشر الأوائل بعد ارتحالهم من إفريقيا؟
كذلك شكّلت دليلاً على الوجود البشري مجموعة اكتشافات لأحجار منحوتة في إيران، بعضها على سطح الأرض، وبعضها الآخر أظهرته حفريات نادرة في أمكنة محددة.
لكنّ أي حفرية لم تكن قد أتاحت بعد تحديد تسلسل زمني بهذه الدقة وبهذا النطاق الواسع.
في عام 2018، أعاد فريق المشروع الأنثروبولوجي الفرنسي الإيراني، بقيادة جيل بيريون وحامد وحدتي نسب، من جامعة "تربیت مدرس" في طهران، دراسة كهف قلعه کرد (شمال إيران)، الواقع عند الحد الغربي للهضبة الإيرانية الوسطى التي تشرف عليها جبال زاغروس.
ويقع الكهف على ارتفاع 2137 مترًا، وشهد عمليات تنقيب غير قانونية قبل عقود، عُثر بنتيجتها على أدوات حجرية منحوتة كانت موجودة على السطح بالقرب من مدخل الكهف.
عشرات آلاف القطع الأثرية
أما الحفريات الجديدة التي وصلت إلى عمق مترين ونصف متر على مساحة لا تتعدى 11 مترًا مربعًا، فأسفرت عن العثور على عشرات الآلاف من القطع الأثرية.
ومن بين هذه القطع عدد كبير من عظام الخيول والحمير البرية تحمل آثار استخدامها للنحر، وأدوات حجرية مقطعة تستخدم في إعداد الأطعمة.
وشكلت هذه الاكتشافات مادة غنية جدًا ويمكن تحديد موقعها زمنيًا لأنها ظلت في مكانها على طبقات عدة، يعود أعمقها إلى 452 ألف عام، وآخرها إلى 165 ألف عام.
الهضبة الإيرانية الوسطى كانت مأهولة بالسكان منذ مئات الآلاف من السنين - منصة إكس
وتوجت هذه الاكتشافات بالعثور على سن لبنية بشرية، يستحيل تحديد تاريخها بشكل مباشر لكنها موجودة في طبقة يراوح عمرها بين ما قبل 165 ألف عام و175 ألفًا، وهي تاليًا أقدم سن معروفة على الإطلاق في منطقة لم يكن فيها حتى الآن أي أثر بشري مؤرخ بشكل واضح يعود إلى أكثر من 80 ألف عام، على ما أوضح متحف الإنسان في بيان.
وأظهر السن اللبنية آثار خرّاج وتسوّس وارتشاف لجذرها بالكامل تقريبًا، ويُحتمل تاليًا أن تكون قد سقطت بشكل طبيعي في المكان الذي كانت المجموعة تستوطنه.
من كان يستخدم هذا الموقع؟
ولكن من كان يستخدم هذا الموقع؟ هل هي مجموعات من إنسان نياندرتال، كجيرانها الذين كانوا يعيشون على بعد بضع مئات من الكيلومترات إلى الغرب؟ أم هي مجموعات من إنسان الدينيسوفان من آسيا؟ أو ربما حتى أنواع أقدم، عاصرت إنسان توتافيل من جبال البيرينيه الأوروبية، وهو من عمر أقدم طبقة في كهف قلعة كرد الإيراني؟
ونظرًا لقلة الرفات البشري في الموقع، لا يمكن تحديد النوع أو الأنواع التي كانت تعيش فيه.
وضمن هذا السياق يشرح جيل بيريون: "نجد أنفسنا في مروحة زمنية تغطي 300 ألف سنة من تاريخ التطور البشري، في فترة من التنوع الثقافي الكبير ربما كانت كل هذه الأنواع موجودة خلالها، كان يحل بعضها مكان بعض، وربما تعايش بعضها"، ومنها الإنسان العاقل من الجنس البشري