د.غسان القيم
24-8-2021 ·
من خلال قراءتي واطلاعي لمجموعة من الدراسات والتقارير العلمية لبعض النصوص الكتابية المترجمة التي اكتشفت في مدينة أوغاريت الاثرية أثار إنتباهي الدور الكبير الذي لعبته هذه المدينة العظيمة بتزويد بلاد الأناضول بالمواد الغذائية خاصة الحبوب (قمح شعير)..وهذا الموضوع لم يأخذ حقه كاملاً من قبل الباحثين والمختصين اللذين كتبوا عن تاريخ مدينة أوغاريت.. أو لم يتم التحدث عنه بشكل مفصل لأسباب نجهلها ..لكن من غير الواضح ما إذا كانت كل هذه النصوص الكتابية تعود الى عصر الملك الأوغاريتي "عمورابي " آخر ملك حكم أوغاريت وشهدت فترة حكمه الأخيرة تردي الأوضاع الدولية آنذاك من حدوث مجاعة وجفاف وغزوات ما اطلق عليه بشعوب البحر ..
لا بد أن نذكر هنا رسالة مرسلة من الملك الحثي الى ملك أوغاريت لم يذكر أسمه فحواها يطلب منه فيها الإنتباه الى الحبوب القادمة من بلاد موكيش والمنوى إرسالها الى "خاتي " عبر أورا في كيليكية..
وذكر بأن الموضوع "عاجل جداً" أي قضية "حياة أو موت"
ربما يشير هنا إلى حدوث مجاعة قاسية كانت تعانيها بلاد الاناضول وتظهر أورا كميناء لاستيراد الحبوب..
وفي نص آخر من "بوغازكوي" له علاقة أيضاً بمجاعة في خاتي ..وعلى الرغم من ان المجاعة في خاتي لم يكن حدثاً فريداً وإن تزويد قلب المنطقة الحثية بالمواد الغذائية كان مصحوباً ببعض الإشكالات خلال الفنرة الأخيرة من حياة الإمبراطوية ..
لا شك أن الوضع السياسي في آسية الصغري و الصراعات الداخلية في خاتي مهدت لهذا الوضع..
وكانت مملكة اوغاريت مركزاً كبيراً لشحن مواد غذائية إضافية من سورية الى أورا في مدينة كيليكية السورية أو إلى أماكن أخرى تعبر منها المواصلات سلسلة جبال طوروس ..وهذا ما أكده نص مرسل الى ملك أوغاريت لم يذكر أسمه من شخص يدعى "bgn"والذي كان أحد الوجهاء الكبار لدى الدولة الحثية..
هكذا كانت اوغاريت عبر تاريخها المديد دولة منغتحة على كل العالم نقدم العون والمساعدة الى كل جيرانها والدول التي كانت تقيم معها علاقات سياسية وتجارية ..
هكذا هي سورية كانت وستبقى وطناً للمحبة والسلام وطناً للخلود السرمدي ..
أقول بان اوغاريت ستبقى تعيش مع كل فلاح يزرع أرضه حبوباً وينتظر المطر ليقول بان أرضه هي أرض بعل تروى بمياه الأمطار هذه المدينة الساحرة التي ستبقى شاغلة الدنيا ومالئة الناس ..
عاشق أوغاريت ..غسان القيّم.